الأحد 6 جويلية 2025 الموافق لـ 10 محرم 1447
Accueil Top Pub

تقدم تكوينا في مختلف الطبوع الجزائرية: ورشات الموسيقى.. فضاء لتعلم الفن وصون التراث


تستقطب ورشات تعليم الموسيقى خلال العطلة الصيفية، أعدادا متزايدة من الهواة ومحبي فن الغناء، ممن يجدون في هذه الفترة فرصة مثالية لتطوير مهاراتهم الصوتية واكتشاف أسرار المقامات الموسيقية و الطبوع الغنائية المتنوعة، كما يقبل المنخرطون، من مختلف الفئات العمرية، على التكوين في ألوان موسيقية أصيلة تحمل عمقا تراثيا وثقافيا، كالغناء الأندلسي والمالوف والوهراني، وغيرها من الطبوع التي تشكل فسيفساء المشهد الفني الجزائري.

ولا تقتصر هذه الورشات بحسب مسيريها، على تعليم الأداء الغنائي فقط، بل تشمل أيضا تكوينا نظريا في المقامات الموسيقية وقواعد التذوق الفني، ما يجعلها فضاء تفاعليا يجمع بين التعلم والتعبير الإبداعي، ويساهم في صقل المواهب الشابة وتوجيهها نحو مسارات فنية أكثر نضجا واحترافية.

* لطفي كودري رئيس جمعية ميلاح الثقافية لتعليم الموسيقى بميلة
الورشة تساهم في ترسيخ الهوية الثقافية
أكد رئيس جمعية ميلاح الثقافية ببلدية ميلة محمد لطفي كودري، أن الجمعية تنشط بالتنسيق المباشر مع دار الثقافة مبارك الميلي، التي فتحت أبوابها في المرحلة الأولى لاحتضان ورشات الجمعية، لا سيما ورشة الموسيقى الأندلسية، في إطار تعاون دائم ومستمر.
وأوضح كودري ، أن الورشة شهدت إقبالا لافتا من مختلف الفئات العمرية، من الأطفال إلى الكبار، وهو ما تطلب تقسيم المشاركين إلى ثلاث مستويات قسم (أ) للمبتدئين، قسم (ب) للمتوسطين، وقسم (ج) للمستوى العالي، حيث يقدم من خلالها عروضا فنية راقية تجسد مدى تطور المتعلمين.
وأشار المتحدث، إلى أن الطابع الموسيقي المعتمد في التكوين هو الطابع الأندلسي، خصوصا وأن ولاية ميلة معروفة بارتباطها الوثيق بطابع المالوف، باعتبارها امتدادا لمدرسة قسنطينة العريقة، مضيفا أن هذا الطابع يعد سمة بارزة لمدن الشرق الجزائري، التي تتقاطع في مرجعها الموسيقي التقليدي.
وفيما يخص الفئات المنخرطة، قال كودري إن الورشة تضم ذكورا وإناثا بعدد متوازن، مؤكدا أن الدافع الأساسي للمشاركة يعود إلى حب الفن، والهواية، والرغبة في صقل الموهبة الموسيقية، مشيرا إلى وجود عناصر متميزة منهم من يمتلك أذنا موسيقية ورثها عن الأهل، ومنهم من يمارس العزف على آلات موسيقية في الأصل، ويسعى لاكتشاف عمق الموسيقى الأندلسية، إلى جانب فئة ثالثة من المثقفين وأولياء الأمور الذين يحرصون على توجيه أبنائهم نحو الفنون التراثية الأصيلة.
وأضاف رئيس الجمعية، أن الورشات الموسيقية تلبي حاجة ثقافية ملحة في المجتمع، وتسهم في ترسيخ الهوية الثقافية لدى المشاركين، من خلال تعريفهم بأصالة الموسيقى الأندلسية وما تحمله من جماليات لغوية وشعرية، فلا يقتصر جمال هذا الفن على الألحان فقط، بل يمتد، كما أعرب، إلى القصائد المستعملة، التي تمزج بين اللغة العربية الفصحى والعامية الراقية، بما يحافظ على ملامح اللغة القديمة ويرسخ الأصالة الجزائرية في وجدان الناشئة. كما أبرز كودري، الأبعاد التربوية لهذه التجربة، مشيرا إلى أن الانخراط في هذه الورشات لا يمنح المشاركين مهارات فنية فحسب، بل يسهم في بناء الشخصية وتعزيز الذوق الجمالي، خاصة وأن الشعر الأندلسي يتناول مواضيع ذات بعد إنساني واجتماعي وتاريخي، تجسد نمط حياة الأسلاف وتعيد إحياء التراث في الذاكرة الجماعية
وأشار في سياق ذي صلة، إلى إن الورشة تتيح لمنخرطيها فرصة الإبداع والارتجال ضمن هذا الفن العريق، ما يُعزز الثقة بالنفس والقدرة على التعبير الفني، في جو تفاعلي يجمع بين التعلم والمتعة.

* الفنان باي بكاي رئيس ورشة الفن والإبداع لتعليم الموسيقى بوهران
نسعى لضمان استمرارية الأغنية الجزائرية
أكد رئيس فرقة وطنية ومؤطر ورشة الفن والإبداع لتعليم الموسيقى بمعهد أحمد وهبي بوهران الفنان باي بكاي، أن الورشة تشكل فضاء حيا للتكوين الموسيقي المتكامل، يقوم على الاحتكاك المباشر بين المتعلمين والأساتذة داخل نفس المجموعة الصوتية، وهي آلية تربوية وفنية تهدف إلى ضمان استمرارية الأغنية الجزائرية عموما، والوهرانية على وجه الخصوص.
وأوضح المتحدث أن الورشة تعتمد في منهجها على التفاعل المباشر داخل الفرق الصوتية، حيث يقسم المتعلمون وفق طبقاتهم الصوتية ومهاراتهم الفردية، ما يتيح لكل عنصر فرصة التعبير والتطور داخل المجموعة، مع إمكانية منح بعض الأصوات المتميزة الفرصة لتقديم أداء انفرادي فردي وتسجيل أغان خاصة بهم، وهو ما يعد حافزا للتفوق. وأشار بكاي، إلى أن الورشة تستقبل شبابا يتمتعون بمواهب موسيقية مختلفة، فمنهم من يفضل أداء الوهابيات أو الأغاني الكلاسيكية الشرقية على غرار روائع كوكب الشرق أم كلثوم، وهناك من يميل إلى أغاني الراي، وهو ما يتم التعامل معه بانفتاح، حيث تمنح لهم فرصة الأداء والتجريب ضمن اختيارات مدروسة تقوم على انتقاء الأغاني التي تحمل رسائل واضحة وهادفة، بعيدا عن الإسفاف أو الابتذال، مع تكوين مواز في الطبوع الجزائرية التقليدية مثل المالوف والأندلسي، لتعزيز الوعي الموسيقي لديهم.
شباب تخلصوا من سلوكات سلبية بفضل التكوين في الفن
وأضاف بكاي، أن أغلب الشباب الذين ينخرطون في الورشة يظهرون التزاما واندماجا، حيث يقضون ساعات طويلة في التمرن، قد تصل إلى أربع ساعات متواصلة، دون كلل أو ملل، بل ويبتعدون طوعا عن بعض السلوكيات السلبية كالتدخين أو التسكع في الشوارع والمقاهي، وهو ما اعتبره مؤشرا واضحا على أن الفن يمكن أن يشكل بديلا إيجابيا وفعالا يعيد توجيه طاقات الشباب نحو الإبداع. وقال « حين نوفر للشباب منبرا جادا ومحفزا لتفريغ طاقاتهم، فإنهم يفاجئوننا بإمكاناتهم العالية ورغبتهم الصادقة في التعلم»، مؤكدا أن الطابع الوهراني يشكل محورا أساسيا للتكوين داخل الورشة، ليس لكونه يمثل النسيج الثقافي المحلي لمدينة وهران، بل لأنه أيضا الطابع الأقرب لذوق الشاب الوهراني الذي يبحث عن فن يعكس بيئته وهويته.
وأوضح المتحدث، أن الأغنية الجزائرية بمختلف طبوعها تحتل الأولوية، إلا أن الورشة تمنح أولوية خاصة للطابع الوهراني باعتباره جزءا من الحياة اليومية والثقافية للمنطقة، مشيرا إلى أن فن الراي يحظى باهتمام خاص من قبل الشباب، الذين يجدون فيه متعة كبيرة ومساحة للتعبير الذاتي، ما جعله يحرص، على توجيه هذا الشغف نحو أداء فني سليم يقوم على احترام قواعد الغناء وجودة الكلمة. وتعرف الورشة تكافؤا لافتا بين الذكور والإناث من حيث عدد المسجلين، ما يعكس، حسبه، مدى الوعي المتزايد لدى الجيل الجديد بأهمية التكوين الفني، سواء لدى الفتيات أو الفتيان، مشيرا إلى أن الورشة تعمل على توفير بيئة تعليمية آمنة، محفزة، ومنفتحة على الجميع، تشجع على الإبداع والانضباط في آنٍ واحد.
فالورشة ليست فقط منصة لتعليم الغناء، بل مختبر فني لبناء فنانين حقيقيين متشبعين بالقيم الثقافية الرفيعة، حسب محدثنا، الذي عبر في ختام حديثه عن أمله في أن تثمر مجهوداته بإعداد جيل فني جديد قادر على حمل المشعل، وتقديم الأغنية الجزائرية في حلة معاصرة مع الحفاظ على أصالتها.
لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com