شكلت مؤخرا، سلسلة جبال بلديات بوسيف أولاد عسكر، وبوراوي بلهادف، و العنصر بجيجل، مسارا للمشاركين في تظاهرة التجوال السياحي على الدراجات الهوائية، وكانت المناسبة فرصة للترويج للمنطقة الزاخرة بالغابات الغناء، و التعريف بالخصوصية الطبيعية الفريدة لجيجل التي باتت قاطبة لعشاق الرياضات الجبلية و رياضات المغامرة في الفترة الأخيرة، كما أخذت الأنشطة السياحية فيها أبعاد أخرى باتت تتجاوز الشطآن و الوديان.
على دراجات هوائية انطلق رياضيون وهواة و معامرون، في رحلة لاستكشاف سحر جيجل، نزولا عند دعوة جمعية السفير للسياحة بالتنسيق مع البلديات من الولاية، استقبلت المشاركين في الطبعة الثامنة من فعاليات التجوال السياحي، وهي تظاهرة تهدف بتكريس السياحة الجبلية و البيئية صيفا على اعتبار أن المنطقة تزخر بتنوع كبير.
« بدراجتك تمتع بجمال بلادك»
عملت جمعية السفير للسياحة بالتنسيق مع البلديات الثلاث على تنظيم النشاط،و استقطاب أكبر عدد ممكن من المشاركين لتضم القائمة النهائية 100 دراج، من بينهم 35 دراجا قدموا من خارج الولاية، و جلهم من عشاق السياحة و الترويج لها.
وحسب عبد الكريم شكيرب، رئيس جمعية السفير، فإن الطبعة الثامنة لفعاليات التجوال بالدراجات الهوائية بجيجل، حملت هذه السنة شعار « بدراجتك حوس بلادك»، وقد أخذت بعدا تاريخيا كذلك، لأن النشاط انطلق من المعلم الخاص بمقر الولاية التاريخية الثانية، مرورا عبر غابة طهر مدران، وصولا لبلدية العنصر التي تعتبر واحدة من أجمل البلديات الهادئة و المعروفة بطيبة سكانها بجيجل.
مضيفا، أنه الهدف من التظاهرة هو الترويج للسياحة الجبلية برؤية مغايرة، وذلك ما يعكسه الشعار الذي اختير للطبعة، حيث حمل ضمنيا فكرة التأكيد على إمكانية الاستمتاع بالتجوال السياحي بأقل تكلفة، بل ومع تحقيق فائدة صحية، على اعتبار أن قيادة الدراجات الهوائية رياضة جد مفيدة للقلب.وأوضح المتحدث، أن الجمعية التي أسست سنة 2013، كانت تحاول في كل مرة تقديم منتوج سياحي مختلف للتعريف بما تتوفر عليه الولاية من مقومات في هذا المجال، والتجوال السياحي بالدراجة تظاهرة تقام كل سنة لنفس الغرض، وقد أخذ النشاط اليوم بعدا وطنيا ولم يعد يقتصر على المشاركة المحلية فقط.
وقال رئيس الجمعية، إن عدد الراغبين في المشاركة في نشاط هذا العام تجاوز 100 شخص، لكن بعض الشروط التنظيمية فرضت تقليص العدد والاكتفاء بضبط قائمة محددة لأجل سهولة التحكم في كل جوانب الفعالية خاصة من ناحية تأمين المسار الذي يمتد على أزيد من 50 كلم وسط جبال و قرى بلديات شرقية.
وحسبه، فإن ركوب الدراجة له فوائد صحية عديدة يعلمها الجميع، كما أن التجوال به يمكن أن يخدم أهداف السياحة بشكل كبير، خصوصا وأنها مناسبة جدا للمسارات الجبلية، كاشفا عن تفكير مستقبلي لتطوير التظاهرة أكثر و جعلها دولية بعد نجاح جميع الطبعات السابقة بشهادة المشاركين كما علق.
تجوال سياحي و تاريخي
وفضل القائمون على الفعالية هذه السنة إعطاءها طابعا تاريخيا، وذلك عن طريق اختيار مقر النصب الخاص بالناحية التاريخية الثانية بمنطقة المنازل كنطقة للانطلاق، حيث تعرف الحاضرون على المكان وتاريخيه من خلال الشروحات المقدمة من قبل رئيس البلدية، الذي أوضح أن بوسيف أولاد عسكر، كانت إبان ثورة التحرير المجيدة مقرا للولاية التاريخية الثانية، وبالضبط المنطقة المسماة «إبرير»، وقد تم تشييد النصب التذكاري تخليدا لأرواح الشهداء الأبرار.
وأضاف المتحدث في سياق وصفه، أن البلدية ضمت آنذاك ثلاث مستشفيات لجيش التحرير الوطني بغابة الزاوية، وعدة مهابط للطائرات المروحية الاستعمارية بتوزلامت، ولأربعاء، وأولاد خالد وأرسا بالزويتنة. وأوضح، أن معركة جبل موشاون التي شهدتها المنطقة، هي واحدة من أهم المعارك خلال الفترة الاستعمارية، إذ نصب المجاهدون للعدو كمينا ليليا في «الدار الكبيرة»، و»منزل أولاد الخلفة»، وكبّدوا قوات الاستعمار خسائر فادحة في الأرواح، كما تم إسقاط عدد من طائرات العدو بمنطقة تافراجت، المحصنة والتي يصعب الوصول إليها وحتى استهدافها من الجو، وهو ما سهل مهمة المجاهدين، وقدم « المير»، خلال عرضه التاريخي كذلك لمحة عن أهم الأسماء التي سقطت في معارك الحرية. كما تطرق للحديث عن جمال المنطقة من الناحية السياحية، في حين انشغل الجميع أثناء الزيارة بقراءة ما خط على المعلم التاريخي من معلومات إلى جانب التقاط الصور التذكارية.
وذكر بعض المشاركين، أنهم تعرفوا عن قرب على تاريخ المنطقة واتضح لهم من خلال ما استقوه من معلومات حول المعلم التاريخي، الدور الكبير والهام لولاية الثانية خلال ثورة التحرير.
غابة طهر مدران و قهوة الجزوة ...علامة سياحية ببلدية بوراوي
مرت الدراجات عبر عدة مناطق بالجهة الشرقية للبلدية، وحظي الدراجون بترحيب كبير من قبل المواطنين الذين قدموا التحية و صنعوا أجواء احتفالية بفضل الهتافات، و التصفيق الحار، و التهافت للالتقاط الصور. بعد الوصول إلا حدود البلدية، تم النزول نحو منطقة الصيافنة ببووراي بلهادف مرورا عبر قرى و مداشر جميلة، أين توفق جل المشاركين لتذوق قهوة الجزوة التي يعدها أحد أبناء البلدية، واشترى الجميع القهوة وبعض المشروبات الباردة استعداد لمواصلة المسير.وقد كان للمشاركين حديث مع بعض القاطنين في المنطقة، تمحور بالأساس حول تاريخها و أهم النشاطات الفلاحية فيها وكانت الأجواء جميلة جدا وكسرت هدوء ورتابة الأيام في المكان الريفي.
واصلت القافلة السير باتجاه قلب بلدية بوراوي بلهادف وسط مسلك صعب نوعا ما، مع ذلك فقد عبر المشاركون عن سعادتهم بالتجربة خصوصا وأن المناظر الطبيعية كانت خلابة باعتبار المنطقة زراعية تحفها البساتين و الخضرة من كل مكان.
بعد ساعات من الزمن، تخطى المشاركون منطقة الصعمة وصولا إلى غابة طهر مدران الجميلة، أين انبهر زوار الولاية بجمالها الخلاب واعتبر البعض أن المنطقة يجب أن تستغل سياحيا بشكل أكبر لتوفرها على مساحات كبيرة تصلح لإقامة منتجعات جبلية للراحة أو للاسترجاع بالنسبة للرياضيين.
تحوز هذه الجهة من جيجل، على منبع مائي مياهه منعشة، أما أشجار الزان الباسقة فقد أعطت هيبة للمكان، و ذكر مشارك من ولاية البليدة بأنه كل سنة يستمتع باكتشاف جمال جيجل وبلدياتها، معلقا أنها مدينة تخفي أسرارا عن الطبيعة الغناء و المناطق العذراء الساحرة، ومن حسن حظه أن المشاركة في التجوال السياحي سمحت له باكتشاف هذا الوجه البديع لها.
وتحدث مشاركون من أبناء الولاية، و أعضاء من الجمعية عن التظاهرة التي أقيمت بالمنطقة سابقا للترويج لها، كما تمت الإشارة إلا الإقبال الذي تعرفه خلال موسم الاصطياف خصوصا من الباحثين عن الراحة والجمال.
الملاقي و العنصر عنوان للراحة و الجمال
بعد فاصل ساعة لتناول وجبة الغذاء، انطلق الدراجون مجددا باتجاه بلدية العنصر، مرورا عبر عدة نقاط و محاور توقفوا عندها كذلك على غرار المحارقة و الملاقي. أعجب المشاركون بالغابة الكثيفة التي تحيط بمحور الطريق الولائي فالمتجول هناك يستشعر بنبض الطبيعة و يستنشق الهواء العليل و النقي وقد قال دراج، إنه فقد تركيزه عند بداية دخوله منطقة الملاقي، وذلك بالنظر إلى روعة الغابة الكثيفة، والمناظر الطبيعية الخلابة، وانتعاش الجو الذي أنساه تعب 45 كلم قطعها عبر بلديتي بوسيف أولاد عسكر وبوراوي بلهادف.
انتهى مسار التجوال بوسط البلدية، أين لقي الدراجون ترحيبا كبيرا من قبل السكان، وقد كان التفاعل بينهم حارا وينم عن رحابة أهل المنطقة ووعيهم بالأهمية السياحية لمثل هذه التظاهرات.
وقال أحد المواطنين، بأن مشهد وصول الدراجين والوفد المرافق لهم كان احتفاليا بهيجا ومهما جدا لصورة المنطقة وأبنائها.
وفي نهاية التجوال، ثمن المشاركون المبادرة و المسار الرائع الذي اختير لها، وتحدثوا بإسهام عن و كذا جمال بلدية العنصر الهادئة و التي تستحق الإكتشاف حسبهم، كما عبروا عن انبهارهم بخصوصية غابة طهر مدران التي تكاد تصنف محمية بيئية، داعين إلى برمجة فعاليات أكثر وأكبر في المنطقة للسماح للناس من الداخل والخارج باكتشافها.
كـ. طويل