يقول الفنان أنيس بن شفرة، بأن مسؤولية الفن في تربية الأجيال صارت أكبر في زمننا الحالي، ذلك لأن توجيه الذوق العام وترقيته مهمة أصعب في ظل تراجع الاهتمام بالكلمة النظيفة و اللحن الجيد، ناهيك عن أن الطبوع الفنية الأصيلة تواجه اليوم تحديا حقيقيا للاستمرار و الانتشار أمام سطوة العولمة والإنترنت و ما تحمله إلينا من منتجات ثقافات أخرى تملك وسائل التأثير.
ويعتبر ابن قسنطينة الشاب، أنه يتوجب عن المبدعين من أبناء جيله أن يجتهدوا أكثر لخدمة الفن النظيف والجميل، وهو ما يعمل على تحقيقه من خلال قبعتيه كفنان مؤد لطبع المالوف القسنطيني، وأيضا كأستاذ للتربية الموسيقية في الطور الثانوي.
يحمل صوته عبق الأصالة، وتسير خطاه على درب التكوين الطويل بدأت رحلته سنة 2003 مع جمعية الانشراح، وهناك عزف أولى النغمات، قبل أن يتنقل بين عدة جمعيات عريقة مثل جمعية «مقام»، ثم «الجمعية القسنطينية»، ليواصل صعوده ضمن الجوق الجهوي، ثم الجوق الوطني للموسيقى الأندلسية، وبعده الجوق المغاربي. يصف أنيس، مساره بالمتدرج لكن بخطى ثابتة تضمن الوصول ولو بعد حين، ويقول إن التكوين يجب أن يشكل حلقة أساسية في قصة كل فنان جاد، حيث يقول إن تجربته الموسيقية غنية رغم حداثتها، وقد صنعت له اسماً بين فناني المالوف الشباب.
ورغم الشعبية التي بات يتمتع بها وتمكنه من توسيع قاعدته الجماهرية، إلا أن الموسيقى لم تسرقه كما عبر، من التعليم بل زادته إيمانا بدور التربية الفنية في بناء الإنسان.
ولا يكتفي الفنان أنيس بن شفرة بالأداء فقط، بل يدير فرقته الموسيقية الخاصة ويقودها على الخشبة بصوت يمزج الحرف بالنغمة، حيث صقل موهبته كما أوضح، في المدرسة العليا للأساتذة بالقبة بالجزائر العاصمة، أين تلقى تكويناً أكاديمياً في التربية الموسيقية.
يقول الفنان، إن آلة العود ليست مجرد رفيقة على المسرح، بل «ملكة الآلات» كما وصفها، وصوتها يلازم صوته ويرافقه في اللحظات المهمة في حياته الفنية.
أما عن واقع الساحة الموسيقية اليوم وتطلعاته كفنان شاب، فقال إن العمل وحده يصنع الفارق، مضيفا : «في قسنطينة، هناك قامات فنية نعتبرها قدوة، وعلى رأسها الحاج محمد الطاهر فرقاني، الراحل قدوتي في هذا المشوار». وأومن أن النجاح يتطلب جهدا والتزاما بكل ما تركه الفنان من إرث موسيقي وأخلاقي كذلك». ولم ينسَ أنيس من وقف معه في بداياته، ولا من دعمه في مشواره معبرا : «أشكر والديّ اللذين رافقاني طيلة هذه المدة، بدعمهما كنت وما أزال قادرا على المواصلة على نهج المشايخ، لأقدم فنا حقيقيا لا موسيقى تجارية زائلة».
عبد الغاني بوالوذنين