سمحت الألعاب المدرسية الإفريقية، التي جرت مؤخرا في عدد من المدن الجزائرية بما في ذلك قسنطينة، بظهور نجوم أضاءت المنافسات وسطعت بقوة في رياضات مختلفة، لتكشف عما يتوفر عليه خزان الجزائر من أبطال مستقبليين يعدون بالكثير، خصوصا وأن من بينهم من حققوا تتويجات قارية مهمة، تعد خطوة أولى نحو طريق الاحتراف وتمثيل الرياضة الجزائرية في محافل أكبر، في حال حظيت هذه المواهب بالمرافقة والتكوين والدعم.
* توج بثلاث ذهبيات في رياضة التايكواندو
محمد آدم بن النوي.. نجم يسطع في سماء "البومسي"
يحمل محمد آدم بن النوي، صاحب 16 سنة، حزاما أسود من الدرجة الثانية (2da)، في رياضة التايكواندو، هو ابن مدينة سيقوس بولاية أم البواقي، نجم صاعد ولاعب الفريق الوطني للتايكواندو في اختصاص "استعراض البومسي".
حيث خطف الفتى الأنظار في البطولة الإفريقية المدرسية لرياضة التايكواندو التي جرت بمدينة سطيف، بعد تتويجه بثلاث (03) ميداليات ذهبية في فردي الذكور، وحسب الفرق ذكور، و حسب الزوجي المختلط، وهو الذي بدأ رحلته مع هذه الرياضة في سن الخامسة، مدفوعا بحبه الكبير لها ودعم والده وأخيه الأكبر، اللذين سانداه كثيرا في خطواته الأولى.
ينتمي محمد آدم إلى "النادي الرياضي البطل لسيقوس"، أحد أقدم وأعرق نوادي التايكواندو في الجزائر، والذي يتميز بروح الانضباط والانسجام بين أفراده، وكفاءة عالية في اختصاص " استعراض البومسي"، ويشرف على النادي مؤسسه والمدرب الوطني المعروف "قندوزي محمد"، واحد من أبرز الوجوه في رياضة التايكواندو بالجزائر، حيث سبق له أن شغل عضوية المكتب الفيدرالي للاتحادية الجزائرية للتايكواندو، وكان من بين الأعضاء المؤسسين لها بعد انفصالها عن رياضة الكاراتي سنة 2004.
وعن مشاركته في الألعاب المدرسية الإفريقية بمدينة سطيف، وصف محمد أجواء المنافسة بالرائعة والمليئة بالحماس، مشيرا إلى أن الدورة شهدت مستوى فنيا كبيرا، وتنافسا مثيرا خاصة مع الفريق التونسي، وهذا ما عكس التحضير الجيد للمشاركين من مختلف الدول.
وأكد أن لحظة تتويجه بثلاث (03) ميداليات ذهبية كانت مميزة، حيث امتزجت مشاعر الفرح بالفخر، بعد أن نجح في تمثيل الجزائر ورفع رايتها عاليا فوق المنصة الشرفية، وهو شعور لا يقدر بثمن حسبه، وسيظل راسخا في ذاكرته.
مسيرة محمد مع التتويجات لم تبدأ من هذه الدورة فقط، فقد سبق له أن شارك في عدة بطولات وطنية، وكانت أولى تتويجاته سنة 2019 حين نال ميدالية برونزية في البطولة الوطنية، قبل أن يظفر بميدالية فضية سنة 2022، ثم يتحصل على أول ميدالية ذهبية له سنة 2023، ليواصل تألقه بفضية سنة 2024، ويعود ويتوج بالذهب سنة 2025، وصولا إلى تتويجه الأخير بثلاث (03) ذهبيات في الألعاب الإفريقية المدرسية، التي يعتبرها أهم محطة رياضية في مساره إلى حد الآن.
ورغم كثافة التمارين، يحرص محمد آدم على التوفيق بين الرياضة والدراسة في الثانوية من خلال تنظيم وقته، كما أنه يجيد رياضات أخرى قتالية على غرار رياضة الجيدو، ويطمح مستقبلا إلى تمثيل الجزائر في مسابقات قارية وأولمبية، كما يحلم بأن يصبح مدربا وطنيا في اختصاص البومسي يوما ما.
ويواصل محمد آدم بن النوي مشواره بثبات وهو مشروع بطل واعد في هذه الرياضة، يضع نصب عينيه تمثيل الجزائر في أكبر المحافل القارية والدولية، وتحقيق أحلامه.
* لاعب المنتخب الوطني المدرسي للجمباز الفني
ريان عمورة.. مزج الفضة بالذهب في الألعاب الإفريقية
حققت موهبة ريان عمورة، ابن مدينة الجزائر العاصمة، ولاعب المنتخب الوطني المدرسي للجمباز الفني، الإجماع في دورة الألعاب الإفريقية المدرسية التي جرت بقسنطينة، خصوصا بعد تتويجه بثلاث (03) ميداليات ذهبية وفضيتين (02)، في أول مشاركة قارية له ضمن هذه الفئة.
وقد فرض ريان هيمنته على المنافسات بجدارة بفضل موهبة استثنائية وعزيمة لا تلين، حيث تألق في أجهزة الحلق، حصان الحلق، والفردي العام، محققا الذهب في كل منها، إلى جانب فضيتين (02)، واحدة في البساط والأخرى في العمودين المتوازيين، ليؤكد مكانته كأحد أبرز المواهب الصاعدة في الجمباز الجزائري.
صاحب الخمس عشرة سنة، يعتبر من أبرز الأسماء الصاعدة في رياضة الجمباز الفني في الجزائر، بدأ ممارسة هذه الرياضة في سن مبكرة جدا وهو لم يتجاوز الرابعة من عمره، ليتحول بعد ذلك الشغف إلى مسيرة حافلة بطموحات وآمال كبيرة.
ويؤكد صاحب المعدن النفيس، أن الميداليات التي تحصل عليها تعني له الكثير، كونها ثمرة سنوات من التدريب والانضباط في العمل، ومصدر فخر لعائلته ومدربيه قبل أن تكون تتويجا شخصيا له.
وأضاف ريان أن كل ميدالية توج بها تمثل لحظة فخر كبير له بما أنها تمثل الجزائر، ورفعه للعلم الوطني كان إحساسا لا ينسى بالنسبة له، كما اعترف بأنه شعر بالضغط أثناء تمثيله للجزائر، لكنه اعتبر ذلك دافعا إضافيا لبذل مجهود أكبر وتشريف الألوان الوطنية.
وعن مشواره أكد البطل أنه شارك في البطولة العربية للجمباز الفني بوهران لفئة الناشئين عام 2022، حيث تحصل على ذهبية وأربع (04) فضيات، وبطولة البحر الأبيض المتوسط بتونس لفئة ما قبل الأشبال عام 2024، أين تحصل على فضية وأربع (04) برونزيات، قبل أن يسطع نجمه قاريا في دورة الألعاب الإفريقية المدرسية الأخيرة. مضيفا أنه يستعد حاليا لخوض تحديات جديدة، مع حلم المشاركة في بطولات قارية وأولمبية.
ورغم صغر سنه، عرف ريان كيف يوازن بين الدراسة والرياضة، حيث تحصل على شهادة التعليم المتوسط في دورة جوان 2025 بتقدير جيد جدا وبمعدل 17.24من متوسطة عبد الحميد بوحاجي بالمحمدية، ولاية الجزائر، وأضاف أن تنظيم وقته هو مفتاح نجاحه، حيث خصص ساعات للدراسة وأخرى للتدريب، إلى جانب الاهتمام بالراحة والاسترجاع.
و لم ينس ريان، الإشادة بعائلته ومدربيه وزملائه، بالإضافة إلى الاتحادية الجزائرية للجمباز، مؤكدا أن دعم الجميع له هو سر نجاحه وعن قدوته في هذه الرياضة، قال ريان إن البطل الأولمبي الياباني"كوهي أوشيمورا" هو مثله الأعلى في الجمباز، لكنه استلهم أيضا من كل رياضي جزائري شق طريقه نحو العالمية رغم الصعوبات، كما يعد متابعيه أنه سيسعى لصناعة اسمه الخاص وأن يكون بدوره قدوة للأجيال القادمة.
* صاحبة المرتبة الأولى في رياضة قفز الحواجز
وفاء تيملوكة.... فارسة جزائرية تتوشح الذهب
برزت خلال منافسات الفروسية ضمن فعاليات الألعاب الإفريقية المدرسية بقسنطينة، فارسة شابة قدمت من سطيف لتشق طريقها بثقة نحو التألق، حيث رفعت وفاء تيملوكة، ابنة السادس عشرة سنة، الراية الوطنية عاليا بتتويجها بالميدالية الذهبية في منافسة فردي قفز الحواجز، معلنة عن ميلاد موهبة جزائرية واعدة في رياضة نبيلة قد لا تحظى بكثير من الاهتمام، لكنها تصنع أبطالا في صمت.
وفاء التي تدرس في ثانوية فاطمة الزهراء بولاية سطيف، في السنة الثانية ثانوي تخصص علوم وتكنولوجيا، اكتشفت شغفها بالفروسية سنة 2021، بعدما كانت تتابع البطولات الدولية على شاشة التلفاز وتحلم بأن تكون جزءا من ذلك العالم.
بدأت أولى خطواتها نحو الحلم في أوت 2021، حين قررت أن تحول الحلم إلى حقيقة وواقع ملموس، وسرعان ما وجدت الدعم داخل أسرتها خصوصا من والدها، الذي وفر لها الخيول والمستلزمات الخاصة وأختها الكبرى التي ألهمتها للاستمرار، باعتبارها البطلة الأولى في العائلة على حد وصفها، حيث ساندتها وحفزتها على المواصلة والتنقل بين ولايات الوطن لمشاهدة مختلف المسابقات والبطولات.
ومع التقدم في التجربة، لم تتوقف وفاء عند عتبة التكوين، بل سرعان ما دخلت أجواء المنافسة من بابها الواسع، فشاركت في الجوائز الكبرى للأصاغر، ثم الأواسط، وخاضت كأس الجزائر 2024 ضمن الفريق الرباعي (حسب الفرق)، كما ظهرت في مسابقات ترويض الأحصنة وتستعد هذا الموسم للمشاركة في بطولة الجزائر، على أمل حصد المزيد من الألقاب وتأكيد جدارتها.
ويعد التتويج الإفريقي الأخير الأبرز حتى الآن في سجلها، فقد أهدت الجزائر ذهبية قفز الحواجز، وقالت عن تلك اللحظة الفارقة في مسيرتها، " كان شعورا لا يوصف وكأني في حلم"، ولم تصدق الشابة أنها صاحبة الذهبية خاصة بعد إعلان النتيجة بدون خطأ، في زمن" 59 ثانية و3 أجزاء من المئة"،مع تصفيقات وهتافات كل الملعب باسمها.
وعلى الرغم من ارتباطاتها الدراسية، فإنها توفق باحترافية بين مسؤولياتها، حيث تتدرب مرتين أسبوعيا يومي الثلاثاء والجمعة خلال فترة الامتحانات، وتكثف التدريبات في الأيام العادية، مؤكدة أن انضباطها هو سر نجاحها.
وإلى جانب الفروسية، تجد وفاء في الرسم متنفسا لهواياتها الشخصية مشيرة إلى أنها كانت ستختار كرة اليد لو أنها لم تحترف الفروسية، وذلك في إشارة إلى حبها للرياضة عموما. ولا تتوقف طموحاتها عند حدود الميداليات المدرسية، بل تتعداها إلى منصات عالمية، حيث قالت بثقة كبيرة بأنها تسعى للمشاركة في بطولات قارية وعالمية مثل ألعاب البحر الأبيض المتوسط، الألعاب العربية، ولم لا الأولمبياد يوما ما.
وبهذا تثبت وفاء تيملوكة، أن النجاح لا يرتبط بالعمر، بل بالإصرار والاجتهاد.
رضا حلاس