تستعد المؤسسة المينائية بعنابة لاستغلال الميناء الجاف الواقع بمنطقة الملاحة على طريق مطار رابح بيطاط الدولي، وذلك بعد استرجاعه من طرف مصالح أملاك الدولة، استنادًا إلى أحكام قضائية نهائية قضت بالمصادرة، في إطار مسعى وطني لاسترجاع عدد من الموانئ الجافة من الخواص لصالح الدولة.
وفي هذا السياق، شرعت وزارة النقل بالتنسيق مع مؤسسة تسيير الموانئ في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة تشغيل هذه المنشآت الحيوية. ووفقًا لمصادر من ميناء عنابة، تتواصل أشغال إعادة التهيئة بالميناء الجاف، مع قرب انتهاء عمليات الطلاء وتهيئة المدخل وتركيب اللوحات التوجيهية. كما تم الانتهاء من عملية الجرد الشامل للميناء، وتُنتظر حاليًا التراخيص اللازمة من مصالح الجمارك، إلى جانب استكمال الترتيبات الأمنية والتنظيمية الخاصة بالتشغيل.
وأفادت ذات المصادر بأن الميناء الجاف، الذي يتمتع بطاقة استيعاب كبيرة للحاويات، سيساهم في تخفيف الضغط على الميناء التجاري، خاصة في منطقة تسيير وإنزال الحاويات، ما سيُسهم في تسريع وتسهيل إجراءات التخليص الجمركي، تماشيًا مع التعليمات الجديدة. كما يتيح هذا المرفق مرونة أكبر في تنفيذ أشغال التهيئة والصيانة على مستوى الأرصفة داخل الميناء، في إطار مخطط العصرنة.
وفي هذا الإطار، خصصت وزارة النقل ميزانية معتبرة لدعم نشاط ميناء عنابة، تنفيذًا لتوصيات الوزير سعيد سعيود، ووفقًا لتوجيهات الحكومة وتعليمات رئيس الجمهورية.
كما استلم الميناء مؤخرًا معدات تقنية وميكانيكية جديدة بهدف رفع مستوى الأداء وتحسين الخدمات، خاصة بعد اعتماد نظام العمل المستمر دون انقطاع، ابتداءً من شهر فيفري الماضي.
وفي تصريح للمدير العام لميناء عنابة، السيد علي بولعراس، خلال زيارة وزير النقل الأخيرة، أكد الشروع في تنفيذ الخطة الاستراتيجية الجديدة، والتي تشمل استغلال أربع معدات حديثة، هي: محمل سفن بطاقة 18 ألف طن يوميًا، رافعة مينائية بطاقة 120 طنا، آلة متنقلة لتفريغ الحبوب، وجهاز ماسح ضوئي للحاويات.
وأشار بولعراس إلى أن المؤسسة شرعت في أشغال جرف ثلاثة أرصفة لاسترجاع الأعماق، ما سمح برسو سفن ذات حمولة تصل إلى 50 ألف طن، وقد انطلقت الأشغال في جانفي الماضي تحت إشراف المؤسسة الوطنية لجرف البنى التحتية المينائية والمائية. كما تشمل العملية إعادة تهيئة الطرق ومساحات التخزين لتحسين انسيابية الحركة داخل الميناء وضمان سلامة تنقل المعدات ووسائل النقل، خاصة في المنطقة الجنوبية على مساحة 3100 متر مربع.
وقامت المؤسسة أيضًا بهدم المباني والمخازن القديمة غير المستغلة، والتي تشغل نحو 6 هكتارات، وذلك لتحريرها لفائدة الأنشطة المينائية. وتماشيًا مع الاستراتيجية الجديدة، تم توظيف 244 عاملًا جديدًا خلال السداسي الأول من سنة 2025، ليرتفع العدد الإجمالي لعمال المؤسسة إلى 1223 بين إطارات وأعوان تنفيذ.
وفي إطار التحول الرقمي، تم اعتماد نظام معلوماتي جديد يشمل رقمنة كافة الخدمات المينائية، من بينها نظام إدارة حركة السفن، وتسيير الحاويات باستخدام اللوحات الإلكترونية والهواتف الذكية، بالإضافة إلى نظام خاص بالصيانة الوقائية والعلاجية، وآخر لتسيير المخزون والمشتريات والدفع عن بُعد.
كما عرض المدير العام مشروع إعادة تهيئة الرصيف رقم 2، الذي يشهد تدهورًا في وضعيته، حيث تم هدم المستودعات القديمة المجاورة له على مساحة 4 هكتارات. وتقوم مؤسسة كوسيدار العمومية بعملية الإنجاز، حيث بلغت نسبة التقدم نحو 25 %. ويُعد هذا الرصيف استراتيجيًا لربطه بين الجهتين الشمالية والجنوبية للميناء، ويستقبل سفن الحاويات والمسافرين لقربه من المحطة البحرية. وسيدخل ضمن مشروع «شروفات الميناء» المزمع تنفيذه بالشراكة مع مؤسسة التسيير الفندقي.
ومن المرتقب أن يُسهم هذا الرصيف في تقليص مدة مكوث السفن وزيادة فاعلية عمليات المعالجة، خاصة مع تطبيق نظام العمل المستمر 24/24 ساعة و7/7 أيام.
وفي ختام تصريحه، أكد بولعراس أن الاستراتيجية الجديدة، تنفيذًا لتعليمات رئيس الجمهورية، بدأت تعطي ثمارها ميدانيًا، حيث سجل الميناء منذ شهر فيفري ارتفاعًا في معالجة الحاويات بنسبة 150 %، وهو نمو ملحوظ سمح باسترجاع عدد كبير من المتعاملين الاقتصاديين الذين كانوا قد توجهوا في السابق إلى موانئ أخرى.
حسين دريدح
