الثلاثاء 19 أوت 2025 الموافق لـ 24 صفر 1447
Accueil Top Pub

في جنازة مهيبة حضرها مسؤولون وجمع غفير من المواطنين: قسنطينة تودع مروى إلى مثواها الأخير

شيعت أمس، قسنطينة في أجواء حزينة الطفلة مروى بوغاشيش إلى مثواها الأخير بمقبرة زواغي، في مشهد لم يكن عاديا بل أقرب إلى جنازة وطنية لروح بريئة رحلت ظلما عن هذا العالم، حيث حضر الجنازة أقارب الفتاة المغدورة وأصدقاء العائلة وجيرانها، وامتد ليضم مئات المواطنين الذين لم تجمعهم بها قرابة الدم و جمعتهم بها عاطفة الألم الإنساني.

وحضر الجنازة المئات من المواطنين من مختلف أحياء مدينة قسنطينة، فضلا عن مختلف البلديات، وحتى من مناطق من ولايات مجاورة، ما أدى إلى توقف حركة المرور بمحيط المقبرة بالنظر للتوافد الكبير للمشيعين، حيث كان الجميع يحملون في نظراتهم الصدمة فقد كانت الجنازة صامتة إلا من الدعاء وصيحات الله أكبر التي دوت عاليا من مسجد الرحمان بحي زواغي سليمان إلى غاية المقبرة وقبلها بمحيط بيت جدها بحي سيدي مبروك، فالجميع مشى خلفها كما لو أن كل واحد منهم يودع طفلته أو شقيقته أو حفيدته في مشهد تضامني كبير.
وارتفع المشهد الجنائزي إلى ذروة الألم، حين بدأ الكثير من المشيعين يشاركون في دفن الفتاة المغدورة كل بطريقته فمنهم من حفر و منهم من وضع حفنة تراب على النعش ومنهم من وقف حائرا لا يقوى حتى على الكلام، قبل أن ترتفع الأصوات بعد الدفن بالترحم وتعالت آهات الحسرة وأصوات الدعوات، كما انهمرت الدموع من عيون كثيرة لم تكن تعرف مروى شخصيا لكنها شعرت أنها فقدت ابنة أو أختا أو حفيدة.
أما والد مروى، فقد كان واقفا في صمت مفجع وجهه شاحب وعيناه تبكيان فلذة كبده، بدا وكأنه لم يستوعب بعد أن ابنته لن تعود وأن جثمانها يوارى الآن تحت التراب، أما الأقارب فقد كانوا في حالة صدمة كبرى بين من يبكي وبين من هو غير مصدق لما يجري، فقد كانت المشاهد إنسانية في أقسى صورها مؤلمة حتى للغرباء، فما بالك بأسرة فجعت في فلذة كبدها.
وقد اختتمت مراسيم الدفن بكلمة مؤثرة ألقاها الشيخ محمد بن عبد الرحمان إمام مسجد عمر بن العاص بحي الحياة في سيدي مبروك، حيث خاطب الحضور بصوت متألم لكنه ثابت، داعيا الشعب الجزائري وسكان ولاية قسنطينة إلى الوقوف صفا واحدا إلى جانب والدي الفتاة المغدورة وعائلتها في هذا المصاب الجلل.
وأكد الإمام، أن هذه الفاجعة ليست مصيبة عائلة فقط بل هي محنة ألمت بالجزائر كلها، مبرزا أن التضامن المعنوي والمادي واجب وطني وإنساني، مشيرا إلى أن الوقوف إلى جانب العائلة هو أقل ما يمكن تقديمه أمام هذه الفاجعة الكبيرة.
ووجه الإمام بلهجة صارمة تحذيرا لكل من يسيء للعائلة أو يشكك في سلوكها أو ينشر الإشاعات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها، مؤكدا أن من تعرض لهذه العائلة بأي كلمة سوء سينال عقابه في الدنيا قبل الآخرة، مشددا على أن مثل هذه التصرفات تزيد من حزن العائلة المغدورة ولا تمت للدين أو للضمير أو الأخلاق بأي صلة.
كما توجه بنداء عميق إلى العائلات الجزائرية، داعيا إياها إلى احتضان أبنائها وتوفير الحنان والحوار والحماية لهم بدل تركهم عرضة لرياح الجريمة والانحراف، وختم الشيخ كلمته بنداء جامع إلى كل أطياف المجتمع من أئمة ومربين وأساتذة وإعلاميين، من أجل التكاثف والعمل بشكل موحد لمحاربة هذه الجرائم والتوعية بأخطارها والوقاية منها.
وقد عرفت الجنازة حضورا رسميا لافتا، حيث حضرها الوالي عبد الخالق صيودة و رئيس المجلس الشعبي الولائي ومنتخبون محليون، فضلا عن ممثلين عن مختلف السلطات الأمنية، إذ قدموا واجب العزاء لوالد الضحية وأقاربها قبل أن ينصرف الجميع في هدوء ثقيل وحالة من الحزن والأسى بعد أن ودعوها إلى مثواها الأخير.
وتجدر الإشارة، إلى أن الفتاة قد اختفت في ظروف غامضة ، بعد أن غادرت متوسطة 11 ديسمبر بحي الزيادية يوم الخميس 22 ماي الجاري بعد اجتيازها امتحانا ضمن نهاية الفصل الدراسي، وقد ظهرت في تسجيلات كاميرات المراقبة وهي تغادر المؤسسة رفقة زميلاتها قبل أن تختفي عن الأنظار نهائيا بمحيط منزلها.
وقد باشرت السلطات الأمنية منذ اللحظات الأولى عن بلاغ الاختفاء عملية بحث دقيقة، حيث تم تحليل تسجيلات الكاميرات المتوفرة والاستماع إلى الشهود، بالإضافة إلى تكثيف الدوريات الأمنية في محيط المؤسسة التربوية والأحياء المجاورة دون أن تسفر الجهود الأولية عن أي تقدم ملموس، قبل أن يتم اكتشاف جثة مجهولة الهوية بغابة جبل الوحش الأسبوع الماضي، حيث أكد وكيل الجمهورية لدى محكمة قسنطينة في بيان يوم أمس الأول أنها تعود للفتاة مروى وذلك إثر تحليل الحمض النووي لرفات الضحية، في حين ماتزال التحقيقات مستمرة لكشف ملابسات الجريمة.
لقمان قوادري

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com