بوسعادة تراهن على السياحة الدينية و الثقافية لتدارك سنوات من الإهمال

بعيدا عن ضجيج الحضارة و صخب الحياة في المدن الجزائرية الكبرى، تزدهر حياة هادئة في مدينة بوسعادة،  242 كلم جنوب العاصمة، و حوالي 350 كلم جنوب شرق قسنطينة، فرغم  كون المدينة قد فقدت الكثير من سحرها بسبب عوامل مرتبطة بالإنسان و الزمن، إلا أنها لا تزال جميلة ومهيبة، كامرأة لم تزدها تجاعيد الدهر إلا حكمة و وقارا، وهي اليوم تراهن على السياحة الدينية و الثقافية لجذب السياح الذين هجروها بشكل كبير بعد حادثة تيقنتورين في 2013 التي علمنا بأنها أثرت سلبا على السياحة في الجنوب، و صولا إلى المدن القريبة منه.
هنا لا يجد الزائر أو السائح مجمعات تجارية كبرى، و لا دور سينما أو شواطئ خلابة، و لا حتى  مدنا للألعاب و التسلية، لكنه يجد الكثير من الحب و السلام الروحي، فالسياحة في بوسعادة تختلف في مفهومها عن الرفاهية المادية، بل هي محج إلى الله و رحلة بحث عن معاني الأصالة المتجذرة في عمق بادية أولاد نايل.  أكثر ما شدنا خلال إعدادنا لهذا الروبورتاج عن بوسعادة، هو كمية الحب و الطيبة التي يتمتع بها أهلها، فضلا عن تحضرهم و تعاملهم الراقي ، هنا يستقبل السكان زوارهم برحابة صدر، لهذا السبب اختارهم السينمائيون لانجاز أفلام خالدة لا تزال الذاكرة الجماعية للجزائريين تحفظها.

أزيد من 45  ألف سائح يزورون المدينة سنويا

بوسعادة ورغم كونها مدينة داخلية شبه صحراوية، عانت من التهميش لسنوات و لم تستفد من أية مشاريع قطاعية تنموية ضخمة للنهوض بقطاع السياحة، إلا أن طبيعتها الهادئة و الشاسعة بواديها و امتزاج الخضرة بالبنايات البسيطة ذات لون الحجر، فضلا عن التقاليد الأصيلة لأبناء «البيت الحمراء» و هم أولاد نايل، جعلها تستقطب ما يزيد عن 45 ألف سائح سنويا، كما أكد نبيل بوخالد، رئيس مصلحة السياحة بمديرية القطاع، مشيرا إلى أن السنة الماضية وحدها سجلت حوالي 800 سائح أجنبي، مقابل قرابة  3300 سائح جزائري، إذ تعد المدينة قبلة للسياحة الداخلية، بالرغم من أن العدد قد تراجع مقارنة بسنوات ماضية، فالإهمال الذي لاحق المدينة بعد الاستقلال، ترك أثرا كبيرا على المعالم السياحية، بما في ذلك الوادي، كما أن الإقبال على المدينة من قبل الأجانب تأثر بشكل كبير بعد حادثة الاعتداء الإرهابي على منطقة تيقنتورين رغم بعدها عن الولاية.
المسؤول أوضح بأن هناك أزيد من30 مشروع استثمار سياحي وضع على طاولة الإدارة و أغلب هذه المشاريع في مجال الفندقة، والهدف منها هو توسيع الحظيرة الفندقية التي تتوفر حاليا على 7 فنادق من بينها فندقين (02) مصنفين و هما كردادة و القايد. كما أن هناك توجها للنهوض بالقطاع بعد الإهمال الذي طاله لسنوات بسبب الإرهاب و التهميش، حيث من المقرر أن يتم إنشاء مجمع للصناعات التقليدية و تكريس مشاريع ذات طابع حرفي فندقي.

قصة مدينة اسمها سعادة

دليلانا خلال جولتنا في هذه المدينة التابعة إداريا لإقليم مدينة المسيلة، هما اثنان من أبنائها و مثقفيها، سعيد حبيشي رئيس لجنة الثقافة بالمجلس الشعبي البلدي، و الأستاذ نور الدين العبادي باحث و ناشط جمعوي.
 علمنا منهما أن لتسمية بوسعادة بهذا الاسم قصتان، إذ تقول الأسطورة بأن المدينة التي كان يطلق عليها واحة العاصمة، باعتبارها أقرب واحة إلى البحر الأبيض المتوسط ،حسب سعيد حبيشي،  أسسها  اثنان من أعيان و علماء الساقية الحمراء، وهما سيدي سليمان وسيدي ثامر، و يقال أنهما وصلا إلى المنطقة قبل 7 قرون، وهما في طريق العودة من الحجاز، فقابلا سيدي دهيم، وهو رجل علم من المنطقة، فاستقرا عنده وتتلمذا على يده، بعد ذلك قرر سيدي ثامر، وهو رجل غني، أن يبني في المنطقة مسجدا، ولأنه وجد فيه الراحة و السلام و السعادة، اقترح هو و مرافقه تأسيس مدينة كاملة تشبه الأندلس و أطلقا على المكان اسم مدينة السعادة، و قد ساعدهما على ذلك أعيان عرش البدرانة، أشهر قبيلة عربية في المنطقة.
 أما القصة الثانية التي رواها لنا نور الدين عبادي، فتقول بأن الشيخين قررا اختيار اسم للمنطقة  و اتفقا على أن يحتكما في ذلك ل»الفأل» وهو أول كلمة يسمعانها عندما يستيقظان من النوم صباح اليوم الموالي، وصادف أن مرت قافلة بالمنطقة و كان بها امرأة ضاعت كلبتها وكانت تنادي عليها واسمها كما قيل لنا  «سعادة»، فسميت المدينة بوسعادة.

 فندق القايد ورحلة المفتش الطاهر

من أهم مظاهر الأصالة في بوسعادة، صناعاتها التقليدية التي يمارسها قرابة 1370 حرفيا مسجلا، فجولة صغيرة إلى سوق الصناعات  التقليدية المتواجد بوسط المدينة، تضعك أمام تنوع تقليدي جميل، فالصناعات هنا على اختلافها، تحمل لمسة البادية و عبق الصحراء، سواء كانت زراب، أو حلي نايلية ممثلة في « السخاب»، أما أشهر المنتجات و أكثرها طلبا من قبل زوار المدينة، فهو الخنجر البوسعادي أو الموس البوسعدي، الذي يشبه إلى حد بعيد الخنجر اليمني، لكنه مستقيم ومدبب، يحفظ عادة في غمد من الجلد الصلب، أما نصله القوي، فيزين بزخارف و نقوش ويحفر عليه اسم المدينة عادة. وحسب أشهر صناع الخنجر البوسعادي في المدينة و هو خليل بن بونينة، فإن قصة هذا الخنجر غير معروفة، وكل ما يعرف عنه هو أنه قطعة زينة يسعى إلى تصنيفها ضمن التراث العالمي من خلال لمسات فنية حديثة، تستقطب الشباب بشكل أكبر، أما الأسعار فتتراوح بين 1000دج و 4 ملايين سنتيم أو أكثر.
 و تعتبر «الحلية أو الحرز» الأكثر استقطابا للسياح، باعتبارها قطعة من الحلي رائجة في الواحة و تستعمل كواقية من الأمراض و كذا كقطعة إكسسوار للزينة،  وعادة ما تحفظ الحلية المتضمنة لآيات قرآنية، داخل علبة فضية.
الأطعمة التقليدية تعد أيضا من بين مقومات الصناعة التقليدية في بوسعادة، فهناك  سياح يقصدون المدينة خصيصا لتناول الشخشوخة البوسعادية اللذيذة، أو طبق الزفيطي الحار، الذي يعد في « مهراس» تقليدي خشبي خاص، كما تشتهر المنطقة أيضا برقصتها النايلية الجميلة التي تتناغم فيها أنوثة النساء مع شهامة الفرسان المنحدرين من البيت الحمراء أو أولاد نايل، و المشهورين بركوب الخيل و سرجها.
الإقامة هنا لابد أن تكون بواحد من أشهر الفنادق في الجزائر، كردادة الجميل المشهور بتنوع أصناف النباتات في حديقته الغناء وهو يخضع للتهيئة حاليا، أو القايد ذلك الفندق الذي يرتبط في ذاكرة الجزائريين بفيلم «رحلة المفتش الطاهر».

مسجد النخلة..هنا يرقد الأمراء و أولياء الله الصالحين

مسجد النخلة أو مسجد سيدي ثامر هو عصب الحياة الاجتماعية بالمنطقة ،و  يعود الفضل في بنائه إلى الوليين الصالحين سيدي ثامر و سيدي سليمان القادمين من الساقية الحمراء، في القرن 8الهجري،الموافق ل 14ميلادي، وتحديدا سنة 795 هجري، الموافق لـ1394 ، إذ عاشا لفترة مع سيدي  دهيم،  ابن المنطقة الذي أسس زاوية هناك، و علمنا من  الحاج الهادي، أحد القيمين على المسجد، بأن الزاوية ازدهرت كثيرا آنذاك ، ولما كثر أتباعها اقترح سيدي دهيم على ضيفه سيدي ثامر  أن يبني مسجدا مكانها، وبالفعل بناه على أنقاض قصر «بفادة» الذي بناه الرومان وهدمه الوندال، فسمي الحي والمسجد منذ ذلك الحين بالقصر.المسجد يحمل أيضا اسم النخلة، وهي تسمية لا يعود الأصل فيها لتلك النخلة المباركة التي تتوسط باحة المسجد، بل لكون مؤسسه قد أهدى كل ريعه لزوجته المدعوة نخلة، ابنة أستاذه سيدي دهيم.

أهم ما يميز المسجد هو هندسته المعمارية الإسلامية الخالصة، ومداخله وممراته الحجرية، كما أن هذه التحفة المعمارية المتفردة التي قوامها الأخشاب و الحجارة، تتكون من أزيد من 43 قوسا تحيط بها المنابع و النافورات من كل صوب، وظلالها لا تنتهي، وقد ظلت لقرون منارة جهادية وعلمية، وهي اليوم تضم أضرحة الأولياء الصالحين الذين أسسوها، بالإضافة إلى ضريح الأمير هاشم، حفيد الأمير عبد القادر، فضلا عن قبور ثلاثة من أبطال مقاومة الزعاطشة، لذا فقد تم تصنيفه كمسجد وطني من قبل وزارة الشؤون الدينية، بالإضافة إلى تصنيفه كتراث محفوظ من قبل اليونيسكو.

زاوية الهامل نموذج السلطة الأنثوية

 تقع زاوية الهامل وعمرها قرابة 8 قرون، في البلدية التي تحمل ذات الاسم، على بعد 10كلم ، جنوب مدينة بوسعادة، و تشد زائرها هندستها، فهي تشبه قلعة من القلاع الإسلامية، تمتد على مساحة هكتارين اثنين(02)،  تتميز بتمازج البناء و الخضرة، أما قصة هذه الزاوية فهي مكان تحرم فيه التجارة ، لدرجة أن بلدية الهامل كلها لا تتوفر على أي نشاط تجاري، و تقول الأسطورة أن حجاجا حطوا الرحال بأراضيها، و عندما استيقظوا صباحا وجدوا أن عصيهم قد تحولت إلى أشجار مثمرة ، فآمنوا ببركة المكان و احتكموا إلى الفأل في تسميته وكان هناك قطيع به خروف شارد اسمه الهامل سمعوا شخصا يناديه، فاطلقوا اسمه على  مضاربهم و اتفقوا على أن المكان سيكون عامرا بالدين خاليا من التجارة.
 أخبرنا الشيخ مصطفى القاسمي، حفيد مؤسس الزاوية سيدي محمد أبو القاسم الهاملي الحساني، الذي وضع أولى أساسات هذا الصرح الفكري و الديني سنة 1863 ، بأن الزاوية استقطبت الطلبة من كل بقاع الوطن و كانت مدرسة و إقامة، فهي، كما قال محدثنا، تطير بجناحين العلم و الدين و كذا الإطعام، فكانت خلال حرب التحرير واحدة من القلاع التي صدت الغزو الفكري و الثقافي و قد تخرج منها علماء و مشايخ، نذكر منهم الشيخ عبد السلام التازي أستاذ جامعة القرويين، حميدة الديسي وهو مدرس في الحرم المكي، وكذا مفتي الأحناف محمد العاصمي.
 هذا الصرح يعد من بين مقومات السياحة في بوسعادة وتحديدا الساحة الدينية، إذ يحج إليها الآلاف من الجزائريين من أتباع الطريقة الرحمانية خلال الأعياد و المواسم، و أكثرهم من سكان منطقة القبائل لأن الزاوية القاسمية تعد فرعا من أقدم و أهم فروع الزاوية الرحمانية، هذا الإقبال جعل الزاوية تتوسع عمرانيا لتضم ملاحق ومراقد هامة، أبرزها المسجد الأقدم.
ميزة زاوية الهامل تكمن في كونها أول زاوية أدارتها امرأة في تاريخ الزوايا، وهي السيدة زينب، ابنة مؤسسها التي خلفت والدها لمدة 8سنوات وأسست لفوز المرأة بمكانة كبيرة في المجتمع البوسعادي الذي يحترم نساءه بشكل كبير، و يتميزن عموما بلباسهن التقليدي  الحايك أو «بوعوينة».
عندما تدخل الزاوية تشعر ببركات المكان، لكن وجب عليك أن تتذوق الطعام الوحيد الذي يقدم في كل وقت هناك وهو « العياد» وهو طبق تقليدي بسيط يأكله زوار المكان بنية الشفاء أو الإنجاب أو النجاح، و قد رويت لنا هناك قصص كثيرة لأشخاص دخلوا الزاوية يحتضرون وخرجوا منها أصحاء.
 أما بالنسبة لأثمن محتويات المكان، فهي مخطوطات مكتبته و التي يزيد عددها عن 3 آلاف مخطوط.

ضريح و متحف إيتيان ديني عصب السياحة الثقافية

الثقافة تعتبر أيضا من مقومات السياحة في المدينة، كما أكده لنا مدير القطاع محمد الشريف بوهالي، فمتحف الفنان المستشرق نصر الدين إيتيان ديني، يستقطب وحده حوالي 5 آلاف زائر سنويا، وكذلك الأمر بالنسبة لضريحه الموجود أسفل جبل كردادة، و تحديدا على مستوى كدية أولاج.
الضريح لا يبعد كثيرا عن وسط المدينة، تزينه قبة مزركشة وباحة بها شجيرة صغيرة يرقد داخله ديني رفقة صديقة سليمان بن براهيم، وزوجة صديقه الذي قيل لنا بأنه كان يمتهن صناعة و تجارة الذهب.
الحركية الثقافية في المنطقة لا تتوقف، فهناك دائما أمسية شعرية أو معرضا للأعمال الفنية و التشكيلية، أما النساء هنا فيتمتعن بحرية كبيرة و حس ثقافي عال، و نشاطهن يبدأ عادة بعد صلاة المغرب.

جنة نخيل فقدت سحرها و مطحنة فيريرو مجرد ذكرى

صورة بوسعادة الجميلة التي نراها على أغلفة المجلات و في تلك الأعمال الفنية التي تناولت المدينة كموضوع لها، فقدت الكثر من وهجها ، فالوادي الشهير « واد بوسعادة» الممتد على مسافة 7كلم، والذي كانت الحدائق تنتشر على طوله قد جف تقريبا، كما أنه خضع لعملية تهيئة أثرت نوعا ما على جماليته، كان الهدف منها كما علمنا من مدير النشاط السياحي، الحد من فيضان الوادي وما يجره ذلك من مشاكل.
أما تلك الشلالات التي ألهمت المخرجين و الرسامين والتي كانت تزين مطحنة فيريرو ، الرجل الإيطالي الذي استقر بالمنطقة و بنى فيها مطحنة عملاقة أضيفت لأربع مطاحن أخرى كان قمح المنطقة الشرقية يصب فيها، فقد جفت ولم يبقى مها سوى ذكرى وموقع يحتفظ بالقليل من سحره.
ليس بلبعيد عن المطحنة، ينتشر نخيل جنة بوسعادة ورئتها النابضة، وهي الواحة التي لم تعد تتوفر اليوم على أزيد من 7 آلاف نخلة ، بعدما كان عددها يناهز 60 ألف نخلة سابقا، تنتج أزيد من 23نوعا من التمور، لكنها قطعت وحل محلها البناء الفوضوي الذي أتى أيضا على 70 في المئة من منطقة التوسع الفلاحي، كما علمنا من عضو بالمجلس الشعبي البلدي.

مهد تخصص السياحة في الجزائر

 لا يصح الحديث عن السياحة في بوسعادة، دون التطرق للمعهد الوطني للفندقة و السياحة، باعتباره تجربة رائدة على الجزائر، المعهد يوجد بمحاذاة فندق القايد، و هو عبارة عن تحفة معمارية قريبة لقصور الصحراء لكن بلمسة حداثة، يعكس عموما طبيعة المنطقة، خصوصا وأنه يمتد على مساحة 4هكتارات، دشنه الرئيس الراحل هواري بومدين سنة 1969، ولا يزال إلى غاية اليوم قطب امتياز يحظى باهتمام كبير من قبل الطلبة، خصوصا الذكور الذين يشكلون نسبة 80في المئة من خريجيه، علما بأنه يوفر 300 منصب بيداغوجي، كما أوضح مسؤول مصلحة التمدرس و التكوين به ،محمد كرميش.
 المعهد الذي ينتهج النظام الداخلي، انفتح مؤخرا على تكوين الإناث، حيث يقدم شهادات عالية معترف بها دوليا و التكوين على مستواه ،سواء بالنسبة للتقنيين أو التقنيين السامين في مجالات الإدارة الفندقية و المطبخ، و كافة المتخرجين منه مطلوبين بكثرة في عالم  الشغل، بفضل نوعية التكوين المتكامل، إذ تخرج منه وزير السياحة الأسبق بن سالم، و مدير مجمع الأوراسي حاليا، وعدد من إطارات قطاع السياحة و الفندقة بالجزائر.
قبلة للسفراء و العائلات


« دار أما» مشروع كسر تقاليد الفندقة  و اختار التميز
عندما تزور بوسعادة  و تصل متأخرا ، و لا تجد فندقا مناسبا تنزل فيه، أو قد لا تتلاءم الأسعار مع ميزانيتك، يمكنك أن تأوي إلى أجمل إقامة بوسعادية ، فقط اسال عن « دار أما» أو دار عبد اللطيف لصاحبها الشاب الثلاثيني محمد عبد اللطيف ، ابن المنطقة الذي اختار أرض الوطن للاستثمار الناجح بعدما قضى سنوات في الخارج، أين درس السياحة و الفندقة بباريس و اشتغل بكبريات الفنادق و المطاعم في انجلترا و دول أوروبية أخرى.
 هذه الإقامة تعد مشروعا استثماريا سياحيا ناجحا بامتياز، و هي عبارة عن فيلا أخبرنا صاحبها بأنه أعاد تهيئتها لتتماشى مع طبيعة المنطقة و تعكس تقاليدها من خلال الديكورات الداخلية للغرف الخاصة و الحمامات، و حتى بهو المنزل الذي أعيد تصميمه ليتماشى مع  خصائص الصحراء، وذلك بعدما كانت  فيلا عصرية، أما عن فكرة إنشاء الدار، فهي محض صدفة، كما قال محمد، إذ أنه اضطر قبل ثلاث سنوات لإيواء زوجين سائحين فرنسيين، بعدما عجزا عن إيجاد مكان للمبيت، و كرر التجربة مرة أخرى، فحضرته فكرة إنشاء إقامة للسياح، فاستلطفها ، خصوصا وأنه كان يشتغل في المجال، إذ كان يقوم بتنظيم خرجات سياحية للزوار و مأدبة إطعام في خيام تقليدية، وعليه فقد قرر تطوير الفكرة و المضي قدما في تجسيدها.

يقول محمد « استهوتني الفكرة و أحببتها وقد وجدت دعما من قبل السلطات المحلية التي سهلت علي المهمة ولم تعرقلها، فباشرت العمل في مجال الاستقبال بعد أن أنهيت تشطيب المنزل الذي سميته دار أما، على اعتبار أن الفيلا لجدتي، حاليا نستقبل من 15 إلى 20سائحا كل أسبوع، ونهاية الأسبوع تعد الأكثر نشاطا، أما زبائننا فهم من خيرة الناس، تقصدنا العائلات و الأزواج الشباب و حتى سفراء بعض الدول، و آخرهم سفيرة دولة هولندا».
الملاحظ هو أن تكلفة الإقامة في الدار جد مقبولة، مقارنة بنوعية الخدمات المقدمة و التي تشمل الإطعام، إذ يمكن للزوار التمتع بالأطباق التقليدية اللذيذة التي تشتهر بها المنطقة، دون أن يقصدوا مطعما بعيدا.
الجو في المنزل حميمي جدا، و التواجد فيه يمكنك من الاسترخاء و حتى تكوين علاقات اجتماعية مع باقي النزلاء، أما نهاية الأسبوع فهي حافلة ، إذ يبرمج محمد عادة ، جولات سياحية و سهرات تقليدية ينشطها راقصون و فنانون محليون، كثيرا ما تنظم داخل خيام صحراوية. 

روبورتاج : نور الهدى طابي/تصوير: شريف قليب

الرجوع إلى الأعلى