تسقط البيئة عن العناوين الرئيسية للأخبار، رغم التقارير الأممية حول قصف منشآت نووية في الشرق الأوسط، و لا ينتبه العالم للتبعات الوخيمة التي سيتحملها الكوكب بفعل الحروب الدائرة، التي خلفت وتخلف موتى بالآلاف وأطنانا من الأنقاض، ودمارا يخترق عمق التربة وهواء ملوثا بالسموم، وبصمة كربونية عالمية تعادل بصمة أكثر من 100 دولة مجتمعة.
البصمة الكربونية للحرب تعادل بصمة 100 دولة مجتمعة
وقد كشفت دراسة بحثية جديدة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، أن البصمة الكربونية للأشهر 15 الأولى من الحرب الإسرائيلية على غزة تتجاوز البصمة الكربونية للانبعاثات السنوية المسببة للاحتباس الحراري لأكثر من 100 دولة، مما يهدد كوكب الأرض بشكل أكبر ويؤدي إلى تفاقم حالة الطوارئ المناخية العالمية، إلى جانب ما خلفه العدوان من قتلى مدنيين. كما أوضح التقرير أن 50 بالمائة من هذه الانبعاثات الكربونية نتجت عن توريد واستخدام الأسلحة والدبابات.
وتوصلت الدراسة إلى أن أكثر من 99 بالمائة من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، المقدر أنها تولدت خلال الفترة الممتدة بين 7 أكتوبر 2023 ووقف إطلاق النار المؤقت في جانفي 2025، ناتجة عن القصف الجوي الإسرائيلي والغزو البري لقطاع غزة.
وجاءت حوالي 30 بالمائة من غازات الاحتباس الحراري المنبعثة في نفس الفترة، من عمليات إمداد الولايات المتحدة الأمريكية للكيان بحوالي 50 ألف طن من الأسلحة.
أما ما نسبته 20 بالمائة من الانبعاثات فناتجة عن عمليات الاستطلاع والقصف الجوية الإسرائيلية، والدبابات ووقود المركبات العسكرية الأخرى، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون الناجم عن تصنيع وتفجير القنابل والمدفعية.
ويقدر الباحثون أن التكلفة المناخية للعدوان على غزة واليمن وإيران ولبنان، ستكون طويلة الأمد وتعادل شحن 2.6 مليار هاتف ذكي، أو تشغيل 84 محطة طاقة تعمل بالغاز لمدة سنة كاملة، ويشمل هذا الرقم ما يقدر بـ557.359 طنا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
من جهتها، قالت أستريد بونتس، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية مستدامة : «إن ما نواجهه يؤثر بشدة على جميع أشكال الحياة في غزة، ويهدد أيضا حقوق الإنسان في المنطقة، بل وحتى في العالم بسبب تفاقم تغير المناخ».
إعادة الإعمار.. التكلفة الأكبر بيئيا
وغير بعيد عن الآثار البيئية للحرب على غزة وفي المنطقة عموما، تسلط الدراسة الضوء على التكلفة المناخية التي تعتبرها أكثر أهمية، وتأتي من إعادة بناء غزة التي اختزلها الكيان الصهيوني فيما يقدر بنحو 60 مليون طن من الأنقاض السامة، وخلصت الدراسة إلى ضرورة نقل الأنقاض بالشاحنات، ثم إعادة بناء 436 ألف مسكن، و700 مدرسة ومسجد ومستشفى ومكاتب حكومية ومباني أخرى، إضافة إلى كيلومترات من طرق غزة، ما سيكلف حوالي 29.4 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل إجمالي انبعاثات أفغانستان لعام 2023.
واعتبر محللون سياسيون، هذا التقرير بمثابة تذكير صادم ومحزن بالتكلفة البيئية والبيولوجية لحملة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على القطاع وشعبه المحاصر، محملين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة المسؤولية أيضا في ذلك، من خلال توفيرها لموارد عسكرية لا حدود لها من أجل تمكين إسرائيل من تدمير أكثر بقاع العالم كثافة سكانيا.
من جانب آخر، أشارت الدراسة إلى مخلفات الحرب الإقليمية بانضمام اليمن، بحيث أطلق الحوثيون ما يقدر بـ400 صاروخ على إسرائيل بين أكتوبر 2023 وجانفي 2025، مما أدى إلى توليد قرابة 55 طنا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، بينما ولد رد الفعل الإسرائيلي ما يقارب 50 ضعفا من غازات الاحتباس الحراري.
وعن التصعيد بين إسرائيل وإيران، أشارت تقديرات أخرى إلى أن العملية تجاوزت 5 آلاف طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، علما أن إسرائيل قد تسببت في أكثر من 80 بالمائة منها.
وفي لبنان، فإن أكثر من 90 بالمائة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المقدرة بـ3747 طنا، نتجت عن تبادلات متقطعة، جاءت من قنابل جيش الدفاع الإسرائيلي، بينما 8 بالمائة منها فقط مرتبطة بصواريخ حزب الله.
تهديم البرنامج النووي الإيراني.. تهديم للكوكب
حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل في 13 من جوان الجاري، من تداعيات الضربات العسكرية ضد المنشآت النووية وقالت:»...يجب عدم مهاجمة المنشآت النووية أبدا، بغض النظر عن السياق أو الظروف، إذ قد يلحق ذلك الضرر بالناس والبيئة». وبتوسيع الأهداف وسعت إسرائيل من نطاق المخاطر البيئية المحتملة، وأكدت الوكالة الدولية توثيق هجمات على نطنز الإيرانية التي تضم محطتين نشطتين لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى منشأة ثالثة قيد الإنشاء.
وأكدت الوكالة، أن أضرارا لحقت بمحطة تخصيب الوقود التجريبية وأضرار محتملة على منشأة تخصيب الوقود تحت الأرض، معتقدة أن هناك تلوثا إشعاعيا وكيميائيا في كلا الموقعين.
وموضحة، أن أجهزة الطرد المستخدمة لتخصيب اليورانيوم تستخدم سداسي فلوريد وهو شديد التفاعل، وإذا تم إطلاق اليورانيوم من الخزان أو أجهزة الطرد المركزي، سيتحول عند ملامسته للرطوبة في الهواء إلى فلوريد الهيدروجين وغاز فلوريد اليورانيوم.
وأوضحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن اليورانيوم 235 يصدر إشعاعات ألف بشكل أساسي، وحتى مع إمكانية حجبها عن طريق الجلد، فإنها خطيرة عند استنشاقها، بينما حددت الخطر النووي الأساسي الناجم عن نطنز، في تسرب فلوريد اليورانيوم المكون من يورانيوم عالي التخصيب.مضيفة، أن الآثار البيئية للهجمات على المواقع العسكرية تتباين تباينا كبيرا وتعتمد على المواد والأنشطة الموجودة في كل موقع، وتتمثل هذه الأخطار في الملوثات النموذجية لهذه المواقع، والزيوت، ومواد التشحيم والمعادن الثقيلة، والمواد النشطة، ومركبات الحرائق، والديوكسينات والفورانات.
إيران المتضرر البيئي الأكبر
تشير الإحصائيات التي نشرتها مختلف الهيئات الدولية المتخصصة في المناخ والبيئة ودراسة النزاعات، إلى أن إيران تواجه بصمة بيئية أكبر جراء الحرب مقارنة بإسرائيل، مع أن حوادث بيئية ذات صلة قد وقعت في الكيان أيضا، ففي جوان أصابت صواريخ مجمع مصفاة بازان للنفط قرب حيفا، مما تسبب في اندلاع حرائق وأضرار بخطوط الأنابيب.
كما تبرز التقارير أن كل ذلك يمكن أن يلحق أضرارا بالمناطق الحضرية، بما فيها المباني التجارية والسكنية، جراء مخاطر استنشاق مواد البناء المسحوقة ومنتجات الاحتراق.ويمثل الأسبستوس الذي حظرت إسرائيل استخدامه في عام 2011، مشكلة في أجزاء كبيرة من المنطقة، ولا يزال يثير قلقا بالغا في غزة خاصة وأن إسرائيل تحتفظ بأكثر من 100 مليون متر مربع من ألواح الإسمنت الأسبستي.ولعل من أبرز المخاوف التي أشارت إليها وكالة الطاقة، هي مخاطر التلوث المرتبطة بمنشآت الصواريخ المتضررة، إذ تمتلك إيران مجموعة متنوعة من الصواريخ الباليستية التي تعمل بالوقود الصلب والسائل، والعديد من أنواع وقود الصواريخ السائلة شديدة السمية، مثل بعض صواريخ إيران قصيرة المدى التي تعتمد على تصاميم سكود السوفيتية، والتي تستخدم كوقود ثنائي ميثل هيدرازين غير متماثل، وكمؤكسد حمض النتريك الأحمر المدخن المثبط.وقد ثبت أن إدارة هذه الأنواع وغيرها من وقود الصواريخ السائل والتخلص منه أمر بالغ الصعوبة في بيئات مثل أفغانستان وليبيا وأوكرانيا.وبحسب ما أشار إليه تقرير خاص لمرصد النزاعات والبيئة، فإن الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، تشكل تهديدا للغلاف الجوي العلوي، بحيث تعتبر طبقات الستراتوسفير والميزوسفير حساستين بشكل خاص لحقن الملوثات، إذ تكون عمليات إزالتها بطيئة جزئيا بسبب عدم هطول الأمطار.
ويمكن للتلوث أن يغير التركيب الكيميائي ودرجة الحرارة وأنماط دوران المواد، ويعتمد ذلك على حجم التأثير الدقيق المسجل على تركيبة الوقود أو المواد، والارتفاع الذي تطلق فيه.
إعداد: إيمان زياري
الخبيرة البيئية فاتن الليثي
غزة نقطة ساخنة وسيناريو المنشآت النووية ينذر بكارثة عظمى
وصفت الخبيرة البيئية والبروفيسور بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة باتنة، البروفيسور فاتن الليثي، العدوان على غزة بالنقطة الساخنة، واعتبرت أن الأخيرة تعاني وبكل المقاييس من مخاطر بيئية متعددة الأبعاد.
وأوضحت، أنها تجمع بين أوجه التلوث بمستوياته القاتلة وتراكم النفايات بأحجام مهولة، إلى جانب فقدان التنوع البيولوجي بكافة أشكاله ومظاهره برا وبحرا، إضافة لما تدفع به العمليات الحربية المكثفة وآلاف أطنان الذخائر والقنابل من آثار سلبية على الاحترار وتغير المناخ.
واعتبرت الليثي، أن الحروب من بين العوامل الرئيسية المسؤولة عن تدمير البيئة، إذ تسبب تلوثا مباشرا وغير مباشر وتدهورا في التنوع البيولوجي وتغيرا في المناخ.وبحسبها، تشمل الأضرار البيئية للحروب، تلوث الهواء والماء والتربة بالمواد السامة، وتدمير الغابات والأراضي الزراعية، وفقدان الأراضي الصالحة للزراعة، كما أن استخدام الأسلحة وتحركات القوات وتدميرها أعمال تزيد من تدهور البيئة والتلوث سريع الانتشار والعابر للحدود.وأضافت الخبيرة البيئية، أن الحروب تتسبب كذلك في آثار سلبية أخرى على البيئة مثل تدمير الموائل الطبيعية، وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يفاقم مشكلة تغير المناخ، مضيفة أن تأثيرها يمتد لاقتصاديات الدول والقدرة على التعافي البيئي بعد توقف الحروب.وبشأن الأضرار البيئية التي لحقت بغزة جراء الحرب واسعة النطاق، أوضحت أنها أفرزت مزيجا من تدمير الأراضي الزراعية، وتهجير السكان والقصف والحصار الإسرائيلي الشامل، مما أدى أيضا إلى معاناة القطاع من المجاعة.مشيرة إلى أن الكيان الصهيوني وبحلول مارس 2024، كان قد دمر ما يقرب نصف الغطاء النباتي «أشجار» والأراضي الزراعية بواسطة الجرافات والقنابل.كما تتحدث من جانب آخر، عن الخطر الكبير الذي يتهدد المياه في غزة وأوضحت أن النزاع أدى إلى إغلاق محطات معالجة مياه الصرف الصحي، مما تسبب في تلويث الشواطئ والمياه الساحلية والتربة والمياه المعدنية.
نحو تكرار سيناريو «فوكوشيما» و»تشرنوبل»
وبالنسبة للحرب على إيران، وصفت الخبيرة الأمر بالخطير، خاصة في حال تضمن سيناريوهات تشمل ضرب بقية المنشآت النووية، فكل واحدة منها تخدم وظائف مختلفة في البرنامج النووي كتخصيب اليورانيوم والبحوث العلمية، وتوليد الطاقة، وتحدد طبيعة هذه المنشآت نوع وكمية المواد المشعة المخزنة بها، مما يفرز عواقب بيئية.وتحذر الليثي، من الآثار الوخيمة لضرب المحطات النووية الإيرانية ، مؤكدة أنه سيؤدي إلى كوارث بيئية تشبه ما حدث في «تشرنوبل» سنة 1986 و»فوكوشيما» 2011.
موضحة، أنه يمكن للانفجار الفوري الناتج عن ضرب المحطة أن يدمر البيئة التحتية التي تقع ضمن 1 إلى 5 كيلومترات حولها، مع مستويات إشعاعية عالية جدا وتأثيرات حرارية تؤدي إلى حرائق بحسب قوة الضربة. وتشير الخبيرة، إلى احتمال أن تكون هذه المنطقة قاتلة على الفور لأي شخص، ومن المرجح أيضا حسبها إنشاء منطقة استبعاد كبرى، وستكون هذه المنطقة ملوثة بشدة الغبار المشبع مع مرور الوقت، مما يجعلها غير صالحة للسكن على مدى عقود من الزمن، في ظل تلويث التربة ومصادر المياه، والنباتات، وكل إمدادات الغذاء، مما يؤدي حسبها إلى تدهور بيئي طويل الأمد يمتد تأثيره إلى أجزاء واسعة من المنطقة.
إ.ز
زين العابدين هبول مطور أنظمة دفع خاصة بالأقمار الصناعية
الأقمار الصناعية فعالة جدا في حماية البيئة والتنبؤ بالكوارث
أكد الباحث الجزائري المتخصص في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بالأقمار الصناعية، من جامعة "بيهانغ" بالصين، زين العابدين هبول، على أهمية الأقمار الصناعية التي تعد حاليا واحدة من أهم التقنيات التي توفر بيانات ومعلومات تساعد في حماية البيئة والتنبؤ بالكوارث الطبيعية قبل حدوثها، كما تحدث عن مجهودات الجزائر في هذا المجال، موضحا أنها لم تصل بعد إلى المعدلات التي تحقق الاكتفاء الذاتي.
وحتى توفر الجزائر عددا كافيا من الأقمار الصناعية تغطي مساحتها الشاسعة، يرى الباحث أن الحل يمكن في الأقمار صغيرة الحجم التي يتوجه نحوها كل العالم اليوم لخصائصها التقنية والاقتصادية غير المكلفة كما تطرق في حديثه للنصر، إلى اقتراحات وحلول تنهض ببلادنا في مجال التطبيقات الفضائية المتخصصة في الأمن البيئي.
تقدم معلومات استباقية للوقاية والتدخل السريع
وأوضح الباحث، أن الدول تسعى لتطوير بناها التقنية والمعلوماتية في ميدان الأقمار الصناعية نظرا لأهميتها في حماية البيئة من الأخطار سواء حرائق، أو القطع الجائر لأشجار الغابات خصوصا الكبيرة منها وكذا مواجهة التلوث باختلاف أوجهه.
وتوفر هذه التقنية معلومات تسمح بعقد مبادرات عالمية لحماية البيئة والمسطحات المائية، والحفاظ على الغابات الكبرى، مشيرا إلى بعض الأنواع كالأقمار الصناعية المزودة بكاميرات، أو الكاميرات متعددة الأطياف، والأقمار المزودة بالرادارات.
وتحدث المتخصص في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بالأقمار الصناعية، من جامعة "بيهانغ" الصينية، عن البرامج المتخصصة في حماية البيئة التي تشترك فيها عدة دول، وتسمح بتوفير معلومات عبر "الساتل" مثل برنامج "غروب اون إيرث أوبسيرفيشن"، الذي تشترك فيه أكثر من 100 دولة ممثلة في شركات، ومجتمع مدني، وجمعيات، حيث تعمل هذه المؤسسات مع بعضها كما أوضح، على توفير معلومات ميدانية لمواجهة التغيرات المناخية.
كما يوجد البرنامج الأوروبي "كوبرنيكوس" مفتوح المصدر الذي يوفر البيانات من خلال الأقمار الصناعية "سانتينال 1" و"سانتينال2" راصدا تغيرات الغطاء الأخضر، وجودة التربة، وذوبان الجليد في القطبين، وكذا قياس حرارة سطح الأرض ومقارنتها بما كانت عليه في سنوات سابقة، بالإضافة إلى برامج أخرى تابعة لوكالة "ناسا"، وبرامج للأمم المتحدة.
وأوضح في هذا الصدد، أن الدول لا تستطيع العمل لوحدها في هذا الجانب مما يسبب نقصا في المعلومات، فالأقمار الصناعية التابعة لدولة معينة وفقا له، عندما تدور حول الأرض تستطيع استشعار اندلاع حريق في منطقة تكون فوقها ومن ثمة تعلم تلك الدولة بما يحصل فوق أراضيها.
الذكاء الاصطناعي طور عمل الأقمار الصناعية
وعرج هبول، إلى تطور عمل الأقمار الصناعية بعد تزويدها بتقنيات الذكاء الاصطناعي، التي ساعدت على تجاوز بعض التحديات السابقة من بينها الدراسات النظرية والتطبيقية التي تعتمد على عدد كبير من الباحثين ليحللوا بيانات ضخمة، ناهيك عن توفر ما يُعرف حاليا بدمج البيانات عن طريق الذكاء الاصطناعي، وقد ساعد في ذلك تزود الأقمار الصناعية بمجسات البطارية، كاميرات، كاميرات حرارية، ورادارات.
كما أشار الباحث، إلى استخدام تقنيات أخرى مساعدة مثل التعليم العميق لتصنيف الغطاء النباتي واكتشاف التغيرات الطارئة عليه من خلال نماذج الذكاء الاصطناعي المطورة.
ومن التحديات التي ذكرها أيضا، صعوبة التقاط القمر الصناعي لما يجري داخل بعض الغابات بسبب كثافة الغيوم، وذكر على سبيل المثال غابة الأمازون.
وتحدث بالمقابل، عن برمجيات حديثة مثل "جان"، وتقنيات نزع الضباب والتشويش في الصورة، فضلا عن قدرتها على التعرف على ما يحصل والتنبؤ بالحرائق حسب طبيعة المناطق، إذا كانت جافة أو حرارتها مرتفعة، وقال هبول إن هذا التطور أسهم في منح الوقت للدول حتى تستعد لمواجهة التهديدات القادمة.
هكذا تحقق الجزائر التصنيع الذاتي للأقمار الصناعية
وبحسب الباحث المتخصص في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بالأقمار الصناعية، من جامعة "بيهانغ" بالصين، زين العابدين هبول، فإن وكالة الفضاء الجزائرية كانت تملك عدة أقمار صناعية مخصصة للاستشعار ذكر منها "آلسات 1"، "آلسات 1 بي"، "آلسات 2 آ"، "ألسات 2 بي"مردفا، أنها كانت موجهة لمراقبة استخدام الغطاء النباتي، وأخرى لرصد الحرائق في الغابات وقد شاركت في مهمات عديدة.
مضيفا، أن المتصفح يستطيع الولوج إلى موقع وكالة الفضاء الجزائرية ليشاهد صورا عديدة التقطتها أقمار صناعية لاندلاع حرائق في دقائقها الأولى، واعتبر أن التنبؤ المبكر يساعد على التدخل في وقت أسرع ويحصر انتشار اللهب.
وتحتاج الجزائر وفقا للمتحدث، إلى توسيع استخدام هذه التقنية نظرا لشساعة مساحتها وما تحتاجه عملية مراقبة كل الغطاء النباتي، ناهيك عن توظيفها في المجال الزراعي، وكذا حماية المسطحات المائية.
ويرى، أن الأقمار الصناعية صغيرة الحجم مثل "ميكرو سات"، "نانو سات"، "كيوب سات"، تعد حلا أنسب لأن تصنيعها وإرسالها إلى الفضاء غير مكلف فضلا عن أن العالم كله يتوجه حاليا نحوها.
واعتبر الباحث، أن مشروع الانطلاق في إنتاج الأقمار الصناعية ليس بتلك السهولة كونه يحتاج إلى قاعدة صناعية جيدة وتكنولوجيات جد متقدمة في الإلكترونيات، والطاقة، والإرسال، ومشوار الجزائر في هذا المجال ما يزال طويلا حتى تستطيع الوصول إلى صناعة ذاتية.
ومن جملة الحلول والاقتراحات التي طرحها ويرى أنها ستحقق الفائدة، لفت إلى التوجه نحو الخوصصة لأن عددا كبيرا من شركات الأقمار الصناعية في العالم هي شركات خاصة حسبه.
وذكر، أن المعدل العالمي حاليا يشير إلى أن 50 بالمائة من الأقمار الصناعية تنتجها شركات خاصة تبيع البيانات، والصور والمعلومات والجزائر بدورها تستطيع الاستثمار في فتح المشاريع للشركات الناشئة أو شركات خاصة صغيرة.
مضيفا، أن البلد في حاجة إلى التطور في جانب المعلومة المحينة وتوفيرها، وذكر مثلا الرغبة في التعرف على التغيرات الطارئة في الغابات والتي تحتاج إلى توفر معلومات محينة حول الغطاء النباتي، كذلك الأمر فيما يخص نسب التلوث، ورمي الأوساخ، والقطع الجائر، والتخلص من النفايات المنزلية، وقال إن توفرها يسمح بمواجهة المشكلة سواء بتقنيات الأقمار الصناعية أو أخرى عادية.
كما تحدث الباحث أيضا، عن الاستعانة بشركات تقدم أبحاثا لتقنيات برامج مفتوحة المصدر، تحتوي على صور ملتقطة بأقمار صناعية يمكن أن يلج إليها أشخاص عاديون و يضيفون معلومات جديدة حول المشاكل البيئية فضلا عن رفع صور وإرسالها بالهاتف، وهكذا يستطيع المسؤولون على البرنامج الكشف عن المشكلة مباشرة، مثل إنذارات الحرائق.
واعتبر، أن هذه التقنيات أصبحت تشكل حجر الأساس سواء في حماية البيئة، أو التصدي للكوارث الطبيعية في كل أنحاء العالم.
إيناس كبير
صممه متربصان بمعهد التكوين المهني بتبسة
مبتكر يحول النفايات إلى غاز حيوي صديق للبيئة
عرض مؤخرا، متربصان بالمعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني بن طبال سليمان في مدينة تبسة، مشروعا في مجال الاقتصاد الدائري يحمل اسم Bio Gaz، وهو نظام متكامل لتحويل النفايات العضوية “الزراعية، الحيوانية، والمنزلية” إلى غاز حيوي صديق للبيئة، مما يقدّم حلا مستداما للتحديات البيئية والطاقوية.
وحسب المدير الولائي للتكوين المهني بالولاية لزهر بوذراع، فإن هذا الإنجاز ثمرة جهود المتربصين إسلام طالب وياسين طاهري، تخصص تقني سامي في الكيمياء الصناعية، وقد أشرفت عليه كوادر المعهد، حيث يلعب دورا مهما في تعزيز الطاقة المتجددة، وتحقيق الاستدامة البيئية، وتمكين الاقتصاد المحلي، فضلا عن تقديم حلول عملية لإدارة النفايات.
من جهتهما، أوضح المتربصان للنصر، أن آلة إنتاج الغاز من النفايات العضوية هي عبارة عن برميل توضع فيه النفايات، مكون من صمام بغطاء لإدخالها وآخر لخروج الغاز، زيادة على نقطة لخروج العصارة، وصمام أمان كبير.
ويمكن بفضل المبتكر، إنتاج 1متر مكعب من الغاز الحيوي ، من 10 كلغ من النفايات العضوية، مما يسمح بإنتاج الغاز للتدفئة والطهي، ويعود بالفائدة على سكان مناطق الظل على وجه الخصوص.
كما تكمن أهمية المشروع حسب المتربصين الاثنين، في الاستغلال الاقتصادي للنفايات وتثمينها من خلال استخلاص الطاقة منها، إلى جانب المحافظة على البيئة والمحيط، ويمكن الاستفادة من البيوغاز المستخرج، في إنتاج الطاقة الكهربائية وكذا استخدامه كوقود للسيارات.
وقد أكد مدير القطاع، أن مؤسساته تشتغل على فكرة الاستثمار في كفاءات الشباب كأساس للتنمية المستدامة، والمشروع يعكس قدرات المتربصين على تقديم حلول مبتكرة للتحديات البيئية.
ع.نصيب