شرعت مديرية البيئة لولاية قسنطينة في تطبيق القرار التنفيذي رقم 24-61 المؤرخ في 29 جانفي 2024، الذي يهدف إلى تنظيم نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة باعتباره أحد ركائز الاقتصاد الدائري، من خلال تحديد المواد القابلة للاستخراج وكميات النفايات الممكن إعادة تدويرها، إلى جانب تقديم تسهيلات إدارية وامتيازات جبائية لفائدة الأشخاص الطبيعيين الممارسين لهذا النشاط، وفي مقدمتها الإعفاء الكامل من الجباية، بما يكرس نقلة نوعية نحو تنظيم هذا القطاع وتمكين الناشطين فيه قانونيا واقتصاديا.
وفي تصريح خصت به جريدة النصر، أكدت طريفة ليليا، مهندس رئيسي ورئيسة مصلحة البيئة الحضرية بمديرية البيئة لولاية قسنطينة،أنه بات بإمكان كل من يزاول نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة بصفة فردية التقدم بطلب رسمي للحصول على رخصة جمع النفايات، وفقا لما جاء في المادة الرابعة من القرار التنفيذي، مما يتيح له الاستفادة من الإعفاءات والامتيازات القانونية الجديدة.
وأضافتطريفة ليليا، أن المرسوم التنفيذي جاء ليضبط بدقة قائمة المواد القابلة للاسترجاع، ويحدد كيفية تطبيق الإعفاءات والتسهيلات الجبائية الموجهة لفائدة الأشخاص الطبيعيين دون غيرهم من الأشخاص المعنويين، أي أولئك الذين يمارسون النشاط بأسمائهم الشخصية وليس ضمن شركات تجارية. وأبرزت المتحدثة أن هذا التوجه يندرج في إطار تشجيع المبادرات الفردية والمقاولات المصغرة، بهدف الحد من البطالة ودمج النشاط غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي.
كما شددت على أن من الشروط الأساسية للاستفادة من الإعفاءات، إبرام اتفاقية مع مؤسسة معتمدة تنشط في مجال رسكلة النفايات، وهو ما يسمح بتتبع المسار الكامل للنفاية، وضمان التعامل مع جهة مختصة تضمن سلامة العملية بيئيا وتنظيميا. واعتبرت أن هذه الآلية الجديدة تشكل فرصة حقيقية للراغبين في ممارسة هذا النشاط بصفة قانونية ومربحة، في ظل توفر دعم إداري وامتيازات جبائية محفزة.
وأضافت المسؤولة أن المديرية سبق وأن نظمت لقاءات مع الناشطين في هذا المجال، وتمت مواكبتهم وتقديم التوضيحات اللازمة، مما أثمر عن منح 15 رخصة جمع نفايات قابلة للرسكلة إلى حد الآن على مستوى ولاية قسنطينة. ودعت بهذه المناسبة جميع الممارسين أو الراغبين في الالتحاق بهذا النشاط، إلى التوجه إلى مصالح المديرية لتقديم ملفاتهم واستخراج رخصهم القانونية المبررة لممارسة الأنشطة المذكورة في المرسوم أعلاه، أمام مصالح الأمن ونقاط المراقبة ومصالح التفتيش مرفوقين بالملف الذي يتكون من طلب خطي، استمارة طلب رخصة جمع النفايات، نسخة من اتفاقية مع متعامل واحد في رسكلة ومعالجة النفايات على الأقل بالإضافة إلى نسخة من بطاقة الهوية ومستخرج من شهادة الميلاد.
ولفتت طريفة ليليا إلى أن رخصة جمع النفايات تمنح لمدة ست سنوات ابتداء من تاريخ توقيعها، ويستفيد صاحبها خلالها من إعفاء جبائي كامل. كما أكدت إمكانية تجديد الرخصة لاحقا، غير أن ميزة الإعفاء الجبائي لا تمدد بعد التجديد. وأضافت أن الأشخاص الذين يملكون رخصا خاصة برسكلة النفايات يمكنهم أيضا التقدم بطلب للحصول على رخصة جمع النفايات، ما يسهم في تكامل الأدوار وتعزيز فعالية سلسلة الفرز وإعادة التدوير.
وأشارت رئيسة المصلحة إلى أن هذه الإجراءات التنظيمية الجديدة تنسجم تماما مع القانون رقم 02-25 المعدل والمتمم للقانون 01-19 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001، ويتضمن القانون الذي وقعه رئيس الجمهورية،مؤخرا عدة تدابير أبرزها تأسيس الاستراتيجية الوطنية للتسيير المدمج للنفايات والتأسيس كذلك لنظام رقمنة لتسيير النفايات، بالإضافة إلى إدراج تعاريف جديدة مستمدة من تلك التي كرستها الأمم المتحدة لإدخال المبادئ الأساسية للاقتصاد التدويري للنفايات.
كما بات لكل نوع من النفايات رمز خاص ومعتمد، يسهل تتبعه وتصنيفه وضمان معالجته بطريقة احترافية وبيئية، وفقا للمعايير الدولية. وفي السياق المحلي، ذكرت المتحدثة بأن والي ولاية قسنطينة سبق وأن أصدر قرارا يمنع جمع النفايات بطريقة عشوائية، وهي خطوة كانت تهدف إلى تقنين هذا النشاط وتفادي مظاهره السلبية، على غرار التلوث أو التعدي على الفضاءات العمومية.
ويشكل هذا الإطار القانوني الجديد نقلة نوعية في تنظيم نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة، من خلال إدماجه ضمن مسار رسمي ومؤطر يضمن كرامة الممارسين وحقوقهم، ويمنحهم فرصا حقيقية للاندماج في الاقتصاد الأخضر. وقد وجد القرار صدى إيجابيا لدى الناشطين في هذا المجال، الذين رأوا فيه اعترافا بدورهم الحيوي في الحفاظ على البيئة وتقليل الضغط على مراكز الردم، فضلا عن كونه خطوة عملية نحو بناء منظومة بيئية مستدامة ومندمجة تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي في آن واحد.
رضا حلاس