قال الرئيس الفرنسي الخارج من حب قديم إلى حرب جديدة، أمس، أن ضرب داعش سيتم في أماكن تواجدها، وشرح لضيوفه الذين يبحثون أمن العراق في باريس أن أماكن التواجد لا تعني عاصمة الخلافة وحدها.
و لا يمكن فهم كلام الرئيس الفرنسي إلا بعد ربطه بالإعلانات التي تنقلها وسائل الإعلام عن فتح «سفارات داعش» في مختلف أنحاء الوطن العربي.
وتعكس حالة هولاند الذي يمرّ بمرحلة حالكة في تاريخه السياسي وضعا غريبا في الغرب يتمثل في ذهاب الساسة إلى الحرب للجواب على أزمة داخلية أو لاسترجاع شعبية منهارة، ويبدو الأمر أشبه بعودة نزعة فروسية مكبوتة إلى ساحة الشعور الجمعي تترجم بذهاب الفارس إلى الحرب ليثبت جدارته، أو ذهابه إلى رحلة صيد يقتل فيها الأسد والغول ويعود بفرائس ثمينة للقبيلة. بمعنى أننا أمام حالة بدائية تظهر في “غير مكانها”، في غرب ما بعد الحداثة وما بعد التكنولوجيا.
وظهرت النزعة الفروسية مع بوش الأول وبوش الثاني في أمريكا و نجحت لكنها أنهت الحياة السياسية لطوني بلير في بريطانيا لأن البريطانيين أذكياء ويريدون أشياء أخرى غير الأسد والغول.
وظهرت النزعة ذاتها مع ساركو الأول في فرنسا الذي يريد العودة في 2017، وها هو هولاند يريد الظهور كفارس يداوي بالحرب جراح الحب وكمدات السياسة.
و بالطبع فإن الصيد سيتم في أماكن تواجد داعش وليس في مخابر صناعتها، وسيكون النقاش خافتا والمعارضة قليلة للفرسان وسيجبر المسالمون على الذهاب إلى الحرب مثلما حدث لأوباما الحائز على نوبل للسلام والذي عمل كل ما في وسعه من أجل إكمال عهدتيه دون حروب، لكنه أجبر على الحرب بأضعف الإيمان، أي الحرب بالقصف ما دام يناهض الحرب بالاحتلال.
يثبت كل ذلك أن الغرب لم يتخلص من “بدائيته” وحتى ترويجه لرسائل الديموقراطية وحقوق الإنسان، لم يكن منزها، ليتأكد مرة أخرى أن الإنسانية لم تستفد من العلوم والمعارف والتطورات التكنولوجية في تقليص مساحات العداء بين سكان هذا الكوكب اللعين، و أن الحرب هي اللازمة التي تتكرّر في كل مفصل من مفاصل التاريخ وحين تسأم الشعوب منها فإن خناسي السياسة والدين يقومون بتزيينها لأنهم لا يستطيعون العيش بدونها.
ملاحظة
في السياسة وخارجها، أي في الحياة القليلة عموما، ثمة فئة لا تخيب مساعيها أبدا: الأشرار.
سليم بوفنداسة