سعيد عولمي يعود بوثائقي حول المعتقلات خلال الثورة التحريرية
كشف المخرج سعيد عولمي أنه بصدد إنجاز فيلم وثائقي حول المعتقلات خلال الثورة التحريرية، و يضاف هذا العمل السينمائي إلى مجموعة أفلام أنجزها المخرج من أجل تسليط الضوء على جوانب لا تزال  خفية من تاريخ الثورة الجزائرية.
وقال السعيد عولمي مؤخرا ، على هامش عرض فيلمه الوثائقي «الإنسانية في قلب الثورة التحريرية الجزائرية» بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية «كراسك» وهران، أن ولعه بتاريخ بلاده، خاصة فترة الثورة التحريرية يدفعه يوميا للبحث و الغوص في جوانب لا تزال غائبة عن مؤلفات المؤرخين وعن الأعمال السينمائية ، و منها فيلمه عن الجانب الإنساني الذي ركز على إبرازه من خلال دور هيئة اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي كان موفدوها يقدمون خدمات إنسانية متنوعة للشعب الجزائري، وحتى لقياديي الثورة و مسؤولي الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
و شدد عولمي على أهمية الإسراع في جمع شهادات من صنعوا الثورة، سواء الجزائريين أو الأجانب، مشيرا إلى أنه بعد إنجاز فيلمه «الإنسانية في قلب الثورة التحريرية» توفي 4 مشاركين فيه، وهم «بيار غايار» الموفد الرئيسي للصليب الأحمر للجزائر، رضا مالك قيادي ومجاهد، الدكتور فتحي حميدو والسيدة ليلى مكي، كما أنه من بين الشخصيات التي تم الاتصال بها حسين آيت أحمد ورغم موافقته على الإدلاء بشهادته، إلا أنه تعرض لأزمة صحية منعته من ذلك.
 السيدة ليندة بوعالي، ممثلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر فرع الجزائر أضافت، أنه تم أيضا رصد تصريحات مقتضبة من عند طبيب هنري هامو الذي توفي قبل الإدلاء بكل شهادته، حول الأعمال التي قام بها والمخاطر التي عاشها، وذكرت السيدة ليندة أنه خلال البحث في أرشيف لجنة الصليب، تم العثور على أرشيف خاص بجميلة بوحيرد التي زارتها وفود اللجنة خلال اعتقالها وتعذيبها ، لكنه أرشيف غير مستغل من طرف الباحثين، إلى جانب مجموعة أخرى من تقارير موفدي اللجنة للسجون والمعتقلات و لعدة أماكن بالجزائر أثناء الثورة، مشيرة إلى أن المهمة استمرت إلى غاية استقبال آلاف الجزائريين اللاجئين الذين عادوا إلى وطنهم بعد وقف إطلاق النار إلى غاية يوم إعلان الاستقلال.
على مدار أكثر من 40 دقيقة لخص الفيلم الوثائقي «الإنسانية في قلب الثورة التحريرية الجزائرية» بحثا وتنقيبا وعملا دام 3 سنوات، استعرض من خلاله المخرج شهادات حية لصناع المواقف والأعمال الإنسانية، تم إحياؤها من تقارير موفدي الصليب الأحمر عن طريق الإطلاع على أرشيف 590 زيارة تنقلوا فيها عبر عدة مناطق وعايشوا فترات القمع والحرمان والتعذيب والإجرام وغيرها من الممارسات اللا إنسانية التي كان يقوم بها المستعمر ضد الشعب و المجاهدين وحتى قيادات الثورة، و بلغ عدد بعثات لجنة الصليب 10 بعثات بين 1955 و1962 .
وطغى على النقاش بين صناع الفيلم والباحثين و الأكاديميين، مسألة الوصول إلى الأرشيف وهي النقطة التي تؤرق المؤرخين والباحثين في التاريخ، بالنظر للصعوبات التي تعرقل إنجاز أعمالهم، و  قال المخرج السعيد عولمي بهذا الخصوص بأن الصليب الأحمر منح الجزائر جزءا من الأرشيف ، لكنه استطاع الوصول للمزيد منه في جنيف،  بفضل تعاون وإشراف هيئة اللجنة الدولية للصليب الأحمر فرع الجزائر، مشيرا إلى أنه بفضل هذا الأرشيف تم حصر قائمة الأسماء التي قامت بهذا الدور ميدانيا ، و أنه تمكن أيضا من طرح رؤى متقاطعة بين جزائريين وفرنسيين، حتى يلم بالموضوع.
و أبرز أيضا في رده على أسئلة الحضور، أن هذا الفيلم الوثائقي أنجزه من أجل لجنة الصليب الأحمر، لكنه  تمكن من استنباط، مواضيع وزوايا أخرى للأعمال الإنسانية التي كانت موجودة لصالح الشعب الجزائري مثل التي كان يقوم بها جيش وجبهة التحرير لفائدة الفقراء والمعوزين، وغيرها من الممارسات الإنسانية التي قال أنها تعتبر مجالا خصبا للباحثين والمؤرخين، وحتى بالنسبة إليه لإنجاز أفلام أخرى مستقبلا.
بهذا الصدد أوضح الأستاذ المختص في السمعي البصري محمد بن صالح، أن للصورة دور كبير في إبراز التاريخ والأحداث التاريخية التي يتعذر على الإنسان قراءتها في كتاب لضعف المقروئية في الجزائر،  أو يطالعها عبر صفحات الجرائد التي لا يقتنيها الجميع، بينما الصورة تصل ومفعولها كبير وقوي، خاصة إذا تم عرض الأفلام في المؤسسات التربوية.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى