منتجو الفريك يسابقون الزمن لطرح محصولهم الجديد في السوق
انطلق موسم الفريك في بلدية عين عبيد ولاية قسنطينة، بصفة غير رسمية وذلك بالتحضير المادي والبشري لذات الحدث من طرف منتجيه، ليتمكنوا من طرح محصولهم الجديد في السوق قبل شهر الصيام.  فالحقول التي بدأت ذوائب سنابلها تميل إلى السواد وسيقانها إلى الاصفرار، إذانا بنضج حبها في تجويف سنابلها، تشهد حركية و مواظبة المزارعين على زيارة حقولهم المزروعة قمحا صلبا، و الذي يعد منه الفريك سيد أطباق شهر الصيام، لتفحصها والتأكد من جاهزيتها لاستقبال آلات الحصاد والحصادة بأهازيجهم التي توارثوها عن أسلافهم.
منتجو الفريك في أعالي عين عبيد المعروفة ب « الصراوات « ذات التربة السوداء، المقاومة للسنوات التي يشح في تساقط الأمطار أخرجوا مناجلهم و مداريهم و ذادوا ما تعلّق بها من صدأ وغبار،  وضربوا للحصاد موعدا لجز سيقان سنابل حقول لا تدخلها الآلة التي تم ابتكارها لخدمة حصاد الفريك قبل سنوات قليلة مضت، معوّضة الحصاد اليدوي، بعد أن تراجع عدد من يتقنه من كبار السن، بل انقرض بعد زهد شباب اليوم في تعلّم ذات الحرفة، فالحاصدة الآلية جعلت أيام موسم الفريك معدودة، و بإمكانها بسرعتها أن تتغلّب على سرعة نضج السنابل في حقول القمح و مضاعفة الإنتاج ، في ظرف كان الحاصدون يكابدون فيه العمل تحت أشعة الشمس المحرقة خلال أيام طوال.
محمد أحد منتجي الفريك في عين عبيد يقول للنصر، أن محصول هذه السنة سوف يكون في متناول المستهلكين، ممن لا يرضون عن فريك عين عبيد بديلا، على الرغم من صعوبة الظروف هذا الموسم، و التي سوف تساهم في تراجع الإنتاج. محمد المتعوّد على عرض عشرات القناطير من الفريك في السوق ، قال للنصر أنه سيكتفي بأقل من عشرة قناطير، جراء الصعوبات التي بدأت تظهر قبل الموسم، على رأسها قلة اليد العاملة، على الرغم من اعتماده على الحاصدة الآلية، موضحا بأن إنتاج هذا المحصول، يتطلب جهدا كبيرا مقارنة بإنتاج القمح، بدءا من نقل السنابل المحصودة من الحقل، وطرحها تحت أشعة الشمس لتجفّ، تمهيدا لتمريرها على النار، و هي العملية التي تتطلب مهارة ودقة وخفة يد باعتبارها من المراحل المهمة، لأنها تحدّد طعم ونوعية الفريك ، الذي ينشر من جديد في «الطرحة» حتي يصل مرحلة التجفيف التام قبل درسه بالجرار، وفي ظل الأحوال الجوية المتقلبة يتطلب ذلك تواجد دائم لحمايته من الأمطار التي قد تفتك به وبنوعيته، فموسم الفريك يتطلّب التجنيد التام لكل أفراد العائلة وعدد من العمال الموسميين المحترفين في حال عدم وجود عدد كاف في العائلة.  و بالموازاة مع ذلك غزت سوق عين عبيد الأسبوعي، كل أنواع الآلات الخاصة، التي تدخل في إعداد الفريك، من مناجل و مداري، وحبال و شباك، وأغطية من القماش وبلاستيك، من أجل استعمالها لحماية المنتج ليلا وفي حال تساقط المطر.
وعن سر إقبال و تحبيذ الكثيرين لفريك عين عبيد، قال بعض من تحدثنا إليهم، أن أول علامات الجودة  هي الأرض التي يزرع فيها، فهي لا تخضع للتسميد، بالإضافة إلى طريقة وخطوات صنعه التي تتطلب صرامة، بعيدا عن الغش و تلوينه ، لأن هذا سلوك لا يصدر من فلاحين، توارثوا الحرفة أبا عن جد.
و ذكر بعض العارفين  بأن فريك الموسم الماضي، يتغيّر طعمه تأثرا بالرطوبة جراء نوعية الأكياس التي يحفظ فيها، والتي يغلب خيوط البلاستيك الصناعي في ظل انقراض أكياس "الخيشة" ذات الخيوط والمسامات، إضافة إلى مكان التخزين وظروف ذلك، وهو ما من شأنه التأثير على نوعية وجودة الفريك، الذي ما زالت نسبة قليلة من سكان المنطقة مواظبين على إنتاجه، و يحرصون على إتقان مختلف المراحل، التي يعتبرها شباب اليوم شاقة، الشيء الذي ساهم في عزوفهم عن ممارستها.
ص.رضوان

الرجوع إلى الأعلى