غيّرت السفينة العملاقة الراسية بشاطئ قرباز بولاية سكيكدة، وجه المنطقة، فحوّلته إلى لوحة فنية مفتوحة على الهواء الطلق، بتقاسيم ترسمها تقلبات الجو لقطعة من الحديد، اختارت قرباز مرفأ لها، لتصبح قبلة للكثيرين ممن يرغبون في اكتشاف منظر، لا يتكرر كثيرا.
إنها سفينة “صوفيا” المالطية ، التي جنحت في ليلة الخميس إلى الجمعة 06 مارس 2008، في عرض إقليم المياه الجزائرية، غرب شاطئ قرباز، و تحديدا بالقرب من شاطئ سانت لويس، بسبب رداءة الأحوال الجوية.
من أجل إنقاذ ركاب السفينة و عددهم 14شخصا،   12 منهم من جنسية فيليبينية و اثنين من جنسية يونانية، سارعت القوات البحرية الجزائرية بتكليف فرقة الإسعاف، التابعة لولاية سكيكدة و تضم 9 بحارة، غير أن الرياح و الأمواج العاتية التي وصل علوها إلى 4 متر، أدت إلى جنوح سفينة الإنقاذ و الإسعاف أيضا.
جنوح هذه السفينة الأخيرة، دفع القوات البحرية إلى تكليف فرق أكبر للقيام بالمهمة و إنقاذ السفينتين و ركابهما، حيث تدخلت سفينة الإسعاف “مازافران5” التي تمكنت من إنقاذ 8 من البحارة الجزائريين، بينما تم العثور على البحار التاسع المفقود ميتا، أما بالنسبة لبحارة سفينة “صوفيا”، فقد تم إنقاذهم جميعا بعد ذلك.
إنقاذ البحارة، لم يتبعه إجلاء سفينة صوفيا المالطية التي لا تزال إلى غاية يومنا هذا بشاطئ قرباز الذي منحته ميزة أخرى أضيفت لجماله و صفاء مياهه التي يعشقها الكثير من الجزائريين من مختلف ربوع الوطن، حيث لم تتمكن فرق الإنقاذ الجزائرية من سحب السفينة التي كانت عالقة بين الصخور، و خلفت محاولة إجلائها من الشاطئ وفاة أحد رجال الإنقاذ الجزائريين.
و نظرا لصعوبة المهمة ، تم تكليف شركة يونانية بإخراج “صوفيا” من عرض البحر، لكنها فشلت في ذلك، ليتم في ما بعد طرح اقتراح الإستعانة بشركة هولندية، تقوم بإفراغ السفينة من حمولتها و تقسيم هيكلها إلى نصفين، لتسهيل مهمة إخراجها إلى الشاطئ، غير أن الفكرة استبعدت نظرا لتكاليفها الباهظة. مسلسل سفينة “صوفيا” لم يتوقف هاهنا، حيث قررت القوات البحرية الجزائرية خلال شتاء 2018 تفجيرها في مناورة تدريبية، ما تسبب في تقسيم السفينة إلى نصفين و بقيت على هذا الوضع إلى غاية اليوم، فاكتسبت المنطقة شهرة واسعة، و أصبحت تستقبل الزوار من كل مكان، من أجل اكتشاف السفينة الجانحة و التقاط صور تذكارية أمامها، في حين يفضل البعض الغوص، لاكتشاف الجزء الخفي من السفينة، كما أطلق على الشاطئين المقابلين لها، اسم شاطئ “صوفيا 1” و “صوفيا 2”.
حادثة جنوح السفينة التي أسالت الكثير من الحبر، و طرحت العديد من التفسيرات عن أصلها الإسباني، و احتمال أنها سرقت من طرف عصابة لتهريب المخدرات، تم التوقف عن الخوض في تفاصيلها، و لم يتبق اليوم سوى مجسم جميل، يزين شاطئ قرباز، و يجلب الكثير من عشاق المغامرة و محبي كل ماله صلة بالبحر.                       إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى