تشهد محلات بيع الوجبات التقليدية السريعة منزلية الصنع، انتشارا في الآونة الأخيرة، وذلك في العديد من المدن الجزائرية على غرار، الجزائر العاصمة و بومرداس و كذا قسنطينة، حيث يزيد الإقبال بشكل ملفت على هذه الأطعمة البسيطة واللذيذة، خصوصا في ظل ملائمة أسعارها و توفر شرط النظافة فيها.
ظهرت، في الآونة الأخيرة، بجوار محلات «الفاست فود» المعروف محلات تقدم هي الأخرى إطعاما سريعا من نوع آخر، فقائمة الطعام هنا لا تشمل البيتزا و البيرغر و البانيني و الشاورما، بل تخص مأكولات بسيطة و خفيفة، تتمثل في سندويتشات مكونة من قطعة كسرة أو خبز منزلي يضاف إليها جبن ماعز أو جبن طبيعي أو معجون مشمش أو فراولة أو يمكن أن تتكون من بيض مسلوق و قطعة طماطم أو خس، وحتى التحليات تكون مصنوعة من مكونات طبيعية مثل عجينة التمر و السمسم.
وصفات منزلية للإطعام السريع
المحلات الجديدة بدأت  في الانتشار بشكل ملحوظ، بعد أن لقيت إقبالا واسعا من طرف المواطنين الذين أهلكتهم الوجبات السريعة غير الصحية، كما عبر عنه محمد صاحب محل بولاية بومرداس، أخبرنا بأنه كان يعمل في الأصل لبانا، يبيع الحليب ومشتقات الألبان مثل الرائب و زبدة البقر، قبل أن يقرر البدأ في مشروعه الجديد، وذلك بنصيحة من أحد زبائنه الذي عرض عليه فكرة بيع الكسرة أو المطلوع إلى جانب سلعته الأصلية.
محمد أوضح لنا، بأن الفكرة بدأت هكذا ببساطة، حيث تعلم تحضير الكسرة التقليدية من والدته باستعمال دقيق القمح الكامل و الشعير، و بدأ تحضيرها بالمحل الذي زوده بكراس و طاولات جديدة، حيث يقدم لزبائنه وجبة لذيذة من لبن البقر مع الزبدة و الكسرة الساخنة، وسط جو صحي تميزه روائح المكونات الطبيعية، هو تحديدا ما ساهم في استقطاب الكثير من عشاق الطعام التقليدي، وهكذا لقي مشروعه الصغير نجاحا منذ أول يوم، فاق الإقبال خلاله كل التوقعات، إذ استحسن الكثيرون فكرة تحضير وجبات سريعة من مكونات منزلية صحية و نظيفة.
«بانيني» بلمسة جزائرية
و انطلاقا من صناعة الألبان و الزبدة،  توسع رضا في المجال ليجسد أفكارا جديدة، فبدلا من «البانيني» بالخبز العادي، فكر في صناعة «بانيني بلمسة جزائرية»، مكون من «المطلوع» المنزلي المحشو بثلاثة أنواع من الجبن، هي الجبن التقليدي و الجبن الأبيض و الشيدر، تمزج معا ويضغط السندويتش في آلة تحميض وضغط «البانيني» العادي، لنحصل في النهاية على وجبة مبتكرة تقدم مع الحليب الرائب، وهي أكلة مطلوبة جدا إلى جانب «الكسرة» و زبدة البقر و اللبن المخفوق.سألنا بعضا من أصحاب محلات « الفاست فود» التقليدي، عن طبيعة الإقبال و عن زبائنهم، فأخبرونا بأن ثقافة الأكل الصحي زادت كثيرا وأن الإقبال على وجباتهم مشجع جدا، خصوصا من طرف الشباب وبالتحديد الموظفين و عمال ورشات البناء و الورشات الصناعية الصغرى المنتشرة بالجوار، واللذين تستقطبهم أسعار الوجبات التي لا تزيد في العادة عن 150دج للسندويتش و 100 دج لوجبة الكسرة و كوب من اللبن أو الرائب.
و إلى جانب هؤلاء، إلتقينا فئة أخرى من زبائن هذه المحلات، و هم أولئك الأشخاص الذين لا تغريهم الأسعار بقدر ما يغريهم الطعام الصحي الذي قالوا لنا أنه ضاع و اندثر أمام قوائم الوجبات السريعة المشبعة بالمواد المصنعة و عالية السعرات الحرارية، مثلما قال السيد يوسف المتقاعد، موضحا أنه من الزبائن الأوفياء للمحل، خاصة في الفترة المسائية بحثا عن وجبة طعام صحية و لذيذة، تعيد لذهنه «ريحة زمان» مثلما عبر لنا، أين يتناول قطعة «كسرة» مع الرائب كوجبة صحية و خفيفة، بينما قال شاب آخر أنه يفضل هذا النوع من الوجبات الخفيفة و الصحية في الوقت ذاته، خاصة و أنها لا تؤثر على صحته لكونه يعاني من مرض القولون الذي لا تناسبه الوجبات السريعة العصرية.
بتينة سمية أخصائية في مجال التغذية
الألبان و الأجبان تعزز جهاز المناعة  
تؤكد الدكتورة بتينة سمية، أستاذة محاضرة بمعهد التغذي و التغذية بجامعة قسنطينة، بأن العودة إلى الأطعمة البسيطة والصحة التي كان يعتمد عليها الأجداد في نظامهم الغذائي، سلوك جد محمود، ودليل على الوعي المتزايد بضرورة اكتساب ثقافة غذائية صحية، بعيدا عن الوجبات السريعة الضارة، و أوضحت المتحدثة، بأن الألبان و الأجبان عموما تساهم في تحليل و دعم البكتيريا المعوية، و تقوية جهاز المناعة بشكل كما هو الأمر بالنسبة للألياف النباتية الموجودة في القمح و الشعير، الذي يصنع منهما الخبز التقليدي أو «الكسرة»، إذ تحتوي هاتان المادتان على فيتامينات و جزيئات معدنية بكميات ضئيلة جدا، غير أنها مهمة ومفيدة و تساهم كثيرا في تسهيل عملية الهضم. كما أشارت الأخصائية، إلى أن تناول هذه المواد الغذائية يساهم أيضا في التخلص من السكر و الكولسترول الضارين و الناتجين عن الاستهلاك العشوائي للأطعمة السريعة المشبهة بالزيوت المهدرجة و المواد المعلبة والمصنعة، بالمقابل، نجد بأن الأجبان مثلا، يمكن  أن تعوض البروتينات الحيوانية ذات القيمة الغذائية العالية، كما أن  توفر البكتيريا المخمرة في الألبان، على تحويل الكالسيوم الضار إلى نافع، حيث تقوم بتحويل اللاكتوز إلى حمض اللاكتيك النافع جدا، و تنصح المتحدثة في الأخير باستبدال «الفاست فود» العصري بالتقليدي و دون تردد.
إيمان زياري

الرجوع إلى الأعلى