أكّدت الإعلامية و صاحبة أول مبادرة للدفاع عن النساء البدينات في الجزائر، عبير ربيعي 32 سنة، أن رحلتها من فتاة عادية تعاني من زيادة في الوزن، إلى مؤثرة ومقدمة برامج لم تكن سهلة، و أن قصتها ملهمة للكثير من الفتيات اللواتي يبحثن عن التغيير الإيجابي لأن فيها تحفيزا و دعوة لتجاوز العقبات والإيمان بالنفس.

رميساء جبيل

تحدثت عبير للنصر، عن تجربتها وكيف استطاعت تجاوز مخاوفها و الخروج عن الصمت بعدما تذوقت مرارة التنمر والتهميش بسبب وزنها الزائد  و رفضت كمقدمة أخبار في العديد من المؤسسات الإعلامية رغم امتلاكها للموهبة والكفاءة التي تؤهلها لنيل المنصب رافعة بذلك شعار التحدي ضد الظلم الذي طالها هي وأخريات، لتكون  بذلك صاحبة أول مبادرة تدافع عن النساء البدينات.
 و قالت محدثتنا، إن  معاناتها بدأت سنة 2014 حين قررت التوقف عن العمل في الصحافة المكتوبة لخوض غمار المجال السمعي البصري، إذ واجهت الرفض بداية بحجة وزنها الزائد، و كان يقال لها بأن مرورها على الشاشة مستحيل لأنها « تملأها»، و طلب منها في ذلك الوقت أن تنقص من وزنها إن أرادت الحصول على فرصة، لكنها أصرت على النجاح و استطاعت أن تفرض نفسها و تتألق لاحقا من خلال برنامج قدمته على إحدى القنوات الخاصة، أين أثبتت جدارتها وكفاءتها في التنشيط، نظرا لنبرة صوتها وتمكنها من مخارج الحروف إلى جانب قوة قلمها الذي صقلته الصحافة المكتوبة على حد تعبيرها.
أرافع لأجل التكافؤ في الفرص
سنة 2018 وجدت من آمن بكفاءتها، ولم ينظر إلى شكل جسدها، بل قيمها على أساس تميزها في مجال تنشيط الحصص، و أعطاها فرصة تقديم برنامج خاص لكنه لم يستمر طويلا، لتلتحق بعدها بقناة تلفزيونية أخرى، رفضتها كمقدمة برامج لذات السبب السابق، و هو ما أجبرها على القبول بوظيفة في مجال التركيب غير أن الموقف أثر كثيرا عليها و دفعها إلى إطلاق هاشتاق « جميلة ولو بوزن زائد»، روجت له عبر فيديو على أنستغرام موازاة مع الاحتفال بعيد المرأة، ليكون ذلك هو أول محتوى رقمي في الجزائر، يهتم بالنساء البدينات ويطالب بحقوقهن في الحصول على الاحترام وكذا التوظيف بشتى المجالات خاصة الإعلام وعروض الأزياء وفي شركات الطيران .
وجاءت هذه المبادرة «الإنسانية « كما أوضحت، لوقف التمييز على أساس الوزن و الشكل، و نشر ثقافة الاختلاف والتنوع في المجتمع و محاربة التنمر الذي تتعرض له البدينات، من قبل الأهل و الجيران و زملاء الدراسة و في المحيط المهني، الذي ينظر إلى الشكل و المظهر الخارجي على حساب الكفاءة و مهارات الأداء زيادة على ذلك، فإن الخطوة كانت دعوة للتصالح مع الذات وزرع الثقة بالنفس للتصدي للكلمات الجارحة التي تصل إلى مسامع المرأة خلال مختلف مراحل عمرها.
وأضافت عبير في حديثها للنصر، أن تأثير التنمر و  الإساءة  اللفظية يختلف من امرأة إلى أخرى و أن الكثيرات يصبن بالإحباط و خيبة الأمل و يصلن إلى حد اعتزال الحياة الاجتماعية، ولذلك تستمر في تقديم فقرة عبر حسابها على أنستغرام بعنوان « صوت المرأة البدينة»، لتشارك النساء السمينات من خلالها تجاربهن مع التنمر، مشيرة إلى أن هناك قصصا أثرت كثيرا عليها، على غرار قصة شابة تعرضت للتمييز خلال فترة عملها في فندق، حيث أجبروها على العمل في الطابق تحت الأرضي و أن لا تصعد إلى الأعلى، خوفا على صورة الفندق أمام الزبائن، ما جعلها تتخلى عن العمل نهائيا.  فيما تخلى شاب عن خطيبته، لأن أمه رفضتها بسبب وزنها الزائد، وغير ذلك من النماذج التي تظهر مدى سوء معاملة الناس للمرأة السمينة. وأوضحت محدثتنا، أن مبادرتها لاقت صدى إعلاميا كبيرا داخل وخارج الجزائر، وحققت تجاوبا منقطعا من قبل النساء البدينات، خاصة بعدما تحدث عنها الإعلام الأجنبي وتضيف عبير، أن الحملة كانت سببا في كسر كثير من القواعد والقيود في قطاع التوظيف، حيث تلقت بعدها عرضا من قناة جزائرية خاصة، للعمل كمقدمة أخبار تلفزيونية وقد حققت بذلك حلمها.
مسابقة لاختيار ملكة جمال البدينات قريبا في الجــزائر
عبير كشفت  مؤخرا، عبر حسابها على أنستغرام، بأن المعركة التي تخوضها و تصريحاتها المباشرة، كلفتها الإقصاء من المشاركة في مسابقة ملكة جمال البدينات التي ستقام قريبا في الجزائر، رغم أنها كانت قد اختيرت مسبقا خلال فترة تجارب الأداء، مع ذلك تبقى هذه المسابقة مهمة كما أكدت للنصر، وقد جاءت تحت شعار « جميلة ولو بوزن زائد»، حيث تمت التصفيات على مستوى العاصمة و وهران و باتنة، عرفت مشاركة 150 امرأة سمينة، تم اختيار 13 متسابقة من بينهن للانتقال إلى النهائيات.
 وستتنافس السيدات، على الألقاب الثلاثة الأولى وهي   « الملكة و الوصيفة الأولى و الوصيفة الثانية»، وهو تتويج سوف يمكنهن على  حد قولها، من  المنافسة على لقب ملكة جمال العالم للمرأة البدينة التي ستنظم في إسبانيا صيف 2023. وقالت عبير في هذا الصدد، بأنها سبق وأن شاركت في تجربة أداء لاختيار عارضات أزياء في سنوات سابقة لكنها رفضت رفقة أخريات بسبب وزنهن الزائد ولأنهن لا يملكن معايير الجمال التي تفرضها الموضة ودور الأزياء العالمية، موضحة، أن قالب الجمال التقليدي هو ما يقف خلف التنمر الذي تتعرض له المرأة السمينة و هو السبب في حرمانها من التمتع بالملابس الجميلة و غيرها من الامتيازات التي تخصص فقط للنحيلات، بما في ذلك الألوان الزاهية.
 وأضافت محدثتنا، بأنها تحتاج إلى دعم كل النساء لتنجح في مساعيها، حيث وجهت نداء إلى كل امرأة جزائرية لتدعم هذه المبادرة، حتى يصل صوت النساء البدينات للجميع، وتنتهي رحلة المعاناة والجحيم ويستطعن تحقيق طموحاتهن.

الرجوع إلى الأعلى