دعا أطباء إلى ضبط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من طرف السلك الطبي، بعد أن تحولت هذه المواقع إلى فضاء لممارسة الإشهار لعيادات خاصة أو أطباء في تخصصات معينة، وكذا بث فيديوهات لمرضى في غرف عمليات بطريقة مخالفة لأخلاقيات الطب، كما لجأت بعض العيادات الخاصة إلى فتح صفحات ممولة عبر الفايسبوك لاستقطاب أكبر عدد من المتابعين والترويج لنشاطها الطبي بشكل لا يكاد يختلف عن الترويج للسلع التجارية.

نورالدين عراب

و  بغرض وضع حد للتجاوزات المسجلة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من طرف السلك الطبي ناقش أطباء في يوم دراسي نظمه المجلس الجهوي لعمادة الأطباء بالبليدة مؤخرا مختلف التجاوزات التي يرتكبها أطباء خواص وعيادات طبية في هذا الميدان.
وأوضح في هذا السياق رئيس المجلس الجهوي لعمادة الأطباء بالبليدة الدكتور ياسين تركمان بأن استخدام مواقع التواصل لتقديم معلومات طبية أو صحية أو وقائية من طرف الأطباء محبذ ولا يمنعه القانون، بل مجلس عمادة الأطباء يشجع على ذلك، مشيرا إلى الاستخدام الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي من طرف الأطباء خلال فترة وباء كورونا لتقديم معلومات طبية ونصائح للمواطنين حول الوباء، وكان لهذه المعلومات أثر كبير على المواطنين خاصة مع فترة الغلق الصحي، في حين قوانين أخلاقيات الطب تمنع الإشهار للعيادة أو الأدوية أو ممارسة مهنة الطب كنشاط تجاري، وتحدث نفس المصدر عن غلق 8 عيادات خاصة بولاية البليدة لعدم احترامها ضوابط ممارسة النشاط الطبي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أطباء يستغلون الفراغ القانوني
استغل أطباء وعيادات خاصة، الفراغ القانوني المسجل في مجال استخدام التكنولوجيات الحديثة في السلك الطبي خصوصا مواقع التواصل الاجتماعي لممارسة هذا النشاط بشكل غير مضبوط، وأشار في هذا الإطار الدكتور ياسين تركمان إلى أن صدور آخر مرسوم يضبط ممارسة مهنة الطب كان قبل 30 سنة، مشيرا إلى المرسوم 92/76، حيث تمنع المادة 20 منه استعمال الإشهار أو المهنة كوسيلة تجارية ويخضع كل طبيب ممارس مخالف لهذا المرسوم لعقوبات محددة في مدونة أخلاقيات الطب في المادة 217، مشيرا في السياق ذاته إلى أن هذا القانون يمنع استعمال وسائل الإشهار التجاري مثل التخفيضات، أو العروض الخاصة في السلك الطبي، وأضاف نفس المتحدث بأن هذا القانون يحتاج إلى مراجعة ليتماشى والتطور المسجل في استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال.
عيادات طبية تمارس الرقية والحجامة
من التجاوزات المنافية لأخلاقيات الطب التي يمارسها بعض الأطباء الخواص هي ممارسة الرقية والحجامة داخل العيادات، وتحدث في هذا الإطار رئيس المجلس الجهوي لعمادة الأطباء بالبليدة عن رصد ببعض الولايات عيادات طبية تمارس الرقية والحجامة، مؤكدا بأنه لا يوجد للحجامة أساس علمي ولم تدرس في كليات الطب، أما عن ممارستها خارج العيادات الطبية يقول نفس المسؤول بأنه لا يملك رأيا خاصا حول هذا النشاط، مؤكدا بأن كل عيادة طبية يتثبت أنها تمارس هذه الأنشطة تتعرض لعقوبات قد تصل إلى الغلق.
والأمر ذاته بالنسبة لممارسة الطب البديل أو التداوي بالأعشاب، وأشار في هذا الإطار الدكتور تركمان إلى أن ظاهرة الطب البديل معروفة منذ القرون السابقة من خلال التداوي بالأعشاب، لكنه لم يستعمل من طرف الأطباء، مشيرا إلى الانتشار الواسع لهذه الظاهرة في الوسط الطبي بطرق غير قانونية.
نشر صور وفيديوهات الجثث والمرضى مخالف لأخلاقيات الطب
أكدت الدكتورة( ك مساهلي) طبيبة بمصلحة الطب الشرعي بمستشفى فرانتز فانون بالبليدة بأن نشر صور وفيديوهات الجثث والمرضى في غرف العلميات مناف لأخلاقيات الطب، وتحدثت عن تجاوزات يرتكبها بعض الأطباء تتعلق بنشر فيديوهات لمرضى في غرف العمليات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت أن كل هذا مناف لأخلاقيات الطب، وأكدت بأن نشر صور أو فيديوهات أثناء علاج المريض أو أثناء العملية الجراحية في غرف العمليات يجب تفاديه، وأدرجت ذلك ضمن السر المهني الطبي الذي ينبغي الحفاظ عليه، إلى جانب الحفاظ على كرامة المريض، وتحدثت كذلك عن مجموعات فايسبوكية لأطباء تروج لبعض الأطباء في اختصاصات معينة وبعض الأدوية، وأوضحت بأن هذا السلوك يمنعه القانون، ودعت إلى التحلي بأخلاقيات الطب أثناء ممارسة النشاط الطبي، كما أشارت الدكتورة مساهلي عن فراغ قانوني فيما يتعلق بالفحص الطبي عن بعد، وكذا استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص المرض، ودعت إلى ضرورة إصدار قانون خاص يضبط المهنة في ظل هذا التطور الحاصل في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال.

الدكتور إلياس مرابط رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية
الفراغ القانوني أدى إلى استخدام مواقع التواصل بشكل غير مضبوط
أوضح إلياس مرابط رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية بأن الفراغ القانوني هو الذي أدى إلى استخدام التكنولوجيات الحديثة في الميدان الطبي وخصوصا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل غير مضبوط، وأدى ذلك إلى تسجيل تجاوزات من طرف بعض الأطباء الخواص، مشيرا إلى أن البعض يستفيدون من الفراغ القانوني في هذا المجال من خلال استخدامهم للإشهار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأوضح بأن القانون الذي يضبط أخلاقيات الطب والصيدلة وطب الأسنان لم يتغير منذ 1992، واليوم نشهد انترنت عالية التدفق، ومواقع التواصل الاجتماعي متعددة، والجميع يستخدم هذه الشبكات، ولهذا فالأمر في حاجة لعملية ضبط حسبه.
من جهة أخرى أوضح مرابط بأن مديريات الصحة بالولايات والمستشفيات العمومية ملزمة بأن تكون حاضرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولها صفحات رسمية لتقديم معلومات للمواطنين، ولكن الترويج لعمل الأطباء يمنعه القانون، كما يمنع الترويج للأدوية والمكملات الغذائية، وكذا الترويج للعيادات الخاصة جراحية كانت أو غير جراحية، كما يمنع الترويج للحجامة و استخدامها داخل العيادة مهما كان الاختصاص الطبي، ودعا إلياس مرابط السلطات العمومية إلى إصدار قوانين تنظم العملية وسد النقائص المسجلة في هذا المجال.
فوضى اللافتات شكل آخر من التجاوزات المنافية لأخلاقيات الطب
من التجاوزات المنافية لأخلاقيات مهنة الطب التي يرتكبها بعض الأطباء الخواص والعيادات الخاصة عدم احترام مقاييس وضع اللافتات التي تعرف بالطبيب واختصاصه أو العيادة، مما فتح المجال لوضع لافتات بأنواع وأحجام مختلفة تجاوز بعضها المترين، إلى جانب تثبيتها في أماكن غير مدروسة، حيث شوهت هذه اللافتات صور المدن.
ودعا أطباء في اليوم الدراسي المذكور إلى ضرورة ضبط أمر وضع اللافتات التي يجب أن تكون وفق مقاييس معينة، وأوضح في هذا السياق مدير الصحة والسكان لولاية البليدة شريف طاحي بأن قوانين أخلاقيات الطب واضحة فيما يخص وضع اللافتات من طرف الأطباء الخواص، وقال أن هذه اللافتات يجب أن تكون وفق مقاييس محددة، مضيفا بأن مصالحه ستعمل بالتنسيق مع المجلس الجهوي لأخلاقيات الطب لإلزام العيادات الطبية على احترام المقاييس في وضع اللافتات وإزالة تلك التي لم تحترم فيها المقاييس خصوصا من حيث الحجم ومواقع تثبيتها.
تسعيرة الفحص الطبي لم تتغير منذ 40 سنة
من جهة أخرى تحدث رئيس المجلس الجهوي لعمادة الأطباء بالبليدة الدكتور ياسين تركمان عن تسعيرة الفحص الطبي في القطاع الخاص والتباين المسجل بين الأطباء في تطبيق التسعيرة، وأوضح بأن تسعيرة الفحص في القطاع الخاص يضبطها القانون، مشيرا إلى أن هذه التسعيرة لم تتغير منذ 1986، حيث حدد سعر الفحص لدى الطبيب العام بـ 50 دينارا، و100 دينار تسعيرة الفحص عند الطبيب الأخصائي، مضيفا بأن المشرع لم يغير التسعيرة، مما جعل الأطباء يطبقون تسعيرات جديدة وفق القدرة الشرائية، مشيرا إلى أن تسعيرة الفحص عند الأخصائي اليوم في معدل متوسط يقدر بـ 2000 دينار والطبيب العام بـ 1500 دينار، و قال أنه في حالة تسجيل زيادة قليلة عن هذا المعدل لا يتدخل مجلس أخلاقيات الطب، لكن عندما تكون الزيادة كبيرة عن المعدل المحدد يتدخل وقد يؤدي إلى تنفيذ عقوبات على العيادات المخالفة التي قد تصل إلى الغلق، باستثناء إذا كانت هذه الزيادة مبررة بأشعة أو غيرها.
ن ع  

الرجوع إلى الأعلى