21 سنة في الأعمال التطوعية الخيرية برؤى استشرافية
21 سنة من النشاط التطوعي و أعمال متواصلة أورثها الوالدان لابنهما الذي لم يمل و لم يكل على مدار عقدين من السعي لإسعاد الآخرين، إنه السيد رفيق بوريش، إطار شاب  بإحدى المؤسسات الإنتاجية متخصص  في التسويق «ماركيتينغ»، يشكل حالة من الحالات الاستثنائية للعمل التطوعي في المجتمع، كونه يعمل و يجتهد ليساعد و يسعد الناس.

 عقدان من العمل التطوعي

رفيق بوريش تحدث للنصر عن مسار عقدين من التطوع قائلا «بدايتي كانت منذ الصغر، لقد نشأت في بيت يقوم فيه الوالدان بأعمال خيرية تطوعية، فغرسا في الرغبة في هذا النشاط و العديد من السلوكيات الإنسانية و التضامنية. على مدار عقدين من الزمن اكتسبت خبرة معتبرة،  سمحت لي بإنتاج أفكار جديدة لدعم مساري. إن  بدايتي الفعلية كانت انطلاقا من الجامعة، كنا في إضراب طال أمده وتوقفت كل الدروس في الجامعة،  ففكرت في إنجاز عمل ما، فاقترحت أن يجمع الطلبة أكياس حليب لتقديمها لنزيلات دار الفتيات المسعفات في مسرغين، وقمت مع بعض الطلبة بتجسيدها على أرض الواقع، وبعد تحقيق النجاح ارتفعت معنوياتي  وبدأت مسيرة العمل الخيري».
و سألنا محدثنا عن بعض الأعمال الأخرى التي تمكن من تجسيدها و بقيت راسخة بذهنه ، فرد « هناك  عمل لا يزال في ذاكرتي و هو تجديد حمام الفتيات المسعفات المعاقات اللائي كن يعانين كثيرا من أجل الاغتسال، لقد كان الحمام الموجود في الدار بعيدا عن مرقد هؤلاء الفتيات وكانت المعاناة كبيرة، ففكرت في استغلال فضاء كان مهملا و كان قريبا من المرقد، و فعلا بفضل مساعدة بعض الزملاء، تمت إعادة تهيئة و تأثيث الفضاء وتحويله إلى حمام يليق بهؤلاء الفتيات من ذوي الإحتياجات الخاصة. علما بأنني أعكف حاليا بمعية بعض الأصدقاء على تهيئة فضاء للعب لفائدة الأطفال المسعفين الذين كانوا محرومين من مكان للترفيه و اللعب داخل المركز الذي يأويهم. كما أصلحت بفضل أحد المحسنين، شبكة الكهرباء بمركز جنوح الأحداث الخاص بالفتيات.

تعليم المسعفين حرفا يسترزقون منها

و بخصوص مشاريعه الخيرية الأخرى قال بوريش «لا أريد أن أحصر الأعمال الخيرية في تقديم بعض الأكل أو الألبسة أو معدات للمحتاجين مثل الفتيات المسعفات و الأطفال المسعفين و المسنين في دور العجزة وغيرهم. هذه النشاطات أصبحت بالنسبة إلي روتينية، إنني أسعى الآن إلى تطوير أفكار أخرى، منها تقريب المهن والحرف من الفتيات والشبان المسعفين.
البداية كانت مع أحد صانعي الحلويات الذي زار الفتيات في الدار بمسرغين، وجلب معه كل المستلزمات لتلقينهن طرق صنع الحلويات، و سيستفيد الفتيان من نفس التكوين في وقت لاحق، ولن يتوقف الأمر هنا، بل سيشمل عدة مهن يتم حاليا التفاوض مع أصحابها للتطوع و تقريبها من هذه الفئة المهمشة».

جمعية «إيثار» لتقنين الإنتاج و التسويق

 و أكد الشاب المتطوع إلى أن نظرته للأمر بعيدة المدى، حيث أنه يعمل على اكتشاف قدرات هؤلاء الفتيات اليتيمات ومواهبهن لإبرازها ودعمها، حتى تصبح كل فتاة مسعفة حاملة لمشروع ومتمكنة من مهنة لتحافظ على كرامتها في المستقبل و تحميها من العوز خاصة عندما تترك الدار لاحقا، و أضاف بأنه و عندما يتحقق هذا المسعى سيجمع الفتيات في جمعية بشكل قانوني لتأطير عملهن وتمكينهن من استغلال حرفهن إعطاء علامة لمنتجاتهن من أجل تسويقها و يجري التفكير في إطلاق اسم «إيثار» على الجمعية، كما قال رفيق،  مع تدوين أمام العلامة بأن المنتوج لفتاة مسعفة من أجل غرس ثقافة المساعدة الخيرية بطريقة حضارية تصون كرامة الفتيات وتدفع المستهلكين لتفضيل منتوج «إيثار» على منتجات أخرى لتحقيق هدف اجتماعي و تضامني.

مواهب مغمورة تنتظر نقطة ضوء

و عن سؤالنا إذا اكتشف حقا فتيات موهوبات بالمركز، رد المتحدث بالإيجاب و أكد « كلما زرت الدار أجد تحفا فنية من انجاز الفتيات يزينن بها غرفهن وباقي أقسام المركز، لكن كلما سألتهن لماذا لا يضاعفن المجهود وينتجن أكثر،  كان جوابهن «ومن سيرى هذه الأعمال ويقدرها فنحن نعيش في الدار ولا أحد يزورنا؟».
 جملة مؤثرة تركت وقعها في قلبي وهذا ما دفعني للتفكير في تأسيس جمعية تؤطر مواهبهن وتسمح لهن بالاستقلال المالي، وما شدني أيضا موهبة إحدى الفتيات في الرسم التي كانت تكبتها لانعدام الإمكانيات، وبمجرد أن وفرت لها بعض اللوازم انطلقت في تفجير قدراتها الفنية و أعمل على نشر إبداعاتها عبر صفحتي الفايسبوكية للتعريف بها و رفع معنوياتها كلما تقرأ التعليقات، وسأعمل على عرض لوحاتها أمام الجمهور لاحقا .
كما أفكر في إنشاء مكتبة داخل دار الفتيات المسعفات و الأحداث الجانحين، سواء مركز الإناث أو مركز الذكور و أنا الآن أعكف على جمع الكتب وتصنيفها حسب الفئات العمرية، لتسليمها لاحقا إلى المعنيين,

مطعم القلب

و بين المتحدث من جهة أخرى، بأنه يسعى لتجسيد مشروع مميز يسمى في أوروبا «مطعم القلب»، و يعتمد على جمع بعض الفنانين لإحياء حفلات ذات طابع خاص، لتجمع عائداتها لإنجاز فضاء تجاري و تموينه بمواد غذائية يستفيد منها المعوزون و الفقراء  الذين يتم جرد أسمائهم مسبقا في قائمة خاصة، و أيضا تنظيم قافلة للفنانين تجوب مختلف أنحاء الوطن، مما يعني أن «مطعم القلب» سيتواجد عبر عدة أماكن عبر التراب الوطني.

مواقع التواصل تسهل و تسرع العمل التطوعي

الشاب رفيق بوريش اعترف من جهة أخرى بأن مواقع التواصل الإجتماعي تساهم في تسهيل العمل التطوعي، كما تساهم ، حسبه،
في ترقية المجتمع، و اسمها يدل على ذلك، مؤكدا أن مفعولها سريع كذلك لتحقيق الاستجابة و التجاوب.
و أضاف»مثلا أنا أستعين كثيرا بالفايسبوك لإطلاق عدة نداءات مساعدة، مثلما أفعل حاليا، حيث توجهت بنداء إلى كل قاعات الرياضة التي تستطيع إدماج بعض الفتيات المسعفات في برنامج التدريبات الأسبوعي وأنتظر الرد، وخلال العطلة الربيعية قمت بنقل العديد من هؤلاء الفتيات لمشاهدة أفلام ورسوم متحركة عبر الشاشة العملاقة في مركز الإتفاقيات وواجهت عائقا وهو النقل، وبمجرد إطلاقي لنداء بهذا الخصوص استجاب أصدقائي وساعدوني بسياراتهم رغم ارتباطاتهم».
و بخصوص تقييمه لعمليات التطوع في بلادنا قال بأن هذه الأنشطة لصالح المجتمع تتضاعف يوميا بفضل المجموعات الشبانية التي أضحت تبادر بعدة نشاطات وساعدها الترويج عن طريق الشبكات الإجتماعية، مما سهل التواصل، لكن أصبح الأمر موضة،حسبه، مما فسح المجال لبعض الدخلاء الذين يتخذون من الأعمال الخيرية مطية لتحقيق أغراضهم.
 و استدرك «هذا لا ينقص من الفعل التطوعي الذي بفضله تمت مساعدة العديد من الفئات الهشة في المجتمع، لكن يتطلب الاستمرار في النشاط التطوعي مساعدة المحسنين ، بالنسبة إلي فإن مساعدة المسؤولين أعطتني دفعا قويا ، لقد فتحوا لي الأبواب وسهلوا علي المهام».  

  هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى