الفضاءات الفوضوية لبيع و تناول المثلجات تغزو وسط  قسنطينة
انتشرت هذه الصائفة بقسنطينة، نقاط فوضوية لبيع و تناول المثلجات بوسط المدينة و على مستوى بعض محلات الأكل السريع و المقاهي، حيث استغل كثير من التجار مداخل محلاتهم والأرصفة المحاذية لها، لوضع آلات صناعة المثلجات و العصائر، والملاحظ أن هذه المرطبات، تلقى إقبالا كبيرا  رغم ظروف عرضها، إذ يصطف لأجلها العشرات من الزبائن و بالأخص النسوة، اللائي يتخذن من الحجارة المتواجدة عند مدخل شارع 19 جوان مكانا للجلوس و تناولها، فيما تفضل أخريات حملها و مواصلة التجوال في الشوارع تحت درجات حرارة تفوق 40 بالمقابل تعرف الفضاءات والصالونات المخصصة لاستقبال العائلات عزوفا من قبل المواطنين بحجة غلاء الأسعار، التي تتراوح بين100إلى 200دج لكرة المثلجات الواحدة.
روبورتاج / أسماء بوقرن
لطالما كانت فضاءات تناول المثلجات المقصد المفضل و البديل الوحيد للعائلات القسنطينية لمجابهة حرارة الصيف  في ظل انعدام مرافق الترفيه الأخرى، وبالنظر لما توفره هذه الفضاءات من خدمات  إلا أنها  تعرف هذا الموسم  نوعا من العزوف، حسب ما لاحظناه خلال زيارتنا لعدد منها  كساحة «الثورة» التي كانت القبلة رقم واحد لسكان المدينة خاصة في الفترة المسائية نظرا لتواجدها بقلب المدينة و لشساعة مساحتها التي تتسع لعدد كبير من الأسر، فقد كانت تستقبل في سنوات مضت، أكثر من 100 عائلة حسب ما أكده مسير الفضاء الشاب طه، ليتراجع العدد هذه الصائفة إلى نحو 5 عائلات و قليل من الشباب،  و هو ما وقفنا عليه فعليا خلال تواجدنا في المكان، و حتى تلك الفضاءات العائلية الموجودة على مستوى المراكز التجارية «كالرتاج مول و لاكوبول»، و التي تتوفر على شروط الراحلة من مقاعد و كراس و مكيفات، يعد الإقبال عليها محدودا و ينحصر في فئة الميسورين من الشباب و للعائلات، بالنظر إلى تكاليف خدماتها، فالجلوس في أحد هذه الصالونات، يستوجب إنفاق مبلغ 1000 دينار على الأقل، و هو ما وقفنا عليه خلال زيارتنا لها، فما يعرض في هذه الأماكن من مثلجات يعد نوعيا و يختلف عن الأصناف التقليدية      « كريبوني» أو تلك الأنواع المعلبة الجاهزة، إذ تحضر أصناف الأيسكريم مسبقا، و تتعدد أذواقها و تختلف بحسب أنواع الفواكه و المكسرات و الشكولاطة، كما أن منها أصنافا مشهورة عالميا كعلامة     « جيلاتو».
 و خلافا لما يباع على الأرصفة بشكل عشوائي، فإن المثلجات في هذه الأماكن، تحفظ في ثلاجات شفافة و نظيفة و تعرض بشكل لافت و تقدم للزبائن داخل كؤوس زجاجية أو بلاستيكية، على شكل كريات سعر الواحدة 200 دينار، كما تقدم في هذه الفضاءات كذلك، مختلف أنواع العصائر بأذواق متنوعة و بأسعار تفوق 450 دينارا للمشروب، وهي أسعار لا تتناسب مع دخل الكثيرين.
السوربيه أو السلوتش جديد محلات المرطبات

ووجدت الغالبية من الناس ضالتها في محلات الأكل السريع و الحلويات و  بيع المواد الغذائية و المقاهي، خاصة على مستوى شوارع وسط المدينة، التي تعرف حركية تجارية كبيرة  كشارع العربي بن مهيدي « طريق جديدة» و 19 جوان « رود فرانس» و شارع عبان رمضان، و التي وفرت محلاتها هذا الموسم خدمة بيع مثلجات الآلة « كريبوني»، لاستقطاب الزبائن، وقد علمنا من أحد التجار، بأن الإقبال المتزايد عليها يغطي نفقات تجهيز المحل الإضافية، و التي تختلف باختلاف نوع الآلة، فأسعار المعدات القديمة أو المستخدمة تراوح بين 40 إلى 60 مليون سنتيم، أما تكلفة الآلة الجديدة فتقدر بـ 120 مليون سنتيم، ويناهز سعر كرائها لموسم الصيف 12 مليون سنتيم، مع ذلك فقد لاحظنا بأن الكثيرين قاموا باقتنائها هذا الموسم و وضعوها عند مداخل المحلات أو على الأرصفة في حين اهتدى آخرون إلى بيع أنواع جديدة و غير تقليدية، مثل الأيسكريم المثلج  أو ما يسمى «بالسوربيه أو السلوتش»، و الذي أصبح واسع الرواج نظرا لسعره الذي لا يتعدى 100دج، و لكونه غنيا بالماء و لا يختلف ذوقه عن ذوق العصائر و المشروبات الغازية.   
و يعرف هذا المنتج، إقبالا لافتا  للمواطنين و بالأخص السيدات اللواتي يقصدن المدينة للتسوق، حيث يلجأن لهذه النقاط للتخفيف من لهيب الحر بالرغم من أنها لا تتوفر في الغالب على أماكن للجلوس، ما أفرز بالمقابل فضاءات عشوائية للأكل، إحداها على مستوى شارع 19 جوان و بالضبط عند النقطة التي تربط الشارع بساحة سي الحواس و القصبة  وهو مكان يتوفر على حجارة عريضة، حولها المارة إلى كراس يشغلونها لتناول المثلجات و بالأخص النساء، إذ قابلنا في المكان عددا كبيرا منهن رفقة أبنائهن يحملون أقماع المثلجات و أكواب السوربيه، فيما تستغل أخريات السلالم و الأرصفة كأماكن للراحة، و تفضل سيدات وفتيات السير حاملات أقماع المثلجات، رغم حرارة الشمس التي كثيرا ما تتسبب في تحول هذه المرطبات إلى وسط لالتقاط الميكروبات و تكاثر البكتيريا، ناهيك عن تلك الصورة السلبية و غير اللائقة التي يعكسها تجول النساء في الشوارع في هذه الوضعية.
محلات أحذية تبيع المثلجات أيضا !
و اللافت خلال جولتنا، أن بعض محلات بيع الأحذية بوسط المدينة حولت نشاطها لبيع المثلجات، حيث جهزها ملاكها بكراس وطاولات بلاستيكية و وضعوا آلات السوربيه و المثلجات على الرصيف، و هو ما وقفنا عليه بسوق حي الدقسي عبد السلام، أين لاحظنا تزايد هذا النوع من المحلات، التي تعج بزبائن وجدوا فيها ملاذا يقيهم من حرارة الشمس.  وعن السبب وراء تغيير نشاطاتهم التجارية قال بعض من تحدثنا إليهم من باعة، إن عائدات بيع المثلجات تفوق بكثير مداخيل بيع الأحذية  لذلك عمد أغلبهم إلى كراء آلات الأيسكريم بسعر يتراوح بين 8 إلى 12  مليون سنتيم، لغرض امتهان بيع المرطبات صيفا، علما أن جل من حدثناهم، رفضوا الخوض في موضوع قانونية تغيير النشاط و حيازة الرخص اللازمة لذلك.
مكوّنات مجهولة  و النظافة الغائب الأكبر
حاولنا خلال زيارتنا لمحلات بيع المثلجات، الوقوف على طريقة و شروط تحضيرها، غير أننا لم نتمكن من الاطلاع عليها، و منعنا من الدخول، لكن بعض الباعة النظاميين الذين حدثناهم، أكدوا بأن غالبية المحلات الفوضوية لا تلتزم بشروط الحفظ و النظافة، كتنظيف دلو التحضير و كذا الآلة التي يتوجب غسلها يوميا، نظرا لتراكم الأوساخ و مخلفات الأيسكريم بداخلها، ما قد يؤدي للإصابة بالتسممات و غيرها من الأمراض، في المقابل سألنا إحدى السيدات، عن ما تحتويه هذه المثلجات و إن كانت على دراية بشروط تحضيرها، فأبانت عن عدم اكتراثها  مكتفية بالقول، بأن ما يهمها هو التخلص من العطش و الاستمتاع بالمذاق.
نقلنا سؤالنا إلى عدد من الباعة لمعرفة طريقة تحضيرها،  فرفض البعض الإجابة بحجة أنهم مسؤولون عن البيع فقط، و لا علم لهم بتفاصيل التحضير، بالمقابل اكتفى آخرون بذكر المكونات فقط، وقال بائع على مستوى شارع 19 جوان ، بأن الأيسكريم، يحتوي على كمية من الماء و البودرة التي تعوض مادة الحليب، بالإضافة إلى السكر و النكهات و كذا ملون غذائي و قليل من الفانيلا، أما النوع الثاني و المعرف بـ «لاقلاص» فيحضر عن طريق مزج الماء و حمض السيدريك و الليمون و منكه غذائي، و ذلك لا يتعدى سعره 50 دينارا، سواء بالنسبة للأقماع أو الأكواب،  أما تحضير السوربيه، فيعتمد على العصير كمادة أساسية مع إضافة أي نوع من الفواكه حسب الذوق، بالإضافة لملون غذائي، موضحا بأنه لا يشترط في تحضيريه وضع مقدار معين من الملون، و إنما تتم إضافته إلى غاية الحصول على اللون المطلوب مضيفا، بأن هذا المشروب أصبح ينافس المثلجات لكونه غنيا بالماء و منعشا، فيما قال بائع آخر بالقول، بأن تحضيره لا يختلف عن تحضير «الفلاش».  
حجز 5 كلغ من المثلجات  لا تتوفر  على شروط الحفظ

وحسب رئيس مصلحة المراقبة و قمع الغش بمديرية التجارة لولاية قسنطينة، عبد الغاني بونعاس، فإن مصالحه قد قامت خلال السداسي الأول من السنة الجارية،  بـ 35 تدخلا ، حررت على إثرها  4 محاضر مع حجز 5 كيلوغرام من المثلجات، لعدم توفرها على شروط التبريد. مشيرا إلى أن بيع هذا المنتج، مقتصر على المحلات المختصة في تحضير العصائر و المثلجات و مشتقات الحليب، و يعد نشاطا محظورا على محلات الإطعام السريع التي يسمح لها فقط ببيع المنتجات الجاهزة و تعد مخالفة هذا القرار إخلالا بشروط السجل التجاري وهو سلوك يترتب عليه الغلق.
و أكد ذات المصدر، بأن مصالحه تحرص دوريا على مراقبة مدى احترام المحلات لشروط تحضير المثلجات، من خلال اقتطاع بعض العينات و مطابقتها.  
أخصائية التغذية بخوش فريدة
هذه الأخطار الناجمة عن تناول المثلجات
حذرت أخصائية التغذية فريدة بخوش، من استهلاك المثلجات التي تحضر دون توفر أدنى شروط النظافة و دون الالتزام بالمقادير و سلسلة التبريد،  موضحة بأن أشخاصا كثرين يجهلون ما قد ينجم عن تناولها من أخطار تظهر أعراضها في ظرف زمني يتراوح بين 24 إلى 48 ساعة خاصة المثلجات التي تدخل مادة الحليب الطازج كعنصر أساسي في تحضيرها، ما يجعل منها وسطا مناسبا لتكاثر نوعين من البكتيريا، في حالة عدم توفر شروط التبريد و الحفظ، أولهما بكتيريا «السلمونيلا»، التي تسبب التسممات الغذائية، و ثانيهما « الأفيلوكوك» المسببة لالتهاب اللوزتين.
 و بخصوص المثلجات المعلبة فقد أوضحت، بأن أخطارها أكبر لأنها تتعرض للتلف عند انقطاع التيار الكهربائي لكن الكثير من التجار يعيدون تجميدها و يعرضونها مجددا للبيع،  و هو ما يشكل خطرا كبيرا على صحة المستهلكين، مشيرة إلى أن الكثير من صانعي المثلجات أصبحوا يستبدلون الحليب بالماء و بودرة مخصصة للمثلجات، و هي في اعتقادها طريقة مثلى، نظرا للخطورة الناجمة عن استعمال الحليب دون احترام شروط حفظه، معتبرة بأن، المثلجات التي تباع جاهزة أفضل من المعلبة. أما بخصوص الملونات الغذائية التي تضاف للأيسكريم و السوربيه  فقالت، بأن أخطارها كبيرة، لأنها لا تهضم بل تترسب في جسم الإنسان و تسبب الإصابة بالسرطان كما تؤثر بشكل كبير على وظيفة الكلى.                  
أ.ب

الرجوع إلى الأعلى