نزلت نهاية الأسبوع بقصر المعارض الصنوبر البحري، عديد الشركات الوطنية و الأجنبية المتخصصة في صناعة الأثاث و الديكور بثقلها، في الطبعة الثانية لفعاليات المعرض الجزائري للأثاث و مستلزمات التأثيث بعرض غرف نوم تحاكي  قصص ألف ليلة و ليلة، و مطابخ عالمية أسالت لعاب الكثير من السيدات اللائي وقفن لفترة طويلة يتأملن جمال الديكور و دقة تفاصيل أبدع الصانعون في إخراجها للواقع.
معرض الأثاث و إن لم يلق الإقبال المنتظر في ظل استحواذ الصالون الدولي للكتاب سيلا 2019 على أغلب الزوار بالرغم من أنهما في نفس المكان و تم افتتاحهما في نفس اليوم، إلا أن البعض قد زاره بحثا عن الجديد في مجال الأثاث و الديكور الذي أصبح يشغل الجزائريين بنسبة كبيرة، و هم يحلمون بامتلاك صالونات تركية، مصرية، سورية أو أوروبية، و  أملا في الإستفادة من جملة التخفيضات التي أعلنتها الجهة المنظمة وهي  شركة «إن بلوس» و العارضون و التي تصل حتى 30 بالمائة على بعض المنتوجات.
النصر زارت المعرض، و وقفت على ما احتواه الجناح من منتوج   متنوع . و بين الحضور الأجنبي الذي بدا قليلا و مثله منتجون إيطاليون، مصريون و سوريون، سيطرت الصناعة الجزائرية، بشركات فتية اقتحمت مجال تصنيع الأثاث بعد أن تقرر فرض رسومات عالية على المنتوج المستورد، مما فتح المجال أمام هؤلاء خاصة في مجال صناعة الصالونات و غرف النوم.
الصالونات تسيطر على اهتمام الجمهور
و إن تنوعت منتوجات المعرض بين تجهيز المكاتب، قاعات الحفلات، دور الحضانة، الحمامات، الحدائق و كذا الستائر و الكراسي، إلا أن اهتمام من الزوار كان منصبا حول المطابخ الجاهزة التي احتكرت جزءا مهما من المعرض و كذا الصالونات، حيث   تجمعوا أمامها محاولين الاستفسار عن الأسعار، و المقاسات و كذا التصاميم، و التي وصفتها إحدى السيدات بالرائعة، و قالت بأنها تليق بالمرأة الجزائرية.
أما بالنسبة للصالونات و التي اختلفت أسعارها بحسب التصميم و نوعية الخامات المستخدمة في إنتاجها، فقد أسالت لعاب الكثيرين خاصة و ممثلي الشركات الذين  يسعون لإبراز مميزاتها و عرض تصاميم جديدة آخر صيحة، مع الامتيازات التي يمكن أن يحظى بها الزبون،  خاصة في مجال الأسعار التنافسية مقارنة بالمنتوج الأجنبي الذي ارتفع سعره بنسبة أكبر بحسب ما صرح به ممثل عن شركة  «موبيس» لصناعة الصالونات و غرف النوم، و الذي أكد أن لصناعة الأثاث بالجزائر اليوم و غدا مستقبل واعد، خاصة مع زيادة الطلب و توق الزبون الجزائري على الدوام للبحث عن الجديد.
التركيب تحت مسمى التصنيع
يبدو أن وصول المنتج الجزائري لصناعة 100 بالمائة جزائرية مازال أمرا بعيدا نسبيا، واقع تعكسه سياسة شركات عديدة في مجال صناعة الأثاث و مستلزماته بالجزائر، و بحسب تأكيد المسيرين الذين أجمعوا على أنها تسمى صناعة جزائرية فقط،  فيما يتم استيراد كل شيء من الخارج جاهزا،  و ما يتم في الجزائر هو التركيب و أحيانا الجزئي فقط، مثلما تؤكده السيدة زدور أحلام مسيرة مطابخ "إكسينا" الألمانية بتلمسان، و التي تقول، أنه و بعد أن كانوا ممثلين عن الشركة العالمية بالجزائر و يبيعون منتوجاتها المستوردة جاهزة، فقد تحولوا بفضل قرار رفع الرسوم على المنتج المستورد إلى الصناعة، و التي تبقى بنظرها جزئية في ظل استيراد كل شئ، حتى الخشب المستعمل.
و أوضحت السيدة طيار دليلة مسؤولة التسويق لدى شركة "سيموديكو" الجزائرية، أنها وجدت مساحة مهمة للنشاط في مجال صناعة الكراسي و الطاولات و كل ما يتعلق بتجهيز المطاعم، المكاتب، قاعات الألإراح و دور الحضانة، و بالرغم من أن المواد الأولية في أغلبها مستوردة، إلا أن ذلك سهل من مهمة المصنعين في إخراج قطع لمستهلك يبحث عن النوعية و السعر في آن واحد.
الأسعار نقطة قوة الصناعة المحلية
أجمع بعض العارضين ممن تحدثت إليهم "النصر" في فعاليات صالون الأثاث، على أن المنتوج الجزائري اكتسب ثقة الزبون الذواق الباحث عن التميز و الأناقة، مع تحقيق معادلة الجودة و السعر، حيث قالوا أنه و بفضل اعتماد تصاميم عصرية و آلات متطورة في صناعة الأثاث، فإن المصنع بات يقدم منتوجا مميزا يرقى إلى طموح المستهلك الجزائري الذي اصبح ملما بكل تفاصيل الأثاث العصري و الجيد بفضل الانفتاح على العالم.
و على الرغم من أن الغش موجود لدى بعض المنتجين ممن يغشون في الخامات المستعملة، مثل الخشب أو القماش و يقومون بحشو الصالونات بالبلاستيك عوضا عن الإسفنج، إلا أن آخرين يحاولون اكتساب ثقة الزبون بخدمة راقية و أسعار تنافسية مغرية، خاصة في مجال الصالونات التي وصل سعرها إلى 40 ألف دينار بجودة عالية، في مقابل 30 مليون سنتيم لصالون سوري الصنع، الأمر الذي يجعل الزبون يفضل المنتوج الجزائري على الأجنبي، خاصة و أنه يرغب في تجديده بعد فترة مثلما قالت سيدة ألتقيناها هناك.
مطابخ تصل كلفتها إلى 200 مليون سنتيم
و في ما يتعلق بصناعة المطابخ، فعلى الرغم من توفر البدائل على المستوى الوطني، إلا أنها لم تبلغ بعد تطلعات المستهلك المحلي، حيث قال بعض من تحدثنا إليهم أن الصناعة الجزائرية في مجال صناعة المطابخ ما تزال ناقصة، و أنه و بعد تركيب المطبخ بفترة قصيرة يبدى في التحطم و يتعرض للتخريب، دون أن يتمكن صاحبه من تصليحه، مما يجعله يخسر مبالغ مالية هامة مقابل لا شيء، مثلما قال السيد  علي الذي كان أحد زوار المعرض، الأمر الذي يجعل الجزائريين يفضلون المنتوج الأجنبي و إن كان غالي الثمن.
حقيقة أكدتها مسيرة شركة *إكسينا* السيدة زدور أحلام التي قالت و بحكم تعاملها مع الزبائن، أن الجزائري ذواق و يفرق جيدا بين النوعية الجيدة و الرديئة، مضيفة أن عمل المرأة اليوم و استقلالها المالي جعلها تساهم بنسبة كبيرة في تجهيز بيتها و لا ترفض دفع مبلغ كبير من أجل مطبخ راقي، و أضافت أن النساء يحبذن هذا النوع من المطابخ قائلة أنهن يقصدن الشركة طلبا لمطابخ تشبه مطابخ القناة المحلية *سميرة*، و لا يناقشن السعر، علما أن أسعار المطابخ المحلية إن صح التعبير تبدأ من سعر 30 مليون سنتيم إلى غاية 60 مليون، بينما يصل سعر المطبخ الأجنبي الألماني 200 مليون سنتيم.
التخفيضات..  بين الحقيقة و الوهم
حملت الطبعة الثانية للمعرض الجزائري للأثاث شعار تخفيضات مغرية تصل حتى 30 بالمائة، فيما رفع عارضون إلى سقف 40 بالمائة، حقيقة لم نلمسها ونحن نستفسر عن الأسعار التي كانت مرتفعة نسبيا بالنسبة للمنتوج المحلي، مقارنة بمثيلتها على مستوى الأسواق، أو ما يتم عرضه و تسويقه عبر شبكة الإنترنت، و وصف زوار الأسعار بالعالية، وقالوا أنه و بالرغم من تغني العارضين بالتخفيضات، إلا أنها تكاد تكون كذبة جعلت الغالبية الساحقة تكتفي بالنظر و تغادر المعرض خاوية اليدين.
و في انتظار تحقيق صناعة جزائرية 100 بالمائة، و تحقيق معادلة السعر و الجودة، يبقى المنتوج الأجنبي ينافس المحلي مهما فرضت من غرامات و ضرائب، في ظل ارتفاع سقف مطالب زبون يصفه المنتجون بالذواق.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى