عجائن تقليدية بأيدي ماكثات بالبيوت في رفوف المحلات

تمكنت ربات بيوت من فرض منتوج تجاري جديد في الفضاءات التجارية الكبرى الخاصة ببيع المواد الغذائية بقسنطينة، يتمثل في عجائن تقليدية كتريدة الطاجين، الرشتة، العيش، البغرير، و المشلوش، كسكس شعير، القريتلية، و غيرها محضرة بطريقة تقليدية تخلو من المواد الصناعية، و معلبة داخل أكياس شفافة تحمل وسم يعرف بالمنتوج، حيث تلقى رواجا كبيرا من قبل الزبائن، و تحولت لمصدر دخل أسر.

 ربورتاج / أسماء بوقرن

نجحت حرفيات في خلق نشاط تجاري، قائم على تحضير منتوجات تقليدية تتمثل في العجائن التقليدية، و استطعن فرض علاماتهن في السوق، بإمكانات بسيطة، و مكونات متوفرة، حيث حولن مطابخهن إلى ورشات لتحضير مختلف أنواع العجائن التقليدية  لتوزيعها على الفضاءات التجارية «السوبر ماركت»، حيث لاحظنا خلال جولتنا بعديد الأسماء التي تتنافس من أجل فرض وجودها، لتوسيع نشاطها، حيث تعد المدينة الجديدة علي منجلي حقلا خصبا للترويج عبر فضاءاته التجارية لمنتوجاتهن، و ذلك نظرا للتوسع العمراني و التجاري  الذي تشهده المدينة، و كذا لاستقطابها زبائن من خارج علي منجلي و الولاية، و هو نشاط ما يؤمن عيشا كريما للماكثات بالبيوت، كما يخفف مشاق الحياة خاصة على الموظفات اللواتي لا يسعهن الوقت لتحضيرها.
و قد لاحظناه خلال جولتنا بفضاءات «السوبر ماركت» الموجودة على مستوى المدينة الجديدة علي منجلي، مختلف العجائن التقليدية التي تشتهر بها قسنطينة و عدد من الولايات،  معروضة برفوف خاصة، حيث أكد تجار بأنها منتوجات تقليدية مئة بالمئة تخلو من المواد الصناعية،  تحضرها سيدات على الطريقة القديمة، وقال أصحاب هذه الفضاءات التجارية بأنهم يتعاملون بشكل مباشر مع نساء يقطن بالمدينة الجديدة علي منجلي و ديدوش مراد و منهن اللواتي يقطن خارج تراب الولاية، وجدن في الفضاءات الكبرى ما يساعد على رواج منتوجهن بشكل كبير، نظرا للإقبال الكبير الذي تشهده، و يطمحن لتوسيع دائرة نشاطهن، خاصة في ظل زيادة الطلب على هذه المنتوجات، التي لم يعد رواجها، حسب بعض التجار، منحصرا في المناسبات الدينية.
تريدة الطاجين الأكثر رواجا
فعلى مستوى فضاء لالة باية بالمدينة علي منجلي، تُعرض منتوجات تقليدية في رف خاص بالشواط التقليدي، معبأة في أكياس بلاستيكية شفافة بوزن واحد كيلوغرام، و بسعر 350 دينارا، حيث التقينا سيدتين أمام الرف و بيد إحداهما كيس لتريدة الطاجين تتحدثان عن مدى جدتها، وعند استفسارهما  قالت إحداهما بأنها معتادة على شرائها، بمعدل ثلاث مرات في 15 يوما، حيث تقوم باستعمال كمية في اليوم ذاته، فيما تخزن الكمية المتبقية في المبرد لتقدمها للعائلة، بعد تسخينها مع الحليب، أو بتحضيرها بمرق الدجاج كوجبة عشاء، موضحة بأن توفيرها في الفضاءات التجارية الخاصة ببيع المواد الغذائية خفف عنها عبء تحضيرها في البيت، لما يتطلبه ذلك من جهد، في الوقت الذي لم تعد صحتها تسمح لها بذلك.
فيما أضافت سيدة أخرى وجدناها بذات الفضاء التجاري، بأن توفير هذه العجائن في المحلات قدم خدمة كبيرة ليس للموظفات فحسب و حتى للسيدات التي لم يعد السن أو الوضع الصحي يسمح لهن بتحضيرها، في الوقت الذي تشتهي و عائلتها تناولها.
كسكس الشعير و العيش على طريقة الجدات  
عرض العجائن التقليدية لم نجده مقتصرا على تريدة الطاجين، التي أجمع بائعون على كونها الأكثر طلبا، و إنما تعداها لبيع مختلف أنواع العجائن التي تشتهر بها قسنطينة و عديد ولايات الوطن، حيث وضع تجار الرشتة كثاني منتوج يلقى طلبا واسعا، فالبرغم من تخصص عدد من المصانع في تحضيرها و توزيعها، إلا أن المحضرة في البيت تعد الأكثر رواجا، كرشتة «ويناس» تحضرها سيدة حرفية من بلدية عين سمارة ولاية قسنطينة، حسب المعلومات الموجودة في الوسم و الذي يحمل جل المعلومات الخاصة بالمنتوج كالمكونات، الممثلة في الدقيق و الماء و الملح و كذا تاريخ الإنتاج و مدة انتهاء الصلاحية و الوزن و درجة الحفظ، و رقم الهاتف.
نبيع يوميا نحو 25 كلغ من كل نوع من العجائن التقليدية
 قال صاحب فضاء تجاري للمواد الغذائية بعلي منجلي بخصوص فكرة بيعها، بأنها جاءت باقتراح من حرفية مختصة في صناعة الحلويات و تجيد تحضير العجائن التقليدية، حيث كانت تزوده بشباح الصفرا، قبل أن تصبح مصدرا أساسيا لتحضير مختلف أنواع العجائن التقليدية، و أوضح بأنه كان مترددا في البداية بخصوص بيعها خوفا من تلفها في ظرف وجيز، لكونها تتطلب شروطا خاصا في الحفظ و العرض، غير أنه وافق بشرط أن يجد المنتوج قبولا بين الزبائن.
و من شروط عرضها، أضاف ذات المصدر، توفر المنتوج على وسم يحمل معلومات عن المنتوج و المنتج،  لتفادي أي إشكال مع مصالح مديرية التجارة و كذا للحفاظ على صحة المستهلك، حيث بدأ منذ شهر رمضان الماضي في عرضها بكمية قليلة خوفا من تلفها، فتفاجأ بنفاد الكمية بعد ساعات قليلة من بيعها، حيث لم يعد يكتفي بمنتج واحد و إنما أصبح يتعامل مع سيدتين تحضر كل منها أكثر من 25 كليوغراما في يومين، مشيرا إلى أن الزبائن اعتادوا على موعد عرضها، حيث تنفد الكمية بمجرد عرضها في الرفوف، و هو ما أجمع بشأنه بقية التجار الذين تحدثنا إليهم.
القريتلية تعود لموائد قسنطينة
القريتلية من العجائن التي تشتهر بها ولاية قسنطينة، غير أنها غابت عن  موائد القسنطينيين، بالرغم من أنها كانت تقدم في أفراحهم و المناسبات الدينية، غير أن هذا النشاط أعاد سيدات لتحضيرها، منهن السيدة زهرة التي التقيناها بسوبر ماركت بعلي منجلي، قالت بأنها تفاجأت بعرض القريتلية في المحلات، فلم تتردد في شرائها و تحضيرها، لتتذوق كما قالت لذة أطباق الماضي الجميل، حيث كانت كما أوضحت والدتها تحضرها صيفا، ثم تقوم بتجفيفها و تخزينها، لتحضر شتاء، لكنها و بعد زواجها لم تحافظ على هذه العادة لكونها لم تكتسب مهارة تحضيرها عن والدتها.
و قد لاحظنا في عدد من فضاءات بيع المواد الغذائية، عرض مختلف أنواع العجائن، بعلامات تحمل أسماء صاحبة المنتج، كعجائن القريتلية من صنع أيادي سيدة من ولاية قسنطينة اختارت اسم «حلالم وردة» لوسم منتوجها المعبأ في أكياس بوزن 500 غرام و يباع بسعر 330 دينارا، كذلك شخشوخة «أم محمد» من المنتوجات التي أخذت حيزا من رفوف العرض، تباع بسعر 160 دينارا للكيلوغرام، كما تعد منتوجات السيدة أم آلاء من المنتوجات المعروضة، بسعر 300 دينار للكليوغرام الواحد، و هي تقطن بالمدينة الجديدة علي منجلي فضلت إطلاق اسم ابنتها على المنتوج، و كذلك عجائن الرشتة بسعر 110 دينار لأكياس ذات وزن 450 غرام، فيما يقدر سعر الكيلوغرام الواحد 170 دينارا، كما يعد البراج من المنتوجات التقليدية التي أخذت حيزا كبراج «بي سيمو» لسيدة من بلدية ديدوش مراد، كما تعد الكسرة غير مكتملة الطهو من المنتوجات المطلوبة من قبل الزبائن إلى جانب البغرير و سعر القطعة منه 250 دينارا.    
الحرفية صفية كباس
أوزع 25 كيلوغراما في يومين لمحل واحد
صفية كباس حرفية مختصة في صناعة الحلويات التقليدية، قالت للنصر بأنها ربة بيت في العقد الرابع من العمر، متحصلة على شهادة تقني سامي في المحاسبة و كذا على شهادة  في صناعة الحلويات التقليدية و المرطبات من غرف الحرف و الصناعات التقليدية بقسنطينة، تعد من الأوائل الذين لجأوا للفضاءات التجارية الخاصة ببيع المواد الغذائية لبيع منتوجهم، حيث أوضحت بأنها لم تحصر نشاطها في صناعة الحلويات و  فضلت توسيعه لتشمل صناعة العجائن التقليدية التي تحضرها كما قالت بمهارة، حيث كان نشاطها في تحضير العجائن  مقتصرا على زبائنها الذين يقصدنها لتقديم طلبيات بخصوص الحلويات، ليشمل بعدها المحلات، بعد اقتراح فكرة توسيع النشاط على زوجها الذي يعمل بأحد الفضاءات التجارية، و الذي يعود له الفضل كما أعربت في توسع دائرة نشاطها،  مؤكدة بأنها بدأت بتقديم كمية قليلة من تريدة الطاجين و المشلوش و شباح الصفرا، لتصبح اليوم توزع 6 كيلوغرام من شباح صفراء في اليوم، و 30 كيلوغرام من تريدة الطاجين، بمعدل مرتين في الأسبوع، مؤكدة بأنها لاقت طلبيات عديدة من أصحاب «سوبر ماركت» غير أنها لم تتمكن من تلبيتها، و كذا من زبائن اتصلوا بها هاتفيا عبر الرقم الذي تضعه في الوسم، موضحة بأنها تحضر لإطلاق مشروع إنجاز ورشة خاصة بتحضير العجائن، و توظف سيدات تمتلكن مهارة تحضيرها، مؤكدة بأنها تحقق دخلا معتبرا يؤمن حاجياتها.
أوزع عجائن تقليدية على ثلاث ولايات و أوظف 10 سيدات
رضا بوقاقة في الخمسينات من العمر، من ولاية ميلة، يساهم في تزويد المحلات بهذه العجائن التقليدية، من خلال منتوجاته التي أسماها بمنتوجات وصال التقليدية، قال للنصر بأنه لاحظ وجود عديد السيدات ينشطن في تحضيرها، فأراد أن يكون حلقة وصل بينهن و بين أصحاب المحلات و الفضاءات التجارية الكبرى الخاصة ببيع العجائن التقليدية، فتواصل مع سيدات يحضرن الكسكس التقليدي بالاضافة إلى كسكس الشعير و كذا الكسكس الأبيض  و البركوكس أو العيش و «شخشوخة السيار» و كذا شخشوخة «الظفر» و التي تعلب في أكياس بوزن 450 غراما و 500 غرام و واحد كيلوغرام، حيث يقدر سعر العيش أو «محمصة تقليدية» 950 دينارا، و هو محضر بالقمح الصلب فيما يقدر سعر شخشوخة السيار ذات وزن 500 غرام 150 دينارا.
 و أكد بأنه يتعامل مع 10 نساء تقطن بولاية ميلة، حيث يقوم بجمع الكمية التي يحضرنها ليعيد تعليبها و توزيعها على محلات بكل من ولاية قسنطينة ميلة و جيجل، مؤكدا بأن النشاط يعرف ازدهارا و توسعا كبيرا و ساهم في تحسين الوضع المعيشي لعديد الأسر، خاصة الأرامل اللواتي يعانين ظروفا اجتماعية صعبة.
أ ب

الرجوع إلى الأعلى