بنـــاء اقتصــــاد منتـــــج والشفافية شرطان  للقضاء على الســــوق الموازيــــة
يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، في هذا الحوار المقتضب مع " النصر" أن امتصاص السوق الموازية والحد من توسعها وطغيانها مرتبط ارتباطا وثيقا بتحقيق اقتصاد سوق حقيقي مبني على الإنتاج والإنتاجية، وأيضا على شفافية السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة ووضوحها.

النصر: أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قبل أيام أن ما يدور في السوق الموازية من أموال يتراوح بين 80 إلى 90 مليار دولار ووجه الحكومة إلى العمل من أجل امتصاص ولو جزء معين من هذه الكتلة وإدخالها في الاقتصاد الحقيقي، برأيكم ما هي المسببات الحقيقية لتوسع السوق الموازية بهذا الشكل؟
 الخبير عبد الرحمان مبتول: في الواقع إن أساس السوق الموازية هو ضعف ونقص تنظيم الاقتصاد في أي بلد كان، والسوق الموازية تكمل السوق الحقيقية في مجال  خلق مناصب الشغل، عندما لا تكون الدولة قادرة على توفير مناصب الشغل لكل طالبيه حيث يزداد العرض والطلب.
وفي الحقيقة فإن السوق بصورة عامة هي من يتحكم في السوق الموازية، ومن بين الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى توسع السوق الموازية أيضا هو عندما تضع الدولة قوانين لا تتماشى و مستوى المجتمع وقدراته فيهرب الناس نحو السوق الموازية، كما تساهم الإشاعة كذلك وضعف الاتصال من قبل الحكومات في ظاهرة السوق الموازية.
 تعمل السلطات العمومية منذ سنوات من أجل امتصاص جزء من الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية وإدخالها إلى السوق الحقيقية، ما هي أحسن الطرق لتحقيق هذا الهدف و التقليص تدريجيا من حجم السوق الموازية؟
 أولا لا بد من التنبيه إلى أنه لا يمكن محاربة السوق الموازية مع خفض قيمة العملة الوطنية على مدى سنوات معينة- سنتين أو ثلاثة مثلا- لأن ذلك يدفع الناس إلى شراء العملة الصعبة وانتظار ما سيؤول إليه الوضع بعد ذلك ويخلق لديهم مخاوف عديدة.
و إذا عدنا مثلا إلى اعتماد الصيرفة الإسلامية فقد يكون ذلك حلا جزئيا لكنه لن يعطي نتائج كبيرة في اعتقادي، وعليه يمكنني القول إن الحل لهذه المعضلة لابد أن يكون سياسيا، بمعنى توفر إرادة العمل من أجل بناء اقتصاد وطني قوي وسوق حقيقية ترتكز على الإنتاج والإنتاجية وقد تكلم رئيس الجمهورية عن هذا منذ انتخابه وفي عدة مناسبات.   الحالة الاقتصادية للجزائر تشبه الحالة الايطالية، هذا البلد عانى لمدة عشرين سنة من السوق الموازية لكنه تمكن من التقليل منها إلى حد  كبير ببناء اقتصاد سوق حقيقي، فبدون اقتصاد سوق حقيقي مبني على الإنتاج كما قلت لا يمكننا محاربة السوق الموازية.
 فالمعادلة هنا اقتصادية بسيطة، لما يكون العرض ضعيف والطلب قوي تزداد السوق الموازية لأن المواطن يلجأ إليها لسد احتياجاته التي لا يمكن أن يجدها في السوق العادية.  وهناك أيضا عنصر مهم جدا في هذا الموضوع هو شفافية السياسة الاقتصادية و الاجتماعية، لأنه عندما يلف الغموض التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لدولة ما فإن ذلك يثير مخاوف المواطنين والمتعاملين أيضا ويدفعهم نحو التريث أو اللجوء إلى السوق الموازية، بمعنى آخر لما يغيب الضوء تزداد السوق الموازية.
حاوره: إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى