الأربعاء 30 أفريل 2025 الموافق لـ 2 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

أمام افتقادهم لرؤية لحـل مشاكل المنطقة: انقـلابيو الساحــــــل في حالـــة تخبــــط

يفتقد انقلابيو الساحل لأي رؤية أو مقاربة لإدارة علاقات بلدانهم بدول الجوار والمنطقة، وبالقوى التقليدية والدولية الأخرى، ما يجعلهم مرتبكين ينتقلون من معسكر لآخر بحثا عن مساندة آنية إلى حين.
وواضح منذ البداية أنه بعد كل انقلاب جديد يحدث في دول الساحل فإن أول تحد يطرح بإلحاح على القائمين به هو «الاعتراف الداخلي والدولي»، أي شرعية الانقلاب ومدى قبوله من طرف شعوبهم أولا ثم القبول الدولي والإقليمي.
وانطلاقا من حدة هذا الحرج وهذا التحدي، يشرع الانقلابيون في كل مرة في رحلة التسويق لما قاموا به من فعل، في البحث عن مساند محتمل، سواء أكان من القوى الإقليمية أو الدولية ودول الجوار، ولا حرج لديهم في أن يكون هذا المساند حتى القوة الاستعمارية السابقة، فالمهم بالنسبة لهم أن يجدوا من يقف إلى جانبهم ومن يدعمهم سياسيا وإعلاميا أما بقية الأشياء فهي مؤجلة إلى إشعار آخر.وهذا ما يفسر تذبذب مواقف هؤلاء الانقلابيين و انخراطهم حينا في عداوات مجانية مع دول الجوار والمنطقة، و انحيازهم إلى دول آخرى بعينها، أو إطلاق تصريحات غير مستقيمة وغير عقلانية وغير محسوبة جيدا يمينا وشمالا حتى ولو كانت صوب الذين ساندوهم ووقفوا إلى جانب شعوبهم على مر التاريخ.
ولعل أحسن مثال على هذه الرقصات ما تقوم به الطغمة الانقلابية في منذ عامين، وبخاصة في الأيام الأخيرة، فهي لم تعثر بعد على البوصلة ولم تستطع إقناع شعوبها بما قامت به ولم تتمكن من تلبية حاجياتهم، لذلك تلجأ في كل مرة إلى لفت الأنظار نحو الخارج وتعليق فشلها على شماعات مواقف الدول الأخرى ومنها دول الجوار.و الحقيقة أن هذه الأنظمة الانقلابية، تفتقد إلى رؤية جيوسياسية حول كيفية التعامل مع المنطقة بكل تحدياتها ومستجداتها الراهنة و رهاناتها المستقبلية في الظرف الدولي الحالي المتميز بالتعقيد الشديد والحسابات المتغيرة، لأن ما يهمها آني يقتصر على الاعتراف بها كأنظمة حاكمة لدولها و كذا في محاولة تثبيت أقدامها والبقاء أطول مدة ممكنة.
أما ما تعلق بالرؤى البعيدة والسياسات الناضجة القائمة على العقلانية فهي مغيبة تماما وليست من اهتمام هذه المليشيات الانقلابية تماما.
ومن التجارب السابقة تعتمد هذه الأنظمة الانقلابية سياسة الابتزاز والضغط، فقد تشهر عداء واضحا اتجاه هذه الدولة أو تلك طمعا في دعم مالي وسياسي كبير منها، كما حدث تماما مع الجزائر في أوقات سابقة، حيث كانت الأنظمة الانقلابية في بماكو تتظاهر بالعداء للجزائر والارتماء في أحضان فرنسا طمعا في الحصول على دعم مالي كبير منها، والعكس صحيح أيضا.
وهنا تكمن نقطة الاختلاف الكبرى بين هذه الأنظمة وبين الجزائر، التي لابد من التذكير أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وهذا مبدأ ثابت في سياستها الخارجية، إلا أنها تملك استراتيجية ورؤية بعيدة المدى حول كيفية التعامل مع مشاكل وتحديات منطقة الساحل لأنها معنية مباشرة بما يجري فيها بحكم الجوار.
والمقاربة الجزائرية الخاصة بالساحل واضحة وترمي إلى بناء المستقبل وليس الاستجابة لمقتضيات آنية تكتيكية فقط كما هي الحال بالنسبة للطغم العسكرية الانقلابية الحالية، مقاربة قائمة على مبدأ رفض التدخل الخارجي في المنطقة، فالساحل لدول الساحل وشعوبه وليس لدول وقوى أخرى، كما تقوم على مبدأ ربط الأمن بالتنمية والقضاء على الهشاشة الاقتصادية الموجودة في المنطقة.وبمعنى آخر فإن الجزائر دعت أكثر من مرة دول الساحل إلى بناء مقاربة بحتة خاصة بها، أي خطة إستراتيجية تحمل هوية المنطقة، تقدم فيها كل دولة رؤيتها لحل مشاكل المنطقة على المدى المتوسط والبعيد، والعمل على تجسيدها في الميدان بعيدا عن تأثير القوى الخارجية، لأنه في النهاية لا حل لمشاكل وتحديات دول الساحل بعيدا عن إرادة شعوبها، التي تبقى المعني الأول بها، أما القوى المتدخلة فهي تبحث عن مصالحها وفقط ومتى انتهت لا تهمها المنطقة برمتها.
لكن غويتا وإخوانه لهم رأي آخر، فلا يهمهم في الأمر سوى تثبيت أركان حكمهم لأطول مدة ممكنة والبحث عمن يساعدهم في ذلك حتى و لو كانت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، أما الحديث عن المقاربات والرؤى الجيوسياسية فهو من قبيل المهاترات بالنسبة لهم.
و بناء على ما سبق ذكره نرى اليوم انقلابيو الساحل ينتقلون من حضن إلى حضن ومن معسكر إلى آخر، دون رؤية أو إستراتيجية أو هدف، من فرنسا إلى المرتزقة الأجانب و حتى نظام المخزن، الذي اجتمع ملكه أول أمس بسفراء الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينافاسو، بحثا فقط عن دعم مؤقت ولو على حساب مصالح شعوبهم.وبالنسبة للجزائر التي يعاديها بعض هؤلاء الانقلابيين ويطلقون سهام الاتهامات جزافا نحوها، فهي لا تتأثر بما هو وقتي زائل، فقد تعدت هذه المراحل منذ عقود، وسياستها تقوم على إستراتيجية واضحة مبنية على العقل لحماية الأمن الوطني الجزائري ومصالح الشعب الجزائري. أما بالنسبة للأمن الوطني الجزائري فإن عقول وسواعد أبناء الجزائر تقوم بالمهمة على أكمل وجه، وهي قادرة على حمايته في كل الظروف وضد أي كان في العالم، وليس في الساحل فقط، وهو أكبر من أن يهدده غويتا و زمرته بكثير.
إلياس -ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com