دعا حزب جبهة القوى الاشتراكية إلى تجاوز كل الخلافات الإيديولوجية و الطموحات الحزبية والارتقاء إلى مستوى التحديات التي تواجه الجزائر في هذه المرحلة، حيث عالم مضطرب تتنازع فيه القوى العالمية حول المصالح و مناطق النفوذ، وتغزوه الحروب الهجينة، ويعاني من اختلالات اقتصادية ومناخية عميقة.
وكتب الأمين الوطني الأول للأفافاس، يوسف أوشيش، في رسالة له بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثالثة والستين لاسترجاع السيادة الوطنية، أن الجزائر ما كانت لتتحرر من نير الاستعمار لولا حكمة ونضج قادة الحركة الوطنية، الذين حين وقف الوطن عند لحظة مصيرية ، «تجاوزوا كل خلافاتهم الإيديولوجية و طموحاتهم الحزبية»، وارتقوا إلى مستوى الرهان التاريخي، فتوحّدوا حول هدف أسمى، هو تحرير البلاد، وتمكين الشعب من استعادة سيادته.
و من هذا المنطلق أضاف أوشيش بأن هذه الروح المسؤولة، هي بالذات ما نحن في أمس الحاجة إليه اليوم، لمجابهة التحديات التي تفرض نفسها علينا، في ظرف جيوسياسي تنطوي تحوّلاته على أخطار حقيقية على أمننا القومي.
وعليه اعتبر المتحدث أن الوحدة ليست نكرانًا للاختلاف، بل هي تجاوزٌ للمصالح الضيقة لحساب المصلحة العليا لما تقتضي الظروف الوطنية و السياسية ذلك، داعيا في السياق إلى شحذ طاقة الشعب في العمل و التعبئة الجماعية، لأنه لا شيء يفوق قوة شعبٍ واعٍ، موحّد، و منخرط، و إن الديمقراطية والتعددية تشكلان الدرع الحقيقي في وجه من يتربّص بأمن البلاد واستقرارها.
وبالنسبة للمسؤول الأول عن الأفافاس فإن التفكير في الاستقلال اليوم، يعني إسقاطه على مستقبلنا، عبر رؤية قائمة على الصمود، صمود لا يقتصر على رد الفعل، بل يتطلب تجديدًا جذريًا للعقد الاجتماعي، يكون مبنيًا على العدالة، وروح المسؤولية، والمشاركة المواطناتية، واحترام الحقوق والحريات ، و أيضا إعادة بناء نموذجنا الاقتصادي على أسس الانتاجية، و التنافسية، و الفعالية، و الشفافية، نموذجُ يوفق بين النجاعة الاقتصادية و العدالة الاجتماعية، فضلا عن نهضة ثقافية وحضارية ترتكز على المرجعيات الهوياتية والتاريخية.
الأفافاس الذي جدد التزامه بمبادئ النضال الوطني والديمقراطي، شدد على ضرورة «التقاء» القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية حول عقد تاريخي لاستكمال المشروع الوطني، عقد عليه أن يتجاوز الحسابات السياسوية الضيقة، وأن يُشكّل أرضية مشتركة للتفكير والعمل، ومجالًا للحوار والتلاقي، قائمًا على أهداف عملية و واضحة، هي الحفاظ على الاستقلال والسيادة الوطنية، وترسيخ الديمقراطية السياسية والمؤسساتية، وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.
لذلك، فإن النخب الوطنية، والقوى السياسية والاجتماعية، والشباب، والنساء، وسائر المواطنات والمواطنين- يضيف السكرتير الوطني الأول للأفافاس- مدعوّون إلى تجاوز حالة الترقب والانتظار، والانخراط، كلٌّ من موقعه، في هذه الورشة الجماعية لبناء الوطن و تعزيز دفاعاته المناعية.
وأضاف بأن ما نعيشه اليوم هو «لحظة الحقيقة»، التي تفرض على الجميع، سلطةً ومعارضة، نخبةً وشعبًا، التخلص من منطق الإنكار، ووضع الوطن فوق أي اعتبار وأن نجعل من الفكر الذي حمله روح الاستقلال محطة انطلاق جديدة نحو مشروع وطني جامع، يعيد للجزائريين ثقتهم في مؤسسات دولتهم، وفي أنفسهم، وفي قدرتهم على صنع التاريخ من جديد.
واعتبر المتحدث أنه ورغم الصعوبات والتحديات، لا يزال هناك ما يدعو إلى الأمل، و ذلك من خلال استدعاء روح الاستقلال لتكريس الوحدة و القدرة على تجاوز الاختلافات، و قوة الاصطفاف الشعبي التي بها نستطيع مواجهة تحديات اليوم، و بناء جزائر ترقى لتضحيات شهدائها ، وفية لتاريخها و في مستوى تطلعات شعبها.
وفي الختام أكد بأن أصدق تكريم لذكرى الشهداء الأبرار، هو مواصلة مسيرتهم، ورفع عاليا قيم الحرية والكرامة والعدالة التي استشهدوا من أجلها، وأن نكون في مستوى ما تفرضه اللحظة ، وعلى قدر تطلعات الشعب.
إلياس -ب