حوّلت مصمّمات أزياء شابات وحرفيات في مجال الخياطة والطرز مواقع التواصل الاجتماعي إلى سوق افتراضية نشطة، للترويج وبيع مآزر مدرسية "بيرسوناليزي" مصمّمة حسب الطلب، بتفاصيل دقيقة وزخارف متنوّعة، تراعي ذوق الطفل ورغبة الأولياء على حد سواء.
كما مكنت هذه الفضاءات الافتراضية الحرفيات من إبراز إبداعاتهن التي يعتمدن فيها على تصاميم ملوّنة ونقوش مبتكرة، تتنوّع بين الرسومات الكرتونية والشخصيات الخيالية المحبّبة للأطفال.
وحسب ما أشارت إليه حرفيات تحدثن لـ«النصر»، فإن الطلب على هذا النوع من المآزر تضاعف في الآونة الأخيرة، خاصة مع اقتراب الدخول المدرسي، حيث تبحث الأمهات عن قطع مميزة وذات جودة، توفر الراحة لأبنائهن، وتمنحهم في الوقت ذاته مظهرا أنيقا ومختلفا عن المآزر التقليدية المتوفرة في الأسواق.
مآزر بعبارات تشجيعية وتصاميم شخصية بقيمة رمزية
وحسب ما لاحظناه فقد غزت صور هذه التصاميم صفحات ومجموعات الموضة على مواقع التواصل، حيث لاحظنا تنوعا لافتا في الموديلات بما يعكس اختلاف الأذواق ورغبة الأولياء في التميز، كما لاحظنا كذلك أن من بين أكثر المآزر رواجا بين الفتيات هذا الموسم، تلك التي تأتي على شكل فستان قصير الأكمام، بطيات أنيقة عند الأطراف، وحزام يلف من الخلف، ما يمنح التلميذة مظهرا أنثويا أنيقا.
كما لم تكتف الحرفيات حسب ما رصدناه بتصميم مئزر كلاسيكي وفقط بل أبدعن في تقديم تشكيلات خاصة تتضمن طباعة صورة الطفل أو اسمه واسم المدرسة على المئزر، باستخدام تقنيات الطباعة الحرارية أو إدراج رسومات ثلاثية الأبعاد.
وتضاف إلى ذلك لمسات أخرى كالتطريز اليدوي لعبارات تشجيعية مثل «أنت مميز» أو «بالتوفيق»، نزولا عند رغبة الزبائن، الأمر الذي جعل هذه المآزر قطعة شخصية تحمل قيمة رمزية إلى جانب وظيفتها العملية.
وما لاحظناه كذلك على حسابات وصفحات المصممات و الحرفيات في الخياطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هو دمج المآزر ضمن صيحات عصرية جديدة يتم تنسيقها مع باقي مستلزمات الطفل المدرسية.
بحيث تصمم حرفيات، مآزر تتماشى مع النقوش والرسومات المطبوعة على حقيبة الظهر، أو حقيبة اليد الخاصة باللمجة، أو قارورة الماء كذلك، فيظهر الطفل وهو يحمل لوازمه المدرسية كاملة في طقم متناسق، يعرف في أوساط الشباب بموضة «ماتشي ماتشي».
هذا التوجه كما أجمعت حرفيات تحدثنا إليهن، لقي استحسانا كبيرا خاصة لدى أولياء أطفال التحضيري والسنوات الأولى ابتدائي، الذين يبدون حرصا أكبر على توفير تشكيلات متكاملة لأبنائهم، ليس فقط لأجل المظهر الجميل والأنيق، بل أيضا بدافع عملي يتمثل في تسهيل تنظيم الأدوات ومنع ضياعها، باعتبار أن هذه الفئة العمرية ما تزال صغيرة وتحتاج إلى لوازم واضحة ومتناسقة يسهل تمييزها داخل القسم.
مصمّمة الأزياء أميمة منصوري
نصف زبائن الموسم الماضي عادوا لتجديد طلباتهم
أكدت الحرفية ومصممة الأزياء أميمة منصوري، البالغة من العمر 28 سنة، من ولاية تبسة، وصاحبة ماركة «مامز توش»، أن الخياطة كانت شغفها منذ الصغر، لكنها حولتها إلى مشروع فعلي خلال فترة جائحة كورونا.
ومنذ ذلك الحين، وهي تنشط في هذا المجال، حيث انطلقت عبر الإنترنت بتصاميم بسيطة تخص العرائس، مثل القبعات والإكسسوارات. غير أنها لاحظت مع كل دخول مدرسي، ارتفاعا ملحوظا في الطلب على مآزر الأطفال، وهو ما دفعها إلى ولوج هذا التخصص، خاصة وأنها كانت واثقة من دقة حرفتها وقدرتها على كسب الزبائن بجودة خياطتها. وأضافت أميمة، أن تصاميمها سرعان ما لاقت استحسانا لدى الزبائن، بفضل جودة المنتجات والاهتمام بأدق التفاصيل.وأشارت إلى أن الأولياء غالبا ما يختارون القماش بأنفسهم، مؤكدة أنها توفر خيارات متعددة مثل البوبلين والغاباردين، وكل خامة بسعرها الخاص، كما تمنح حرية اختيار الملصقات والزخارف.
وأوضحت، أن بعض الزبائن يفضلون ترك كامل الحرية لها في التصميم، بينما يحدد آخرون بدقة الألوان أو الرسومات.وأكدت الحرفية، أن مواقع التواصل الاجتماعي ساعدتها بشكل كبير على توسيع دائرة زبائنها، إذ باتت تتلقى طلبات ليس فقط من داخل ولاية تبسة، وإنما أيضا من خارجها، حيث يقصدها زبائن من ولايات ميلة وقسنطينة، وهران، وسطيف، وحتى من خارج الوطن على غرار تونس. كما لفتت إلى أن نصف زبائن الموسم الماضي عادوا هذا العام لتجديد طلباتهم، وهو ما يعكس ثقتهم في تصاميمها.
الإقبال مرتفع هذه السنة
وعن حجم الطلبات، أوضحت المتحدثة أن الإقبال هذه السنة كان مرتفعا للغاية إلى درجة اضطرت معها إلى توقيف استقبال طلبات جديدة مؤقتا، حتى تنتهي من تنفيذ التصاميم السابقة.
مشيرة في ذات السياق، إلى أن الطلب على المآزر يبدأ مبكرا منذ فصل الصيف، لكنه يتضاعف بشكل خاص في شهر أوت، أي قبيل أيام قليلة من الدخول المدرسي المقرر في سبتمبر. متابعة بالقول إن شريحة زبائنها تتكون أساسا من الأولياء، وأحيانا من جمعيات ومدارس خاصة.
وترى أميمة، أن السر في نجاحها هو الحرص على النوعية، فهي تفضل إنجاز طلبية صغيرة بإتقان ودقة عالية، على أن تنفذ كمية كبيرة دون نفس المستوى من الجودة. ولهذا الغرض تعتمد على جدول قياسات يغطي مختلف الأعمار، ما يسهل التعامل مع الزبائن.
الذكور أقل إقبالا
وتقول إن أكثر التصاميم طلبا هي المآزر التي تأتي على شكل فستان خصوصا للفتيات، بينما يظل الإقبال من الذكور أقل نسبيا، رغم تسجيل بعض الطلبات الخاصة لهم أيضا.
وأضافت المتحدثة، أن رغبات الأطفال تختلف فهناك من لا يفضل طباعة اسمه على المئزر، بينما يختار آخرون إضافة ملصقات أو عبارات تشجيعية.
أما سر نجاحها في جذب الزبائن الجدد، فيكمن حسبها في طريقة تصوير منتجاتها وعرضها عبر المنصات الافتراضية، حيث تولي أهمية كبيرة لإبراز التفاصيل والإتقان، مؤكدة في ذات السياق أنها تتابع جميع مراحل العمل شخصيا، لضمان أن يكون المنتوج النهائي في المستوى المطلوب.
واعتبرت أن من أسرار نجاحها أيضا إضافة لمسة إنسانية، إذ تحرص على إرفاق كل مئزر بهدية صغيرة موجهة للطفل أو للأولياء، تعبيرا عن الامتنان ورغبة في كسب ود الزبائن وتشجيعهم على التعامل معها مجددا.
«مشروع موسمي مربح»
من جهتها، أكدت صاحبة علامة «أم أميرة للخياطة»، أن موضة هذه السنة في عالم مآزر الأطفال المدرسية، اتجهت نحو تصميم يشبه الفستان، ينجز عادة باستعمال قماش البوبلين، مع اعتماد اللون الوردي البسيط والهادئ. وأوضحت المتحدثة، أن أسعار المآزر تختلف تبعا لنوعية القماش المستعمل، والتصميم المختار، والتطريزات المضافة، لافتة إلى أن الإقبال الكبير على المآزر المخصصة جعل من هذا النشاط التجاري مشروعا موسميا مربحا تحرص على ممارسته مع كل دخول مدرسي.
وأكدت الحرفية، أن زبائنها يتوزعون على مختلف ولايات الوطن وينتمون إلى شرائح اجتماعية متعددة، حيث تزداد طلباتهم بشكل ملحوظ مع اقتراب موسم العودة إلى المدارس.
موضحة في ذات السياق، أنها تراعي في تصميماتها أن تكون الألوان هادئة ومريحة للعين، خاصة الوردي بدرجاته، مع رسومات واضحة وبسيطة تتماشى مع شخصية الطفل وتمنحه مظهرا مهذبا داخل القسم. وتضيف، أن عملها يعتمد أيضا على الاستلهام من تصاميم عالمية حديثة لضمان مواكبة الموضة و«التوندونس» في مجال أزياء الأطفال.
أما بخصوص الرسومات الكرتونية الأكثر طلبا، فذكرت الحرفية بأن شخصيات مثل «دورا»،و«فلة»،و«ماشا» لا تزال تتصدر اختيارات التلاميذ، حيث تضفي لمسة طفولية على المآزر وتجعلها أكثر قربا من عالمهم.
لينة دلول