تشهد أسواق ولاية تبسة هذه الأيام، انتشارا لنشاط بيع ثمار « النبق» الموسمية، وهو نوع من محاصيل الخريف المنتجة من أشجار السّدر الموجودة بكثرة في المناطق الجبلية بالولاية، ورغم بساطتها إلا أن لهذه الثمرة عشاقها الذين ينتظرون موسم نضجها بلهفة، فيما يجد فيها شباب فرصة للاسترزاق و الهرب من شبح البطالة. مع نهاية شهر أوت ومطلع شهر سبتمبر، يبدأ “النبق”، في النضج ويتوفر بكثرة في الأسواق كما يباع على حواف الطرقات أيضا، حيث تحجز طاولات و صناديق الشباب مكانا لها في فضاءات البيع وينشط هؤلاء بشكل كبير على مستوى بعض المحاور والطرقات المحاذية للمزارع و الغابات، أين يجمعون المحصول من الأشجار ويتوجهون به مباشرة إلى الزبون، وهو نشاط يطبع أيام الخريف و يعد جزءا من ديكوراتها التي ألفها المواطن.
جزء من ديكورات الخريف
ويجلب النبق من مناطق مختلفة بالولاية، سيما جنوبها حيث تتوفر كميات كبيرة من هذه الثمرة اللذيذة، ففي وقت يزرعها فلاحون في بساتينهم، توجد أشجارها أيضا بشكل وافر في الطبيعة وهو تحديدا ما يتيح للشباب فرصة الاسترزاق منها دون عناء.
وينتظر هؤلاء فترة نضجها بشكل جيد، ثم يقومون بجنيها و جمع المتناثر من أشجار السّدر ليتم عرضه في الأسواق، أين يباع بأسعار متفاوتة حسب جودة المحصول. ويقول شباب ينشطون في المجال، قابلتهم النصر على مستوى سوق شعبية بمدينة تبسة، إن عملية جمع هذه الثمار صغيرة الحجم ليست سهلة، كما أن تعبئتها ونقلها من الريف إلى الأسواق الحضرية شاقّة، مع ذلك يظلّ سعر النبق زهيدا مقارنة بالجهد المبذول.
وتنتشر شجيرات السدر التي تعطي أجود أنواع ثمار النبق بشكل كبير في منطقة تبسة ومحيطها، وتصبح هذه الثمرة الصغيرة جاهزة للقطاف في نهاية فصل الصيف، معلنة عن انطلاق موسم تجارة موسمية رائجة جدا خصوصا بين شباب المناطق الريفية الذين يغتنمون الفرصة للاسترزاق وتوفير مصاريفهم اليومية، ناهيك عن مصاريف الدخول المدرسي.
أسعار في المتناول
وبالرغم من أنّ سعر النبق يبدو زهيدا مقارنة بالجهد المبذول في جمعه، فإن الطلب المتزايد عليه يعزّز من قيمته الاقتصادية، فالموسم فرصة مهمة للشباب لزيادة دخلهم ودعم أسرهم، حيث يعملون جاهدين على تسويق هذه الثمار الطبيعية التي تحظى بشعبية واسعة بين السكان المحليين.
ويتراوح سعر النبق في الأسواق بين 30 إلى 50 دينارا جزائريا للكيس الواحد، وقد يصل إلى أكثر من 200 دينار جزائري بالنسبة للأكياس ذات الحجم الأكبر، فيما تختلف الأسعار أيضا حسب جودة الثمار وحجم الطلب، ويلاحظ أنّ سوق النبق تشهد هذه الأيام حركة نشطة خلال موسم جني الثمار، حيث يسعى الباعة إلى جذب المشترين بعروض وأسعار تنافسية. والثمرة من أهم النباتات المحلية المنتشرة بشكل واسع في الوديان والشعاب، و يتراوح قطرها بين 5،1 إلى5،3 سم، هي فاكهة برتقالية أو حمراء اللون ذات مذاق حلو، يعرف عنها غناها بالألياف والمعادن، والنبق منجم للكثير من الفيتامينات المهمة للجسم.
قيمة غذائية عالية
ويؤكد أخصائيو التغذية، أن ثمرة النبق تُعد واحدة من أهم أنواع الفاكهة وأكثرها تميزا لأنها تحتوي على نسبة كبيرة من الكربوهيدرات ومحتواها عال جدا من فيتامينات «أ، ب، ج»، إضافة إلى بعض العناصر المعدنية مثل: البوتاسيوم، الحديد، الفسفور، والكالسيوم, وهي حلوة المذاق كما أن قيمتها الغذائية مرتفعة جدا.
وتُستخدم أزهار وثمار شجرة السدر «النبق» في إنتاج أغلى أنواع العسل وأهمها وهو «عسل السدر» الغنيّ بالعناصر الغذائية والفيتامينات.
والنبق ليس مجرد ثمرة، بل يعتبر قيمة ثقافية وتراثية عميقة في ولاية تبسة، حيث يرتبط اسمه بشجرة السّدرة وبالتراث الريفي، ويعد جزءا من ثقافة المنطقة، وبفضل ازدياد الوعي بفوائد النبق والطلب المتزايد في الأسواق، تبرز ثمرة النبق ككنز طبيعي ينمو في أراضي الولاية بكثرة، ممّا يسلّط الضوء على دورها الحيوي في الاقتصاد المحلي والصحة العامة، ويحافظ على إرثها الثقافي والبيئي في المنطقة وذلك بحسب ما يذهب إليه الباحث في تاريخ وتراث المنطقة توفيق لميطة. ع.نصيب