الخميس 11 سبتمبر 2025 الموافق لـ 18 ربيع الأول 1447
Accueil Top Pub

كان معبرا حيويا للملاحة والتجارة في البحر الأبيض: ميناء القالة القديم ...مصدر للثروة السمكية وقبلة سياحية


يعتبر الميناء القديم بمدينة القالة في ولاية الطارف، من أبرز المعالم التاريخية للمنطقة فقد شكل واجهة بارزة للملاحة منذ قرون، ومحطة رئيسية للعبور في البحر الأبيض المتوسط على خلاف ما يعرفه اليوم من هدوء تام، خاصة بعد دخول الميناء الجديد حيز الاستغلال، ليتحول المرفأ السابق إلى مكان أقل استقطابا للصيادين، لكنه أكثر حركية فيما يخص الجانب السياحي.
إعداد: حاتم بن كحول


ويتميز هذا الميناء الواقع في وسط مدينة القالة بجمال ساحر، بفضل هندسته الفريدة من نوعها وحفاظه على شكله القديم قدم السفن والبواخر الصغيرة التي ترسوا على فيه، إضافة إلى مياهه الصافية عكس الكثير من الموانئ الأخرى التي تعرف تلوثا بسبب الرمي العشوائي وزيوت محركات البواخر والقوارب.تواجدت النصر في هذا الميناء التاريخي في حدود منتصف النهار، أين وقفنا على طبيعة خلابة تحيط بميناء صغير، به حوالي 50 قارب صيد و 9 سفن متوسطة الحجم، تحمل كل واحدة اسما معيّنا، فيما كان بعض الصيادين ومساعديهم بصدد نقل كميات من أسماك السردين، وكان البعض الآخرون منشغلين بعمليات صيانة على مستوى تلك القوارب.
في الجهة المقابلة اصطف الزوار المكان أمام بعض السفن لالتقاط صور تذكارية، خاصة وأن هذا الميناء فريد وجذاب، يحمل جانبا من الخصوصية الجغرافية للبحر الأبيض المتوسط التي تمتزج بين اخضرار الأشجار، وزرقة المياه الصافية، والمباني العتيقة التي تُركت على حالها لمئات السنوات، على شاكلة مباني مدينة «نابولي» بأقصى جنوب إيطاليا.
ترسو به أقدم سفينة في الوطن
أكد لنا صيّادون كانوا بصدد تنظيف سفنهم والقيام بعمليات صيانة روتينية، أن أقدم سفينة على المستوى الوطني تتواجد في هذا الميناء، ويتعلق الأمر بسفينة صنعت سنة 1924، لا يزال صاحبها إلى اليوم يستغلها في نشاط الصيد، رغم الصعوبات التي يعاني منها يوميا بسبب أشغال الصيانة المتكررة سواء على مستوى المحرك، أو قطع الغيار، أو هيكلها البالي.وأضاف المتحدثون، الذين استقبلونا بحفاوة، أن الميناء يعتبر من أقدم الموانئ على المستوى الوطني، بل كان عبارة عن واجهة بحرية تشكّل معبرا حيويا للملاحة والتجار في البحر الأبيض المتوسط، يجذب السفن والبواخر من عدة دول إفريقية وأوروبية كذلك و على غرار إيطاليا وإسبانيا.ويكمن السر وراء أهمية هذا الميناء، في تميز شواطئ القالة بمادة المرجان ومواد طبيعية أخرى، ما جعل المدينة مستهدفة من القوات الأجنبية في تلك الفترة، طمعا في استغلال تلك الثروات، إلا أن حراس المنطقة كانوا يعرفون حسب رواية الصيادين، بأنهم من أقوى الحماة والمدافعين في الإقليم المتوسطي. ولاحظنا أن الهدوء يخيّم على الميناء، فباستثناء بعض الزوار الذين يعرفون قيمة المكان، لم يكن عدد السفن كبيرا ولا حتى عدد الصيادين، وقد أوضح محدثونا أن جل الصيادين يستعملون الميناء الجديد بمحاذاة شاطئ المرجان، بالنظر إلى شساعة مساحته التي تتيح حسبه ركن أزيد من 200 سفينة وباخرة.
منطقة استقطاب سياحي ليلا
وعلى عكس هدوئه الغريب نهارا، يتحول الميناء القديم شبه المهجور، إلى منطقة حيوية تعج بالزوار في الفترة المسائية وخاصة في الليل، وتحديدا على مستوى «الكورنيش»، الذي لا يقل جمالا عن الميناء بفضل الإضاءة العالية، ورصيفه الواسع الذي يتوفر على كراسي خشبية وحديدية مثبتة في الأرض.
بدت الأجواء في الميناء مختلفة كليا في الليل، حيث لاحظنا توافدا كبيرا للعائلات والشباب انطلاق من وسط المدينة، أين كانت الحركة كثيفة نحو المنطقة، وكذلك الأمر بالنسبة للطرقات الضيقة التي تؤدي إليه والتي كانت مزدحمة، زيادة على صعوبة الركن في الأماكن القريبة نظرا للعدد الكبير من المصطافين الذين حجوا إليه مساء.
وقد استغل بعض شباب القالة فرصة هذا الإقبال من أجل كسب قوت يوميهم، من خلال استحداث أكشاك خدماتية متنوعة، ناهيك عن فضاءات للإطعام تقدم الشواء والحلويات المعروفة لدى الأطفال على غرار حلوة القطن أو شعر البنات، والفشار «البوبكورن»، والمثلجات ، إضافة إلى أكياس «شيبس» والتفاحة المغطاة بالحلوى.
كما يستغل شباب التراث التاريخي لمدينة القالة، وذلك من خلال صنع وبيع مجسمات لأهم المعالم، و لشعب المرجان، وبعض الحيوانات البحرية، والأسماك النادرة، إضافة إلى مجسمات صغيرة لسفن قديمة، وألعاب بحرية، فيما فضّل البعض بيع خواتم وسلاسل وقلائد تقليدية مصنوعة من مادة المرجان التي تتميز بها مدينة القالة. كما لاحظنا عرض سيارات ودراجات صغيرة كهربائية للكراء موجهة للأطفال الصغار، فيما استغلت مساحات أخرى في وضع ألعاب مثل « الترونبولين» و المزالج البلاستيكية.
وكانت الحركية في الليل كبيرة جدا على مستوى كورنيش الميناء، وكأن المنطقة استيقظت ليلا بعد سبات دام طيلة النهار، حيث كانت العائلات تجوب المحلات والأكشاك مستمتعة بالطقس وصوت مياه البحر التي تتحرك عليها القوارب الصغيرة يمينا وشمالا بفعل الرياح الخفيفة.
وشغلت عائلات الكراسي والطاولات لتناول وجبات ساخنة أو باردة مستمتعة بتلك الأجواء وقد لاحظنا أن أرقام لوحات ترقيم المركبات المركونة بمحاذاة الميناء ترمز لعدة ولايات شرقية، وجنوبية، وأخرى من الغرب الجزائري، على غرار قسنطينة، سطيف، قالمة، سوق أهراس، بسكرة، تقرت، بلعباس وسعيدة.

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com