تحتضن دار الثقافة عبد المجيد الشافعي بقالمة منذ أول أمس السبت الطبعة الوطنية الأولى للأطباق الشعبية الجزائرية الشهيرة، بمشاركة عدة ولايات من الشرق و الغرب، و الشمال و الجنوب، ممثلة بجمعيات و حرفيين متخصصين في إعداد الأطباق الشعبية التي تعود إلى التراث الوطني القديم، و توارثتها الأجيال المتعاقبة، و حافظت عليها رغم التحولات الاجتماعية التي غيرت الكثير من العادات و التقاليد لدى الجزائريين.
و تنافس المشاركون في التظاهرة، التي نظمتها جمعية هوارة للتراث الشعبي بقالمة، على إعداد أشهر الأطباق الشعبية السائدة عبر مختلف مناطق الوطن بينها طبق الشخشوخة و الكسكس و الحريرة و الرفيس و كسرة البراج و غيرها من الأكلات التي ظلت سائدة ببعض مناطق الوطن، و حافظت على وجودها إلى اليوم، متحدية المنافسة القوية التي فرضتها الأطباق العصرية على العائلات الجزائرية.
و قال المنظمون للتظاهرة بأن الأكلات الشعبية في الجزائر تكتسي أهمية تاريخية و اجتماعية كبيرة، و من واجب الأجيال الجديدة المحافظة على هذا الإرث العريق، و العودة إليه كلما دعت الحاجة و الظروف الاجتماعية و الاقتصادية، كما فعل الأجداد الذين واجهوا المجاعة و أزمات الغذاء، و حصار الاستعمار، بالاعتماد على الطبيعة و خيرات الأرض، و مهارة المرأة الجزائرية، التي تحدت الظروف الصعبة و صنعت أطباقا من خيرات الأرض لمواجهة الحصار و قلة الزاد.
و قد لعبت الأطباق الشعبية بالجزائر دوار كبيرا خلال ثورة التحرير، و ظلت الكسرة و «الروينة» و الرفيس و البراج و الكسكس، المؤونة الرئيسية لجيش التحرير طيلة سنوات الحرب، و تمكن الجزائريون من تجاوز المراحل الصعبة التي مروا بها زمن المجاعة و الحصار، و اخترعوا مزيدا من الأطباق ذات الفوائد الصحية الكبيرة، و هي أطباق تتكون من مواد طبيعية كالقمح و الشعير و الخضر البرية التي تجود بها الطبيعة بسخاء.
و بالرغم من تغير سلوك و عادات الأكل لدى المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة و ابتعاد المرأة عن المطبخ العائلي لأسباب متعددة، فإن الأطباق التقليدية الشهيرة مازالت صامدة، و بعضها يعرف عودة قوية بالمطاعم العصرية و الفنادق الراقية، و في المناسبات العائلية، حيث تبقى أطباق الشخشوخة و الكسكس و الرفيس و لغرايف رمز الفرح، و شربة الفريك، و كسرة الرخسيس، متربعة على عرش موائد الجزائريين عبر مختلف مناطق الوطن، إلى جانب الدوبارة البسكرية و الحريرة و السلطة الجزائرية الشهيرة ذات الفوائد الصحية الكثيرة، و غيرها من الأطباق التي ترمز إلى هوية الشعب الجزائرية و عاداته و تقاليده الضاربة في أعماق التاريخ البعيد.
فريد.غ