كتب نادي التلاغمة صفحة جديدة في مسيرته، باقتطاع تأشيرة الصعود إلى حظيرة وطني الهواة، والتي يحط بها الرحال لأول مرة منذ تأسيسه، ليكون الإنجاز تاريخيا، ويصبح بالتالي أصغر فريق سينشط في بطولة الهواة في مجموعة الشرق للموسم القادم، لأنه يمثل قرية «أولاد سمايل» التابعة إداريا لبلدية التلاغمة بولاية ميلة، والتي يقارب تعداد سكانها 20 الف نسمة.
روبورتاج : صالح فرطاس
 وسيلاقي النجم بعد الإنجاز التاريخي،  الموسم المقبل منافسين سبق لهم التواجد في الرابطة الأولى، أو حتى التتويج بالألقاب الوطنية، في صورة اتحاد الشاوية، مولودية قسنطينة، شباب ومولودية باتنة، إتحاد عين البيضاء، شباب عين فكرون، اتحاد خنشلة وشباب جيجل، وهي أندية كانت قد سجلت مرورها عبر حظيرة «الكبار».
صعود نادي التلاغمة، كان بمثابة الانجاز الذي ولد من رحم الأزمة، لأن الفريق تفادى الشطب النهائي من المنافسة في بداية الموسم، لكنه في نهاية المشوار إعتلى منصة التتويج بتقدير «ممتاز»، وقد كانت الإرادة التي تسلح بها اللاعبون كافية لرفع التحدي، والضرب بمشكل التمويل عرض الحائط، سيما وأن حلم الصعود كبر في قلوب الأنصار مع تقدم المنافسة، وأخذت معه القاعدة الجماهيرية للنادي في الإتساع، فازدادت شعبية «الحوت الأزرق» بعد حصده 11 انتصارا متتاليا، لتكون قمة الموسم ضد الاتحاد السوفي، آخر منعرج في مشوار الصعود، بتكلفة لم تتجاوز عتبة 4 ملايير سنتيم، غالبيتها كديون، مادامت الاعانات انحصرت في 700 مليون سنتيم.
هذا الانجاز الكروي تحقق عن جدارة واستحقاق، رغم أن مؤشراته الأولية لم ترتسم سوى في نهاية مرحلة الذهاب، لكن لغة الأرقام تؤكد على أحقية نادي التلاغمة في الصعود، بعد حصده 67 نقطة، ليتقدم على أقرب المنافسين ب 17 نقطة، مع انتزاعه الصدارة في كل شيء، كأحسن هجوم وأقوى دفاع، والروح الانتصارية كانت نقطة قوته، بتحقيقه 22 فوزا، مقابل الاكتفاء بتعادل وحيد طيلة الموسم.
الارتقاء إلى مصاف الهواة، واكب الانتفاضة الكروية التي شهدتها قرية «أولاد سمايل» منذ منتصف العشرية الماضية، لأن الفريق كان قد رأى النور سنة 1992، لكنه ظل قابعا في الرابطة الولائية لمدة 13 موسما، والمكتب المسير بقيادة توفيق بوضياف، كان قد بصم على الصعود لخامس مرة منذ 2005، في مسيرة فكت الحصار الكروي على قرية، تشتهر بمخازن تجميع النفايات الحديدية و»الخردة»، وفريقها سيكون الأصغر «سنا» في قسم الهواة الموسم المقبل، رغم أن مشكل التمويل طفا مبكرا على السطح، كما أن قضية الملعب تبقى عالقة.  

التعداد الرسمي لنادي التلاغمــة لموسم (2018 / 2019)
حراس المرمى:  بودبزة قيس – قرفي فارس –  العياضي مصباح – بن قاسمية عبد القادر.
الدفاع: طياب آدم – بوغدة محمد أمين – بن ساسي نصر الدين – حلوي شرف الدين – حمزة بلال – بلوط عبد الله ـ جدول سيف الدين – بوغرارة أكرم – بوضياف عبد الرحمان .
وسط الميدان: بن لوصيف خير الدين – خلاف جعفر – كرميش مولود – رحالي يوسف – مزياني محمد الشريف – بولعابة أسامة ـ فيلالي آدم.
الهجوم: خابية صلاح الدين- كرميش سمير ـ بوجعدار طارق – فنيري مختار – لوصيف هلال - العابد سيف الاسلام ـ  بلقصبة أحمد.
الرئيس الشرفي: حسين صديقي
رئيس النادي: توفيق بوضياف
رئيس الفرع: الشريف صاف
المدرب الرئيسي: رابح زمامطة.
المدرب المساعد: فريد لعور
مدرب الحراس: حسان وشن
طبيب الفريق: عبد القادر جالدي
الكاتب العام: محمد مسعودان
أمين المال: عبد المالك لقصير
المسيرون:  فريد بوضياف – فاتح زايدي – عزوز سرياك – مسعود مسعي – يوسف بولزرق - عزالي حمو ـ برقلاح سفيان – علوي أنور – محمد الطاهر كرميش.

رئيس النادي توفيق بوضياف
أحلام الفريق كبرت ومشاكله أيضا ولهذا فضلت الاستقالة
* ما تحقق مهدى لروح إبراهيم فرحي
nهل كنتم تتوقعون أن تكون خاتمة الموسم بصعود تاريخي إلى وطني الهواة؟
الظروف الصعبة التي مر بها النادي خلال الصائفة الفارطة، كانت قد أعاقت مسارنا في بداية الموسم، لأن ترتيب البيت كان في ظرف قياسي، والتحضيرات دامت أسبوعا واحدا، وعليه فإننا لم نسطر الصعود كهدف، رغم أن طلب الانضمام إلى مجموعة «وسط - شرق» كان بنية التخلص من الضغط الكبير التي تعرفه البطولة في فوج الشرق، لكن مع تقدم المنافسة لاحت مؤشرات النجاح في الأفق، وبداية مرحلة العودة كانت المنعرج الذي دفعنا إلى النظر بتفاؤل إلى منصة التتويج، وكان إصرارنا كبيرا على عدم تفويت فرصة العمر، فنجحنا في تجسيد الحلم.
nنفهم من كلامكم بأن ورقة المدرب زمامطة كانت أهم منعرج في مشوار الفريق؟
كما سبق وأن قلت فإننا لم نكن نفكر في الصعود، لأننا قدمنا استقالة جماعية، وعدولنا عن الرحيل كان في آخر لحظة، بنية إنقاذ الفريق من الشطب النهائي، فكان ترتيب البيت في ظرف 24 ساعة، بضبط التعداد، والشروع في التدريبات تحت قيادة سمير بن كنيدة، إلا أن هذا المدرب استقال في الجولة الثانية، وخليفته عدلان بن عبد الرحمان أجبرته ظروف عائلية قاهرة على الرحيل بعد 4 مباريات رسمية، فكان خيار المدرب زمامطة الورقة التي إرتأينا اللجوء إليها، في محاولة لتدارك الانطلاقة المتواضعة، وهو القرار الذي كان صائبا، وظهرت نتائجه الإيجابية بصورة جلية، لأننا فرضنا ريتما سريعا للسباق في مرحلة الإياب، سمح لنا بخطف الريادة في الجولة 20، لنشرع بعدها في تعميق الفارق، سيما وأننا أحرزنا 11 انتصارا متتاليا.
nمما لا شك فيه أن هذا الانجاز التاريخي كلف خزينة النادي الكثير من المصاريف؟
ما أن كبر حلم الصعود في قلوب الأنصار حتى ضربنا بكل العقبات عرض الحائط، سيما وأن اللاعبين والطاقم الفني أبدوا تجاوبا كبيرا مع إستراتيجية العمل التي انتهجناها، لأن التمسك بحظوظ النادي في الصعود أجبر اللاعبين على تجاهل قضية مستحقاتهم التي لم يتلقوها، وهذا كله بفعل الثقة الكبيرة التي يضعونها في اللجنة المسيرة، بينما عمدنا إلى اللعب على ورقة منح المباريات، ولو أن السلم الذي ضبطناه ضعيف، لأن انتظار إعانات السلطات العمومية، كان سيفوت علينا فرصة الصعود، مادامت حصة الفريق من الدعم المقدم من مختلف الهيئات، انحصرت في مبلغ 700 مليون سنتيم، التي ضختها البلدية من ميزانية السنة الماضية، والتي خصص شطر كبير منها لتسوية ديون سابقة، بينما بلغت مصاريف النادي طيلة الموسم قرابة 4 ملايير سنتيم، لكن الملفت للإنتباه، أن مؤشر الديون أصبح يتجاوز عتبة 3,5 مليار سنتيم.
nفي ظل هذه الوضعية، كيف تنظرون إلى مستقبل الفريق في بطولة الهواة؟
قيادة الفريق لتحقيق الصعود سمح لي بتجسيد الحلم، الذي طالما راود الأنصار لسنوات طويلة، رغم أنه كلفني الكثير من المال الخاص، لأنني كنت قد قطعت على نفسي عهدا بعدم تفويت الفرصة، بعدما وعدت رفيق الدرب إبراهيم فرحي بتحقيق حلم حياته، خاصة وأن القدرة الإلهية شاءت أن يفارقنا في آخر مباراة من مرحلة الذهاب، بعد معاناة طويلة مع المرض، ولو أنه ظل يتابع الفريق إلى غاية آخر لحظة من حياته، لكن بالمقابل فإن هذا الصعود كان « اللاحدث»، بعدما صدمتنا خرجة السلطات الولائية، برصد مكافأة بقيمة 200 مليون سنتيم كمنحة للصعود، وهو القرار الذي دفعني إلى الاستقالة، لأن الأزمة المالية تجاوزت الخطوط الحمراء، ولن يكون من السهل ضمان الانطلاقة للموسم الجديد، في ظل بقاء شطر كبير من مستحقات اللاعبين ومختلف الطواقم عالقا، إضافة إلى قضية أشغال تهيئة الملعب، والتي تبقى إجبارية من أجل اعتماده، وإلا فإن الفريق سيضطر إلى الاستقبال خارج التلاغمة.

مدرب الفريق رابح زمامطـــة
قدمت لأجل البقاء وتواضع المجموعة سهل الصعود
* الإنجاز كبير لكن تفاعل المسؤولين كان فاترا
nما تعليقكم على الإنجاز المحقق بعد تجارب عديدة كانت لكم مع نادي التلاغمة؟
الحقيقة أن التركيبة البشرية للتعداد كانت محدودة، في ظل عدم توفر الكثير من البدائل، وموافقتي على قيادة الفريق في الجولة الخامسة، كانت استجابة للطلب الذي تقدم به توفيق بوضياف، لأن علاقتي به شخصية، وقد عملنا سويا لسنوات طويلة، رغم أن مهمتي كانت منحصرة في إخراج النادي من أزمة النتائج السلبية التي تخبط فيها، دون أن نتحدث إطلاقا عن الصعود، لكن وبعد نجاحنا في تغطية الضعف الكبير الذي كان مسجلا في الجانب البدني تغيرت المعطيات رأسا على عقب.
nالأكيد أنكم وقفتم على فرق كبير في مستوى المنافسة بين الفوجين؟
هذا أمر لا نقاش فيه، لأن المجموعة الشرقية صعبة للغاية، وليس من السهل على أي فريق الخروج منها ظافرا بتأشيرة الصعود، إلا في حال توفر إمكانيات مادية وبشرية معتبرة، بينما يبقى المستوى متواضعا في فوج «وسط - شرق»، وقد اعتمدنا بالأساس على ورح المجموعة وكذا اللياقة البدنية، دون تجاهل اللمسة المقترنة بالجانب التقني، وحسن تسيير المباريات، لكن انحصار التنافس على ورقة الصعود بين فريقين ساهم بشكل مباشر في توضيح الرؤية أكثر، وهذا الأمر لم نعشه في التجارب السابقة التي كانت لنا في مجموعة الشرق، لأنني أتذكر «سيناريو» سنة 2017، حيث كنا في صراع رباعي من أجل الصعود، إلى غاية الجولات الأخيرة، قبل أن يظفر شباب قايس بالتأشيرة.
nوما سر سلسلة الانتصارات المتتالية التي عبّدت لكم الطريق نحو منصة التتويج؟
تواضع مستوى البطولة، ساعدنا على تأدية مشوار مميز مع بداية مرحلة الإياب، لأن وضع الصعود في صدارة الأولويات زاد من ثقل المسؤولية الملقاة على اللاعبين والطاقم الفني، رغم أن تعداد نادي التلاغمة متواضع بالمقارنة بذلك الذي كان قبل موسمين، لكن معطيات المنافسة تغيّرت، فما كان علينا سوى تسجيل سلسلة من الانتصارات المتتالية، للابتعاد أكثر في صدارة الترتيب تفاديا لأي طارئ لا تحمد عواقبه، لتكون ثمار ذلك إنهاء البطولة بكل أريحية، بعد ضمان الصعود قبل 4 جولات من الختام.
nوماذا عن مستقبلكم مع الفريق بعد هذا الانجاز التاريخي؟
الحديث عن هذا الأمر سابق لأوانه، ولو أن فرحة الصعود لم تكن بالدرجة التي كنا نتمناها، خاصة وأن نهاية الموسم كانت على وقع إشكالية المستحقات العالقة، وهي القضية التي عكرت أجواء الاحتفالات، واصطدام المسيرين بمشكل الديون المتراكمة، وعليه فإن هذا الجانب ستكون له تأثيرات مباشرة على انطلاقة الفريق الموسم القادم، سيما بعد تلويح المكتب المسير بالاستقالة الجماعية، لأنه ليس من السهل طي الصفحة بسرعة، دون التفكير في تسديد شطر من المستحقات العالقة، والكرة تبقى في مرمى الطاقم الإداري، وأنا شخصيا حققت الصعود الثاني مع الفريق، إلا أن الأجواء هذه المرة تبدو جد «فاترة»، وكأن شيئا لم يحدث، باستثناء الاحتفالات التي نظمها الأنصار.

الرجوع إلى الأعلى