حياكة الزرابي.. حرفة تبعث شتاء بقرى جرجرة  
تستغل النساء القاطنات بقرى و مداشر ولاية تيزي وزو، أوقات الفراغ في أيام الشتاء الباردة، لممارسة بعض الحرف اليدوية التقليدية التي ورثنها عن جداتهن أمهاتهن و في بيوتهن، و في مقدمتها حياكة الزرابي، التي يقبلن على ممارستها بحب و حماس، و هن يرددن الأغاني و الأهازيج التراثية «أشويق»، لطرد التعب و محاربة الملل.      
لا يخلو أي بيت في قرى و مداشر تيزي وزو و منطقة القبائل ككل من لوازم الحرفة التقليدية العريقة، لاسيما في فصل الشتاء، و تتم الحياكة عبر عدة مراحل و تحتاج إلى سواعد جميع نساء القرية، للوصول إلى الشكل النهائي الجميل للزربية التراثية .
أغاني «أشويق» لمحاربة الإرهاق
النصر زارت المنطقة، و لاحظت بأن النساء يقمن بمساعدة بعضهن البعض في الحياكة، و تبدع أناملهنّ في صنع قطع جميلة في أجواء أخوية دافئة، وهن يرددن مختلف الأهازيج و الأغاني التقليدية المرتبطة  بصنع الزرابي، و تعرف باسم «أشويق» ، حتى لا يشعرن بالتعب، لاسيما وأن حياكة الزرابي عملية مرهقة، تستغرق وقتا طويلا ، يمكن أن يصل إلى ثلاثة أشهر كاملة، و يعتبرن فصل الشتاء من الفصول الملائمة للحياكة، كونهن لا يخرجن كثيرا، خاصة في الأيام الممطرة، وهو ما يدفع بهنّ إلى مساعدة بعضهنّ، حيث يلتقين في منزل واحد للعمل معا و يستمتعن بممارسة الحرفة في أجواء بهيجة مرصعة بالأغاني و الحكايات .
قالت السيدة وردية من منطقة بوغني، الواقعة جنوب تيزي وزو،للنصر،  أنّ الصناعة التقليدية لدى نساء قرى منطقة القبائل، تعد جزءا من ذاكرتهن و إحدى أهم النشاطات التي تتخذها المرأة الماكثة في البيت خلال فصل الشتاء، المعروف بقسوة أيامه و لياليه الباردة ، لقضاء أوقات فراغهن في صنع أشياء جميلة، عوض الجلوس أمام الموقد دون عمل.
أضافت المتحدثة، أنه بعد انتهائها من غسل الأواني و الملابس وإعداد الطعام لأبنائها، وغيرها من الأشغال المنزلية ، تخصص فترة بعد الظهر لتقوم بنشاطها اليدوي المتمثل في صنع الملابس الصوفية أو حياكة الزرابي، بمساعدة جاراتها اللائي يلتقين في بيت واحد.
و أكدت وردية ، بأنّ هذه الحرفة مرهقة جدا إذا قامت بها المرأة لوحدها، فهي تحتاج إلى جهد جماعي لصناعتها، حتى لا تشعر بالملل والتعب، كما أنها تتيح الفرصة لتعرض كل واحدة من النسوة خبرتها في الحياكة و تضفي لمستها الخاصة على الزربية، لاسيما في ما يتعلق بالرموز التي تنسج على الزربية وتوشيتها بزخارف و ألوان  مرتبطة بمختلف مناطق جرجرة.
و تابعت المتحدثة بأنها تعلمت الحرفة من جدتها، ولا تزال تحافظ عليها، و تمارسها للتصدي للفراغ و مساعدة جاراتها و تلبية احتياجات أسرتها، فهي، كما قلت لا تضطر لشراء الزرابي أو الأغطية لتحتمي بها في ليالي فصل الشتاء البارد.
و شددت وردية في ذات السياق،  أن المرأة القبائلية القروية ، بإمكانها صنع مختلف مستلزمات عائلتها بأناملها في قلب بيتها،  خاصة ما يتعلق بالأغطية والملابس الصوفية، مشيرة إلى أن أفضل وسيلة لاستغلال وقت الفراغ في الشتاء وكسر الروتين، هو ممارسة الحرف اليدوية ،  خاصة حياكة الزرابي التي تعتبر من أعرق الحرف التي مارستها الجدات و بقيت متوارثة عبر الأجيال، وتنفرد بممارستها عائلات بأكملها في قرى منطقة القبائل، حيث تتحول البيوت في فصل الشتاء، إلى ما يشبه ورشات صغيرة للحرفة و الاستمتاع بجلسات نسوية دافئة في عز فصل البرد و الصقيع.
سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى