- الكرانتيكا - .. وجبة شعبية لا تعترف بالفصول
يشيع خلال فصل الصيف، استهلاك الأطعمة الخفيفة سريعة التحضير مع التقليل من تناول الأطباق الساخنة و الدسمة تفاديا لارتفاع درجة حرارة الجسم، ولكن يبدو أن هنالك وجبات شعبية لا تهزمها الحرارة و لا يملها عشاقها في كل الفصول، على غرار «الكرانتيكا»  التي أصبحت تنافس الهمبرغر و البيتزا و تتفوق عليهما من حيث حجم الإقبال على أماكن تحضيرها.
ويزيد استهلاك هذه الأكلة التي تشتهر بها مدن الغرب و بالأخص وهران، في هذا الموسم رغم أنها تأكل ساخنة في العادة ومع إضافة صلصة الفلفل أو « الهريسة» ، مع ذلك فإن الإقبال عليها يزيد خصوصا في أوساط العمال والموظفين والكثير من الشباب، رغم بساطة مكوناتها تعرف بالكران أو الحامي، و يعود تاريخ اختراعها إلى القرن السادس عشر، وإلى الحصن الأثري قلعة سانتا كروز الواقع على أعلى جبل المارجاجو ، أين كان معقل الجيوش الإسبانية التي فرضت سيطرتها على المدينة في ذلك الوقت وفي خلال إحدى المعارك ضد المسلمين الفاتحين، حوصر الجيش الإسباني داخل الحصن حتى نفد الطعام من المخازن ولم يتبقى منه سوى طحين الحمص الذي لم يكن عادة ذا أهمية تذكر، لكن الجوع دفع الجنود الإسبان إلى اختراع هذه الأكلة التي طبخوها بما بقي لديهم من ملح وماء، ليكتشفوا بأنّها ذات طعم طيّب. فانتشرت منذ ذلك الحين، لتكون جزءاً من عطر ذاكرة التاريخ الذي ما زال يعبق، خصوصا وأنها  اليوم وجبة يفضلها الغني والفقير ويشيع استهلاكها عبر الوطن.
 المحاجب و الدوبارة أطباق لا تهزمها الحرارة
 خلال جولاتنا عبر أحياء مدينة وهران، لاحظنا تضاعف عدد محلات بيع المحاجب التي بات تنافس الكرانتيكا، فهذه الوجبة أيضا وجدت لها مكانا على موائد الوهرانيين الذين كانوا لا يتذوقونها إلا في محلات العاصمة وتتميز هي أيضا بإلزامية استهلاكها ساخنة مع إضافة صلصة حارة.
طبق «الدوبارة» بدأ هو كذلك، يدخل ضمن النظام  الاستهلاكي لأهل الباهية، حيث كان تحضيره يقتصر في البداية على بعض المطاعم المتخصصة في المطبخ الصحراوي ولكن مع مرور الوقت أصبحت الدوبارة، تباع في محلات الأكل الخفيف والمطاعم الصغيرة المنتشرة في الأحياء الشعبية، مما رفع نسبة الإقبال عليها حتى في الصيف.
 ربات بيوت تلجأن إليها هربا من حرارة المطابخ
وبالنسبة لعشاق هذه الأطباق التي تعد شتوية، فإن استهلاكها بات عاديا خاصة عند النساء اللائي يتفادين الطبخ صيفا، خصوصا وأن غالبية أبنائهن لا يستيقظون باكرا ويفضلون الأكل خارجا، غير مبالين بحرارة هذه الوجبات التي يشاع بأنها ترفع حرارة الجسم، وهو ينفيه أطباء و مختصون في تغذية، يشيرون إلى أن تناول الأكل الفاتر يعد الأفضل للمعدة نظرا لسهولة هضمه عكس الأكل البارد، و قد حدثنا البعض عن حالات مغص و مشاكل صحية عديدة يتعرض لها المستهلكون بسبب الأكل البارد، موضحين بأن مفهومنا عن الأكل الصحي صيفا يعد خاطئا، لأن تناول الأكل الدافئ يضبط درجة حرارة الجهاز الهضمي ويساعده على أداء مهمته خاصة في فصل الصيف، أين ترتفع درجة حرارة الجسم وبالتالي فإن كل أكل بارد يصل للجهاز الهضمي يتسبب في مشاكل صحية. وعليه يبدو بأن الكرانتيكا و المحاجب والدوبارة  تعد من أحسن الأكلات الخفيفة التي تساعد الجهاز الهضمي صيفا، و تجنب المستهلك التسممات الغذائية الناجمة عن الأطعمة السريعة.                           
بن ودان خيرة 

الرجوع إلى الأعلى