أشجار الصفصاف تسبب الحساسية و تفسد ربيع القسنطينيين
يضطر الكثير من سكان قسنطينة و ضواحيها إلى برمجة عطلهم خلال فصل الربيع بدلا من الصيف بسبب حساسية حبوب الطلع التي يعانون منها لدرجة أنهم يفضلون الاعتكاف في منازلهم على الخروج و الاستمتاع بالجو الصحو، بينما يواجه آخرون مشاكل يومية في التنفس بسبب الحساسية الناجمة عن أشجار الصفصاف التي تزين المساحات الخضراء في المدينة و هي عموما أشجار قديمة غالبيتها زرعت قبل سنوات دون دراسة لأثارها على الصحة و المحيط، لتتحول في السنوات الأخيرة إلى مشكل حقيقي يفسد ربيع المدينة و ينغص يوميات سكانها.
هــــدى طابــــــــي
20 من أصل30 شخصا يعانون من حساسية الربيع
حساسية الربيع مشكلة صحية يعاني منها الكثيرون سواء كانوا أطفالا أو شيوخا و حتى الرضع، وهو مشكل صحي يغفله البعض و يقلل من أهميته لدرجة أنهم قد يعانون منها لكنهم لا يدركون ذلك ويعتقدون بأن مشاكل التنفس و الحكة التي يعانون منها بداية من شهر أفريل وحتى نهاية ماي سببها ارتفاع درجات الحرارة بينما يتعلق الأمر في الحقيقة بحساسية لحبوب الطلع و الهواء المشبع بالرطوبة، وحسب أخصائية الأمراض الصدرية و الحساسية كريمة بوزنان، فإن 20 شخصا من أصل 30 يستشيرون الطبيب خلال الربيع بسبب مشاكل التنفس أو البقع و الطفح الجلدي هم في الحقيقة يعانون من حساسية الربيع.
و يعد هذا المشكل منتشرا في قسنطينة و تحديدا في أحياء مثل زواغي و بكيرة و ساقية سيدي يوسف و بعض أحياء وسط المدينة وعلي منجلي، و السبب هو نوعية الأشجار التي تغطي المساحات الخضراء .تقول حنان « حبوب الطلع تنتشر بشكل خانق في الهواء في هذا الوقت من السنة و مع ارتفاع درجات الحرارة و الرطوبة، يصبح الخروج مشكلة، عن نفسي أعاني من صعوبة فالتنفس و حكة في الجلد و حتى نظري يثأر فعيناني تنتفخان».
من جهتها طرحت نوال مشكل حجم الأشجار و عددها الكبير بحي زواغي، مشيرة إلى أنها عملاقة تغطي النوافذ أحيانا، كما أن ما تطلقه من زهور و حبوب طلع يحرم السكان من تهوية منازلهم لأنها تتسرب مباشرة إلى الداخل بمجرد فتح الشرفة، فضلا عن مشكل الحساسية الذي يعاني منه الكثيرون ما يضطرهم لتناول أدوية الحساسية طيلة فصل الربيع.

عبد المجيد بن لصفر صاحب مؤسسة أشغال الغابات
الاعتــماد على مقــاولات البناء لتهيئــة المـــساحات الخضـــراء سبـــب المشكـــل
يؤكد عبد المجيد بن لصفر صاحب مؤسسة أشغال الغابات الخاصة بتهيئة المساحات الخضراء، بأن مشكل حساسية الربيع التي تفاقمت في السنوات الأخيرة في قسنطينة، يعود بالأساس إلى فوضى التشجير، فقبل سنوات كان المسؤولون عن هذه العملية من غير ذوي الاختصاص، بمعنى أن العملية كانت سابقا تسند لمقاولات البناء المسؤولة عن إنجاز مشاريع المناطق العمرانية و التي تختار الأشجار و الزهور و النباتات دون دراسة، ولو أن العملية أسندت حسبه للمؤسسات المصغرة المتخصصة وعددها 40 على مستوى الولاية لكان الوضع مختلفا.
و أضاف المتحدث بأن الحل يكمن في إشراك المختصين في مجال البيئة و علوم النباتات في إعداد بطاقيات المشاريع العمرانية، وقد أثبت تجربة حديثة بقسنطينة نجاعة ذلك، ويتعلق الأمر كما قال، بنموذج ناجح اعتمد مؤخرا لشجرة «الفيكوس» زرعت على امتداد شارع الصومام و هضبة ملعب 17جوان، وهي نبتة لم تعتمد سابقا لكنها أثبتت بأنها مناسبة جدا لأن التغيرات التي عرفها مناخ قسنطينة بفضل سد بني هارون و واد العثمانية، فرضت إمكانية واسعة لتنويع الأصناف البيئية، ما يؤكد ضوروة استبدال الأشجار والنباتات الضارة و المؤثرة على الصحة كالصفصاف. كما طرح إشكالا يتعلق بإقصاء مؤسسات المساحات الخضراء الخاصة من المشاريع التي تمنح حسبه للمؤسسات العمومية التابعة للبلديات، مطالبا بتكريس التنسيق بين الجهتين بحيث تقوم المؤسسات العمومية بالمتابعة والإشراف بينما تسند المشاريع عن طريق المناولة للخواص.

فاتح ماضوي مسؤول مؤسسات المساحات الخضراء
باشــــرنا مشـــروعا لقطــــع الأشــــجار الضــــــارة و استبدالــــها
حسب مسؤول مؤسسات المسحات الخضراء بولاية قسنطينة فاتح ماضوي، فإن أصل المشكل الصحي الناجم عن هذه الأشجار و النباتات بقسنطينة على غرار الصفصاف و الكاسيا ميموزا ، يكمن في أنها زرعت قبل سنوات عديدة دون دراسة متخصصة و كان من المفروض أن تأخذ بعين الاعتبار النمو الديمغرافي و الكثافة السكانية في الآفاق البعيدة فضلا عن الانعكاسات الصحية لهذه النباتات.
 وحسب المسؤول فإن الأماكن الأكثر تضررا من مشكل الأشجار المسببة للحساسية هي على سبيل الحصر، أحياء زواغي و بكيرة و  الزيادية و ساقية سديد يوسف. وقد تم في هذا الصدد حسبه، برمجة مشروع على المدى المتوسط و الطويل لاستبدال الأشجار الضارة كالأكاسيا و الصفصاف بأخرى مناسبة.
وهي عملية تتطلب وقتا كما عبر، لأن إزالتها بصورة كلية دفعة واحد غير ممكن لأن ذلك سيتسبب في تعرية المناطق المعنية، علما أن استخلاف الأشجار يتطلب سنوات لتنمو الجديدة بالشكل المطلوب، وهي عملية بوشرت العام الماضي على مستوى حي زواغي وعرفت زبر عدد من الأشجار بشكل حذر لتجنب التعرية و غضب بعض السكان ممن يعارضون فكرة قطع الأشجار.
 و أوضح المتحدث بذات الشأن بأن مناخ قسنطينة عرف تغيرات باتت تسمح باعتماد أنواع جديدة جميلة و غير ضارة فضلا عن سهولة صيانتها على غرار البلاتان، الفرين، جاكاروندا، ريتيزيندا، الرابل و الفيكوس، وبعض الاشجار الغابية المناسبة.
 هـ. ط


عبد المجيد سبيح رئيس  جمعية حماية الطبيعة و البيئة
 الصفـــــــــــصاف أول  مسبـــــــب للحساسيــة لـــــــدى القسنطينيين
أكدت دراسة سابقة أعدتها جمعية حماية الطبيعة و البيئة بقسنطينة، بأن أشجار الصفصاف تعد المسبب الرئيسي لمشكل الحساسية في المدينة، فهذه الأشجار منتشرة بشكل كبير في المحيط الحضري رغم كونها من النوع نادر الاخضرار، فضلا عن أن الصفصاف يعد مناسبا فقط في المساحات الواسعة التي تتوفر على كمية كبيرة من الماء، لأنه يعمل على تصفيته و يستهلكه بقدر كبير، كما أنه يمد جذوره و ينمو بسرعة فائقة، فضلا عن إفرازه لكميات كبيرة من حبوب الطلع المسببة للحساسية، وكونه يتسبب في سد البالوعات.
وأشارت الدراسة حسب عبد المجيد سبيح رئيس الجمعية، إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في الأماكن أين تنتشر هذه الأشجار يعانون بشدة من الحساسية و يشتكون منها، وقد قامت الجمعية في وقت سابق بعمل تحسيسي لتوعية المواطنين بهذا المشكل، الذي يتفاقم عادة مع ارتفاع درجة الحرارة و زيادة الرطوبة، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الربو، ونفس الشيء بالنسبة لأشجار التوت و الكرمة.
 بالمقابل أكد المتحدث بأنه لابد من التخلص من الأشجار الضارة التي تؤثر على الصحة العامة في المحيط الحضري و استبدالها بأشجار نافعة و جميلة كالدردار، وشجرة سيتس ريتيزا.

الرجوع إلى الأعلى