ظاهــرة  نصـب الخيـام البلاستيكيـة تعــود إلى قالمـة  بعـــد 10 سنـــوات
أمام مبنى الوكالة الوطنية لتطوير السكن و تحسينه «عدل» بمدينة قالمة، تنتصب خيمة بلاستيكية صفراء منذ 16 يوما، و بداخلها أم و ثلاث بنات صغيرات، رمت بهن الخلافات و مشاكل المجتمع خارج المسكن العائلي الذي كان يجمعهن، و وجدن أنفسهن متشردات في شارع كبير بالضاحية الشعبية وادي المعيز التي تحتضن أكبر قطب سكاني بالمدينة.  
و بالثكنة القديمة تعيش عائلة أخرى، تحت قطع البلاستيك الأسود، منذ سنتين تقريبا، بعد طردها بقوة القانون من مسكن وظيفي كانت تأوي إليه، قبل أن تنقلب أوضاعها رأسا على عقب، و تصبح حياة التشرد و المعاناة و البؤس مصيرها الأخير، في انتظار فجر جديد قد يغير الحال، و يحفظ ما بقي من كرامة لمجتمع الخيام البلاستيكية، الذي عاد للظهور من جديد بالمدينة التاريخية العريقة، التي استهلكت الكثير من المال، لكنها لم تجد حلا لأزمة السكن الخانقة حتى الآن و مازال أهلها ينتظرون.  
قبل 10 سنوات تقريبا، كانت الخيام البلاستيكية تأوي المتشردين أمام مبنى الولاية، و طريق “السوناكوم”، و مواقع أخرى في موجة احتجاج كبيرة على أزمة السكن، لكن الظاهرة تراجعت بشكل كبير، و كادت أن تختفي تماما، بعد إطلاق عمليات ترحيل مكثفة باتجاه الأحياء السكنية الجديدة، و اعتقد الجميع بأن مجتمع الخيام قد ولى و لن يعود، لكن التحولات الاجتماعية و المشاكل العائلية المعقدة لا تزال تفرض منطقها بالمدينة العريقة و الحواضر المجاورة لها، و تلقي بمزيد من الضحايا و المتشردين إلى الشارع.  
خلافات عائلية و أزمة سكن و قرارات طرد و إخلاء من العدالة، أعادت الخيام الصفراء و السوداء إلى مواقعها من جديد بالمدينة، كما يحدث مع الأم و البنات الثلاث، اللائي وجدن أنفسهن بعيدا عن الدفء العائلي وسط خيمة لا تحمي من البرد و مطر الشتاء الذي بدأ مبكرا هذه السنة بعد غياب طويل.  
نداءات الاستغاثة تتواصل لإنقاذ عائلات الخيام بمدينة قالمة، لكن أزمة السكن و تعقيدات قانونية و نزاعات قضائية، حالت دون إسعاف هؤلاء المتشردين الذين أخرجوا من ديارهم بقوة القانون أو بسبب المشاكل العائلية التي لا تنتهي، و لم يجدوا الملاذ الآمن و أهل الخير، لإنقاذهم من وضع صعب و يأس بدأ ينفذ إلى الأجساد البشرية المنهكة بعد صبر طويل.  
خيمة الثكنة العسكرية القديمة وسط المدينة، تأوي عائلة متكاملة العدد و العدة، فيها أب و أم و أطفال صغار، و لم تتوقف هذه العائلة عن الاحتجاج و المطالبة بمسكن يحفظ كرامتها، بعد طردها من مسكن وظيفي كان تابعا للجامعة، ثم انتقل إلى هيئة أخرى، لجأت إلى العدالة لإخراج العائلات التي كانت تقيم في المبنى الكبير.   
و استنجدت عائلة البنات و الأم، المنفصلة عن زوجها على ما يبدو، بالهلال الأحمر، و مديرية النشاط الاجتماعي، و أهل الخير، لإنقاذها من التشرد و البرد و الجوع، لكن وضعها بقي على حاله و زادت معاناتها أكثر، بعد وصول العاصفة الماطرة إلى المنطقة في الساعات الأخيرة.    
و في اتصال مع مدير النشاط الاجتماعي بقالمة قال للنصر مساء أمس الأحد، بأنه زار عائلة البنات الصغيرات و اقترح على الأم نقلهن إلى دار لرعاية الأطفال، و هي إلى مركز لرعاية المسنين، و الأشخاص بدون مأوى، لكنها رفضت المساعدة، و تمسكت بالبقاء في الخيمة رفقة بناتها، حتى الحصول على سكن، مضيفا بأنه مستعد لتقديم الأغطية و الأغذية لهذه العائلة حتى تنتهي معاناتها، موضحا بأن مديرية النشاط الاجتماعي لا تمنح سكنا للمتشردين، بل تساعدهم بمراكز الإيواء المؤقتة و المؤن و  العلاج في حدود المهام المحددة لها.  
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى