يتيح شهر رمضان للمسلم فرصة قراءة القصص القرآني من خلال ورده اليومي أو الاستماع لقصصهم أثناء تلاوة الإمام في صلاة التراويح، حيث يعيش أحداث تلك القصص التي صيغت بأسلوب بليغ وعبارات مشوقة، بتدبر وتمعن ليقف على صراع الحق والباطل، الحق الذي يبشر به ويقوده الأنبياء والرسل والحكماء والمصلحون، والباطل الذي يتمسك به ويتعصب له المكذبون وزعماؤهم منذ القدم، وفي خضم ذلك يستلهم المستمع أو القارئ سنة الله تعالى المطردة في المجتمعات، وأسباب النصر وعوامل التمكين وما يتطلبانه من تضحيات وصبر وثبات، فطريق الإصلاح ليس معبدا ذليلا بل هو طريق شائك شاق، وسط ابتلاءات ومحن تمر بالمصلحين، كما يستلهم ما ينبغي عليه أن يقتدي به من هذا القصص لتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة، فيختار مما يعرضه القرآن الكريم من نماذج صالحة ومصلحة في المجال الاجتماعي والتربوي والسياسي والاقتصادي والعقدي وغيرها من مجالات الحياة.
ولعل من أخصب المجالات التي كثر فيها القصص القرآني وتعددت أساليب التعبير عنها تلك التي تتصل بالشأن العام الذي يهم المجتمع برمته؛ ولا يقتصر تأثيره على فرد أو اسرة أو جماعة محدودة؛ لأن جل الرسل ناوأهم زعماء القوم وسخروا كل ما يملكون من سلطان مادي وأدبي لصد الناس عنهم والقضاء على  رسالتهم؛ بعد أن رأوا فيها تهديدا حقيقيا لكيانهم السياسي وانفرادهم بالثروة والملك، واستخفافهم بالأقوام واستعبادهم لهم، وفي هذا السياق يعرض القرآن الكريم نماذج من أولئك الزعماء الذين بلغتهم دعوة الرسل والأنبياء ويمدح أو يذم حالهم من خلال مواقفهم من تلك الدعوات، ثم يرشد المسلم في قادم العصور للاقتداء بالصالح منهم ودرء منهج الفاسد.
فيقدم القرآن الكريم قصة فرعون مع موسى عليه السلام بعد أن بلغه رسالة الله تعالى؛ ففرعون الذي رفض دعوة موسى وتوسل بكل وسيلة لصد الناس عنها والقضاء على موسى وأتباعه، بما في ذلك التحدي والإغراء ثم الترهيب، يجسد الاستبداد في أجلى وأشمل صوره، فقد جمع كل السلط لنفسه، فادعى الألوهية فقال كم حكى عنه القرآن الكريم: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَه غَيْرِي[ القصص: 38]، فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى[ النازعات: 24]، واحتكر السلطة التنفيذية وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ[ الزخرف: 51]ـ والسلطة التشريعية، قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى[ غافر: 29]، والسلطة القضائية: ..فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا[ طه: 71-72]، ثم ادعى بعدل كل هذا الاحتكار للسلط والاستبداد أن حكمه راشد فقال كما نقل عنه القرآن الكريم: وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ[ غافر: 29]، فكذب القرآن الكريم دعوى رشاد أمره؛ لأنه حكم فاسد مستبد فقال الله تعالى: فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ ۖ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ[ هود: 97]، ثم بين عاقبة هذا الفساد والاستبداد فقال الله تعالى: وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ[ القصص: 39-40]، وهي سنة الله تعالى المطردة في الأمم حيث ينتهي كل ظالم مستبد، وفرعون أنموذج ذلك وقد قال الله تعالى عنه: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ  إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ[ القصص: 4]، ثم يعرض القرآن الكريم أنموذجا آخر وهو أنموذج ملكة سبأ، وهي على النقيض من فرعون تعد ملكة صالحة، فلم تركن لظلم أو استبداد في تسيير الشأن العام، ولذلك لما جاءها كتاب موسى لجأت إلى الشورى ولم تشأ أن تقرر لقومها ما تراه هي كما قال فرعون، فقرأت مضمون كتاب موسى ثم قالت كما نقل عنها القرآن الكريم: قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ[ النمل: 32]، ورغم أن الملأ فوضها اتخاذ ما تراه مناسبا من قرار بحكم اختصاصها المدني، إلا أن لجوئها للاستشارة دليل على حكم راشد وامرأة صالحة، ولذلك بين القرآن الكريم العاقبة الحسنة لسلوكها فقد تبرأت من الشرك الذي كانت عليه وقادت نفسها وقومها للإسلام، هذا فقال الله تعالى: قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[ النمل: 44]، وهي نهاية كل صالح مصلح عادل في كل أمة.
ففي الأنموذجين اللذين يعرضهما القرآن الكريم من خلال قصصهم عبرة لكل أمة في كل عصر، حيث يتوجب تتبع منهج الرشاد وبناء الأمة عليه، وأمارة الرشد العدل والشورى، بينما يقترن الفساد دوما بالظلم والاستبداد والاحتكار على غرار ما ظهر في سلوك فرعون.
ع/خ

"غلام الله المســار والمنجز"
 كتاب يوثق مسيرة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى
وقّع رئيس المجلس الإسلامي الأعلى كتابا "سيرة ذاتية" يتتبع مساره الفكري والثقافي والمهني أمس الأول، وهو مؤلف جماعي شاركت في تأليفه مجموعة من الأساتذة والباحثين من داخل وخارج الوطن، الكتاب صدر عن دار سارة ، وهو مؤلف جماعي، يرصد السيرة الذاتية لرئيس المجلس الإسلامي الأعلى، عبر تتبع مساره المهني والثقافي والفكري. وقد تضمن الكتاب، تقديم أولى لخص فيه فكرة الكتاب وإشكاليته، ومقال للدكتور لحسن زغيدي الذي توقف فيه عند غلام الله المجاهد، إضافة إلى ثلاثة فصول الأول معنون بالحضور، وكتب فيه رؤساء وممثلو المؤسسات الدينية الدولية التي يمتلك فيها غلام الله عضوية فاعلة فيها، على غرار مفتى الديار المصرية الدكتور شوقي علام، الد كتور فينيامينبوبوف ــــــ منسق مجموعة الرؤية الإستراتيجية روسيا –العالم الإسلامي ــــــــــــــ  والشيخ عزيز حسانوفيتش مفتى كراوتيا ورئيس المشيخة الإسلامية فيها، والدكتور حميد شهرياري الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، والشيخ أبوبكر آدم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى لعلماء الصومال، والشيخ محمد الحافظ التجاني شـيخ الطريقة التجانية في جمهورية مصر، والشيخ الدكتور  كمال بوزيدي  عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي.كما كتبت شخصيات مقالات علمية من جامعات موريتانيا والسينغال والعراق، ومن جامعات جزائرية.
والفصل الثاني معنون بالتفاعل والثالث خصص للتأثير، عبر33 مقالا رصدت أغلب مراحل عمل الدكتور غلام الله، فجاءت مقالات من رفقائه والذين كانوا من الفريق الذين شاركوا في إنجازات العديد من المشاريع. ويأتي كتاب «غلام الله المسار والمنجز»، في إطار توثيق مسيرة الشخصيات الجزائرية التي انخرطت في الثورة التحريرية ولها دور مشهود فيها، كما ساهمت في بناء الجزائر المستقلة عبر المناصب التي تولتها والمشاريع الوطنية التي كانت من بين المشاركين فيها، ويحظي الدكتور غلام الله بقسط وافر من المشاركة في هذه المشاريع، على غرار قطاع التربية والتعليم وبالذات في مشروع المدرسة الإسلامية، إضافة إلى الإصلاحات الإدارية التي أدخلها على قطاع الشؤون الدينية، زيادة على المشاريع الاقتصادية والثقافية، ومساهماته الفكرية والفلسفية من خلال الكتب التي أصدرها في موضوع الأفكار الفلسفية.

فتاوى
llما حكم التأمين التجاري على كل المخاطر للسيارة وتأمين القرض الذي يشترطه البنك الإسلامي في عملية البيع بالمرابحة؟
التأمين بمفهومه الإسلامي هو نوع من التعاون والتضامن يعود على كل من استظل بظل دولته، إما عن طريق تكافل أبناء المجتمع بعضهم مع بعض وإما عن طريق الحكومة وبيت المال، إذ هو بمثابة شركة التأمين العامة التي تعين المتضررين للتغلب على الكوارث التي تصيبهم.
أما التأمين الذي طرحت عنه سؤالك فهو نوع من الالتزام يفرضه البنك على المتعامل معه في بيع المرابحة، وهو صورة قريبة من صور المعاملات الإسلامية والتي تعرف بعقد «التبرع بشرط العوض» فالمؤمن له متبرع بما يدفع من مال إلى الشركة على أن يعوّض عند النوازل التي تنزل به بما يعينه ويخفـف عنه بلـواه، إذ لا يجد المقتـني للسيارة بدًّا عنه، ولا حرج عليه حينئذ.
 أما عن مدى شرعية طريقة بيع المرابحة للآمر بالشراء فهي من البيع المباح، ولا علاقة لها بالربـا المحرّم شرعـا، وقد صدرت فتاوى من هيئات شرعية عالمية بجواز مثل هذه المعاملة المالية.
موقع وزارة الشؤون الدينية

إرشادات عمليـة للخشوع في الصلاة
الخشوع هو روح الصلاة وجوهرها، فالصلاة ليست حركات تسوى وكلمات تنطق وفقط، بل هي شعيرة ربانية تربي النفوس وتزكيها وتقومها وتقيمها على الحق، ولتقيمنا على الحق وجب أولا أن نقيمها على أتم وجه ومن أوجه تمامها الخشوع، وإنّ من بين ما يمنع الخشوع في الصلاة هي الوساوس التي يلقيها الشيطان في نفس المؤمن ، ولذلك  وجب علينا دحض وساوسه وسمومه التي ينفثها، ودحضه يكون بذكر الله تعالى وتحصين النفس من الوقوع فيما حرم الله، وبناء حصن واق متين من همزات الشياطين، يقول الله تعالى في محكم تنزيله :
وَ إِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ  إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 35فصلت..، ولتحصيل الخشوع في الصلاة يتطلب الالتزام ببعض الإرشادات التربوية لضبط سلوك المصلي وحمله على الخشوع، ومنها:
(1).التهيئة النفسية: وذلك بضبط منبه الصلاة مثلا قبل خمس دقائق من موعد الأذان حيث يترك ما كان المصلي يشغله لوجه الله تعالى ويتوضأ بقلب مقبل على الله تعالى، متأملا كل عملية يقوم بها في الوضوء.
(2). الاستجابة السريعة لنداء الأذان: حيث يجب على المصلي تلبية نداء الله مباشرة، ولا يتكاسل ويسوف موعد الذهاب للصلاة فتسويف موعد الذهاب للصلاة منفذ من منافذ الشيطان.
(3). المشي للصلاة: ويستحب للمصلي ذكر الله تعالى وهو في طريقه للصلاة، وهذا يزيد من قوة الترابط بين العبد وربه يقول الله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم152..البقرة.
(4).الدخول في الصلاة: وهنا ينبغي للمؤمن ان يترك الدنيا خلفه ويتذكر أنه واقف بين يدي الله رب الأرباب وهذا وقت حوار بين العبد الضعيف والملك القدوس.
(5).التركيز في الصلاة: إن من بين ما يثبت ذهن المصلي في صلاته هو موضع نظره في قيامه وموضع النظر يكون موضع السجود. وليُثَبت تركيزه ويَثْبت ذهنه في الصلاة ينبغي من منه أن يعرف أركان الصلاة ويحفظها بالترتيب، ويحاول أثناء الصلاة القيام بها وهو يدركها ويسير عليها.
(6).التدبر في آيات الله: ففي الصلوات السرية ينبغي أن لا يكرر دائما نفس الآيات وخاصة السور القصيرة فهذا يؤدي للاعتياد وهذا ما يقتل الشعور بالحضور في الصلاة فيستحب من المصلي حفظ آيات جديدة والاطلاع على تفاسيرها واستحضارها أثناء الصلاة، أما في الصلوات الجهرية فلاينبغي أن يركز على النغم فقط بل يركز على الآيات وما تحويه
(7).الاعتدال في الأكل: قد يستغرب الانسان من علاقة الأكل بالخشوع فالرسول صلى الله عليه و سلم يقول: «ثلث لطعامه و وثلت لشرابه وثلث لنفسه» لأن البطن اذا امتلأ امتنع واستثقل التفكير والعبادة وهذا ما يتنافى مع الخشوع.
إن الخشوع في الصلاة حالة من الوعي والتركيز الداخلي التي تعكس عمق العلاقة بين العبد وربه. إنها دعوة لكل مسلم ليس فقط لأداء الصلاة، ولكن للعيش بكل لحظة فيها، مستشعرًا عظمة الخالق ومقدار حبه ورحمته. لذا، دعونا نجعل الخشوع جزءًا لا يتجزأ من صلاتنا لنرتقي بأرواحنا ونحيا حياة ملؤها السكينة والطمأنينة.

الرجوع إلى الأعلى