ارتبط الماء منذ القدم بحياة الأفراد والأمم، بيولوجيا وعمرانيا وتنمويا، فقد كان وما يزال العامل الأول للاستقرار وإنشاء وتوسيع المدن والتجمعات السكانية؛ بل إن الأبحاث الفضائية الباحثة عن حياة مفترضة أو مستقبلية في كوكب ما إنما تستهدف بالأساس البحث في مدى توافر الماء فيه؛ فالماء يشكل 90 % من أجسام الأحياء الدنيا، ونحو 60 - 70 % من أجسام الأحياء السامية؛ بما في ذلك أجساد النوع الإنساني.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
 لذلك يقول اله تعالى:  ((وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ))، ومقابل هذا لا تشكل المياه العذبة على الأرض سوى اقل من 3 بالمائة ما يصلح للشرب منها أقل من 1 بالمائة، وتعتريها مخاطر جمة تتعلق أساسا بالتلوث، حيث يقدر الخبراء أن كل متر مكعب من المياه الملوثة يؤدي إلى تلويث من 40-60 مترا مكعبا من المياه، ونقص المياه يهدد 80 دولة 40% من سكان المعمورة، علاوة على الهدر والإسراف الذي يطاله، والجفاف والتصحر، وافتقاد الكثير من الدول لأماكن التخزين واستعادة المياه المستعملة وعلاجها، بل إن البعض يتوقع نشوب حرب عالمية خلال هذه الألفية بسبب الماء، ونضوب هذه المادة لدرجة يصير سعرها أغلى من سعر البترول؛ وفي ضوء هذا ينبغي الأخذ باحتياطات كثيرة على مستوى الاستعمال والتخزين لضمان حق الأجيال القادمة والحفاظ على الصحة العامة، ومنها:
(أولا) الاعتقاد أن ما هو موجود في الطبيعة وإن بدا قليلا في نظر الخبراء إلا أنه كاف لاستمرار الحياة على وجه الأرض؛ لأن الله تعالى مقدر ذلك، يتصرف فيه كيفما يشاء، فهو نعمة الله تعالى للإنسان وعنها تنبعث الحياة ومقوماتها، فقد قال تعالى: ((وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ))، وقال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ))، وقال تعالى: ((هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ {10} يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)).
 (ثانيا) شكر الله تعالى على نعمة الماء؛لأنه أفضل النعم اللصيقة بالحياة الإنسانية والطبيعية، وقد دعا الله تعالى عباده لذلك في أكثر من آية  وأكد القرآن الكريم أن الله تعالى هو المقدر المنزل للماء دون غيره، ولئن صرفه عن الإنسان أو حجبه عنه فإن مرد ذلك قد يكون عقوبة منه لهذا الإنسان الكافر به وبأنعمه غير الشاكر لها؛ فقد قال الله تعالى: ((أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70))) والنعم تدوم بالشكر.، ومن آداب الأكل والشرب أن يقول المسلم (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين)
(ثالثا) ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف فيه؛ فقد قال الله تعالى: ((وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ))، وقال تعالى: ((وَإِذِ اسْتَسْقَىمُوسَىلِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ))، كما وردت آثار كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تنهى عن الإسراف ولو في الوضوء، منها، قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير إسراف ولا مخيلة) رواه النسائي وابن ماجه. وروي عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ فقال (ما هذا الإسراف؟)، فقال: أفي الوضوء إسراف؟، قال (نعم وان كنت على نهر جار) أخرجه بن ماجه في سننه. وأخرج مسلم من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد). فعلى المسلم الاعتدال عندما يشرب أو يتوضأ أو يغسل بدنه أو أوانيه ووسائل معاشه أو سيارته، أو سقي مزرعته أو تنظيف فنائه ومسكنه، فلا يبالغ بهدر طاقة مائية كان يمكنه الحفاظ عليها، او يتركها عمدا تسيل في الفلاة.(رابعا) الابتعاد عن تلويث الماء: لأن ذلك من الفساد في الأرض الذي نهى الله تعالى عنه، وجاء في الأثر: عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ثم يغتسل فيه) رواه البخاري، وفي رواية الطبراني نهى - صلى الله عليه وسلم - (أن يبال في الماء الجاري). وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على تحري الأماكن البعيدة لقضاء الحاجة فروي عنه قوله - صلى الله عليه وسلم - (اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الماء وفي الظل وفي طريق الناس) رواه أبو داود. وروي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (نهى أن يتخلى الرجل تحت شجرة مثمرة، ونهى أن يتخلى على ضفة نهر جار) رواه الطبراني.
وذلك لأن الفضلات والقاذورات والنجاسات تتسبب في تلويث المياه العذبة وتنجر عنه ظهور أمراض متنقلة تفتك بالإنسان  والحيوان، على غرار التيفويد والكوليرا وغيرهما؛ وقد قدرت الأمم المتحدة أن للتلوّث الناجم عن مياه الصرف الصحّي آثار ضارّة على صحّة الإنسان حيث أنّ 1،8 مليار شخص يحصلون على مياه الشرب من مصدر ملوّث بالفضلات. وتعزى نسبة الوفيّات بسبب الإسهال المعدي الحاد والتي سجّلت معدّل 2 مليون حالة وفاة سنويّاً إلى عدم وجود خدمات صرف صحي ملائمة وقلّة النظافة ومياه الشرب غير الصحيّة.
(خامسا) عدم احتكار الماء: لأنه نعمة وحق إنساني مشترك متاح مباح لكل الناس، على غرار الهواء، وفي الحديث: ((المسلمون شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار)؛ فلا يجوز منعه ما فضل عمن احتاجه أو بيعه دون سبب شرعي، لاسيما إن لم يكن محرزا. فقد جاء في الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ).هذه بعض توجيهات أرشد إليها الإسلام لحسن استغلال الماء، كفيلة بالمحافظة عليه؛ على مستوى الفرد والجماعة، ولا مانع من بناء السدود والخزانات لحفظه، وفرض رقابة من قبل السلطات العمومية على استهلاكه. لاسيما وأن 663 مليون شخص مليون ما زالوا محرومين من مصادر مياه الشرب النقيّة. ومن المتوقّع أن يزداد الطلب العالمي على مياه الشرب بنسبة 50% بحلول عام 2030.                                   
ع/خ

أنـــوار
الوجه الحقيقي للإسلام
استيقظ سكان بلندن على صورة أخرى للإسلام والمسلمين مخالفة لتلك الصورة النمطية التي سوقتها كثير من وسائل الإعلام الغربية، حين قدمته إسلاما ملوثا بالإيديولوجيا الإسلاموية ومشاهد التكفير والتفجير، صورة جديدة قالت عنها الغارديان إنها الصورة الحقيقية للإسلام، حين هب رجال ونساء وشباب مسلمون لتحذير سكان العمارة ذات 24 طابقا من الحريق الذي نشب فجأة، حيث كانوا وقتها يتناولون السحور استعدادا لصيام رمضان، فاندفعوا يطرقون الأبواب ويساهمون في إطفاء الحريق، قبل أن يفتحوا مسجدهم لكل الطوائف وأتباع الأديان ليأووهم، ويقدموا لهم المساعدات والمؤونة.
مشهد أشاد به وزير الخارجية للشرق الوسط الذي أشاد برمضان، وقالت شاهدة عيان إن الكثير من العائلات المسلمة التي تقطن في هذا الحي السكني كانت أول من تنبه للحريق، لأنهم يستيقظون خلال شهر رمضان في وقت متأخر من الليل لتناول وجبة السحور. وقالت امرأة بريطانية أخرى جلست في شوارع لندن مستنكرة اتهام المسلمين بالإرهاب. وقالت «الإعلام يظهرهم وقتما يرتكبون الأخطاء فقط.. لكن لا يظهرهم حينما يظهرون الشجاعة ويساعدون الآخرين.. هم أول من حمل أكياس الماء لإنقاذ الناس». وأضافت «لو لم يكن كل هؤلاء الشباب قادمين من المسجد لمات الكثير.. الكثير منهم».، وأشادت ثالثة بشهر رمضان فلولا استيقاظ المسلمين لهلك الكثير من سكان العمارة.
هذه هي صورة الإسلام التي تكتشف فجأة في رحم الأزمات، إسلام التضامن والتكافل وإنقاذ المستضعفين، إسلام حسن الجوار وحفظ الحياة وإغاثة اللهفان، إسلام الفطرة المتأصل في نفوس المسلمين البسطاء من عامة الناس، من الذين لم تتلطخ أفكارهم بوباء الإيديولوجيا والصراعات السياسوية وفتاوى التكفير واستباحة الدماء، وترويع الآمنين، إسلام القيم الإنسانية السامية التي تؤلف بين الناس، والسلام والأمن، فشتان بين مسلم التفجير، ومسلم التحذير، مسلم الإنقاذ  ومسلم الأنقاض.
ع/خ

فتاوى
هل يجوز استئصال القدرة على الإنجاب (التعقيم )؟
يحرم استعمال دواء من شأنه القضاء على القدرة على الإنجاب قضاءً مبرماً بلا خلاف نعلمه عند أهل العلم،  وقد صدرت بذلك قرارات عديدة من مجامع ومجالس فقهية عالمية ، منها :
(أولا): جاء في  قرار مجمع الفقه الإسلامي الدورة الخامسة 1988م: " يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة وهو ما يعرف (بالإعقام) أو (التعقيم) ما لم تدع إلى ذلك ضرورة بمعاييرها الشرعية ".
(ثانيا):  جاء في فتوى صادرة عن لجنة الفتوى بالأزهر 1372هـ : " إنّ استعمال دواء لمنع الحمل مؤقتاً لا يحرم لا سيما إن خيف من كثرة الحمل أو ضعف في المرأة من الحمل المتتابع والله تعالى يقول: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}. وأمّا استعمال دواء لمنع الحمل أبداً فهو حرام ". إلاّ أنّه يستثنى من ذلك حالات الضرورة كأن يمنع الأطباء المرأة من الحمل منعاً نهائياً مؤبداً ويقررون  أنّه في حالة حصول حمل سيؤدّي إلى  خطر على حياة الأم ولا يوجد وسيلة أخرى لمنع الحمل إلاّ ما يسمّى بتسكير المواسير فلا مانع حينئذ.
 المجلس الإسلامي للإفتاء، بيت المقدس

الرجوع إلى الأعلى