• المشاركة قياسية والإمكانيات المسخرة أبهرت المتتبعين
ألح رئيس لجنة تنظيم النسخة الأولى من الألعاب الإفريقية المدرسية عمار براهمية على ضرورة مواصلة العمل الميداني بكل جدية، بالسعي لتوفير كل الظروف الكفيلة بإجراء المنافسات وفق ما تقتضيه من متطلبات، قبل الحديث عن نجاح التنظيم، ولو أنه اعتبر حفل الافتتاح بمثابة إنجاز تاريخي للقارة السمراء، لكنه طالب أعضاء لجان التنظيم بالمحافظة على نفس «الديناميكية» إلى غاية حفل الاختتام، ومغادرة كل الوفود أرض الوطن.
براهمية، وفي حوار مع النصر، أشاد كثيرا بالظروف التي تجرى فيها المنافسة، بعد أسبوع من انطلاقتها، وأرجع النجاح في التنظيم إلى الإرادة السياسية التي أبدتها السلطات العليا للبلاد من أجل إنجاح هذا الحدث الرياضي القاري الهام، لأن الموافقة على استضافة هذه الألعاب في طبعتها الأولى بصم على عهد جديد للخارطة الرياضية الإفريقية، ولو أنه أكد على أن التنويه الكبير الذي كان من رؤساء مختلف الوفود بأجواء التنظيم، يبقى أبرز دليل على نجاح الجزائر في كسب الرهان.
*في البداية ما تقييمكم للظروف التي تجرى فيها هذه التظاهرة، وهذا بعد قرابة أسبوع من انطلاقتها؟
الحقيقة أننا دخلنا مرحلة العد التنازلي، وتفكيرنا بدأ في حفل الاختتام، لكن ما نعيشه منذ انطلاق هذه التظاهرة، يجعلنا نفتخر بما بلغته الجزائر من مستوى في الجانب التنظيمي، لأن مسؤولي لجنة التنسيق بين اللجان الوطنية الأولمبية الإفريقية لم يترددوا في الكشف عن انبهارهم بما تحقق ميدانيا، حيث أن الإمكانيات المادية والبشرية المعتبرة التي سخرتها الدولة الجزائرية في سبيل إنجاح هذه الدورة جسدت الإرادة السياسية الكبيرة لبلدنا في فتح ذراعيها لشبان القارة من مختلف البلدان، من أجل الاحتكاك فيما بينهم، والتنافس الرياضي النزيه، في ظروف تفوق مستوى المنافسة، لأن الأمر يتعلق بالألعاب الرياضية المدرسية، وهذه الطبعة هي الأولى في تاريخ قارة إفريقيا، إلا أن الجزائر أعطت أهمية بالغة لهذا الحدث، ولم تترد في توفير كل الإمكانيات، إلى درجة أن التظاهرة أصبحت بالنسبة للكثير من رؤساء الوفود لا تختلف عن «أولمبياد» قاري.
*هذا يعني بأنكم راضون عن الجانب التنظيمي؟
حديثنا عن نجاح الجزائر في كسب رهان التنظيم، ليس تقييما شخصيا مني كرئيس للجنة التي أسندت لها مسؤولية تنظيم الألعاب، بل نقل ضمني لردود فعل رؤساء ومسؤولي كل الوفود، وحتى الرياضيين المشاركين، لأننا كمنظمين نعمد إلى عقد اجتماعات دورية روتينية، لحوصلة النشاط اليومي، وكذا رسم خارطة الطريق الخاصة بالمراحل المتبقية، و لا يمكننا تقييم التنظيم، بقدر ما يهمنا سير المنافسة في أحسن الظروف، ودون تسجيل نقائص تؤثر سلبا على آداء الرياضيين، وعليه فإننا نحرص دائما على التواصل المستمر مع كل الوفود، حرصا على التكفل بالانشغالات التي قد يطرحونها.
*لكن حفل الافتتاح كان في المستوى وفاق كل التوقعات، أليس كذلك؟
أبسط ما يمكن قوله في هذا الشأن أن قياس درجة نجاح أي تظاهرة يكون من خلال حفل الافتتاح، وهذا الأمر الذي أخذته اللجنة المنظمة بعين الاعتبار، لأن الجزائر لها تقاليد في هذا المجال، ومراسيم الانطلاق الرسمي لهذه الألعاب واكبت الحدث، من خلال عروض فنية و«بانوراما» مزجت بين التراث الإفريقي على امتداد العصور، والبعد التاريخي للرياضة، كوسيلة للتواصل والتقارب بين الشعوب، مع الحرص على الكشف دوما عن المواقف الثابتة للدولة الجزائرية، والتي تدعم السلم والأمن، وهي جوانب ساهم في نجاحها الحضور القوي للرياضيين الشبان إلى هذه الدورة، من أغلب بلدان القارة، وهذا أمر ليس سهلا، لأن إشكالية التنقل تثقل كاهل الاتحادات الوطنية المدرسية لبعض الدول، مادام السفر بين بلدين من إفريقيا يتطلب في الكثير من الأحيان المرور عبر قارة أخرى، سواء أوروبا أو آسيا، ومع ذلك فإن المشاركة تبقى قياسية، كما أن الامكانيات المعتبرة التي سخرتها الجزائر لحفل الافتتاح أبهرت المتتبعين، لأن المشاركين هم من فئة المتمدرسين، تتراوح أعمارهم ما بين 14 و17 سنة، إلا أن هذا العامل لم يكن كافيا لتقزيم الحدث، فأعطته الدولة أهمية قصوى، تجسد المكانة المرموقة التي توليها الجزائر لشبان القارة، وللرياضة على حد سواء، وهذا ليس بجديد على بلد كان قد احتضن دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط بعد 13 سنة من استرجاعه السيادة الوطنية، مع تنظيمه واحدة من أفضل الدورات في تاريخ الألعاب الإفريقية، وتقاليد الجزائر في التنظيم ارتسمت بصورة جلية في هذه التظاهرة.
*وماذا عن النتائج المسجلة، وتقييمكم لمستوى المنافسة من الناحية الفنية؟
بالنسبة لنا كمنظمين، فإن هدفنا يبقى منحصرا في الظروف المحيطة بسير التظاهرة، انطلاقا من الإقامة، مرورا بالإطعام والنقل، وصولا إلى توفير المرافق وما تتطلبه كل المنافسات، وهي أمور تسير إلى حد الآن وفق ما سطرناه، رغم التعديلات الطفيفة التي وجدنا أنفسنا مجبرين على القيام بها، لكنها لم تؤثر على السير الحسن للألعاب، وهذا أهم مكسب لنا كلجنة تنظيم، بعيدا عن النتائج المسجلة، والتي تبقى بالنسبة لنا مجرد إجراء تحفيزي فقط، لأن المغزى الحقيقي من دورة الألعاب المدرسية يكمن في التنقيب عن المواهب التي باستطاعتها أن تقطع أولى الخطوات نحو مشوار رياضي لمشروع بطل أولمبي وعالمي مستقبلي، ونحن من خلال هذه الدورة بصدد كتابة تاريخ جديد في سجل الرياضة الإفريقية، لأن موافقة الدولة الجزائرية على استضافة الألعاب، بمجرد طرح الفكرة كمشروع كان بنية تقديم خدمة جليلة لشبان القارة، وعدم تفويت الفرصة، وثمار هذه الطبعة لن تظهر بين عشية وضحاها، بل ستكون في سنوات قادمة، عند بروز أبطال في الساحة العالمية، كانت دورة الألعاب الإفريقية المدرسية بالجزائر محطة انطلاقتهم، وبلدان القارة السمراء يزخرون بخزان من المواهب الواعدة في الكثير من الرياضات، وألعاب القوى تبقى تتصدر المشهد.
*وهل لكم أن تتحدثوا عن حفل الاختتام، والبرنامج الذي سطرتموه؟
هذا الأمر يبقى دوما مضمون الرسالة التي أوجهها يوميا لأعضاء اللجان المكلفة بالتنظيم في الولايات الأربع المعنية باستضافة هذا الحدث، لأنني ألح على تجنب التفكير في حفل الاختتام، وما يمكن أن يحتويه، مع ضرورة التركيز على العمل الميداني الجاد، وضمان السهر على توفير كافة الظروف الكفيلة بجعل كل الوفود تقضي فترة إقامتها بالجزائر في أريحية تامة من الجانب التنظيمي، لأن مدة المنافسة لا تتجاوز 10 أيام، نبقى فيها ملزمين بتوخي الحيطة والحذر، كما أننا نحرص على تنفيذ البرنامج المسطر لكل وفد موازاة مع التنافس الرياضي، لأن تنظيم رحلات استكشافية وسهرات فنية تبقى من النقاط الجوهرية في مثل هذه التظاهرات، وما لذلك من انعكاسات للتظاهرات الرياضية الكبرى على الجانب السياحي وكذا الاقتصادي، وعليه فإننا نعمد إلى تنظيم زيارات منتظمة إلى مختلف المرافق، وذلك بالتنقل بين ولايات سطيف، قسنطينة، سكيكدة وعنابة، للعمل على مواقف لجان التنظيم، وكذا متابعة كل الوفود، الأمر الذي يدفع بنا إلى وضع حفل الاختتام خارج نطاق الانشغالات الراهنة، لأننا بصدد تنظيم أدوار متقدمة من مختلف المنافسات، والنقطة الوحيدة التي أثيرت في هذا الشأن تتعلق بمكان تنظيم حفل الاختتام، لأننا ولدواعي تنظيمية بحتة قررنا الانتقال إلى ملعب آخر، وهذا بعد التشاور مع مختلف الهيئات.
حــاوره: صالح فرطاس