أرجع مهدي لعفيفي قرار انسحابه من رئاسة ترجي قالمة إلى ظروف عائلية قاهرة، وأكد بأن هذا القرار لا يعني هروبه من المسؤولية، بل أنه أعرب عن نواياه الجادة في البقاء ضمن تركيبة المكتب المسير، حتى يتسنى له المساهمة في تجسيد المشروع الذي سطره، والرامي بالأساس إلى تحقيق حلم عودة «السرب الأسود» إلى الرابطة الثانية.
واعترف لعفيفي في حوار خص به النصر، على هامش أشغال الجمعية العامة بأن «سيناريو» الموسم الفارط، كانت نهايته بالفشل في تحقيق الهدف المسطر، إلا أنه اعتبر ذلك درسا لا بد أن تستخلص من العبر، بالعمل على تصحيح الأخطاء المرتكبة، بحثا عن الطريق الكفيل بإعادة الترجي إلى وطني الهواة.
في البداية، هل لنا أن نعرف الأسباب التي دفعت بك إلى اتخاذ قرار الاستقالة؟
الحقيقة أن الخطوة التي قمت بها ليست استقالة بمفهومها الفعلي، بل أنني وجدت نفسي مرغما على الانسحاب من رئاسة النادي، لأن الجميع يعلم بأن أسرتي مقيمة في الخارج، وأنا اضطر في كل مرة إلى التنقل، وغيابي في الكثير من الأحيان عن الفريق أثر عن تسيير بعض الأمور الإدارية، وعليه فقد فضلت التعامل مع هذه الوضعية بنوع من العقلانية، من خلال الاتفاق الذي كان لي مع نائبي صليح خلة، من أجل التنازل له عن الرئاسة، لأن الرئيس يجب أن يكون حاضرا بصورة منتظمة، فضلا عن الظروف العائلية القاهرة التي أرغمتني عن الاعلان عن الانسحاب أو التنازل، لأن الفترة التي قضيتها على رأس الترجي، كانت لها آثار سلبية على الأجواء داخل الأسرة، وتصحيح المسار استوجب تواجدي بجانبي الأبناء في هذه المرحلة.
نفهم من هذا الكلام بأن الأمور محسومة بخصوص الرئيس الجديد؟
بصرف النظر عن الجانب القانوني، فإن الجميع على دراية بأن خلة، قدم الكثير للترجي في السنوات الأخيرة، لأنه كان مكلف بالأصناف الشبانية رفقة أحسن بوكبو، كما أنه أصبح نائبا لرئيس النادي منذ سنة، وقد كان بمثابة «رجل الانقاذ» الذي نلجأ إليه في اللحظات الحرجة، لأنه قدم لنا «سلفة» في آخر موسمين، بقيمة تتجاوز 2 مليار سنتيم، وهذا دليل على المكانة التي يعطيها للترجي، دون تجاهل العمل الكبير الذي قام به على مستوى الشبان، من خلال إعادة الهيكلة من نقطة الصفر، والاتفاق الذي تم بيننا بشأن مستقبل رئاسة النادي كان بنية ضمان الاستقرار الإداري، رغم أن القرار المتخذ يتطلب برمجة جمعية عامة استثنائية لانتخاب رئيس جديد للنادي، وخلالها سيتم ترسيم تولي خلة مقاليد الرئاسة، ولو أنني سأواصل العمل معه، لأنني وعدت الأنصار بالبقاء ضمن الطاقم المسير، مادام قرار تنازلي لم يكن بنية الهروب من المسؤولية.
وماذا عن حصيلة الفترة التي توليت فيها رئاسة الترجي؟
موافقتي على تولي الرئاسة كان بهدف تجسيد مشروع رياضي، كان قد رسمت معالمه الأساسية عند ترشحي، والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن حلم كل القالميين كان منحصرا في عودة الفريق إلى الرابطة الثانية، والتي يبقى غائبا عنها منذ سقوطه في سنة 1999، وعليه فقد سعينا لتوفير الأجواء الكفيلة بتجسيد هذا الهدف، من خلال انتهاج استراتيجية عمل تتماشى ومكانة «السرب الأسود» في تاريخ الكرة الجزائرية، لأن هذا العامل مهم جدا، وتغيير طريقة التسيير كانت بالتوجه أكثر نحو الجانب التجاري، مع البحث عن مصادر تمويل أخرى، دون دعم السلطات الولائية، وقد كللت هذه الطريقة بإبرام عقدي رعاية مع شركتين وطنيتين، فضلا عن اعتماد «احترافية» أكبر في تسيير شؤون الفريق، والنجاح في إقناع مواسة بالعودة لتدريب الترجي كان بالنسبة لنا من بين المكاسب، لأن هذا المدرب نجح في ترسيخ تقاليد جديدة في إدارة الشؤون الداخلية للمجموعة، وجعل الكل يلمس الاحترافية التي أصبحت سائدة، رغم أن نهاية المشوار لم يكن سعيدة، بعد الفشل في تحقيق الصعود، لكننا لا بد أن نكون موضوعيين، ونعترف بالمسؤولية الكاملة في الإخفاق، وعدم القدرة على تجسيد الهدف المسطر لا يحجب الرؤية عن الإيجابيات المسجلة، منها تتويج الأصاغر باللقب الوطني، وكذا تخليص حساب النادي من قرارات الحجز والتجميد التي كانت قد طالته لسنوات عديدة، وبالتالي فما علينا سوى استخلاص العبر من الدرس الذي كان قاسيا، والعمل على توفير الأجواء التي من شأنها بلوغ الغاية المرجوة، لأن العمل يجب أن يتواصل، و»السرب الأسود» يستحق مكانة في وطني الهواة في أسرع وقت ممكن.
حاوره: ص / فرطاس