أكد أخصائي التغذية عبد القادر لزرق، للنصر، أن الفواكه تعد من أغنى مصادر السكريات الطبيعية غير المكررة، فهي مفيدة لمرضى السكري إذا تم تناولها باعتدال، لأنها تزود الجسم بالطاقة دون أن تسبب ارتفاعا حادا في معدل السكر في الدم مثل السكريات المصنعة، مشددا في ذات السياق على ضرورة تناول الفواكه التي تحتوي على نسب عالية من الماء، مثل البطيخ، الشمام، البرتقال، لكونها تساهم في ترطيب الجسم وتعويضه بالأملاح المعدنية الضرورية في فصل الحر.
يتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الأخيرة، منشورات تحذر من بعض الفواكه الصيفية باعتبارها خطرا على صحة مرضى السكري، وهي منشورات أثارت جدلا واسعا وخلفت حالة من القلق والارتباك لدى فئة كبيرة من المرضى، الذين أصبحوا في حيرة من أمرهم بين ما يسمعونه عبر الإنترنت وما تعودوا عليه من نمط غذائي يومي.
فرغم أن بعض التحذيرات لها أساس علمي، إلا أن تعميمها دون توضيح أو تأطير طبي يزيد من مخاوف مرضى، خاصة مع اختلاف درجات السكري، وتباين قدرة كل جسم على التعامل مع السكريات الطبيعية. فليس كل مريض مثل الآخر، كما أن الفواكه ليست على نفس الدرجة من التأثير
في هذا السياق، يؤكد خبراء تغذية أن الحكم القاطع على نوع معين من الفواكه بالمنع أو السماح لا يمكن أن يكون عاما، لأن تقييم ذلك يجب أن يتم بناء على الفحص الفردي لكل مريض، ومعرفة تاريخه الصحي، ومرحلة مرضه، ومدى انتظامه في العلاج.
«المؤشر الغلايسيمي» هو الفيصل
يؤكد أخصائي التغذية العلاجية عبد القادر لزرق، بأن تناول الفواكه في فصل الصيف لا يجب أن يكون محل تخوف، بل هو أمر ضروري ومفيد للجسم، حتى بالنسبة لمرضى السكري بنوعيه الأول والثاني، وكذلك المصابات بسكري الحمل. ويضيف المتحدث، أن الفواكه تعد من أغنى مصادر السكريات الطبيعية غير المكررة، والتي تعرف بسكر «الفريكتوز»، وهو نوع مفيد إذا ما تم تناوله باعتدال، لأنها تزود الجسم بالطاقة دون أن تسبب ارتفاعا حادا في مستوى السكر بالدم مثل السكريات المصنعة.
يشرح الأخصائي أن الفواكه يمكن تقسيمها وفق ما يعرف بالمؤشر الغلايسيمي، وهو المعيار المعتمد لتقييم مدى سرعة تأثير الغذاء على مستويات الغلوكوز في الدم.
وبناء على هذا المؤشر، يمكن تصنيف الفواكه إلى فواكه آمنة ذات مؤشر منخفض أقل من 30، وهي الفواكه التي لا ترفع نسبة السكر بسرعة، ويمكن تناولها بحرية نسبية، و فواكه معتدلة الحلاوة مؤشرها بين 35 و65، والتي يمكن تناولها بكميات محدودة، مع مراقبة نسبة السكر لاحقا، وثالثا، فواكه عالية الحلاوة بمؤشر فوق 65 هذه الفواكه بحسبه، لا تمنع كليا، لكن يجب التعامل معها بحذر شديد، منها التمر والعنب.
وشدد لزرق، على أن التمر مثلا ينصح بتناوله بكمية لا تتعدى حبة واحدة يوميا، لأن حلاوته مركزة جدا، وينطبق ذلك على العنب الذي يحتوي على نسبة عالية من الفريكتوز سريع الامتصاص.
الفواكه الغنية بالماء جد مفيدة
من جهة أخرى، نصح لزرق، مرضى السكري بتناول الفواكه التي تحتوي على نسب عالية من الماء، مثل البطيخ، الشمام، البرتقال، فهي لا تساهم فقط في ترطيب الجسم وتعويضه بالأملاح المعدنية الضرورية في فصل الحر، بل توفر أيضا كميات معتدلة من السكر الطبيعي دون التسبب في ارتفاع مفاجئ لمستوى الغلوكوز، لا سيما إذا تم تناولها بكميات معتدلة.
وفيما يخص شكل الفاكهة وطريقة حفظها، يؤكد الأخصائي أن الفاكهة الطازجة هي الخيار الأمثل لمرضى السكري، لأنها خالية من المواد الحافظة ولا تحتوي على سكريات مضافة وغنية بالألياف التي تبطئ امتصاص السكر، أما الفواكه المجففة، فهي تحتوي على سكريات مركزة نتيجة فقدان الماء، وينبغي تناولها فقط في حالات خاصة وبكميات محسوبة بدقة.
أما الفواكه المعلبة فهي غير مناسبة إطلاقا، لكونها غالبا ما تحتوي على شراب مركز أو سكر مضاف، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستوى السكر.
هذه الطريقة الصحية لتناول الفاكهة
وأشار الأخصائي إلى أن تناول الفواكه قبل الوجبة الرئيسية أفضل من تناولها بعدها، لأن الجسم يكون أكثر استعدادا للاستفادة من الألياف والعناصر الغذائية، دون التسبب في تراكم السكر في الدم، خاصة إن كانت الوجبة الأساسية غنية بالكربوهيدرات.
وقال إن تحديد الكمية اليومية من الفواكه يعتبر أمرا شخصيا، يختلف من مريض إلى آخر حسب وزنه، مستوى نشاطه البدني، نوع السكري، طبيعة العلاج، معدل السكر اليومي ولهذا، أوضح أنه لا توجد «وصفة عامة» تنطبق على جميع مرضى السكري، بل يفضل لكل شخص استشارة مختص في التغذية السريرية لوضع برنامج غذائي فردي متوازن. وأضاف لزرق، أن مريض السكري يحتاج إلى فهم طبيعة جسمه، واستشارة من يعرف حالته الصحية عن قرب، فالفواكه ليست عدوا، بل عنصرا مهما من التغذية الصحية، شريطة احترام قواعد التوقيت، الكمية، والنوعية.
لينة دلول