تعد  الألعاب التركيبية مثل "البازل" و ألعاب الحساب الذهني الحديثة، من البدائل المناسبة لتنمية ذكاء الطفل و تقوية تركيزه،  كما أكد أخصائيون نفسانيون و أرطوفونيون، مشددين على أهمية استخدامها كبدائل للهواتف النقالة وأجهزة التلفاز التي تؤثر سلبا على التطور اللغوي و الذهني عند الطفل، ورغم توفر عدد لا يحصى من الألعاب التربويةفي المكتبات، إلا أن ثقافة توظيفها، لا تزال محصورة في الجانب العيادي، و العائلات التي تستخدمها كوسائل لعب و تربية لأبنائها، قليلة جدا، إما عن جهل بوجودها أساسا،  أو بسبب عدم إدراكها لأهميتها البالغة.

إقبال محدود و أسعار متفاوتة
 لاحظنا خلال جولة قامت بها النصر، بعدد من المكتبات و محلات بيع الألعاب بقسنطينة، بأن الإقبال على هذا النوع من الألعاب المصنوعة عموما من الورق المقوى أو الخشب، محدود جدا ، مقارنة بالألعاب العادية، و السبب، حسب بعض من تحدثنا إليهم، من الباعة و أصحاب مكتبات، هو جهل الأولياء بطبيعتها، فهم لا يعرفون ماهيتها و كيفيه استخدامها، حيث أكد صاحب مكتبة «القلم» بشارع عبان رمضان بوسط المدينة، بأن هذه الألعاب غير متوفرة في كل مكان، و يقتصر بيعها على بعض المكتبات دون غيرها، مضيفا بأنها كانت مطلوبة جدا قبل سنوات، و كانت تتخصص في بيعها بقسنطينة، تحديدا مكتبة « مرجماق» الشهيرة بشارع بلوزداد، غير أن الإقبال  عليها تراجع بشكل ملحوظ، بعدما أغلقت المكتبة عقب وفاة مالكها.
محدثنا أضاف بأن غزو الألعاب الصينية البلاستيكية للأسواق، أثر على اهتمامات الأسر وعلى أذواقها، مضيفا بأن استيراد هذا النوع من الألعاب، يتطلب شخصا ملما بأهميتها، و مستعدا للاستثمار فيها، كما عبر.
من جهتهم قال، بائعون بمكتبة «الشافعي»، بأن أكثر من يهتمون بالألعاب التركيبية وألعاب الحساب الذهني و تطوير الذكاء، هم المختصون من نفسانيين وأرطوفونيين، إضافة إلى مسيري رياض الأطفال و الجمعيات الثقافية و التربوية و غيرها ، بالمقابل فإن إقبال الأسر عليها قليل جدا، فالكثير من الأولياء  يفضلون القصص المصورة و كراريس التلوين.
خلال استطلاعنا، تبين لنا بأن أسعار هذه الألعاب، مقبولة جدا، مقارنة بأهميتها و جودتها العالية، حيث تنطلق عموما من  400 دج إلى غاية 1800دج، وهي متنوعة و تختلف، حسب الفئات العمرية، فهناك ألعاب بسيطة مثل   «الليغو» وهناك ألعاب تعليمية معقدة، مثل « البازل» وألواح السوربان  و مكعبات الألوان و  المنوبولي و بعض الألعاب الأخرى، التي تسهل الحساب و ربط الألوان وتحديد الأشكال وغير ذلك.
أفضل لعبة للطفل بين 3 إلى 5 سنوات

 حسب السيدة خالدية، أستاذة و أم قابلناها في المكتبة، فإن هذه الألعاب مهمة جدا للأطفال الصغار، خصوصا الأطفال، أقل من أربع سنوات، لأنها تساعد على شد انتباههم و تعلمهم التركيز، كما تعتبر أفضل طريقة يمكن أن نستخدمها في تربية الطفل، حالها حال القصص والكتب، كما قالت.  
وهو ما تؤكده دراسة حول « دور الألعاب التركيبية في تنمية ذكاء ما قبل العمليات عند طفل الروضة بين 3 و 5 سنوات»،  أجرتها الباحثتان  في علم النفس التربوي حدة زروخي و عتيقة رحالي بجامعة المسيلة، سنة 2016.
الدراسة بينت بأن للألعاب التركيبية دورا مهما في تنمية مفهوم الحجم و الشكل لدى الطفل في عمر    3 إلى 5 سنوات، كما أنها مفيدة في  تنمية مفاهيم  الالتصاق و التمييز و المقارنة  ورفع مستوى الذكاء، لأن الطفل في هذه المرحلة يعتمد بشكل كبير على حواسه، في تكوين صورة ذهنية لشيء معين، دون أن يراه أو يلمسه، و هذا يدل،  كما جاء في الدراسة، أن الطفل يحاول في هذه المرحلة أن يعرف الأشياء و الأشكال من خلال تصوره، لكنه لا يستطيع في الغالب تمييزها أو اختيار ما تشابه منها، دون أن تتوفر لديه أدوات تساعده على ذلك، و أهمها و أفضلها هي الألعاب التركيبية التي تبسط للطفل عدة مفاهيم ، و هذا ما يطلق عليه، حسب الباحثتين،  تطوير  ذكاء ما قبل العمليات.
تحفّز الذاكرة و الانتباه و تساعد في علاج التوحّد
من جانبها أوضحت الأخصائية الأرطوفونية بعيادة إحسان بقسنطينة، أسماء شيهوب، بأن هذه الألعاب تصنف كألعاب تعليمية، لما لها من أهمية بالغة في توجيه الطفل و تعليمه،  ابتداء من عمر السنتين، حيث أشارت الأخصائية، إلى أن فائدتها لا تخص الطفل السليم فقط، بل  تعد هذه الألعاب كذلك، جزءا مهما  من عملية التأهيل العيادي بالنسبة للأطفال الذين يعانون من مشاكل التوحد، أو فرط الحركة، أو تشتت الانتباه وضعف الذاكرة، فهي ضرورية في تحضير الطفل لتلقي المتابعة و التكفل، كما أن دورها مهم جدا في تحفيز الذاكرة و تأطير الانتباه، علما أن طريقة توظيفها تختلف، حسب كل حالة، و بناء على الفئة العمرية المستهدفة.
و للألعاب التركيبية وألعاب التعلم عموما، تأثير إيجابي على تنمية قدرات الطفل في التفكير العلمي، حيث يتعلم مجموعة من المفاهيم، كالمقارنة و التنبؤ و التحليل و مفهوم التوازن، كما تساعد على تعليم الطفل أساسيات مهمة في مادة الرياضيات، مثل التصنيف و التسلسل و الأطوال و المساحة و الأعداد و الأجزاء، و تعزز إحساسه بالثقة في النفس، وتضاعف قدراته، بعد إتمام كل إنجاز تركيبي، و تشجع أيضا الطفل، على اكتساب مهارة التخطيط، من خلال التدرج في الألعاب التركيبية من مرحلة العشوائية إلى مرحلة البناء الممنهج، و تحفر روح العمل الجماعي لديه، من خلال اللعب في إطار مجموعات.

* الأخصائي الأرطوفوني بوبكر مشطري
المشاركة شرط لضمان الفعّالية التعليمية
أكد بدوره، الأخصائي الأرطوفوني بوبكر مشطري، بأن هذه الألعاب التعليمية و التفاعلية، مفيدة جدا للأطفال السليمين، و من يعانون من بعض المشاكل، على حد سواء، كما أنها بديل مثالي للتخلص من إدمان بعضهم على الهواتف النقالة و أجهزة التلفاز، التي تسبب تأخر النطق و العزلة الاجتماعية، و تؤثر على اكتساب المعارف والقدرات وتنمية الذكاء الحسي، لكن فاعلية الألعاب التركيبية و الألعاب الذهنية عموما، لا تتحقق، حسبه، إلا إذا توفر شرط المشاركة الأسرية،  فالخطأ الذي يقع فيه الأولياء عادة، كما قال، هو توفير الألعاب لأبنائهم، لكنهم دون مرافقتهم أثناء اللعب بها أو استخدامها، مشددا بأن اللعب في هذه الحالة، يحتاج إلى مساعدة أو مرافقة، كون التفاعل هو ما يحقق نتائج إيجابية للطفل في وقت وجيز.
 الأخصائي أضاف، بأن توفير الأداة أو اللعبة وحدها، دون توجيه أو ممارسة، يضعف من نسبة فائدتها، خصوصا الألعاب التي تتوفر على خصائص تشجع الطفل على التفكير و الربط و التسلسل و المنطق والمطابقة، و التي تعد أفضل الأنواع، كما أشار، مؤكدا بأن الألعاب المباشرة التي تقدم حلولا سهلة وسريعة للطفل، لا تفيد كثيرا، لأنها لا تدفعه لاستخدام قدراته العقلية.
 هدى طابي

مختصون يؤكدون للنصر
الهاتف و غياب التواصل الأسري يتسببان في تأخر نطق الأطفال
* العلاج قبل سن التمدرس ضروري لتجاوز صعوبات التعلم
كشف مختصون في علم النفس و الأرطوفونيا و كذا مربون، بمؤسسات الطفولة الصغيرة، للنصر، عن تزايد مخيف، لحالات تأخر النطق و الكلام عند الأطفال خلال الثلاث سنوات الأخيرة، حيث أن إحدى الروضات أحصت بين 75 طفلا مسجلا بها ، أكثر من 20 حالة، لأسباب، و إن تعددت، يأتي في مقدمتها الإفراط في استعمال الهاتف و الألواح الذكية، التي أصبحت الأدوات السحرية، في نظر عديد الأولياء، للتخلص من متاعب الأبناء، ما أدى لإحداث هوة بينهم و غياب التواصل اللفظي معهم، فحال ذلك دون أن يكتسب الطفل قاموسا لغويا يمكنه من النطق و الكلام.      

أثار مربون برياض الأطفال، على هامش فعاليات أيام دراسية، مشكلة تأخر النطق، أو كما يطلق عليه أهل الاختصاص، اضطراب النطق أو اللغة، و التي يرون بأنها تتفاقم، بفعل تغير أساليب التربية و التنشئة الأسرية، بعد أن أهمل أولياء دورهم المحوري، من أجل ضمان الرفاهية الاجتماعية لفلذات أكبادهم، ما أوقعهم في فخ الاضطرابات اللغوية و التعليمية، على حد قول، ممارسين في الميدان، نتيجة غياب الحد الأدنى من التواصل داخل الأسرة، مشددين على ضرورة التشخيص المبكر للاضطرابات، لتحديد نوعها و التمكن من ضبط خطة علاجية مستعجلة، تضمن النجاعة في العلاج.
أمهات تسردن تجاربهن مع مشكلة اضطراب النطق
تحدثنا مع أمهات لأطفال دون سن الخامسة، يعانون من مشكل تأخر النطق، منهن حسيبة ، أم طفل عمره أربع سنوات، قالت بأنها لاحظت بأنه عندما كان في سن الثالثة، لا يتحدث كأقرانه، و لا يجيد تسمية الأشياء، و حتى الكلمات التي يتلفظ بها غير مفهومة، و نفس الملاحظة وجهتها لها إدارة الروضة، لم تتقبل في البداية الأمر، و أصيبت بنوع من الصدمة، قبل أن تدخل في رحلة علاج،استهلتها  بالتوجه رفقة ابنها إلى طبيب أطفال، فأكد لها بعد إجراء فحوصات له، بأن السبب لا يعود إلى مشكل عضوي، يتمثل أساسا باللسان المربوط بحزام نسيجي إلى الأسفل، أو مشكل في السمع، فوجهها الطبيب إلى مختصين في الأرطوفونيا و علم النفس، كما ركز على دورها في عملية العلاج.
و قالت سيدة أخرى عند حديثها للنصر، عن تجربتها مع ابنتها، بأنها لا تعرف تسمية الأشياء، بالرغم من بلوغها سن الثالثة، و تكتفي بترديد كلمتي ماما و بابا، و بعد عرض حالتها على مختصين، تبين بأن المشكل يكمن في استعمالها المفرط للوحة الذكية، لأن المربية كانت تستعملها لتهدئتها، كما أن الأم لا تهتم بالتواصل و اللعب معها، نتيجة انشغالها بالأشغال المنزلية، عند عودتها إلى البيت من عملها.    

* مربية و مسيرة روضة أطفال
نسجل ارتفاعا مخيفا في معدل اضطراب تأخر النطق
أطفال يعتمدون لغة الإشارات لمعاناتهم من صعوبة النطق
قالت السيدة كهينة ، مديرة روضة و مربية أطفال، أنها سجلت منذ سنة 2018 زيادة في حالات تأخر النطق عند الأطفال، حيث سجلت روضتها 20 طفلا يعانون من هذا الإشكال، من بين 75 مسجلا لديها، مشيرة إلى أن الأعراض تظهر في سن سنتين، و تبرز أكثر عند بلوغه الثالثة، و هي المرحلة التي تنبه للإسراع في تشخيص الحالة بدقة، للتعجيل بالعلاج.
محدثتنا أوضحت بأنها بحكم متابعتها للأطفال، وجدت بأن عددا معتبرا  منهم يعانون من تأخر النطق، و تسجل هذه الحالات بنسبة أكبر عند الطفل الوحيد في العائلة، لأنه يعيش نوعا من العزلة عن المحيط الخارجي، فيما لا يملك الأولياء خبرة كافية حول كيفية رعاية الابن البكر و الوحيد في  بداية حياتهم الزوجية، و ينهمكون في العمل، و لا يهتمون بالتواصل مع الطفل و اللعب معه، مشيرة إلى أن الإشكال لم يكن يطرح بحدة من قبل، فنادرا ما كانت تسجل حالات من هذا النوع.
المؤسف في الأمر، حسب المتحدثة، أن هناك أولياء لا يتقبلون حقيقة معاناة أبنائهم من اضطراب اللغة و النطق، و يبررون ذلك بالخجل، و ذكرت قصة سيدة ، رفضت تقبل مرض ابنها، و طلبت من إدارة الروضة التستر عن الأمر، قائلة بأنها سيدة مجتمع و ذلك يؤثر على صورتها..
و أشارت السيدة كهينة بهذا الخصوص، إلى أنها و بفعل احتكاكها و تعاملها الدائم مع الأطفال، و مع المختصين النفسانيين و الأرطوفونيين الذين تشرف عليهم،  لاحظت بأن الطفل أصبح يعيش نوعا من العزلة، و يقضي جل وقته مع الهاتف و الألواح الذكية، حيث أن الأولياء يقدمون لأبنائهم الهواتف، بمجرد خروجهم من الروضة، و لا يكلفون أنفسهم عناء الاطمئنان على أبنائهم، و هي عوامل تتسبب في تأخر النطق، و تشتت الانتباه و صعوبات التعلم و فرط الحركة و التوحد و غيرها.
* المختصة في الأرطوفونيا حياة بوالشعير
تصحيح علاقة الأبناء بالأولياء ضروري في العلاج  
تحذر المختصة في الأرطوفونيا حياة بوشعير من جهتها، من الارتفاع الذي وصفته بالخطير، في حالات تأخر النطق عند الأطفال، مؤكدة بأنه أصبح يطرح بحدة في السنتين الأخيرتين، و أدى إلى ظهور مشاكل أخرى،  كصعوبات التعلم، في حال تأخر العلاج، حيث سجلت حالات عديدة على مستوى الروضة التي تعمل بها، لأطفال في الرابعة من عمرهم، لا يعرفون الألوان، و هو مؤشر اعتبرته خطيرا جدا.
و ذكرت مؤشرا آخر يتمثل في عدم فهم الطفل ما يطلب منه، معتبرة الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق، الناجم عن اضطراب اللغة ضحايا مجتمع.    
و تنصح المختصة في هذه الحالات ، بتطبيق طرق التعليم العلاجي، التي تتطلب مختصين في الميدان، من أجل تكوين ما يسمى بالتغذية الراجعة عند الطفل، أو ما يعرف بالفعل و ردة الفعل، و هذا لوضع الطفل على السكة الصحيحة، مشيرة في سياق متصل، أن هناك مشاكل أخرى تسجل في فترة العلاج، كمشكل «المصادات»، حيث أن الطفل يعيد كلام الشخص الذي يخاطبه، و لا يجيد توظيف الرصيد اللغوي الذي بجعبته، موضحة بأنها تركز في العلاج على تكوين رصيد لغوي للطفل،  و تدعو الأولياء إلى تصحيح العلاقة مع أولادهم، بعد أن أدت التكنولوجيات و متغيرات المعيشة، إلى بروز نمط معين في الحياة أدى إلى توسيع الهوة بين الأبناء و الأولياء، حيث أصبح الأب يوفر كل المتطلبات لابنه مقابل أن يلتزم الصمت و الهدوء، و هذا ما يؤثر، حتى على تكوين شخصية الطفل .

* الأرطوفونية كنزة بطاز
معظم الحالات التي أتابعها تعاني من تأخر النطق
أكدت الأرطوفونية كنزة بطاز، صاحبة عيادة اليقين للتكفل النفسي الأرطوفوني، من جهتها، بأن أكثر الحالات التي تتابعها تتعلق بتأخر النطق، و تتعلق بأطفال يتراوح عمرهم بين 3 و 7 سنوات، يعانون من انعدام اللغة تماما ، أو النطق غير السليم، أو غير المفهوم للكلمة، فيما لا يعانون من أي اضطراب آخر.
 و أوضحت المتحدثة أن من بين أنواع الاضطرابات المسجلة بعيادتها،  مشكل التأخر اللغوي و يتمثل في افتقار الطفل لرصيد لغوي، حيث أنه يختلف عن الطفل العادي، لكون هذا الأخير، بين سن 9  أشهر و 3 سنوات، يستطيع  التعرف على الأشياء و يسميها بمسمياتها، و يقلد أولياءه ، و هذا ما يساعده في تكوين و إثراء رصيده اللغوي، و يستخدمه في حياته اليومية.
أما الطفل الذي يعاني من تأخر لغوي في هذه المرحلة العمرية، فلا يتمكن من الإنتاج اللغوي، و لا يستطيع الوصول إلى الحد الأدنى من النضج اللغوي و فهم اللغة.
و من الأسباب التي تقف وراء تزايد الحالات، قالت المختصة بأنها و بعد إشرافها على علاج عدد معتبر من الحالات، استخلصت أن استعمال الهاتف و مشاهدة الفيديوهات في سن مبكرة، و الإدمان عليها، يعزل الطفل عن محيطه و أسرته، في الوقت الذي يكون بأمس الحاجة للتواصل مع أوليائه، باعتباره في مرحلة مهمة لاكتساب اللغة،  كما سجلت عدة أسباب أخرى، نفسية محضة، تتعلق بطلاق الوالدين، أو إفراط الأم في الحماية، إلى جانب مشكل أخرى، يتمثل في ازدواجية اللغة، التي قد تؤثر سلبا على استعمال الطفل لأعضاء النطق.
كما تطرقت المختصة إلى شريحة الأطفال الذين يعانون من مشكل نطق الكلمة، فينطقونها بشكل غير مفهوم أو بقلب الصوت أو حذفه، و هذا راجع، حسبها، إلى اضطراب في النطق و سببه قد يكون عضويا، كوجود مكبح اللسان،  أو مشكل سمعي، أو وجود علة بعضلات النطق، و قد يكون السبب وظيفيا، يكمن في تقليد أحد أفراد العائلة، أو أن الطفل غير مدرك لخصائص الصوت.
و تدعو المختصة الأولياء إلى علاج الاضطراب اللغوي في سن مبكرة، أي في سن 3 سنوات، لضمان تكفل أمثل قبل بلوغ سن التمدرس، مضيفة بأنه من بين الطرق العلاجية التي تعتمدها في عيادتها،  إثراء الرصيد اللغوي و تمارين تقوية أعضاء النطق، و كذا استعمالها.  
و شددت في ختام حديثها للنصر، على ضرورة إخضاع الأطفال الذين يعانون من أحد هذه المشاكل، للمتابعة الدقيقة، و على أوليائهم عرضهم على مختصين بمجرد ظهور عرض معين، و ذلك لعلاج المشكلة في آنها،  تفاديا لتفاقمها، مع  ضرورة التواصل الدائم مع الأبناء و تحفيزهم على النطق بشكل سليم.

* الأخصائية النفسانية كريمة حدرباش
يجب استغلال الوسط الأسري و الاجتماعي لتنمية الكفاءات اللغوية
قالت الأخصائية في علم النفس العيادي و مديرة مدرسة المعاقين سمعيا بقسنطينة كريمة حدرباش، للنصر أنها تابعت حالات عديدة لأطفال يعانون من تأخر النطق، أو كما يطلق عليها المختصون اضطرابات اللغة، مشيرة إلى أن عرض الإصابة واحد، لكن أسبابها متعددة، تختلف من حالة لأخرى، فهناك اضطرابات نفسية و أخرى نفسية اجتماعية، و هناك نوع ثالث يتعلق بالاضطرابات الصحية العضوية.  
أوضحت المتحدثة، بأنه قبل مباشرة أي علاج، يجب فحص الطفل، لتشخيص حالته بدقة، و البحث عن نوع الاضطراب الذي يعاني منه، لعلاجه ، سواء عند طبيب، إذا كان الأمر يتطلب جراحة أو متابعة لدى طبيب مختص في طب الأعصاب، أو عند نفسانيين و أرطوفونيين، مع إشراك العائلة في العلاج، المهم أن يتم ضبط طريقة العلاج الملائمة و الصحيحة، لنوع الاضطراب الذي يعاني منه الطفل لحل الإشكال.
و أضافت أن هناك أسبابا نفسية أسرية، كتعرض الطفل لصدمة قد تنجم حتى عن تغيير المحيط المعيشي، مؤكدة بأن وضعية الطفل الأسرية العلائقية،  لها تأثير كبير على الجانب الصحي.                                  
خلال متابعتها لعدد من الحالات، كما قالت، سجلت مشكل غياب الاحتكاك و التواصل بين الأولياء و الأطفال، و هذا يعد من أبرز المشاكل، حسبها، التي تؤدي إلى تفاقم مشكل اضطراب اللغة، لأن الطفل يتواصل بصريا مع أوليائه ، ما يؤثر على تكوين الرصيد اللغوي لديه، و بالتالي تأخر النطق إلى ما بعد خمس سنوات، في الوقت الذي ينطق الطفل العادي في سن ثلاث سنوات، و يجب أن يمتلك 350 كلمة بقاموسه اللغوي، داعية الأولياء إلى استغلال  الوسط الأسري، و كذا الاجتماعي، لتنمية الكفاءات اللغوية للطفل، ليستعمل كل حواسه.  
و أوضحت بأن العملية العلاجية تختلف من حالة لأخرى، و يتم التكفل بكل حالة على حدة، مشيرة إلى أن عامل السن له دور. بعد التشخيص الدقيق للحالة يتم، حسب النفسانية، ضبط خطة علاجية محكمة، تعتمد على فرقة متعددة الاختصاصات، تضم مربية الروضة و النفساني و الأرطوفوني، و ترتكز الخطة على إعادة تأهيل الطفل من قبل نفسانيين، يتكفلون بالبحث بدقة عن بداية الاضطراب، التي تكون مثلا، منذ عملية الختان، أو منذ تحويل الصغير إلى مربية، فيكون السبب في هذه الحالة، هو قلق ما بعد الصدمة.  
و بخصوص طرق تعليم الطفل اللغة، ركزت المختصة على عنصر التواصل و الحديث مع الطفل بكلمات مفهومة، و القيام بأنشطة في البيت، كمرافقة الطفل لوالدته في المطبخ، و تسمية الأشياء الموجودة به، و الإشارة إليها بإصبعها عند ذكر أسمائها، و كذا مرافقة الطفل إلى فضاءات التسلية و الحدائق، كحديقة الحيوانات و الحرص على دمجه مع أقرانه، مؤكدة بأن الشركاء الأساسيون في العملية العلاجية، هم الأولياء، فإذا طبقوا إستراتيجية العلاج المنزلي،  يتحقق العلاج الناجع، الذي يقوم أيضا على التصحيح، و هي إستراتيجية علاجية يقوم بها أرطفونيون، كما أوضحت النفسانية العيادية.  
أسماء/ ب

الرجوع إلى الأعلى