عمال يختارون مهنة الغناء في الأعراس سعيا للشهرة
تزامنا مع فصل الصيف الذي تكثر فيه الحفلات والأعراس، يفضل العديد من الشباب التحول إلى ممارسة الغناء من أجل كسب قوتهم وكذلك لممارسة هوايتهم، فأضحى عدد المغنيين قياسي وأصبح لقب «الشاب» يُتداول هنا وهناك، و في مدينة علي منجلي بقسنطينة على سبيل المثال، يوجد قرابة 15 مغنٍ هاوٍ، أما على مستوى كامل الولاية فيفوق عددهم 50 شخصا، يتنافسون فيما بينهم من أجل ضمان إحياء أكبر قدر ممكن من الأعراس.
روبورتاج: حاتم/ب
النصر و لتقصي هذه الظاهرة أكثر ، أجرت استطلاعا التقت خلاله بعدد من هؤلاء الشباب، و قد كان من بينهم المغني المسمى «يعقوب كوكوف» الذي يقطن بمدينة علي منجلي، وأوضح لنا أنه يحب الغناء منذ أن كان صغيرا، وهو الآن مطلوب بقوة لإحياء الأعراس، وعن سبب اختياره لهذه المهنة، ذكر أن له قصة قديمة جعلت منه مصمما على النجاح وتحقيق حلمه، حيث كان مرتبطا بفتاة مغتربة و على وشك الزواج بها، ولكن نظرا للظروف القاسية، لم يتمكن من إتمام عقد قرانه، ليقرر بعدها اللجوء للغناء لنسيان همومه و تحقيق حلمه بالغناء في فرنسا، على حد تعبيره، و يقول يعقوب إنه لم يسبق له الغناء خارج الجزائر ولكنه يقترب من تحقيق أول أهدافه ، وهي إحياء حفلات في الجارة تونس.
من عون أمن إلى مغنٍ مشهور
تحدثنا مع مغنٍ آخر يدعى في وسطه الفني ياسين «شالابالا» نسبة إلى الأغنية التي حقق بها نجاحا، حيث أكد أنه يحب كثيرا الغناء ولا يضيع فرصة تحقيق ذلك حتى وإن كان بسعر رمزي فقط، مضيفا أن حلمه حاليا هو الشهرة وليس ربح المال، كما أوضح أنه كان يملك مقهى للأنترنت ولكنه قرر التحول للغناء لعدم قدرته على البقاء بعيدا عن هوايته المفضلة الأولى، فأصبح يتنقل لقاعات الحفلات من أجل الاستمتاع و الإمتاع حسبه.
و تختلف الحالات من مغن إلى آخر، حيث تمكن الشاب «ميدو «من التطور كثيرا، فبعد أن كان يغني في الأعراس التي تقام في الأحياء، صار مطلوبا خارج الوطن، فقد تنقل إلى الدار البيضاء بالمغرب من أجل الغناء هناك، و قد تعذر علينا التحدث إليه لأنه يتواجد حاليا في دبي من أجل إحياء حفلة هناك، لكن مقربيه أكدوا أن نقطة التغير في مساره الفني كانت عندما أحيا حفلة في مدينة بجاية مع المغني «السماتي»، ومنذ ذلك الحين اكتسب شهرة في ولاية قسنطينة.
يعقوب، قصة أخرى مثيرة لشاب اشتهر أيضا، بعد أن كان يشتغل عون أمن في المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، حيث صنع لنفسه اسما في مجال الغناء، ليسير على خطى شقيقه الذي يسمي نفسه الشاب «بسطة» و هي كلمة عامية تعني الجلسة الممتعة، ليتحول الشقيقان إلى مغنيين ينافس كل منهما الآخر في هذا مجال.
مليون سنتيم عن كل ساعة!
و قد تحدثنا للعديد من المغنين في مدينة علي منجلي، عن الطلبات التي تصلهم لإقامة الأفراح في فصل الصيف، وأكد جلهم أنهم يتنقلون للغناء في قاعات الأفراح بشكل يومي ونادرا ما تجدهم متاحين في هذا الفصل، كما أوضحوا أنهم يعملون في الصالات وكذلك في الأحياء، أما عن السعر فقد تأكد أنه متغير ومختلف من زبون لآخر، فإذا كان صاحب الحفل من المقربين على غرار الأحباب والأصدقاء، يكون الثمن أقل، كما يرتبط ذلك بالمكان، فكلما كان بعيدا يزيد السعر، و يصل متوسط تكلفة الغناء لمدة 5 ساعات، إلى 5 ملايين سنتيم، أي بمعدل مليون سنتيم عن كل ساعة، لكن الأمر يختلف من مغني لآخر، فيوجد من يحيي العرس مقابل 3.5 مليون سنتيم، و ikhm من يطلب 8 ملايين.
و رغم اختلاف الأرقام، فإن أقل ما يمكن جنيه خلال الشهر الواحد، هو مبلغ 30 مليون سنتيم، وهذا دون نسيان المال الذي يدفعه المدعوون مقابل طلب الأغنيات «التبراح»، والذي قد تصل قيمته في بعض الأحيان إلى 10 ملايين سنتيم، أما عن معدات الغناء على غرار «السانتي» و»الصونو» والفرقة الموسيقية، فيتكفل بها المغني.
و قد ذكر كل المغنين الذين تحدثنا إليهم أنهم لا يملكون أجهزة موسيقية خاصة بهم، بل يضطرون لاكترائها في كل مرة، وبمبلغ يفوق 1.5 مليون سنتيم، وعن سبب التوجه لهذا النشاط عوض عمل آخر، أكد العديد منهم أنهم يعتبرون الغناء هواية، ومنهم حتى ميسورو الحال، فيما علمنا أن المستوى الدراسي لأغلبهم لم يتجاوز الطور المتوسط.
إصدار ألبوم حلم الجميع والغناء في أوروبا هدفهم الأول
و اشترك الشباب الذين تحدثنا إليهم في حلم واحد، هو إصدار ألبوم غنائي، لكنهم تحدثوا عن عراقيل تواجههم، فالألبوم يتطلب، حسبهم، الكثير من الأموال وهم حاليا في بداية مشوارهم الفني ولا يمكنهم توفير تكلفة التسجيل في الأستوديو، والإنتاج وغيرها من الأمور الضرورية، في المقابل يبقى الغناء في أوروبا هدف كل واحد منهم، خاصة وأن البعض منهم بدأ في التطور تدريجيا وذلك بإحياء الحفلات في تونس، ثم المغرب لتكون فرنسا أو بلجيكا أو سويسرا المحطات التي يسعى إليها هؤلاء الشباب مستقبلا. كما تعتبر الشهرة حلم وهدف كل واحد منهم، رغم أن المال يعد عاملا أساسيا أيضا بالنسبة للمغنين، سواء تعلق ذلك بإقامة الأعراس في الجزائر أو في الخارج.
«الدي جي» أصبح من الماضي حتى عند محدودي الدخل!
و مع الظهور القياسي لعدد المغنين الهواة، الذين صاروا المطلوب رقم واحد لإحياء الحفلات و الأعراس، أصبح أصحاب «الدي جي» من الماضي، فقد أجبر أغلبهم على اعتزال هذه المهنة، بما أنه يوجد من المغنين من يشترط مبلغا لا يزيد عن 3.5 مليون سنتيم، فيما تصل تكلفة «الدي جي» إلى 1.5 مليون سنتيم.
 و اعترف أحد المعنيين المسمى «دي جي عبدو»، بأن الطلب عليه وعلى زملائه أصبح ضعيفا إن لم يكن نادرا، و السبب، حسبه، لجوء أصحاب الأعراس للمغني، موضحا أن حتى أصحاب الدخل المحدود يفضلون المغني على «الدي جي»، كما ذكر أنه يتلقى ، أحيانا فقط ، اتصالا في الشهر أو الشهرين، لإقامة عرس وذلك من أشخاص يعانون من الفقر، ويحسبون لكل سنتيم، وإلا فإن أجهزته تبقى حبيسة المنزل طيلة العام.
وأما عن إمكانية تفكيره في الغناء هو الآخر بما أنه أصبح المطلب رقم واحد ، أوضح محدثنا أنه فكر في ذلك فعلا ، كما أنه تلقى دعما كبيرا من أصدقائه بما أنه يملك صوتا قويا ، إلا أنه يرفض هذه الفكرة لكونه ، كما قال  رب عائلة ولا يمكنه ممارسة هذا النشاط في الوقت الحالي ، مؤكدا أنه لو قام به لكان ذلك قبل سنوات ، موضحا أنه يتلقى اتصالا في الشهر أو في الشهرين من زبائن يطلبون «الدي جي»، لكنه أكد أن زميلاته الإناث لم تتضررن مثل الرجال ، حيث تأتيهن طلبات أكثر منهم ، لأن النساء تفضلن «دي جي» من نفس جنسهن ، كما أنهن لا يحبذن فكرة جلب مغني عند الجزء المخصص للمدعوّات في قاعة الحفلات.            
ح.ب

الرجوع إلى الأعلى