مغتربون يغادرون الوطن محملين بالبصل والثوم والتين الشوكي
تعرف الأسواق و المراكز التجارية بقسنطينة إقبالا  كبيرا من المغتربين هذه الأيام بالتزامن مع شروع الكثيرين في العودة إلى بلدان إقامتهم،  حيث يقتنون الأجهزة الإلكترونية والألبسة والسجائر وحتى الحلويات التقليدية مثل الجوزية ، فيما دخلت مواد أخرى القائمة مثل البصل والثوم والتين الشوكي.
روبورتاج : حاتم / ب
التسوق العكسي يرجعه المغتربون إلى عامل الأسعار مؤكدين أنهم يتمونون بالمواد الأساسية من الجزائر، خاصة إن كانوا يسافرون على متن الباخرة.
وتشهد الموانئ والمطارات حركية كبيرة هذه الأيام بمغادرة قوافل من المغتربين لأرض الوطن، بعد أن قضوا عيد الأضحى في أجواء جزائرية محضة، ومن لم يسافروا بعد انتهزوا فرصة الأيام الأخيرة للتبضع.
النصر اقتربت  من عدد من المقيمين بمدن فرنسية، والذين قضوا عطلة ممتدة وسط الأهل والأقارب، لمعرفة   أسباب التسوق العكسي وظروف قضاء العطلة ، ومدى صحة ما روج حول كون المخاوف من داء الكوليرا السبب في المغادرة المكثفة للكثيرين.   
عيد الأضحى يضفي حميمية أكبر على عطل المغتربين
تحدثنا مع العديد من المغتربين عن الأجواء التي عاشوها خلال عيد الأضحى الذي صادف تواجدهم في الجزائر، حيث أكدوا  أنهم يقضون عيد الأضحى في البلاد لأول مرة منذ سنوات، وذلك بسبب تقدم تاريخ العيد مقارنة بالسنوات الأخرى، ما جعلهم لا يضيعون فرصة عيش تلك الأجواء الرائعة في بلدهم الأصلي، وأوضح أحدهم ويدعى عمار أنه تعود على نحر الأضحية في فرنسا، ولكن قضاء العيد بين العائلة والأحباب له نكهة خاصة، وتحدث على أنه تعود على العودة إلى فرنسا قبل العيد بسبب الدخول المدرسي في المهجر ما يجعله مجبرا على مغادرة الجزائر قبل العيد بأيام، ولكن هذا العام كان مختلفا مؤكدا أنه سيقضي العديد من الأعياد في الجزائر خلال السنوات القليلة القادمة، وعن أسباب قضاء العطلة في الجزائر فهي متعددة، فيوجد من جاء لعقد قرانه، ومنهم من  يبحث عن السياحة ، ومنهم من قدم من أجل معايشة فرحة العيد مع العائلة والأصدقاء.
عطل مقسمة بين الجزائر وتونس
أما عن كيفية قضاء العطلة فقد أجمع العديد من الذين يعيشون في المهجر أنهم قضوا عطلتهم بين الجزائر وتونس، فمنهم من يفضل السياحة داخل البلاد، على غرار فؤاد الذي زار الغرب الجزائري  مثل مستغانم، تلمسان و وهران، وأكد أنه أعجب كثيرا بما وجده في تلك الولايات، من مناظر خلابة وخدمات وأجواء رائعة، فيما أكد مغترب آخر أنه يفضل قضاء العطلة في تونس لعدة اعتبارات، ولكن ذلك لم يمنعه من التنقل بين الحين والآخر إلى الشواطئ الجزائرية على غرار سكيكدة و عنابة ،   فيما يفضل البعض زيارة حظائر التسلية وحدائق الحيوانات والحدائق المائية في عين مليلة ، كما يقضي الكثير منهم العطلة في أعالي الجبال وبالشواطئ المهجورة، وهي الأماكن التي تعتبر مقصدا لجل المغتربين الذين يفضلون الهدوء والسكينة  أثناء العطلة،.  ويشكل التسوق نقطة مشتركة بين عدد كبير من المغتربين، حيث يقبلون على مختلف المراكز التجارية المتواجدة في قسنطينة، خاصة وأن فارق الأسعار كبير بين المنتجات التي تتوفر في الجزائر وتلك الموجودة في فرنسا .
حتى البطيخ يسافر إلى فرنسا

حيث قال كمال وهو مغترب بقيم في مدينة مرسيليا والذي يقضي معظم عطلته بالجزائر ، أنه يأخذ معه كل ما يريده من الجزائر، بما أنه يسافر على متن الباخرة، وهو ما يسهل  في مهمة أخذ أكبر كمية ممكنة من المواد والمنتجات، عكس المسافرين عبر الطائرة، وعند سؤالنا عن سر القدوم للجزائر عبر الباخرة عوض الطائرة، فقد رد أنه يجلب معه سيارته من أجل التنقل بها عبر مختلف الولايات الجزائرية، فلا يمكن حسبه القيام بالسياحة دون وسيلة نقل خاصة، وعن المكان المفضل له لقضاء العطلة، أجاب أنه يحب التواجد في مدينته قسنطينة والتي تعرف تطورا من عام إلى آخر حسبه، كما أكد أنه يتنقل للاستجمام في شواطئ سكيكدة، أما عن العطلة فإنه يضطر للسفر إلى تونس وبالضبط في مدينة الحمامات لما توفره من خدمات ومقابل مادي أقل بكثير مما تكلفه العطلة في الجزائر.
  و  عن المواد التي يعود بها إلى المهجر، أوضح  المتحدث أنه يأخذ معه الجوزية، الشخشوخة، التريدة، والعديد من الأجهزة الكهرومنزلية، على غرار التلفاز وأجهزة الاستقبال التي تشتغل بالانترنت، لأن سعرها في الجزائر أقل بكثير من فرنسا، وأكد المتحدث أن العديد من المغتربين يأخذون معهم بعض الفواكه والخضر على غرار الثوم، البصل، البطيخ والتين الشوكي لعدم توفرها  في فرنسا بنفس النوعية، أما عن  أجواء العيد التي عاشها في الجزائر، فقد أوضح أنه سعيد جدا بالتواجد في بلده خلال هذه المناسبة الكريمة، مؤكدا أنه عاد بذاكرته إلى الزمن الجميل حينما كان  يقيم في قسنطينة   . وأضح   فارس وهو شاب ويقطن بمدينة نانت الفرنسية،     أنه قدم للجزائر من أجل عقد قرانه، وقضاء عيد الأضحى مع العائلة، موضحا أنه تعود على التواجد في كل مناسبة دينية مع عائلته في قسنطينة، وقال فارس أنه بعد حفل زفافه انتقل لمدينة عنابة لقضاء بعض الأيام هناك، مؤكدا أنه أعجب كثيرا بهذه المدينة والتي وجد فيها كل سبل الراحة من خدمات و مرافق، أما عن شهر العسل فقد قرر قضاءه في الجارة تونس.
 وتحدث فارس دون حرج على أهم ما يأخذه معه إلى فرنسا على غرار السجائر،  الألبسة  وخاصة السراويل ، مؤكدا   أنه لا يضيع فرصة شراء جهاز استقبال المشغل بالإنترنت (eptv)، كما يأخذ معه زيت الزيتون، ومختلف أنواع الحلويات التقليدية مثل المقرود، البقلاوة، الكسرة و السمنيات، أما حول طريقة التنقل داخل الجزائر وهو الذي قدم   بالطائرة، رد بأنه يستأجر سيارة من أحد وكالات السيارات، كلما يأتي للجزائر من أجل التنقل بكل حرية وراحة على أن يعود لفرنسا بعد شهر كامل.  
«الكوليرا لا تثير مخاوفنا»
وعبر العديد من المهاجرين عن رضاهم التام عن الظروف التي وجدوها خلال الأسابيع التي قضوها في الجزائر، مؤكدين أن العودة للجزائر تجعلهم ينسون تعب عام كامل من العمل في فرنسا.
 وعن الإشاعة التي أطلقت مؤخرا حول هروب المغتربين نحو أوروبا بسبب انتشار مرض الكوليرا، فقد رد جلهم أنهم غير مبالين بهذا المرض أصلا، ولا يمكنهم مغادرة البلد بسبب هذا الوباء، وكل ما في الأمر أن انتشار المرض تزامن مع الدخول المدرسي في فرنسا وهو ما جعل جل المغتربين يعودون إلى أوروبا في وقت واحد، خاصة وأن العديد منهم قضى مدة طويلة تتراوح ما بين شهر إلى شهرين في الجزائر،.
 أما عن القيمة المالية التي تصرف عند قضاء العطلة بأرض الوطن، فاختلف الأمر من مغترب لآخر وذلك وفق سبب القدوم للجزائر، فمنهم من جاء لعقد قرانه وهو ما كلفه أموالا طائلة خاصة وأن ذلك تزامن مع عيد الأضحى، وبالتالي صرف ما لا يقل عن 5 آلاف أورو، وهو ما يقارب 100 مليون سنتيم، أما أولئك الذين قدموا من أجل قضاء العطلة والعيد معا فمصاريفهم لن تقل عن 40 مليون سنتيم، وهي مبالغ كبيرة كان يمكن من خلالها قضاء العطلة في دبي أو تايلندا، ولكن حنين البلد والأجواء التي تعيشها الجزائر في عيد الأضحى المبارك كانت أقوى بالنسبة للمغتربين، الذين شرعوا في العودة إلى فرنسا ومختلف الدول الأوروبية وكلهم شوق وحنين للعودة مجددا وقضاء أفضل الأيام في بلدهم خاصة وأن جلهم يزور الجزائر مرة كل سنة.                        
ح /ب

الرجوع إلى الأعلى