تقاليد عريقة و ثروة اقتصادية واعدة
يعد موسم القناوية ببلدية نشماية بقالمة، من أهم التقاليد الزراعية العريقة التي ظلت سائدة بالمنطقة الريفية الجميلة منذ عقود طويلة.   مع حلول فصل الخريف من كل عام، تنمو حقول النباتات الصغيرة الخضراء بأزهارها و ثمارها اليانعة، معلنة عن موسم خير جديد، و موعد متجدد مع حملات الجني و تجارة القناوية، مصدر رزق عشرات العائلات بالمنطقة الريفية الواسعة، التي تعاني من الفقر و تراجع فرص العمل في السنوات الأخيرة.
في شهر سبتمبر من كل عام ينتشر العشرات من سكان نشماية بحقول القناوية لجني المحصول، و تصديره إلى الولايات المجاورة، و الاحتفاظ بكميات معتبرة بالسوق المحلية، أين ارتفع مؤشر الإقبال على هذه المادة الزراعية الغذائية، ذات الاستهلاك الواسع بقالمة، التي يملك سكانها خبرة في إعداد أطباق القناوية الشهية طيلة فصل الخريف.  
و يقضي العمال ساعات طويلة بالحقول لجني أكبر كمية ممكنة من القناوية، لتلبية الطلب المحلي و تموين أسواق الخضر و الفواكه بهذه المادة الغذائية المفيدة.  
و عادة ما يتم بيع القناوية على جوانب الطرقات الرئيسية العابرة لمنطقة نشماية، الواقعة على حدود ولاية عنابة، و بمرور الزمن تحول الطريق الوطني 21 الرابط بين قالمة و عنابة ، إلى سوق مفتوح للقناوية، يقصده الناس من كل مكان مع بداية موسم الخريف، موعد نضج هذا المنتوج الزراعي بإقليم نشماية بولاية قالمة، و منطقة عين الباردة بولاية عنابة المجاورة.   
و يسعى منتجو القناوية إلى تطوير نشاطهم و توسيع المساحات المخصصة لهذه الزراعة، و المطالبة بتحويلها إلى شعبة فلاحية معترف بها، و تخضع لإجراءات الدعم المعمول بها في الشعب الأخرى.  و تمتلك ربات البيوت بقالمة خبرة كبيرة في التعامل مع القناوية، و صناعة أطباق شهية مع اللحم، و تقديمها للضيوف، كتقليد جديد يدخل المطبخ القالمي في السنوات الأخيرة.  
و مع زيادة الطلب على القناوية، ارتفعت أسعارها بشكل كبير، لكن المنتجين يقولون بأنهم ليسوا مسؤولين عن هذا الارتفاع الذي وصل حتى 300 دينار للكيلوغرام الواحد، مؤكدين بأن التجار هم الذين يتحكمون في الأسعار.  
و أصبحت القناوية منافسا قويا لمنتجات غذائية محلية، و زاد عدد السكان الذين يزرعونها بإقليم نشماية، الذي يتوفر على خصائص مساعدة على نمو القناوية، من بينها الرطوبة و الحرارة، و نوعية التربة، بالإضافة إلى قربها من البحر، الذي يمدها بالتيارات الهوائية الباردة عندما تشتد حرارة الصيف، و تبدأ نباتات القناوية في الإزهار، و إخراج الثمار الصغيرة الخضراء.  
و قد تحول هذا المنتوج الزراعي إلى مورد اقتصادي هام، يوفر الثروة و مناصب العمل للسكان المحليين، الذين فقدوا مصادر العيش، بعد تراجع إمبراطورية الصناعة بمدينة عنابة، أين كان يعمل أغلب سكان نشماية، الذين لا يزالوا أكثر ارتباطا بالمدينة الساحلية الجميلة.
فريد.غ
 
     

الرجوع إلى الأعلى