الترويج الشبكي يوقع ضحايا المستلزمات الطبية في فخ الغش
أوقع الترويج الشبكي للمستلزمات شبه الطبية عديد الأشخاص في فخ الغش، تحت تأثير الإعلانات المغرية المنتشرة عبر النت، و بالأخص مواقع التواصل، بأسعار غالبا ما تكون مغرية، ما أسال لعاب الكثيرين، فيقتنونها دون استشارة طبيب، خاصة ما يتعلق بالأحزمة الداعمة للرقبة و الظهر و الأحذية الطبية و غيرها، ظنا منهم أنها تخفف الألم، في حين يجهلون مدى خطورتها و تأثيراتها العكسية على صحتهم، و هو ما حذر أطباء  مختصون منه.
روبورتاج / أسماء بوقرن
فيديوهات ترويجية ترفع البورصة  
راجت في السنوات الأخيرة التجارة الإلكترونية المتعلقة بالمستلزمات شبه الطبية، و أخذت منحى تصاعديا، بعد أن انتهج محترفوها ،  سياسة ترويجية جديدة لا تعتمد فقط على صورة المنتوج ، و إنما تصوير فيديوهات لتثبت نجاعة سلعهم،  ما ساهم و بشكل فعال في رفع بورصة تجارة هذه المستلزمات على مواقع التواصل،  و تحولت إلى المقصد رقم واحد للمواطنين الذين وجدوا فيها ما يلبي رغباتهم ، كما أنها تقيهم من عناء التنقل، ليصلهم المنتوج إلى عقر ديارهم و بأسعار مقبولة، مع إضافة تكلفة رمزية للشحن لا تتعدى 800 دينار، حيث يختارون المنتوج الذي يناسب،حسبهم، وضعهم الصحي ، غير آخذين بعين الاعتبار رأي الطبيب لمعرفة مدى ملاءمة المنتوج لحالتهم، و الأبعد من ذلك أن القائمين على عمليات البيع أغلبهم تجار و ليسوا من أهل الاختصاص.
عكس ما نلاحظه على مستوى المحلات المختصة التي يشرف عليها تقنيون و مختصين في تكنولوجيا التجهيزات شبه الطبية و العتاد الطبي،  لإلمامهم بخبايا المجال و طبيعة المنتوجات التي يمكنها استعمالها ، غير أن ثقافة الترويج الشبكي حولتها إلى تجارة عشوائية لا تختلف عن  تجارة الألبسة و غيرها ، ما أوقع الكثيرين  في فخ الغش و عدم مطابقة المنتوج للمعايير.
الأحزمة الداعمة ..الأكثر رواجا
النصر تحدثت إلى بعض ضحايا الترويج الشبكي  للمستلزمات شبه الطبية ، في مقدمتهم السيدة فضيلة ، 51 عاما ، التي قالت أنها تعاني من آلام حادة على مستوى الظهر، لكونها مصابة بمرض هشاشة العظام و بتمزق عضلي على مستوى العمود الفقري، و تعالج لدى مختصين منذ أكثر من 7 سنوات غير أنها لم تشف، و وجدت بصيص أمل بعد مشاهدتها لفيديو أطلعتها عليه ابنتها الجامعية للترويج لحزام داعم للظهر باعتباره يخفف الألم و يساعد على تقويم الظهر.
 الفيديو شدد على نجاعته من خلال إبراز النتائج الإيجابية التي حققها أشخاص استعملوه ، فقررت اقتناءه ، خاصة و أن سعره ملائم جدا، حيث لا يتجاوز 4 آلاف دينار، بالإضافة إلى مبلغ التوصيل المقدر بـ 600 دينار، غير أنها تفاجأت بعد أسبوع من استعماله بتمزقه ، و لم يحقق أي نتيجة، حاولت الاتصال مجددا بالباعة ، فطلبوا منها الانتظار، أعادت  الاتصال بهم عدة مرات، بغية تعويضها بحزام آخر، لكون فترة الضمان لم تنقض بعد، دون جدوى.
السيدة فضيلة ليست وحدها ضحية هذه التجارة التي يمارسها دخلاء  و إنما أمثالها كثر ، من بينهم أمين ، و هو شاب أصيب بتمزق عضلي على مستوى الساق، فخضع لعملية جراحية ثم اشترى حزاما داعما، ليتعافى، بعد أن تأثر هو الآخر بالفيديوهات الترويجية، غير أن ذلك تسبب في آثار جانبية لقدمه خلال الثلاثة أيام الأولى من استعماله، ما اضطره إلى زيارة الطبيب و الذي أصيب بالإحباط ،حسبه ، بعد اطلاعه على حالة قدمه، لكونه لم يتبع توجيهاته ، مؤكدا أن طبيعة مرضه لا تستدعي استعمال الحزام الداعم إطلاقا، و بعد أن اطلع الطبيب المعالج عليه ، أكد لمريضه أنه مغشوش و لا تتوفر فيه المعايير المطلوبة ما تسبب في تفاقم وضعه .
 و ما أكثر ضحايا للمستلزمات الشبه الطبية المغشوشة المقلدة، خاصة المتعلقة بالأحزمة الداعمة و الأحذية الطبية و غيرهما، و يوجه الأطباء عادة مرضاهم الذين يحتاجون فعلا إلى هذه المستلزمات، إلى نقاط البيع المختصة و المعتمدة، التي توفر ضمانات للزبائن
دخلاء أغرقوا السوق بمنتجات مغشوشة
انتقلنا إلى محلات بيع العتاد الطبي و المستلزمات شبه الطبية على مستوى حي الحياة بسيدي مبروك بقسنطينة، المعروف ببيعها ،  فتحدثنا إلى الشاب لطفي كرميش، المختص في المجال،  كما أنه استفاد من خبرة والده الذي اشتغل هو الآخر في هذا الميدان منذ 30 سنة، فقال للنصر بأن دخلاء على المهنة أغرقوا السوق بالمنتجات المقلدة، التي يستطيع أن يكتشفها أهل الاختصاص فقط ، مستغلين الشبكة العنكبوتية لتحقيق غايتهم، بعد أن وجدوا فيها تجارة مربحة، مستهدفين بذلك شريحة واسعة من المجتمع، و التي تستجيب لإعلاناتهم، إلا أنهم يلجأون في الأخير لأهل الاختصاص، لوقوع الغالبية في مصيدة التقليد.
 و أوضح المتحدث أنه يحرص على استيراد منتوجات أصلية مطابقة للمعايير المعمول بها ، سواء بالنسبة للعتاد الطبي كجهاز السكانير الذي يتراوح سعره بين 3 و 10 ملايير سنتيم،  أو جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي «إي آرم» و الذي يتراوح سعره حاليا بين 12 و 20 مليار سنتيم، بالإضافة إلى أجهزة التصوير بالأشعة التي يبلغ سعرها 350 مليون سنتيم، و كذا أجهزة التعقيم و تخطيط القلب و الدماغ و مختلف العتاد الذي يقتنيه الأطباء لاستعماله في عياداتهم، كما أنه يضمن تكوينا خاصا للمهندسين المختصين الموظفين لديه في ألمانيا و فرنسا و الصين.
تركيا تفرض مكانتها في السوق
من جهته تحدث اسكندر بن عكاشة، مهندس في تكنولوجيا المستلزمات الطبية، بأن المواطن العادي ليس بإمكانه، التفريق بين ما هو أصلي و مقلد، غير أن إتباع توجيهات المختصين و الاقتناء من نقاط معتمدة ، يجعلاه في منأى عن الخطر، مشيرا إلى أنه يقدم عديد النصائح و التوجيهات بخصوص كل منتوج يعرضه، خاصة الأكثر طلبا كالأجهزة المساعدة على التنفس و الأفرشة المعبأة بالهواء التي تقي من تقرحات الجسم بالنسبة للأشخاص المقعدين، و تختلف نوعيتها من علامة لأخرى، و تباع بأسعار مختلفة تصل 7 آلاف دينار، بالإضافة إلى أجهزة قياس ضغط الدم و السكري، و كذا قياس نسبة الأوكسجين في الدم، و الأحزمة الداعمة للظهر و الرقبة التي تعتبر الأكثر رواجا، خاصة في أوساط الموظفين ، مشيرا إلى أن العلامات التركية فرضت مكانتها في السوق، و تفوقت على المنتوج الصيني الذي هيمن لسنوات، كعلامة «فليداكس» التي تقدم عديد المستلزمات ذات جودة عالية.
أصحاب المهنة وقعوا في فخ المقلد
 من جهته تحدث محيى الدين، صاحب محل على مستوى شارع الحياة ،عن وقوع أصحاب محلات مختصة في فخ التقليد، حيث سبق و أن اقتنى منتجا عبر الإنترنت لكونه غير متوفر في السوق، بسبب منع الاستيراد ، إلا أنه و بعد اطلاعه عليه ، تبين بأنه مقلد و لا يتوفر على المعلومات الرئيسية للاستعمال ، مشيرا إلى أن أسعار المستلزمات تشهد ارتفاعا ملفتا تصل نسبته لنحو 45 بالمئة، كما أنه تراجع بشكل ملفت، مؤكدا بأن السوق الموازي أثر على نشاطهم.
الدكتورة  ايمان بن شريف مختصة في أمراض الروماتيزم
الاستعمال العشوائي للأحزمة يذيب العضلة
الدكتورة إيمان بن شريف، مختصة في أمراض الروماتيزم و رئيسة مصلحة بالمستشفى الجامعي قسنطينة، شددت على ضرورة استشارة الطبيب المعالج، قبل اقتناء المستلزمات الطبية، سواء ما يتعلق بالأحزمة الداعمة و غيرها، لكونه الوحيد الذي بإمكانه أن يقرر استخدامها من عدمه، بما يتماشى و نوع المرض، كما يحدد مدة استعمالها، في حين نرى الكثيرين يستعملونها باستمرار،   مؤكدة بأن الاستعمال العشوائي لمواد مغشوشة عواقبه وخيمة .
بخصوص للأشخاص الذين يستعملون الأحزمة الداعمة للساق و الرقبة و الظهر بشكل عشوائي، فهي تؤثر على وظيفة العضلات و تؤدي  إلى ذوبانها، خاصة  بالنسبة لمرضى هشاشة العظام الذين تدعوهم لتجنب استعمالها و الخضوع لتعليمات الطبيب.
  في ما يتعلق باستخدام الجوارب الطبية أكدت بأنها هي الأخرى يجب أن تشترى وفقا لتعليمات المختص ، لأن استعمالها دون تحديد نوعية المرض بدقة، قد يؤدي  لتخثر الدم في العروق، كما دعت المرضى الذين يعانون من تمزق عضلي على مستوى الرقبة أو العمود الفقري، بالامتناع عن استعمال الأحزمة الداعمة لكونها تؤدي إلى تفاقم وضع المريض و توسع حجم التمزق.
أما الدكتور طارق خالد مختص في أمراض العظام و المفاصل و كذا في إعادة التأهيل الوظيفي، فحذر من المشدات الطبية التي تعتبر من بين المستلزمات الأكثر استعمالا، خاصة من قبل السيدات اللائي يعانين من السمنة لأن تأثيرها سلبي عليهن،  خاصة و أنها تغطي المسامات، مشددا من جهته على ضرورة الالتزام بتوجيهات الطبيب، و  ليس بما يمليه عليهم مرضى آخرون أو مواقع النت .            
أ ب 

الرجوع إلى الأعلى