انقضى النصف الأول من شهر رمضان وبدأنا اليوم النصف الثاني منه؛ وهي محطة مهمة للصائم للمراجعة والاستدراك والانطلاق ببرنامج جديد مستغلا هذه السانحة وما فيها من عظيم الأجر والثواب، لاسيما وأن هذا النصف ستكون فيه العشر الأواخر وما تمتاز به من فضل لكون ليلة القدر تقع فيها؛ ناهيك عما يستحب فيها من الاعتكاف والتهجد لمن رغب في ذلك.

فالمسلم مطالب اليوم وهو يدخل النصف الثاني من شهر رمضان أن يراجع ما قام به خلال النصف الأول من صيام وصلاة وتلاوة لكتاب الله تعالى ودعاء وصدقة ومعاملة للناس، فإن رأى أنه أدى صيامه إيمانا واحتسابا وكذلك قيامه، وأنه مواظب على ورده في تلاوة كتاب الله تعالى وأنه لم يفته الدعاء في هذه الفترة لنفسه ووالديه ولكل من هو أهل لدعاء، وأنه جاد بماله للمحتاجين في هذه الأيام وأفطر بعض الصائمين، وأن معاملته للناس كانت معاملة حسنة فلم يرفث ولم يفسق ولم يصخب ولم يسفه، ولم يؤذ أحدا بلسانه أو يده، فكان لينا سمحا رفيقا رحيما، ولم يكن فضا غليظ القلب عنيفا، وأنه أدى عمله بإخلاص وإتقان، قلم يقصر فيه ولم يتهرب منه، ولم يغش فيه، ولم يغدر ولم يخن؛ سواء في وعوده أو التزاماته أو تجارته، إن كان كذلك فعليه بالثبات على هذا المنهج العظيم الذي وطن نفسه عليه لأنه من أمارات التوبة وحسن الاستقامة، وعلامة قبول الصيام إن شاء الله تعالى ومضاعفة ثوابه عند الله تعالى، وإن كان غير ذلك فعليه المسارعة للتوبة والاستدراك فيما تبقى من أيام هذا الشهر الفضيل؛ حتى يستقيم حاله وتؤتي هذه الفريضة ثمرتها في سلوكه، ولا تفته فرص عظيمة في أيام من أيام الله تعالى.
ذلك أن استقامة الصائم على ما قلناه آنفا هو انعكاس للتقوى، التي تعد مقصد أساسيا من مقاصد الصيام؛ لقوله تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ...   [البقرة 183]، فإن كان المسلم تقيا ورعا ظهرت هذه التقوى في سلوكه كله عبادة وعادة ومعاملة، مع الخالق ومع الخلق، لأن التزامها يعني استحضار رقابة الله تعالى في حياة المسلم، والله تعالى أعظم رقيب في السر وفي العلن، وهو ما يدفعك لأن تؤدي ما أمرك به سبحانه وتعالى وتنتهي عما نهاك عنه، وبهذا تتلمس طريق النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة لقوله تعالى:  الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرةِلا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ  ذلك   هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  [يونس: 63 ـ 64]؛ لقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا .. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ*وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا  [الطلاق: 2 ـ 4].وقوله تعالى:  إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِين  [الحجر: 45 ـ 47] .وبقدر ما كانت التقوى ثمرة للصيام فهي أيضا سبب للقبول لقوله تعالى: قال تعالى:  إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ  [المائدة: 27] وغيرها من الآيات الكثيرة الدالة على فضل التقوى في الدنيا والآخرة، ولا سبيل لتحقيق التقوى الحقيقية وتمثلها حتى تغدو سجية وتؤتي ثمارها في الفوز في الدارين؛ إلا بتوبة نصوح؛ لقول الله تعالى:   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ   [التحريم: 8]
ع/خ

فيما أدى 40 ألف فلسطيني صلاتي العشاء والتراويح فيه
المساخــــــر العبــــري  محطةٌ لتجـديد نهج العــــــــــدوان علــــــى “الأقصــــــــــى”
أدى نحو 40 ألف مصل فلسطيني، صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى المبارك، ليلة الأحد إلى الاثنين، رغم القيود التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي.واستنادا للمركز الإعلامي الفلسطيني نقلا عن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
من جانب آخر وحسب المصدر ذاته شهد المسجد الأقصى الأحد اقتحاما مركزيا من قِبل المستوطنين للاحتفال بما يسمى “عيد المساخر اليهودي بوريم”، وسط تحذيراتٍ من المخططات الصهيونية المتواصلة لاستغلال مثل هذه المحطات لتنفيذ أجندات الاحتلال بتغيير هوية الأقصى وتقسيمه.واقتحم عدد كبير من المستوطنين، صباح الأحد، باحات المسجد الأقصى المبارك بحماية شرطة الاحتلال في أول أيام ما يسمى عيد “المساخر البوريم”، فيما أقدم جنود الاحتلال على تفريغ المصلى القبلي من المصلين والمعتكفين تمهيدًا لإكمال اقتحامات المستوطنين الإثنين احتفاء بعيدهم المزعوم.
كما اقتحمت مجموعات المستوطنين، صباح أمس الاثنين، باحات المسجد الأقصى المبارك في اليوم الثاني لما يسمى “عيد المساخر” العبري، بحماية مشددة من قوات الاحتلال، وسط دعوات متواصلة للنفير والحشد وشد الرحال إلى المسجد طيلة أيام رمضان.ونفذ عشرات المستوطنين اقتحامهم لباحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وقاموا بجولات استفزازية وأدوا طقوسا تلمودية في ساحات المسجد.كما ارتدى أطفالٌ صهاينة أزياء تنكرية أثناء اقتحامهم المسجد الأقصى صباحا مع آبائهم؛ احتفالا بما يسمى عيد المساخر اليهودي (بوريم).

فتاوى
llأسقطت زوجتي حملها في الشهر الخامس بعد أن ألح الأطباء في ذلك لكون الجنين مشوها، ولا يمكنه العيش وإن نزل حيًا، وكنا نجهل حكم الإجهاض شرعًا، وبعد مدة من إسقاطه عرفنا بحرمة ما فعلنا إذ لم يكن هناك خطر على حياة الأم، ونحن نريد الآن معرفة الحكم الشرعي حول ما فعلناه؟
كان من واجبك أيها السائل الكريم أن تبدأ بما انتهيت به، وهو أن تسأل عن حكم الشريعة الإسلامية في هذا الأمر قبل أن تقدم مع زوجتك على ما أقدمتما عليه، فإنه لا يجوز لمسلم أن يقدم على شيء حتى يعرف حكم الله فيه لتطمئن نفسه ويستريح ضميره، أما المتجرئ على ما لا يعرف حكمه فإنه يقع في الحرام، فبين الحلال والحرام كثير من المشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام.
وإجهاض الجنين جناية، اتفق على اعتباره كذلك قانون السماء وقوانين الأرض الوضعية، وذهب بعض العلماء إلى أن الجنين الذي يؤاخذ بإسقاطـه هو ما تم تخلقه كأن يبلغ في بطن أمه أربعة أشهر، وبعضهم لا يشترطون ذلك بل يؤاخذ بإسقاطه ولو كان علقة.والجنين كائن حي له الحق في الحياة، وفي حماية الشرع له من العدوان والآفات، لهذا أوجب الشارع الحكيم ديته على مـن جنى عليـه، وقد بلغ فقهاؤنا من التدقيق والاحتياط في حفظ الحقـوق ما لم يبلغه غيرهـم من حماة الإنسانية يدفعهم في ذلك خوف ربهم واحتياطهم لدينهم. 
وقد يظهر تطور العلم تفاصيل الجنين في بطن أمه كما يبين التشوهات التي قد يتعرض لها وهذا لا يسوغ الاعتداء عليه بإسقاطه ولا يجوز ذلك، إلاّ أن يكون بقاؤه يهدد حياة الأم تهديدًا مؤكدًا يخبر به أهل الخبرة والاختصاص من الأطبـاء الموثـوق بعلمهم وخبرتهم، ولو لم يكونوا مسلمين، فإن كانوا مسلمين فقد تم الاطمئنان إليهم مع المعرفة والخلق القويم وسواء كان الجنين في طوره الأول أو في طوره الأخير قد تكونت أعضاؤه حفظا لحياة الأم إذ هي الأصل، وتقديما لها على حياة الجنين وهو فرع منها، وقد جاء النهي عن قتل الولد ومنه إجهاض  الجنين في عدة آيات من الكتـاب منهـا قول الله تعالى :» ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم» ونص العلماء والفقهاء على أن هذه الآية تشمل إجهاض الجنين بعد تخلقه، فإنه قتل له، ويزيد في شناعة الجريمة أن يباشرها الأبوان أو أحدهما والمفروض أن يكونا أحرص الناس على حماية ابنهما من الآفات، ومن لطف الله أن الجنين المصاب بتشوهات خطيرة لا يعيش بعد الولادة، في العادة كما هو مشاهد، وكما قرر أهل الاختصاص أنفسهم على أن الأطباء كثيرا ما يخطئون التشخيص.
وعلى الجاني دية الجنين يدفعها لوليه وورثته إلاّ أن يعفو عنه ويتنازل عنها فتسقط عنه والعفو أقرب للتقوى، ودية الجنين تساوي عشـر دية أمه وهي ما تعادل 50 دينارًا ذهبيا أي ما يقارب 5، 233 غرام من الذهب.

في مــدرسة رمضان
رمـضان يكشف للصــائم قـدر المــرأة
يختتم الصائم كل يوم صيامه حول مائدة طعام شهي، تغص بمختلف ما لذ وطاب من أنواع الأطباق والفواكه والحلويات والمشروبات التي امتلأت بها صحون وأكواب موزعة بانتظام يفتح كل طبق الشهية لما بعده، فيشبع منها نهمه ويزيل ما به من جوع وظمأ ثم يحتسي كوبا من القهوة أو الشاي ويغادر لأداء صلاة التراويح والسمر، قبل أن يعود ويستعد لوجبة سحور فوق ذات المائدة وبالأواني ذاتها بعد أن غسلت ونظفت وأعيد توزيعها حول مائدة السحور، في مشهد يتكرر يوميا وربما في كل يوم طبق جديد وديكور جديد.
ليس مهما أن تكون خلف هذا المشهد المتكرر يوميا خلال شهر رمضان أما أو أختا أو زوجة بل المهم ان الصائم يعرف أن خلفه امرأة ! امرأة حبست نفسها طول الشهر وجعلت وقتها وقفا لمثل هكذا إنجاز تشرع في التحضير له قبل ساعات، وكل أملها أن تحضر ما يرضي ذوقا ومنظرا، كما ونوعا، وتلقى الرضا والقبول والاستحسان، في مشهد يتكرر يوميا، وهي تؤديه دورها طواعية في صبر ورضا نفس دون أن تطلب عنه أجرا إلا أجر الآخرة، ولا شك أن جهدا كهذا ينبغي أن يقابل بالإحسان ويعترف لكل صاحب فضل بفضله، لأن الجحود والنكران ليس من صفات المؤمنين الصادقين.
ولذلك يتوجب على من جهز له كل هذا الطعام بمختلف أوانيه أن يتذكر فضل المرأة عليه، ويقدر جهدها ويثني عليها ولايقابل إحسانها هذا بالإساءة، وهنا نتذكر مغزى وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وندرك أبعادها، ومنها خصوصا نهيه أن يسب المسلم طعاما قدم له وإن لم يعجبه؛ لأن انتقاد الطعام هو انتقاد لجهد امرأة ظلت معتكفة عليه ساعات طوال، فيحز في نفسها أن تنتقد بدل أن تشكر، وقد تخفي ألما وبكاء مريرا، بعد أن قوبل إحسانها بإساءة، وذم ما صنعته يداها؛والله تعالى يقول: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ[ الرحمن: 60]، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ‹ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط، كان إذا اشتهى شيئا أكله، وإن كرهه ترك› رواه البخاري ومسلم، قال النووي في شرح الحديث: (وعيب الطعام كقولك: مالح، قليل ملح، حامض، رقيق، غليظ، غير ناضج، ونحو ذلك، قاله النووي)، كما ندرك ما روي من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأسود بن يزيد -رضي الله عنه- قال: (سَأَلْتُ عَائِشَةَ، ما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ في بَيْتِهِ؟ قالَتْ: كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ-، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ)[أخرجه البخاري]،وهذه الحسنات الرمضانية من قبل المرأة قد تغطي ما قد يبدو منها من مساوئ، ولذلك روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً؛ إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا، رَضِيَ منها آخَرَ)، أو قال: (غيرَه)؛ رواه مسلم، ومعنى لا يفرك أي لا يبغض كما قال شراح الحديث.
 ع/خ

 

الرجوع إلى الأعلى