لو منحت ميزانية أكبر لمسلسل ابن باديس لشاهدتم وجها آخر

فتح المخرج عمار محسن قلبه لجريدة النصر في حوار صريح تطرق فيه للعديد من النقاط الخاصة بالمسلسل الذي  صنع الحدث  في رمضان «ابن باديس»، كما تحدث عن أهم الصعوبات التي صادفته في هذا العمل كما دافع عن خياراته ومن أبرزها اختياره للممثل محمد الشريف بوعاكر لأداء دور العلامة ابن باديس بالإضافة للعديد من المواضيع الأخرى.
حاوره: فوغالي زين العابدين
ما هي آخر مستجدات عمار محسن؟
الحمد لله أنا حاليا أقضي فترة راحة مع العائلة بعد أن تعبت كثيرا في اخراج المسلسل وفي نفس الوقت أنا أحضر لمشروع خاص بمسلسل جديد.
لهذه الأسباب اخترت الممثل  « زينو»
هل هو عمل تاريخي أيضا؟
سأكشف عن العمل قريبا وسيكون مفاجأة للجمهور، لكن بالطبع الجميع يعرف ميولي للأعمال التاريخية أكثر من غيرها ولتكويني المسرحي دور في هذا.
بدأ عرض مسلسلك"ابن باديس» بعد أسبوعين من عرض فيلم ابن باديس للمخرج السوري باسل الخطيب، ألم تكن تخشى أن يقع عملك في موقع مقارنة مع الفيلم؟
لا لم أخش أبدا من هذه النقطة لعدة أسباب، أولها أن جمهور السينما يختلف عن جمهور التلفزيون، فجمهور الفيلم هو جمهور خاص يأتي لاقتناء التذكرة بالنقود لمشاهدة العمل، أما المسلسل فجمهوره أوسع، وهو يدخل إلى البيوت ويشاهده الملايين من مختلف الأعمار و المستويات، لهذا المسؤولية علينا أكبر والضغط علي أكبر من الضغط على باسل الخطيب، كما أن المسلسل فيه 30 حلقة بما يعادل 11 فيلما طويلا،  وتكون هناك فرصة لعرض تفاصيل أكثر من الفيلم.
بعد عرض المسلسل، ما هي أبرز ردود الأفعال التي وصلتك ؟
الحمد لله لحد الآن الردود ايجابية و تثلج الصدور سواء من الممثلين أو الزملاء المخرجين أو المختصين وحتى الجمهور من خلال الرسائل التي تصلني عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
هل أنت راض  عن العمل من خلال الأصداء التي وصلتك؟
نعم والحمد لله تعبنا لم يذهب سدى، رغم أنني لم أكن أملك وسائل كبيرة لتقديم أداء أفضل ولو خصصت لي ميزانية أكبر ووقت أكبر لشاهدتم وجه أخر للعمل .
ما هي المعايير التي اعتمدتها  في اختيار  من يجسد شخصية العلامة ابن باديس؟
الاختيار لم يأت  بالصدفة بل جاء بعد سلسلة اختبارات و كاستينغ وأهم المعايير التي حددتها هي، الهيئة و البنية المورفولوجية،  فيجب أن يكون للشخصية تشابه كبير مع العلامة ولو انه صعب أن  نجد تطابقا بنسبة  100بالمائة، خصوصا أننا لا نملك الإمكانيات التي تملكها هوليوود، وثاني شيء هو التكوين الفني و الخبرة في الميدان بالإضافة للثقافة الدينية، فلا يمكنني أن أعتمد على ممثل يخطئ في آية قرآنية أو حديث شريف و يرتكب أخطاء نحوية، بالإضافة إلى إتقان اللهجة القسنطينية وهذه المواصفات وجدتها في الممثل محمد الشريف بوعاكر المعروف بزينو ولقد عملت معه من قبل وأعرف إمكانياته لهذا راهنت عليه ولم يخيب ظني .
الضغط علي كان أكبر من الضغط على باسل الخطيب
اختيارك لممثل  معروف بتقمص الأدوار الكوميدية، ألا تراه مغامرة منك؟
لم تكن مغامرة لأنني أعرف إمكانياته جيدا وعملت معه من قبل وأعرف بأنه يملك طاقات مدفونة لم يجد الفرصة لتجسيدها في أدوار جادة وآمنت به واعتمدت عليه ، كما لا يجب أن تنسى أمرا مهما وهو دور وبصمة المخرج في العمل وفي توجيه الممثل.
هناك من يقول أن هناك اختلافات بين شكل العلامة ابن باديس و الممثل بوعاكر؟
كما قلت لك سابقا «زينو» هو أكثر ممثل يناسب هذا الدور بالنظر للمواصفات التي حددتها بالإضافة لإمكانياته، أما عن الشكل فمستحيل الإتيان  بشبيه 100 بالمائة من أي شخصية تاريخية، إلا إذا كنت تملك إمكانيات هوليوود أين يتم صنع أقنعة طبق الأصل للشخصية الأصلية، فهل من قاموا بفيلم الرسالة يشبهون الشخصيات الأصلية؟.
اعتمدت في عملك على نخبة من الممثلين من مختلف أنحاء الوطن ألم تكن تخشى أن تفشل هذه التوليفة خصوصا أن العمل يخص منطقة جغرافية محددة؟
لا أبدا، وللتذكير فقد شارك في العمل 150 ممثلا من مختلف المناطق و الأعمار بالإضافة لوجوه شابة تشارك لأول مرة، واعتمدت على 70 بالمائة من الممثلين القسنطينيين، وكل ممثل كان مناسبا في دوره، فمثلا في مرحلة تنقل ابن باديس إلى تونس اعتمدت على ممثلين من قالمة و عنابة لأداء أدوار تونسية بسبب التقارب اللغوي، وبصفة عامة لقد كانت فرصة لتشجيع طاقات شابة لم تكن لها الفرصة للبروز، وعلى العموم أنا راض عن العمل، ليس بنسبة 100 بالمائة لأن كل مخرج ،  يطمح لأداء أفضل مما قدمه.
ماهي أكثـر الصعوبات التي واجهتك في إخراج المسلسل؟
الصعوبات التي صادفتني كثيرة، وأهمها حجم الميزانية الضعيف بالإضافة للصعوبات في التصوير خصوصا في مدينة قسنطينة ولم استطع التصوير مثلما كنت أحب ولم أصل للصورة التي وضعتها في مخيلتي لعدة أسباب أبرزها، تغير معالم المدينة ودخول نمط عمراني جديد، كما أن العديد من البنايات القديمة تهدمت بشكل كلي، ولو كانت لنا إمكانيات كبيرة لصممنا ديكورا يشبه المدينة القديمة مثلا، وفي هذه الحالة اضطررنا للعمل بقدر الإمكانيات المتوفرة فعلى سبيل المثال عندما تنقلت للتصوير في أحد أزقة حي البطحة قمنا بوضع ديكور لأبواب تقليدية خشبية فوق الأبواب الحديدية الحديثة، وأختم جوابي على هذا السؤال بمثل شعبي معروف في قسنطينة «رانا خدمنا قد الخبز قد الجواز» (يضحك).
المال يعيق خوض منافسة مع الإنتاج السوري
هل وجدتم صعوبات من ناحية التدقيق اللغوي في الحوار أو من ناحية النصوص التاريخية أو الدينية؟
لا أبدا لأنه كما يعلم الجميع يعود السيناريو لرابح ظريف ومستوحى من قصة للأديبة زهور ونيسي باعتبارها من خريجي معهد ابن باديس، وهناك فرق مختصة في التدقيق اللغوي و التاريخي والديني ولم يكن هناك مجال للارتجال، و لا أنكر أنني أدخلت بعض التعديلات البسيطة لأنه لا يمكن تطبيق حرفيا ما يوجد على الورق والمخرج له نظرة خاصة، ومع هذا احترمت السيناريو ولم أقم بتغييرات جوهرية.
هناك من يقول بأن العمل لم يسلط الضوء على بعض الجوانب من حياة العلامة ابن باديس، فما هو ردك؟
طبعا من المستحيل أن تسلط الضوء على كل شيء يخص شخصية تاريخية ففي هذه الحالة يجب علي أن أقوم بأكثر من عام من الدراسة و البحث في حياة العلامة رحمه الله ، ويجب علي أن أقوم بأكثر من مسلسل، وكل عمل تاريخي لا يوجد فيه كل شيء، وأنا مخرج أعمل على حسب السيناريو المتوفر في يدي ومع هذا لا يوجد نقائص كبيرة.
هل ترى أن الميزانية المخصصة للعمل لم تكن كافية؟
نعم بالتأكيد لقد واجهت عدوين في هذا العمل وهما الميزانية و ضيق الوقت، حيث كنت في سباق مع الزمن لانجاز المسلسل وتصويره في فترة 4 أشهر ونصف على حسب الميزانية الموفرة لي فلم يكن بمقدوري أن أعمل لفترة إضافية بسبب الإطعام و الإيواء وغيرها من المصاريف.
هل قمتم بخطة لتسويق العمل خارجيا خصوصا مع توفر الوسائط الاجتماعية؟
في البداية لقد عملنا على أن يكون الحوار مفهوم لدى الأشقاء العرب و السيناريو مفهوم لأننا أردنا إبراز شخصية العلامة عبد الحميد ابن باديس لكامل العرب وليس الجزائريين فقط، أما بخصوص تسويق العمل فهذا من اختصاص التلفزيون الجزائري الذي أنتج المسلسل، وطبعا هذا حلم بالنسبة لي لو يتم عرضه في قنوات عربية.

أحضر لعمل تاريخي مهم
هل أنت راض عن أداء الوجوه الشابة التي اعتمدت عليها في العمل؟
نعم وأعجبني أداؤهم كثيرا، صحيح ليس بنسبة مئة بالمائة لكن المستقبل أمامهم للبروز، كما أعجبت  بالممثلين القادمين من مسرح باتنة فهم يمتلكون مستوى رائعا، وأغلب الوجوه الشابة المشاركة في العمل لم تكن دخيلة على الميدان بل أغلبهم قادم من المسرح و الفرق الهاوية.
اعتمدت أيضا على بعض الوجوه القديمة، فهل كنت تريد تكريمهم من خلال هذا العمل؟
أكيد فعلى سبيل المثال الممثل القدير عبد الله حملاوي له تاريخ واسع في المسرح ووجوده في أي عمل يعطيه قيمة كبيرة وأردت أن أكرمه من خلال هذا الدور، رغم أنه شارك معنا في يوم واحد، بالإضافة للممثل القدير جمال دكار الذي يعد من أبرز الممثلين في شرق البلاد وعملت معه منذ السبعينات ووجوده يعطي قيمة للعمل، بالإضافة لوجود قامات كبيرة أثرت العمل مثل الفنانة القديرة شافية بوذراع و عنتر هلال ومدني نعمون وغيرهم.
لا تقنعني مشاهد الشجارات العائلية ولا أحبها
هل لديك مشروع لإخراج أعمال تاريخية مستقبلا؟
نعم عندي مشروع عمل تاريخي وهو ليس قديم جدا و سأفصح عنه في الوقت المناسب.
لماذا المخرج عمار محسن يميل للأعمال التاريخية دون غيرها؟
أنا أحب التحديات وأحب الأعمال الصعبة و إخراج الأعمال التاريخية أصعب من غيرها وهناك بعض المخرجين يتحاشونها بسبب ظروف العمل، وأقول لك بصراحة أن الأعمال الاجتماعية ومشاهد الزوج يضرب زوجته و الشجارات العائلية لا تقنعني ولا أحبها، وأجد نفسي ومتعتي في الأعمال التاريخية.

أتمنى لو يفسح  المجال للمخرجين للاستعانة بالسبونسور في الإنتاج
هل يمكن أن يكون مسلسل ابن باديس فاتحة لأعمال أخرى تخص سير ذاتية لشخصيات تاريخية؟
نعم وأتمنى أن تكون هناك نصوص من هذا النوع سواء لشخصيات تاريخية أو حتى شخصيات سياسية خاصة بالتاريخ المتوسط أو الحديث، وحلمي أن أخرج هذا النوع من الأعمال.
شاهدنا أعمالا ضخمة بميزانيات كبيرة، ألم تفكر في جلب سبونسور لتمويل أعمالك مستقبلا؟
والله يا ليت، كما تعلم التلفزيون هو من يتكفل بالسبونسور واختيار المنتج المنفذ، وأتمنى لو يتم فسح المجال لنا لجلب سبونسور أو رجال أعمال أو أصحاب مؤسسات لتمويل أعمالنا خصوصا أن مرحلة التقشف تتطلب هذا، والوزارة و التلفزيون عليهم بالنظر في هذه النقطة خصوصا أن الأعمال المنتجة لا تجلب أرباحا لأنها لا تباع لتلفزيونات أجنبية، و الحل هو فتح المجال أمام الخواص للاستثمار في هذا المجال .
هل ممكن أن نشاهد أعمالا تاريخية جزائرية تنافس نظيرتها السورية مثلا؟
نعم ولم لا ولدينا المادة الخام من ممثلين و أصحاب الأفكار لكن ينقصنا عصب الحرب وهو المال وهذا هو العائق الوحيد.
ماهي الأعمال التي لفتت انتباهك في رمضان هذا العام؟
بصراحة لا توجد أعمال كثيرة لفتت انتباهي فكما قلت لك الأعمال الاجتماعية لا تجذبني لكن بخصوص الإخراج و التمثيل فقد كان لابأس به، كما أحب كثيرا متابعة الأعمال المغربية والتونسية ومقارنة إنتاجنا بإنتاجهم.
لا يوجد نقد فني  في الجزائر
حسب رأيك هل يوجد نقد فني في الجزائر؟
للأسف لا يوجد لأن هناك من يحب النقد من اجل النقد وفقط رغم أنه يوجد قسم خاص لتكوين النقاد في معهد الفنون الدرامية لكن أين هم؟، وأنا أتقبل النقد البناء لكن النقد الهدام المبني على التجريح و الهدم فهو غير مقبول.
كلمة أخيرة لجمهورك
أشكرك شخصيا على هذا الاهتمام وكل طاقم جريدة النصر وأشكر بالمناسبة كل سكان قسنطينة خصوصا سيدي جليس والبطحة وكل سكان الأحياء الذين ساعدونا في التصوير .                    ف.ز

الرجوع إلى الأعلى