* اقتراح تجريم الإشادة بالاستعمار وجرائمه
دعا، أمس، المشاركون في الملتقى الدولي الموسوم بـ"جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني: من جراح الذاكرة الجماعية إلى استحقاق العدالة التاريخية"، الذي احتضنته الجزائر على مدى يومين، إلى إنشاء وحدة بحث على مستوى المركز الوطني للدراسات والبحث في المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر سنة 1954، تعنى بتوثيق جرائم الاستعمار، وإنجاز دراسات متعددة التخصصات حولها.
كما أوصت مخرجات هذا الملتقى الذي نظمته وزارة المجاهدين وذوي الحقوق بمناسبة إحياء الذكرى الـ 63 لاسترجاع السيادة الوطنية، وعيدي الاستقلال والشباب، بإطلاق مشاريع ودراسات قانونية تختص بتكييف التشريعات الوطنية موضوعيا وإجرائيا مع المبادئ المكرّسة في الصكوك والمعاهدات الدولية في مجال تجريم الاستعمار والجرائم ضدّ الإنسانية، وجرائم الحرب مع منح القضاء الجزائري اختصاصا عالميا للجرائم الدولية، كما هو الحال في بعض دول أوروبا.
وفي سياق ذي صلة تمت الدعوة إلى تجريم الإشادة بالاستعمار وجرائمه، مع التأكيد على ضرورة إدراج الأضرار البيئية الناجمة عن الجرائم الاستعمارية -لاسيما الأضرار الناجمة عن التفجيرات النووية- ضمن الأجندة المناخية العالمية.
كما تضمنت التوصيات التي خرج بها هذا الملتقى اقتراح استغلال الوسائط الالكترونية ومواقع التواصل لإعداد مضامين إعلامية تفاعلية، من أجل عرض السردية التاريخية الوطنية، بعيدا عن السردية الاستعمارية المشوهة للحقائق.
وتم التأكيد بهذا الخصوص أن الجرائم الاستعمارية هي أفعال دول وأفراد، وبالتالي فإن المسؤولية عليها تقوم على الدول والأفراد في الآن نفسه، مع التأكيد على مبدأ حقّ الشعوب في تقرير مصيرها كمبدأ مقدس وغير قابل للتصرف، في ظل تعرّض الشعبين الفلسطيني والصحراوي للجرائم الاستعمارية نفسها.
وحثت التوصيات على أهمية وضرورة إنشاء منتدى عالم الجنوب للعدالة الجيوسياسية، مع دعوة الجزائر إلى احتضان منتدى دولي دائم يجمع ممثلي دول الجنوب والنخب الفكرية والقانونية، من أجل بناء خطاب متكامل حول العدالة التاريخية على أن يكون هذا المنتدى منصّة لصياغة مبادرات دولية، قانونية وسياسية، لمناهضة بقايا الاستعمار الجديد.
من جهة أخرى خلصت ذات المخرجات إلى اقتراح صياغة ميثاق دولي للإنصاف التاريخي، من خلال " المبادرة إلى إعداد ميثاق دولي للعدالة التاريخية، يعترف بالجرائم الاستعمارية كجرائم دولية دائمة لا تسقط بالتقادم مع تقديم الميثاق إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والشركاء الدوليين لاعتماده كمرجعية قانونية وإنسانية". كما دعا المشاركون في الملتقى من أكاديميين وباحثين وخبراء وشخصيات فاعلة، من مختلف بلدان العالم إلى تأسيس منتدى قارّ للعدالة الجيوسياسية والذاكرة، وذلك من خلال اقتراح إنشاء منتدى إفريقي آسيوي جنوب أمريكي دائم يُعنى بالدراسات الاستعمارية ومناهج العدالة الجيوسياسية، مقرّه الجزائر، على أن يضطلع هذا المنتدى بإنتاج أبحاث استراتيجية وتكوين نخب شابّة قادرة على خوض معارك السيادة والمرافعة الدولية.
وفي كلمة ختامية أشاد وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة بمداخلات المشاركين والخبراء من مختلف التخصصات والدول، ومن تجارب متعددة، التي قال إنها شكّلت لوحة مؤلمة لكنها ضرورية، استعرضت ما عانته شعوبنا من فظائع استعمارية ممنهجة، ما تزال آثارها تتناسل في الحاضر، فالصدمات لم تكن لحظةً زمنية منتهية، بل هي حلقات ممتدة من المعاناة، تتوارثها الأجيال، وتستدعي اعترافًا، إنصافًا وعدالة.
وأبرز السيد ربيقة بأن الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية، السيّد عبد المجيد تبون، تولي أهمية بالغة للذاكرة، ليس فقط كأمانة وطنية، بل كجزء من عدالة إنسانية أوسع، تؤمن أن الاعتراف بالظلم جزء من تحقيق السيادة، وأن حماية ذاكرة الشعوب واجب سيادي وأخلاقي وضمان وقائي أمام موجات الحروب السيبرانية التي تحاول القفز على حقائق التاريخ والسطو على التراث.
عبد الحكيم أسابع