دعا أساتذة جامعيون و أطباء الأمراض العقلية و النفسية المشاركون في ملتقى جهوي نظمته إذاعة قالمة و مستشفى بن زهر يوم السبت، إلى وقف الترويج الإعلامي المفرط لحوادث الانتحار، لما له من آثار سلبية مدمرة على الصحة النفسية و استقرار المجتمع، مؤكدين بأن نشر أخبار الانتحار بالإعلام التقليدي و وسائط التواصل الاجتماعي سيزيد من خطورة الوضع و يدفع بمزيد من الأشخاص إلى التفكير في ما وصف بالانتحار الاستعراضي، كتصرف بطولي وهمي تجاه الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و العاطفي الذي لا يلبي طموحات و آمال هؤلاء الأشخاص، حسب اعتقادهم.
و قال رجل الدين فؤاد معيزي بأن ظاهرة الانتحار ليست وليدة اليوم و ليست حكرا على الجزائر و ولاية معينة بل هي ممتدة عبر التاريخ و لها أسبابها الروحية و الاجتماعية و التربوية، مؤكدا بأن مصير المنتحر مأساوي، داعيا الأسر إلى الاهتمام بأبنائها من خلال التربية و التعليم، و تفعيل دور كل الهيئات لنشر الأمل و نبذ كل أشكال نشر اليأس و الإحباط بين الناس.
و قال الإمام محمد لعصب من مدينة قالمة بأن الفراغ الروحي و تنامي ظاهرة الإلحاد قد فاقمت الوضع و جرت الكثير من الضحايا إلى الهلاك بقالمة، و بغيرها من ولايات الوطن الأخرى.
و أوضح الإمام نور الدين بودبوز بأن الانتحار هو قتل للنفس بغير وجه حق، مؤكدا بأن المجتمع مسؤول على كل روح تزهق بالشنق و السموم و السكاكين.
و أوضح الأطباء المتدخلون في الملتقى بأن الأمراض العضوية المستعصية و المخدرات و المهلوسات و مواقع التواصل، تعد من بين أسباب الانتحارات التي تحدث باستمرار عبر مختلف مناطق الوطن، و بقالمة على وجه الخصوص، داعين إلى بناء مزيد من مراكز العلاج النفسي و العقلي، للتكفل بالأشخاص المحتاجين للمساعدة.
و قال فاتح دبيش أستاذ علم الاجتماع بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة بأن علاج مآسي الشباب يحتاج إلى مشاركة الجميع لوضع برامج اجتماعية و اقتصادية هادفة، داعيا الإعلام إلى وقف الترويج لظاهرة الانتحار، مضيفا بأن 800 ألف شخص قد انتحروا أن 5 ملايين قد حاولوا الانتحار في آخر إحصائية حول العالم.
و في آخر الملتقى تحدثت أم سلسبيل بأسى كبير عن انتحار ابنها البالغ من العمر 19 سنة قائلة بأنه كان محاطا بكل الاهتمام و الرعاية من الأسرة، لكن هذه الأسرة الفقيرة كانت عاجزة عن تلبية بعض أحلامه لأنه كان يعاني من البطالة رغم حصوله على ديبلوم، يأس من الوضع و لم يتمكن من المقاومة و الصبر فانهار و رحل بغير رجعة تاركا جرحا عميقا سيضل ينزف بأعماق أسرته و كل من عرفوه و أحبوه سنوات طويلة.
فريد.غ