يعتبر الماستر المهني في التصميم الذي يُدرس بكلية الهندسة المعمارية والتعمير بجامعة قسنطينة 3، بيئة جذابة وخصبة لتكوين طلبة ينظرون إلى هذا المجال بشكل أكثر حداثة، كما يشجّع على إطلاق المبادرات في مجال ريادة الأعمال.
أدرج الماستر المهني في التصميم كتجربة جديدة عام 2021، حيث يتلقى المسجلون تكوينا ضمن مختلف مقاييسه، ويعد الأول من نوعه على المستوى الوطني، حسب إحدى منسقات هذا المشروع الدكتورة، نوال عاشور بوعكاز، قائلة في حديثها للنصر، إنّها شاركت في إعداده منذ أول خطوة برفقة الدكتورة، أسماء بن بوحجة، وتعتبره تجربة مثيرة للاهتمام تستحق المشاركة والتعميم مع جامعات أخرى عبر التراب الوطني.
واستلمت الكلية 148 ملف ترشّح قدّم عبر الأنترنيت، ضمن مرحلة تقديم الطلبات سنة 2021، وهذا يدلّ على الاهتمام الكبير الذي أثاره إطلاق العرض التكويني الجديد بحسب الدكتورة، عاشور بوعكاز، كما أنّ المعايير المطبقة في اختيار الطلبات تستدعي أن يكون المترشّح حاصلا على شهادة «ليسانس» في إحدى التخصصات التي تشمل الهندسة المعمارية، تسيير التقنيات الحضرية، التخطيط العمراني، مهن المدينة، كما يمكن للحائزين على شهادة ماستر في تخصصات الهندسة المعمارية، التخطيط العمراني، تسيير التقنيات الحضرية، مشيرة في سياق ذي صلة، بأنهم على موعد مع تخرّج الدفعة الخامسة مع نهاية الموسم الجامعي الحالي.
الاستعانة بخبراء دوليين في التكوين
وقد خضع الفريق التكويني لهذا البرنامج قبل إطلاقه لتدريب على أيدي خبراء دوليين في التصميم بالتنسيق مع شبكة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو»، موازاة مع إنشاء محتوى التكوين، بحيث تمّ المرور على أربع دورات تدريبية في الفترة ما بين ماي وسبتمبر من سنة 2019، حيث ارتكزت الأولى على مضمون التصميم من أجل التنمية المحلية: المشاريع والتجارب، أشرف عليها سفير التصميم الإيطالي عبر العالم «جوليو فيناتشيا»، بالإضافة إلى الخبيرة «إيمكه بلينتا»، بينما تموحرت الثانية حول التعبير في التصميم والتمثيل البياني، وأشرفت عليها ذات الخبيرة «إيمكه بلينتا»،
فيما ارتبط مضمون ثالث الدورات بكيفية دراسة التصميم؟، وأطرها خبير من ذات الهيئة وعضو مكتب العمل الدولي «فيليب كاسنس»، بينما تناولت الدورة الختامية كيفية إدارة التصميم، أشرف عليها الخبير «غرانت لينسكوت». وتقول الدكتورة، عاشور بوعكاز، إنّ الأساتذة أعضاء الفريق التكويني اكتسبوا مع نهاية هذه الدورات مهارات تدريس التصميم وكيفية ربط هذا الأخير بتدريس الهندسة المعمارية، فضلا عن تعلم إدارة مشروع التصميم بواسطة دمج الأدوات المنهجية للتفكير التصميمي.
تعزيز الابتكار والإبداع
ويهدف مشروع الماستر المهني في التصميم إلى تعزيز الابتكار والإبداع عبر عملية التصميم، وإشراك الفاعلين من النسيج الاجتماعي والاقتصادي، بهدف وضع التدريب ضمن نهج تطوير المهارات الريادية، لإعداد محترفين يتمتّعون بمهارات في التصميم في مجال الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني ومهن المدينة،وعليه فالمحترف في التصميم يسعى، حسب المتحدثة، للحفاظ على التراث المادي وغير المادي والإنتاج النوعي وتحسين الإطار الحضري والبيئي، وتكوين طلبة التصميم والبيئة الحضرية المتخرجين، لتصميم وتطوير وإدارة مشروع في مجال الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني ومهن المدينة، كما سيتم تعزيز هذه القدرات بواسطة دعم محدد من حيث المنهجية والاتصال والابتكار لخدمة التنمية الإقليمية، المحلية والوطنية.وفي تطور ملحوظ للمشهد المهني الجزائري، يبرز مجال التصميم كمسار مهني واعد، حيث تم إدراجه لتكوين مصممين قادرين على تقديم مساهمات مهمة في الهندسة المعمارية، التخطيط العمراني والمهن المرتبطة بالمدينة في الأسواق المحلية، الإقليمية والوطنية، كما تستجيب هذه المبادرة الأكاديمية لحاجة في قطاع التوظيف في الجزائر،
ومع تطوّر مجال الهندسة المعمارية بشكل دائم ستساهم الدفعات الجديدة من محترفي التصميم المدربين في إعادة إحياء سوق العمل من خلال خلق فرص جديدة مع تحسين قطاعات البناء والتخطيط العمراني والبيئة الحضرية في نفس الوقت.
وينسجم برنامج هذا الماستر المهني في التصميم والبيئة الحضرية للطبيعة متعددة الأبعاد لعمل التصميم، عبر تزويد الطلاب، حسب الدكتورة نوال، بمنهجيات لإتقان التصميم على مختلف المقاييس، من مقياس الأشياء إلى المقاييس المعمارية الحضرية، كذلك يستجيب هذا النهج بشكل مباشر لاحتياجات العديد من القطاعات والمنظمات وأيضا المؤسسات الفاعلة في مجال البناء والخدمات الحضرية والعمل البيئي وأيضا الجماعات المحلية. ويشجع البرنامج على ريادة الأعمال إلى جانب التدريب التقني، ضمن الإطار الجامعي بواسطة دمج المناهج النظمية، تحليل السوق وتطوير خطط الأعمال وإنشاء المؤسسات، بحيث يهدف هذا التوجه إلى إنشاء أنظمة بيئية للأعمال محلية وإقليمية يمكن أن تحفّز بشكل كبير فرص العمل وطنيا، ما يمكن من إضفاء حيوية جديدة على المشهد المهني في الجزائر.
نحو إدماج الذكاء الاصطناعي
ويتم العمل على إدخال وحدات جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي والبرمجة ضمن عرض التكوين المهني في التصميم والبنية الحضرية، ما يمثّل تطوّرا مهما في المنهج الأكاديمي وفق ما كشفت عنه، عاشور بوعكاز، حيث يمكن لهذه المواد أن تقدم بعدا تكنولوجيا أساسيا للمصممين الحضريين المستقبليين، ما يمكنهم من وضع استراتيجيات لمواجهة التحديات المعقدة للتخطيط العمراني المعاصر. وسيوفر دمج الذكاء الاصطناعي للطلاب إمكانية استخدام أدوات التحليل التنبؤي لنمذجة التدفقات الحضرية وتحسين استغلال المساحات العامة أو محاكاة التأثير البيئي لمختلف المكوّنات الحضرية، فيما ستسمح مهارات البرمجة المصممين بوضع حلول مخصصة لتصور البيانات الحضرية والتصميم البارامتري أو أتمتة بعض جوانب عملية التصميم، ويأتي هذا التحديث في البرنامج التكويني تماشيا مع التحولات التكنولوجية في سوق العمل، بحيث أصبح إتقان الأدوات الرقمية المتقدمة ميزة رئيسية للمتخصصين في التخطيط الحضري، كما يمكن أن يعزّز من ظهور مناهج تصميم جديدة تتكيّف مع الخصوصيات الثقافية والبيئية في الجزائر.
إسلام قيدوم