تعدّ غابة إيعكوران بولاية تيزي وزو، تحفة فنية طبيعية ووجهة بيئية وسياحية فريدة، تستقطب آلاف الزوار يوميا، وتوفر لهم ملاذا هادئا بعيدا عن صخب المدن وحرارة الصيف، حيث تُعرف الغابة بلقب "سويسرا الصغيرة" نظرا لجمالها الطبيعي الخلاب وتنوعها البيولوجي.
موقع استراتيجي ومناخ منعش تقع الغابة في أعالي بلدية إيعكوران وعلى بُعد حوالي 70 كيلومترا أقصى شرق ولاية تيزي وزو، وترتفع بنحو 1200 متر عن سطح البحر، ويسهل الوصول إليها نظرا لوقوعها بجانب الطريق الوطني رقم 12 الذي يربط بين ولايتي تيزي وزو وبجاية، مما يجعلها محطة استراحة مفضلة للمسافرين من الولايات الشرقية التي تحيط بها مثل بجاية، جيجل، سطيف، وغيرها.
وتتميز الغابة بهواء نقي ومناخ صحي ومنعش، خاصة خلال فصل الصيف، مما يوفر للزوار فرصة للاسترخاء والهروب من التوتر والضغوطات اليومية.
تنوع بيولوجي غني وفضاءات للاستجمام والترفيه
ويعتبر هذا المرفق السياحي الجميل "رئة منطقة القبائل" ومهدا يحافظ على النظام البيئي، بفضل غناه بالحيوانات والنباتات المختلفة، حيث تعتبر الغابة موطنا لقردة الماغو، وابن آوى، والأرنب البري وغيرها من الكائنات البرية.
كما تضم أشجارا معمرة يبلغ عمرها قرونا، مثل أشجار الأرز والبلوط والفلين وغيرها من الأشجار التي تلامس بشموخها السماء لتجسد بذلك لوحة فنية أبدع فيها الخالق. وتوفر الغابة خيارات متعددة للترفيه والاستجمام تناسب جميع أفراد العائلة، حيث يمكن للزوار ممارسة رياضة الروندوني و الاستمتاع بالمشي لمسافات طويلة بين الأشجار لاكتشاف ما تزخر به مثل الينابيع والشلالات والنباتات المحلية. كما تضم الغابة ألعابا متنوعة للأطفال ومطاعم صغيرة عند الجهة المحاذية للطريق الوطني،صممت لتتناسب مع طبيعة الموقع. ومن أبرز عوامل الجذب في غابة إيعكوران، الينابيع الطبيعية التي تتدفق منها مياه باردة عذبة على مدار السنة وبعضها صالح للشرب، مما أضفى عليها لمسة من السحر والجمال الخاص ليكتمل بذلك مشهد الطبيعة الخلابة.
ومن بين هذه الينابيع "ثلى تويزة" الواقع عند مدخل بلدية إيعكوران، و"ثيبحيرين تيزي" المتواجد عند مخرجها نحو ولاية بجاية، و"سبعة عيون" و"لافونتين فراش"، وغيرها من الينابيع محط اهتمام السياح والوافدين إلى الغابة.
وبالإضافة إلى ذلك، يصادف الزوار على طول الطريق المؤدي إلى الغابة محلات تعرض منتجات الصناعات التقليدية في الهواء الطلق وعلى قارعة الوطني رقم 12، مثل الأواني الفخارية والألبسة التقليدية كالجبة القبائلية والبرنوس التقليدي المطرز بالصوف، والتحف الفنية، مما يتيح لهم فرصة شراء الهدايا التذكارية أو الأغراض اليومية لاستخدامها في الطبخ أو الديكور.
ويؤكد الزوار الذين التقت بهم "النصر"، أن هذا المكان الهادئ يمثل وجهة مفضلة على مدار العام، وليس مقتصرا على الصيف كبديل للشواطئ المزدحمة، فقط فخلال فصل الشتاء تصبح الغابة أكثر جمالا عندما تغطيها الثلوج لتتحول إلى المكان المفضل للاستمتاع بجمال البياض الساحر. أما في فصل الربيع، فهي لوحة فنية حقيقية لأن الأشجار تكتسي أوراقا خضراء، وتنمو الحشائش في كل مكان بكثافة، وتزهر النباتات مشكلة بساطا طبيعيا من الألوان، و في الصيف يزداد اللون الأخضر عمقا ويكون للغابة جمالها الخاص.
ووصف الزوار هذه الغابة بأنها"جنة فوق الأرض" وفضاء سياحي ممتاز لا غنى عنه، لما توفره من مزايا لا تتوفر في أماكن أخرى، فعندما يدخلونها يغمرهم إحساس بالسكينة والهدوء.
وأشار العديد منهم، إلى إمكانية قضاء يوم كامل تحت ظلال الأشجار العالية المتشابكة أغصانها والاستمتاع بالهواء النقي، كما يمكنهم تناول وجبة الغذاء رفقة أطفالهم في هدوء وسط الطبيعة الخضراء، ومشاهدة القردة وهي تقفز بين الأشجار، مع الاستماع إلى زقزقة العصافير التي تغني سيمفونيات طبيعية، وخرير جداول المياه التي تتدفق بين الصخور. فهذه الأصوات تشكل خلفية موسيقية هادئة تساعد على الاسترخاء والتأمل في إبداع الخالق.
وأكدت عائلات، أن هيجان البحر دفعهم أيضا لاختيار هذه الغابة كوجهة مفضلة وبديل لاصطياف والتجول فيها تفاديا لمخاطر الغرق، فهي مصدر للإلهام والراحة، ومكان مثالي للتنزه والاستكشاف والتواصل مع الطبيعة والتقدير لعظمة الخالق.
سامية إخليف
