منذ اللحظة التي تطأ فيها قدماك مركز العطل والترفيه برج بليدة ببلدية العوانة بجيجل، تدرك أنك أمام فضاء استثنائي، فمياه البحر تحيط بالمركز من جهات عدة، ليبدو كجزيرة صغيرة تنبض بالحركة، وتتعالى فيها ضحكات أبناء الجزائر القادمين من مختلف ولايات الوطن ومن الخارج أيضا، ليتشاركوا لحظات الفرح ومغامرات التعلم وسط طبيعة ساحرة.
علامة للتميز
أضحى المركز في السنوات الأخيرة، علامة للتميز من ناحية ظروف الاستقبال، والجديد هذا الموسم أن وزارة الشباب أعطت دفعا خاصا لهذا الفضاء وذلك بالتنسيق مع الوكالة الوطنية لتسلية الشباب، و القائمين على الوحدة، ليتحول المخيم إلى ملاذ طبيعي فريد للأطفال سواء من ناحية التأطير، أو ما يخص تهيئة كافة الظروف لاستقبال مختلف الدفعات و توفير الرعاية للصغار ومرافقيهم.
تأسس المركز تحت وصاية وزارة الشباب والرياضة بهدف توفير فضاء شبابي يجمع بين الإيواء، والترفيه، والتكوين، ومنذ انطلاقه أصبح محطة ثابتة للمخيمات الصيفية، والتربصات الرياضية والملتقيات الثقافية.
تطورت هياكله وبرامجه خلال العقود الماضية لتلائم المعايير الحديثة في التكفل بالشباب و الأطفال، مع الحفاظ على روحه كفضاء مفتوح على الطبيعة.
ويمتد المركز على مساحة كبيرة تسمح بتوزيع الأنشطة بين البحر، والمساحات الخضراء، والمرافق المبنية، كما أن المياه التي تحيط به من أكثر من جهة تجعله أشبه بجزيرة، ما يمنح المقيمين فيه فرصة نادرة للاستمتاع بالبحر دون الحاجة لقطع مسافات طويلة، ناهيك عن أن الموقع المميز يضيف عنصر الأمان، إذ تبقى الأنشطة محصورة في محيط مراقب يسهل تسييره.
مساحة شاسعة وإطلالة فريدة
يتبع تسيير مركز الترفيه و العطل برج بليدة، للوكالة الوطنية لتسلية الشباب، تحت إشراف وزارة الشباب، وحسب مدير الوحدة عبد الغاني بوالطمي، فإنه يعرف نشاطا مكثفا طوال السنة، كما يبلغ ذروة الاستقطاب خلال موسم الاصطياف حيث يخصص لاستقبال أطفال الداخل وأبناء الجالية في الخارج.يحوز حسب المتحدث، على فضائين كبيرين هما جناح الفندق والمخيمات، و تقدر طاقة الاستيعاب داخله بـ 350 شخصا موزعة بين الجناحين.وتوضح البطاقة التقنية للمرفق، أنه يضم هياكل متعددة لاستقبال الجميع، وهو مجهز بمرافق متنوعة لتلبية مختلف الاحتياجات بما في ذلك قسم الخيم، الذي يستوعب أكثر من 250 طفلًا للفئة العمرية بين 6 و9 سنوات. يعيش المشاركون فيه تجربة تخييم حقيقية، مع برنامج يومي يتضمن ألعابًا جماعية، ورشات فنية وأنشطة كشفية.
أما قسم الفندق، فيضم غرفة مجهزة بتكييف، وتلفاز، وثلاجة بطاقة إجمالية تصل لـ 100 سرير، وهو مخصص للعائلات والمجموعات السياحية، والفرق الرياضية.يتوفر القسم كذلك، على ملعب رياضي متعدد الاستخدامات يستقبل مباريات ودورات في كرة القدم والكرة الطائرة، وألعاب القوى الخفيفة، وبه مسرح في الهواء الطلق ومدرجات تطل على البحر، ومنصة لعروض الفن و الثقافة والعلم، و كذا قاعة علاج للتكفل بالحالات الصحية الطارئة، يشتغل فيها ممرضون وأطباء عند الحاجة، إلى جانب توفر المكان على مرافق خدمية أهمها مطعم يقدم وجبات متوازنة، وقاعات متعددة الاستعمالات ومواقف للسيارات، ومكاتب إدارية.
وذكر مدير الوحدة، بأن الوكالة توظف فريقا من العمال الدائمين يشرف على تحضير الهيكل لاستقبال الأطفال في أحسن الظروف إذ تمت عملية واسعة للصيانة قبل بدء موسم الاصطياف الحالي قصد التحضير الجيد و كذا التنويع في الخدمات المقدمة.وفيما يتعلق بتأطير المخيم، أوضح المسؤول أنه يتم تحت إشراف الوكالة الوطنية التي تقوم بتعيين طاقم إداري و بيداغوجي لكلا الجناحين.
مسرح الهواء الطلق… نقطة التقاء المواهب
ويعتبر مسرح الهواء الطلق الفضاء الأكثر جاذبية في الوحدة خلال موسم النشاطات، إذ يتحول إلى قلب نابض بالحياة تُقام فيه عروض علمية خاصة بالفلك، فيتعرف الأطفال على الكواكب والمجرات عبر تلسكوبات متطورة.
كما تتنوع العروض في الفضاء بين مسرحيات هادفة، وحفلات غنائية، ورقصات تراثية، و يستقبل عروضا يقدمها الأطفال والمؤطرون، ويشارك الصغار في مختلف الفعاليات حيث يعتلون الخشبة لتقديم أغانٍ وطنية، وفقرات فكاهية، و عروض رقص جماعي، تحقق تفاعل الجمهور الذي يضم زملاءهم أولياءهم أيضا في بعض الأحيان.
قابلنا مقيمين في المركز، فأكدوا بأنه من بين الأفضل واعتبروا بأن من يحظى بفرصة زيارته طفل محظوظ فعلا، لأن المرفق الذي يشبه القصر المطل على البحر، يتمتع بموقع استراتجي وجميل.وحسب من حدثناهم، فإنه يتوفر على جميع الشروط لقضاء العطلة بأريحية، سواء من حيث ملعب كرة القدم، أو مسرح الهواء الطلق، أو الكافتيريا والمطاعم.
وقد أخبرنا مدير مخيم الجالية بفرنسا، بأنه زار المركز عدة مرات وعمل به على فترات، و اعتبره جوهرة حقيقية مؤكدا أن أبناء الجالية يجدون كافة الظروف اللازمة للاستمتاع بالعطلة داخل الوطن.من جهته، ذكر مدير فرعي في مخيم مركز الترفيه و العطل ببرج بليدة، بأنه تمت برمجت ست دورات للأطفال من كل ربوع الجزائر، ليستفيدوا من متعة الاصطياف هذا الموسم.مؤكدا، استقبال العديد من الدفعات، مع ضمان التأطير عبر تخصيص فرقة في كل مرة للإشراف على 254 طفلا من مختلف الولايات.
وأوضح، أن التأطير يضم مكونين من ولايات الوطن، وأن المخيم فرصة للتبادل الثقافي والاستجمام أيضا، وذلك بالنظر إلى النشاطات التي يحتضنها من جهة، وخصوصيته الطبيعية من جهة ثانية.
وبالنسبة للبرنامج المسطر، ذكر المتحدث أنه متنوع وينطلق يوميا على الساعة السابعة و نصف صباحا، فبعد تناول الفطور يتوجه الأطفال إلى البحر، ويستمتعون لمدة ثلاث ساعات على شاطئ برج بليدة الغربي القريب من المخيم. بعدها تعود الأفواج للمخيم لتناول وجبة الغذاء، وعقب القيلولة يتم استكمال البرنامج من خلال ورشات داخلية أو خارجية، وزيارة مختلف المناطق السياحية.
وقال المسؤول، بأن كل دورة تجمع ما يقارب 240 طفلا من ولايتين، مشيرا إلى أن المتعة في برج بليدة لا ينتهي بانتهاء البرنامج، لأن الذكريات التي يصنعها الأطفال ترافقهم طويلًا خصوصا وأننا نتحدث كما عبر، عن مساحة لتبادل الثقافات واكتشاف الذات، وتكوين صداقات عابرة للمسافات. وقال، إن الابتسامات التي ترتسم على الوجوه دليل على نجاح رسالته المركز، ومضيفا أن الفرحة لا تُقاس بأيام الإقامة وعدد الليالي، بل بعدد الابتسامات وبالصداقات التي تتشكل بين أبناء الجزائر من كل الجهات، لذلك يعتبر المركز فسحة لإنعاش الروح ومد الجسور بين أبناء الوطن.
كـ . طويل