الأربعاء 3 سبتمبر 2025 الموافق لـ 10 ربيع الأول 1447
Accueil Top Pub

ملتقى المتقاعدين ومتنفس الشباب: “جنان الجدارمية” عنوان سهرات الصيف بعين عبيد في قسنطينة

صباحات تميزها رائحة القهوة وطعم الفطائر
تدب الحياة في الحديقة بعد انقضاء صلاة الصبح، مع مغادرة أفواج المصلين لمسجد الشيخ العربي لعلاوي، حيث يتناول البعض فطور الصباح في المكان الذي تكون أجواؤه منعشة في هذا الوقت تحديدا، يغادر بعدها الموظفون والعمال وتقضي البقية سويعات إضافية قبالة المقاهي التي تنبعث منها رائحة القهوة، إلى جانب توفر كشك عائلة «مشتارة» على فطائر شهيرة يعدها عمي الوردي منذ سنوات.

ولا يقتصر زوار الحديقة على أبناء مدينة عين عبيد فقط، بل تعتبر نقطة عبور لبعض القادمين من ولايات شرقية عبر تاملوكة، ومن ولايات قالمة، وتبسة وسوق أهراس، وأم البواقي، وحتى الحدود التونسية، فهؤلاء يتوقفون عادة في المكان لأجل الراحلة وتناول القهوة استعدادا لمواصلة الطريق، ويظهر تنوع وجهات الزوار من خلال لوحات ترقيم سياراتهم.
حلبة للتنافس في لعبة « الخربقة»
تحتضن الحديقة فئة المتقاعدين وكبار السن، وتعتبر ملاذهم الآمن ومحطة اللقاء اليومي، يجتمعون صباحا ومساء للعب «الخربقة «، وهي لعبة شعبية تشبه « الدامة» أو الشطرنج إلى حد كبير، ولها عشاقها وجمهورها وحتى نجومها بعين عبيد.
يتحلق الفضوليون ومحبو اللعبة حول اللاعبين لتشجيعهم يوميا، ويتفنن هؤلاء في تحريك الحجارة والتنافس لأجل الفوز، وكثيرا ما تنتهي المباراة بمناوشات كلامية بينهم بسبب الخسارة أو الغش، وهي أجواء معتادة في جنان الجدارمية بل وتصنع بهجته.
تتجدد اللعبة بمجرد نهايتها في كل مرة، ويندلع الحماس بين اللاعبين وجمهورهم والمشجعين، ثم ترتفع الأصوات احتاجا مع موجة من الضحك والتعليقات الساخرة أو الغاضبة، في دورة تعيد نفسها على مدار ساعات النهار، قبل أن يعم الهدوء بمغادرة الرجال إلى منازلهم لأجل الغداء، أو لأداء صلاة الظهر في المسجد القريب.
مع تراجع حرارة الظهيرة، يستعيد « الجنان» الحركة بعودة قراء الجرائد وعشاق قهوة العصر، الذين يشغلون الطاولات والكراسي المتوفرة في المكان، وفي المقاهي المقابلة له أيضا. يجلسون لأكثر من ساعة لاحتسائها وربما تدخين سيجارة واحدة، وينغمس غيرهم في تصفح محتوى الجريدة مع قراءة بعض الأخبار بصوت مرتفع أحيانا، أو التعليق على حدث معين أو قرار جديد.
يلفت انتباهك وأنت تراقب حركة الناس في الحديقة، التواصل والتفاعل الجيد بينهم، فكثيرا ما يتبادلون الصحف بمجرد الانتهاء من قراءتها، ولا تتوقف الأحاديث و النكات فيما بينهم أبدا، خصوصا وأن غالبية الوجوه مألوفة و تتردد على الحديقة بشكل يومي منذ سنوات.
غروب الشمس يعلن عن بداية السهرة في « الجنان»
تبلغ الحركية أوجها مع غروب الشمس، فالفضاء يكتظ بالشباب الذين يقصدونه للسهر إلى غاية الفجر، وهو أيضا التوقيت الذي يختاره الموظفون بعد مغادرة أعمالهم، لذلك يبلغ التوافد ذروته بداية من الساعة السابعة و تستمر جلسات السمر طويلا، فيما يجلس البعض في عزلة عن العالم الواقعي وانغماس مطلق في عالم افتراضي تفتح الهواتف أبوابه.
في الجهة المقابلة، يتعالى الصراخ والصياح القادم من طاولات «الدومينو» و « الورق» وغيرها من الألعاب الجماعية، وقد قال لنا صاحب مقهى في الحديقة إن السهرات تستمر يوميا إلى منتصف الليل و تتعداه لساعات الفجر خلال الصيف، معلقا :» لا نكاد نتوقف عن النشاط حتى الساعة الثانية صباحا، لنأخذ بعدها قسطا قليلا من الراحة ثم نبدأ عملنا من جديد مع قرب الفجر. إيقاع العمل الصيفي سريع، ومكثف، بل ومتعب جدا، لكننا مطالبون بمسايرة الزبائن وتوفير طلباتهم طوال ساعات تواجدهم في الحديقة».
غير بعيد عن هذا الفضاء، تنتشر محلات الشواء التي تستقطب الجالسين في المكان وتشجع بعضهم على تناول العشاء هناك، فهذه المحلات تصنع جزءا من شهرة « جنان الجدارمية»، لأنها توسع دائرة الخدمات المتاحة في محيطه، ولذلك يتردد عليه في الفترة الليلة مستخدمو الطريق الوطني رقم 20 نحو مختلف ولايات الشرقية، وركاب حافلات النقل الجماعي التي تدخل المدينة بعد الثامنة مساء.
ولأن جنان الجدارمية قريب من المركب الجواري عبد الكريم عوان، فإنه يستقطب مرتادي هذا النادي الذين يحضرون الدورات الرياضية بين الأحياء والجمعيات، ويعتبر « الجنان» نقطة لقاء بالنسبة لهم، وهو أيضا العنوان الذي يضبط فيه الجميع لقاءاتهم بالنظر إلى شهرته وسهولة الوصول إليه.
للعائلات نصيب
من جهة ثانية، فإن العائلات تجد لها مكانا في الحديقة خصوصا على مستوى مدخل المدينة من جهة مقري، قبالة فرقة الدرك الوطني والدائرة، وهو المكان الذي تحول إلى وجهة مفضلة لها هربا من حرارة المنازل، حيث يستمتع الزوار بنسيم الأماسي الصيفية، ويستغلون السهرات لتناول الشواء والمثلجات، خصوصا وأن الفضاء مريح و يتمتع بإنارة جيدة.
جدير بالذكر أن جنان الجدارمية، أخذ هذا الطابع المميز منذ سنوات بعد قرار البلدية بإزالة الصور الحجري الذي كان يلفه وتحويله إلى ساحة مفتوحة من جميع الجهات، إضافة إلى كراء أكشاكه واستغلالها كمقاه.
ص. رضوان

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com